أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرتضى الحصيني - حول قدسية الرسم القرآني .. آراء وافكار















المزيد.....

حول قدسية الرسم القرآني .. آراء وافكار


مرتضى الحصيني

الحوار المتمدن-العدد: 3927 - 2012 / 11 / 30 - 20:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحظى المواضيع القرآنية بميزة خاصة باعتبار ان معالجة المباحث القرانية يتطلب شجاعة وحنكة خاصين وذلك لان الموضوع هنا " مقدس " والغرض من القدسية كما هو معروف منع الموضوع من المعالجات الفكرية الحيادية على اساس انها في كثير من الاحيان تشكيكية , واي تحليل علمي في الحقيقة يبدأ من تساؤلات قد تكون مشككة في معظم الاحايين و موضوع التقديس بحد ذاته يعد احد المواضيع الاكثر اثارة في تاريخ الفكر الاسلامي حيث ان المقدس كان ومايزال احد الموانع الرئيسية امام اخضاع الفكر الديني الاسلامي للنقاش والتحليل العلميين , لا شك ان التقديس جانب روحاني لاهوتي يوحي بقرب الموضوع "المقدس" من الذات الالهية وتعالي ذلك الموضوع عن الفكر الانساني والمنطق البشري .
وبناء على قدسية الموضوع تم حسم الكثير من النقاشات العلمية في التاريخ الاسلامي بحد السيف وليس بقوة الحجة وقاطعية البرهان واقرب مثال الى ذلك موضوع خلق القرآن الذي لعب دورا حيويا في تحييد المنظومة الفكرية الاسلامية واخراجها من صلب عملية صنع الشخصية المسلمة التي كانت انذاك ما تزال تحاول الظهور بملامح انسانية اكثر نابعة من التفكير باستقلالية وعلمية فيما عمد التفكير المبني على مقدسات وتابوهات الى صنع الشخصية الاسلامية التي لا تجرؤ على الخروج بنتائج تتناقض وما قرره " السلف الصالح " وذلك من خلال تكريس المقدسات وتغليب الطقوسية الكهنوتية واستبعاد التفكير الحر بل وتجريمه في كثير من الاحيان فاختفى اسلوب الاقناع العلمي في الفترات المظلمة من تاريخ الشعوب المسلمة التي نعيش احداها .فلم تشهد االساحة الفكرية الاسلامية منذ ما يقرب القرنين ظهور نتائج مهمة في مواضيع اعتبرت مقدسة من بينها جمع القران واسباب النزول الناسخ والمنسوخ والخ في حين ان نفس المواضيع برع فيها المستشرقون الذين كانوا في حلٍ من التزامات التقديس ووصلوا الى نتائج مهمة عاد المسلمون فيما بعد وتبنوها على مضض .
واذا كانت بعض المبادئ العقيدية الاسلامية قد تم توفير الحصانة الفكرية لها من خلال التقديس فأن هذه الصفة سحبت على الكثير من المواضيع الاخرى التي ليس لها بالعقيدة شأن ومنها موضوع الرسم القراني , فالرسم القرآني او طريقة كتابة كلمات الايات والسور في القران الكريم لم تتم على يد نبي الاسلام وانما كتبت بواسطة كتبة كان يملي عليهم النبي الايات فيكتبوها بطريقتهم وليس من المستبعد ان يخطئ الكتبة هؤلاء خاصة اذا عرفنا ان من بين هؤلاء الكتبة اناس منافقين او تحولوا الى النفاق فيما بعد بل واعلنوا الارتداد عن الدين الاسلامي بعد ان كانوا كتبة مثل عبد الله ابن ابي السرح .... الذي اهدر النبي دمه ولم يعفو عنه الابعد ان توسط لدى النبي بشأنه عثمان بن عفان في قصة معروفة وكان من اشد المشركين ايذائاً للنبي بعد ان كان احد ابرز كتاب الوحي في التاريخ الاسلامي بل ان الرجل ادعى انه كان يكتب من لدنياته وليس كما كان يملي عليه النبي تماماً, مرجعاً ذلك الى أن النبي كان أُمياً فلم يكن يدقق فيما كتب !
إذن عملية كتابة الوحي كانت عملية محفوفة بالمخاطر , وإذا كانت القدسية تحسم موضوع التلاعب بالآيات والسور التي كان " يتلوها " النبي فإنها لا تشمل قطعاً ما قام " بتدوينه " كتبة الوحي . وعن ألموضوع يعلق بن خلدون قائلاً: وانظر ما وقع.. في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته أقيسة رسوم صناعة الخط عند أهلها ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبركاً بما رسمه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وخير الخلق من بعده المتلقون لوحيه من كتاب الله و كلامه. كما يقتفى لهذا العهد خط ولي أو عالم تبركاً ويتبع رسمه خطاً أو صواباً. وأين نسبة ذلك من الصحابة فيما كتبوه فاتبع ذلك وأثبت رسماً ونبه العلماء بالرسم على مواضعه. ولا تلتفتن في ذلك إلى ما يزعمه بعض المغفلين من أنهم كانوا محكمين لصناعة الخط وأن ما يتخيل من مخالفة خطوطهم لأصول الرسم ليس كما يتخيل بل لكلها وجه. يقولون في مثل زيادة الألف في لا أذبحنه ] 79-90 [: إنه تنبيه على الذب وفي زيادة الياء في : 97- 30- "بأييد" ] 77 [ إنه تنبيه على كمال القدرة الربانية وأمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض. وما حملهم على ذلك إلا : اعتقادهم أن في ذلك تنزيهاً للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط. وحسبوا أن الخط كمال فنزهوهم عن نقصه ونسبوا إليهم الكمال بإجادته وطلبوا تعليل ما خالف الإجادة من رسمه وذلك ليس بصحي . واعلم أن الخط ليس بكمال في حقهم إذ الخط من جملة الصناعه المدنية المعاشية كما رأيته فيما مر. والكمال في الصناعه إضافي وليس بكمال مطلق إذ لا يعود نقصه على الذات في الدين ولا في الخلال وإنما يعود على أسباب المعاش وبحسب العمران والتعاون عليه لأجل دلالته على ما في النفوس ( مقدمة بن خلدون ص 419)
وظهرت طبعات احتوت محاولات لمعالجة هذا الموضوع فقد طبع القران في عاصمة الخلافة استنبول مع اضافة احرفا ناقصة على القرآن مثل حرف الف في كلمة العالمين ومسلمات. وفي عام 1980 قامت دار الشروق في القاهرة وبيروت بطبع مصحف اسمته المصحف الميسر، يشير في الهوامش الى الإملاء الحالي للكلمات المختلفة وفقا للرسم العثماني حلا للاشكال مثل :
بِالْكَافِرِين بِٱلۡكَٰفِرِين
بِآَيَات ب ايَٰت
بِغَافل بِغَٰفل
وقد لا يختلف اختلاف طرق الكتابة الاملاء كثيرا عن اختلاف القراءات التي اجازها النبي باعتبارها تؤدي الى نفس النتيجة والمعنى ويورد التاريخ ان عمر ابن الخطاب سمع شخصين يقرءان ايات من القران بشكلين مختلفين فاخذهما الى النبي ليرى ايهما الصحيح فدعا النبي كل واحد منهما ليتلو ما يحفظ، وعندها قال ان كلا القراءتين صحيحتان، مضيفا ان القرآن قد نزل في سبعة احرف. وهناك روايات مشابهة عن سور أخرى( الموسوعة القرآنية المتخصصة)
وتثبت الرواية وغيرها كثير من الروايات ان ما يعتبر مقدسا منزها عن الخطأ والتزوير في الاسلام هو المعنى الحرفي للايات او لنقل المعنى النصي الاصطلاحي للكلمات نفسها بغض النظر عن طريقة الكتابة او التحريك ونذكّر هنا ان القران كان قد كتب في بداية الامر بدون تنقيط او تحريك واظيفت تلك الامور على النص القرآني مؤخرا فيما يعد تغييراً في شكل كتابة النص القراني " التوقيفي "
بيد أن الكثير من علماء الدين المحدثين ومنهم زعماء المذاهب الاربعة رفضوا احداث اي تغيير وان كان تصحيحاً لما ارتكبه سهواًعدد من الصحابة وازعم ان ذلك يعود لسببين الاول ان معظم علماء الدين وخاصة الادعياء والقريبين من السلطان منهم لايستسيغون تسهيل الدين وتبسيطه وتقريبه لفهم العامة من الناس فأعتماد الرسم الاملائي المتعارف عليه في عصرنا بدل الرسم العثماني يسهل من قراءة القرآن ويقلل من نسبة الخطأ وبالتالي يسهل من فهمه مما يضعف من دور علماء الدين المزعومين هؤلاء السبب الثاني هو ان اخضاع ما أُُعِتبر فترة طويلة من المقدسات مثل رسم القرآن يفتح الباب امام أِخضاع امور اكثر حساسية للنقاش العلمي . لذلك تم حسم الامر واغلق باب النقاش بحجة عدم جواز إحتواء القرآن على "خطأ " واستدلوا على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كتَّاب يكتبون الوحي، وقد كتبوا القرآن بهذا الرسم، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأن كان أُميا على كتابتهم وهناك العديد من الروايات تؤكد هذا الموضوع وقد سئل الإمام مالك بن أنس (هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء ؟ فقال: لا إلا على الكتبة الأولى )1وقال الإمام أحمد: (تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ألف أو ياء أو غير. ذلك وقال البيهقي من كتب مصحفًا ينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه، ولا يغير مما كتبوه شيئًا، فإنهم كانوا أكثر علمًا،وأصدق قلبًا ولسانًا، . وأعظم أمانة، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكًا عليهم )2. وقد اعلن جمهور العلماء ان السبب في ذلك توقيفي وقد نقل ابن المبارك عن شيخه الدباغ في كتابه الإبريز ما نصه( "ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة، وإنما هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها لأسرار لا تهتدي إليها العقول، وهو سر من الأسرار خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية ، وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه أيضًا معجز )3. وهنا يكمن بيت القصيد فقد تم عزل العقل وحولت المسألة الى معجزة التعبير الاخر للمقدس واحيلت المسألة برمتها الى السماء رغم ان هناك من يطالب بكتابة القرأن بابجديات اخرى تسهيلا لقرآته في بلدان مسلمة كثيرة لا تقرأ الابجدية العربية ناهيك عن عدم فهمها لمعاني الكلمات طبعا فأن مثل هذه الدعوات تعتبر تجديفا في نظر الكثيرين من علماء الدين ونتسأل هنا لو طبع القران يوما ما بأبجديات اخرى هل ستكون تلك الكلمات مقدسة ايضاً ؟؟
لا يتعلق الامر بقدسية الموضوع بقدر تعلقه بتوقيف ليس النص فحسب بل توقيف العقل عن التعامل مع الكثير من النصوص المقدسة الاخرى التي سحبت عليها القدسية بشكل علمي بدءاً من الرسم القراني ومرورا بسيرة الصحابة وسيرة زوجات النبي وتفاسير السلف ومروياتهم وحتى سيرهم وقصصهم مما يستدعي اخذ الباحث لزمام المبادرة من اجل نفض الغبار عن عدد ليس بالقليل مما اعتبر زمنا طويلا " مقدس "
*************
) الداني، أبو عمرو، المقنع في معرفة مرسوم مصاحف الأمصار. الطبعة الأولى، دار الفكر، دمشق، )1-
.(1940) ص
الزركشي، بدر الدين محمد، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة )2-
.379/ 1957 )، والزرقاني، مناهل العرفان 1 ) 379/ الأولى، مكتية عيسى الحلبي، القاهرة
السلجماسي، أحمد بن المبارك، الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز. مطبعة مصطفى البابي الحلبي، )3-
1961 )، والزرقاني، محمد عبد العظيم، مناهل العرفان في علوم القرآن. دار إحياء ) مصر ص: 101
.376/ التراث العربي، بيرو



#مرتضى_الحصيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوقفوا الكرة الارضية عن الدوران اريد ان انزل !


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرتضى الحصيني - حول قدسية الرسم القرآني .. آراء وافكار