احمد راهي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 3927 - 2012 / 11 / 30 - 17:26
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
مما لاشك فيه ، فان الديانات الابراهيمية بشكل عام ، قد وضعت المرأة في خانة الدونية ، وتجمع الديانات الابراهيمة الكبرى (اليهودية والمسيحية والاسلامية ) ، على اعتبار ان المرأة عورة ، ويمكن القول ان الرب الاله هو من اسس لهذه النضرة . فالمرأة وبحسب سفر التكوين، وجدت من اجل الرجل ، وكترسيخ لهاذا المفهوم ، لم يخلقها الرب مثلما خلق ادم ن بل صنعها من ضلعة آدم :
( 2: 21 فاوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام فاخذ واحدة من اضلاعه و ملا مكانها لحما
2: 22 و بنى الرب الاله الضلع التي اخذها من ادم امراة و احضرها الى ادم
2: 23 فقال ادم هذه الان عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تدعى امراة لانها من امرء اخذت )
ويتكرر هذا الترسيخ في فعل الخطيئة ، والتي اتخذ منها الرب الاله كما يبدوا، منفذا ليصب نار غضبه على المرأة ، على الرغم من ان المرأة لم تكن هي السبب الاول في الخطيئة ، وانما الحية التي كانت احيل كل الحيوانات ،بحسب قول سفر التكوين ، ليجعلها خاضعة خضوعا تاما للرجل !
3 : 16 : " وَقَالَ لِلْمَرْاةِ : تَكْثِيرا اكَثِّرُ اتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ اوْلادا. وَالَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ ".
ومن هنا ، تم التأسيس على نبذ المرأة اجتماعيا ودينيا ، وبمراجعة بسيطة للتعاليم والاعراف اليهودية ، وما تأسس من بعدها من اديان ، اكثرها انتشارا المسيحية والاسلامية ، يتبين لنا ، الوضع المشين الذي وضعت فيه المرأة باسم الرب الاله .
فالديانة اليهودية ، تؤكد على عدم احقية المرأة ، في المشاركة باغلب الصلوات العامة ، كما وتحرمها من التعليم الديني ، على اعتبار انها عاجزة عن فهم مضامين الشريعة ، كما ولا يحق لها قراءة كتب الانبياء او الشريعة ، ولم يكن لها الحق في الصلات مع زوجها ، فالزوج غالبا ما يصلي بمفرده ، وحتى النذور فان من حق الزوج او الاب الغائها ، وفيما يخص وجودها في الهيكل ، فانها لابد وان تكون في المقاعد الدونية .
ومن المقولات المتداولة لدى الحاخامات ((اشكرك يا ربّ لأنّك لَم تَخلُقني وثنيّاً ولا امرأةً ولا جاهلاً))
وهذه المقولة نراها متداولة عند المسلمين ايضا .
مسالة اخرى نراها في سفر التثنية ، والذي يؤكد على امكانية توريث المرأة ، فاٍمرأة الاخ المتوفى ، يمكن ان تُوَرَث الى الاخ الثاني ،
((سفر التثنية 25/ 5_6 ))(("إذا سكن أخوة معا ومات واحد منهم وليس له ابن فلا تخرج زوجته لأجنبي، أخو زوجها يدخل بها ويتخذها زوجة له ويقوم بواجب أخى الزوج والبكر الذى تلده يحمل اسم أخيه المتوفى حتى لا يمحى اسممه من جماعة بنى إسرائيل")) وهذا مانراه ايظا بشكل او بآخر عند المسلمين .
كما ليس بمسموح في اليهودية ،للمراة بطلب الطلاق ، فحق الطلاق مشروط بالرجل وحده ،كما هو الحال في الاسلام ،
ومع ان الاسلام قد اعطى الحق في الزواج من المطلقة ، فان اليهودية تؤكد على ان من تزوج من ارملة فانه قد زنى . وهذا المفهوم نراه في المسيحية ايضا .
ويؤكد صراحتاً سفر ابن سيراخ ، على ان المرأة هي العورة التي منها نشأة الخطيئة ، 25ـ 24 (( من المرأة نشأت الخطيئة وبسببها نموت نحن )) وكذلك في 25 ـ 19 و 42 ـ 12(( ...لا تتفَرّس في جمالِ أيِّ إنسان ولا تجلِس بين النساء...خُبثُ الرَّجُلِ خيرٌ من عطفِ المرأة فالمرأة تجلُبُ الخِزيَ والفضيحة))
المرأة والقيادة الدينية
تجمع المذاهب الابراهيمية الثلاث ، على حرمان المرأة من القيادة الدينية ، ومع ان الديانة اليهودية ، تمتلك العذر الفقهي ، في ادانتها للمرأة ، على اعتبارها سبب اغواء آدم ، من خلال دفعه للاكل من شجرة المعرفة ، وبالتالي الدفع باتجاه ارتكاب المعصية ، بحسب الموروث الديني اليهودي ، فان المسيحية ، في ادانتها للمراة ، تكون قد كسرت القاعدة الاساسية التي تستند عليها ، في تبرير وجودها ، كدين ناسخ لليهودية ، ذلك ان الدين المسيحي ، قائم على اساس مسح خطيئة الاكل من ثمرة معرفة الخير والشر ، والتي بسببها تم طرد ادم وحواء من الجنة ، ومعاقبة حواء بألم الولادة ، وكذلك وضع العداوة بينها وبين الحية . وبالتالي ، وبصرف النضر عن عقوبة الم الولادة ، والعداوة مع الحية ، كونهما تقعان خارج نطاق المنطق ، فقد كان من المفترض ، على اقل تقدير ، ان يُسمح للمرأة بان تتساوى مع الرجل في القضايا الدينية والمدنية ،سبيلا في تعزبز تبرير نسخها لليهودية ! الا ان ارض الواقع ، تؤكد على ان لاشيء قد تغير ، بل على العكس من ذلك ، فقد رسخت المسيحية ، النضرة الدونية للمراة ، فاذا ما حصلت استثناءات في اليهودية ، من خلال وصول بعض من النساء الى مرتبة النبوة ، كحنة النبية ، فان المسيحية وبتاريخها الطويل ، لم يشهد لها بوصول اي إمرأة الى مرتبة دينية ، كمركز البابوية .
وفيما يخص الاسلام ، ومع انه لم يتقيد بمسالة الخطيئة ، كمبرر وجود ، مثلما هو الحال في المسيحية ، الا انه ، لم يستطع التحرر من عقدة نقص المراة لسببين ، الاول ، نابع من البيئة الصحراوية التي نشأ فيها ، والثاني ،بسبب تأثر نبي المسلمين بالديانتين المسيحية واليهودية . وهكذا وبدلا من ان تُخفَف القيود على المرأة ، فقد ضاعف المسلمين من تلك القيود ، فسورة النساء 34 تؤكد على ان الرجال قوامون على النساء
(( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )).
كما وجعل القرآن شهادة الرجل بشهادة امراتين كما في سورة البقرة 282(( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى)) .
مما سبق نستنتج ، من ان بروز الديانات الابراهيمية الى الوجود ، يمثل مرحلة انحطاط فكري ، لوضعها المرأة في خانة الذنب والخطيئة ، والمبنية اساسا على خرافة اكل حواء لثمرة الجنة ، ذات الاصول السومرية، والتي جعلت منها مسخا اكثر من كونها انسانا .
يتبع
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟