عبدالكريم مازن
الحوار المتمدن-العدد: 3916 - 2012 / 11 / 19 - 19:15
المحور:
حقوق الانسان
على إثر قضية غزة , والقضية الفلسطينية عموما , الكل يتابع ردود ومقالات وتعليقات القوى اليسارية والتقدمية والليبرالية والانسانية ,, واتباعها
التي غالبا ما تنقسم الى قسمين , بشكل مؤسف,لنجد القسم الاكثر انتشارا , هو قسم الفكر ذو القوالب الجامدة , الذي سميّ عبثا يسارا ,
مع عدم الوعي على ان القوالب الفكرية الجامدة يجب ان يلقى بها لأقصى اليمين ويجب ان توجد في كفة اليمين والرجعيين المتخلفين .
تلك الفئة , باتت القضية الفلسطينية لديهم معتقدا دينيا , (عدا عن امور اخرى اصبحت معتقدا كذلك) ,
فتلك الفئة باتت تؤمن بشيطان يمثل كل ما هو شر في هذا العالم , وبجنة ( ربما لن يصلوا اليها ) تنتظرهم .وهي تحرير فلسطين .
وعدم وصولكم لتلك الجنة , تشكيكي في ذلك ليس لاستحالة الامر , بل لأنكم أنزلتم هالة من القداسة على تلك القضية
التي هي قضية أرضية , وبما اننا نتحدث عن القداسة , فلنتحدث عن الله في ميثلوجيا الاديان الابراهيمية وابليس , الذي لم ينتصر عليه الله
وليس لعدم قدرته على ذلك , بل لانه لو فعل ذلك لانتهى الامر منذ البداية ولم تطل حلقات هذا العمل الدرامي , ولما كان هنالك من حاجة للأديان
كذلك انتم بحالة القداسة التي اضفتموها . والوراثة . والامل , والانتظار , والعصبية تجاهها .
وهذا الى جانب , غياب النقد المباشر الصريح للذهنية الغيبية , او الفكر الديني في الوطن العربي , رغم الوعي بشموليته وتأثيره على قرارات الشعوب
وتعاملها مع الواقع , ونظرها للامور .
فقد بقي نقدهم لتلك البنية نقدا مقتصرا على التعميمات الواسعة , والقوالب الجاهزة التي اصبحت كالعلكة في اوساطهم .
أفلا من عاقل يعي ما أثر "الغيبيات والايمان بالاساطير والحلول العجائبية والقدريه " على قرار الشارع وعلى التخاذل ؟
فلطالما بقيت تلك المعتقدات متكئا لتلك الطبقات السلطوية .
بعد ان اسميتم انفسكم عبثا بال"يسار" ألا تخاطبون ضمائر الافراد وتنقدون اصل المشكلة ,, وتزيلون كل قداسة عن اي مسئلة دينية او ارضية ؟
والا تتخلون عن قوالب جامدة اكل الدهر عليها وشرب ؟
القسم الاخر الذي رصدته , وهم مزدوجي المعايير , الذين دفعهم حقدهم على واقعم , للميول لواقع اخر
وتبني معايير انسانية مستوردة لا نابعه من الضمير الانساني الداخلي للفرد , فأثناء متابعتي للاراء حول القضية الفلسطينية
وخصوصا احداث غزة الاخيرة ,, ففي مقابل الطرف الاول الذي يضفي قداسة على تلك القضية الى جانب تقديسه للدين كتراث شعبي , باعتبارهم قوميين
هنالك طرف يقف مع الجانب الاسرائيلي ويشفق عليهم , ويجرم "الارهابيين" الذين يقصفون اسرائيل ليل نهار , ويبكي المدنيين بذريعة الانسانية التي تروق لكثيرين
فقد باتوا ينظرون للقضية بحياد تام وكأنهم ينظرون لمظاهرة في المانيا
بعض التحريين العرب وصل بهم الامر لأن يبدأو بالترويج والتصفيق لخداع ومسكنة الامبرياليين من اسرائيليين وامريكان
وبدوأو يبيعون "السلام" و "الانسانية" والمثاليات ,, لوحدهم, ولوحدهم فقط .
بمنطقهم هذا يقولون بأن الزمن كافي وكفيل لأن يسقط حق اصحاب الارض ؟؟؟
"والفلسطينيين الان شرذمة "
واصبح الزمن كفيلا كذلك ,, لان يضع الطرفين في الميزان على كفتين متساويتين .؟؟؟؟
انتم تحاربون وتبكون ,, وتهدفون لإبكاء الجميع ليصبحوا واعين ,, على مجازر واحتلالات المسلمين ورسولهم واذيالهم من بعده ,, وظلمهم للشعوب الاخرى تحت ما يسمى "فتوحات"
ولكن ألا تنظرون بنفس العين لهذا "الفتح" اليهودي القائم على مبادىء دينية رجعية متخلفه ؟
هل حماس والمقاومة من بدأو ضرب الصواريخ منذ 60 عاما ؟؟,,
بغض النظر عن فكر حماس الاسلامي وسعيهم للحكم وربما كمقاومتهم لاسباب سماوية لا أرضية ,,
لكن الآن حالة طوارئ لا يتم التدقيق فيه بهوية من يطلق الرصاصة طالما هي باتجاه هؤلاء الاوغاد
إعقلوا ,, فالعقل ولي التوفيق.
فلتحترق الانسانية إن استخدمها طرف واحد كستار استسلام ,, وفلتحترق ان كان سيبيعها شخص لوحده ,, دون وجود شرائين
انا انظر بحياد كذلك ,, أنظر بنفس العين التي ترى الكردي وهو يقتل على يد الاتراك وسط تصفيق من نسميهم ببنو جلدتنا ,, من مشجعي الاخوان والاسلاميين
لكن حيادي ,, لن يجرني مع "عربة" مدعي الانسانية لأبدأ بالميل للاسرائيليين ووضعهم بكفة وحدة توازي كفة الفلسطينيين
ولن يجرني لأن ابدأ بسماع مبررات تركيا لقتلها للاكراد
وكذلك لن اسمع لتبريرات الاسلاميين لفتوحاتهم
فالتباكي على المدنيين تلك كلمة تقال للمجتمع الدولي والقوى العظمى وفي وجه الامبرياليين
لا في وجه المقاومات التي تشكل ضميرا للانسانية
عليها ان تستمر في الضرب ,,, لأجل الانسانية
اخوتي , ربما نصف القرن لا يزال فترة مبكرة على التعامل مع اسرائيل كشيء عادي ,, ووضعها مع الفلسطينيين كحد سواء بل واعلى مرتبة واكثر حقا احيانا
الا تنتظرون اربعة عام او اكثر ,, فعندها تصبح شيئا عاديا كأمريكا الان التي طهرت عرقيا الهنود الحمر
وعندها سيصبحون رمزا للانسانية , ويتم وضع الفلسطينيين , في محميات كالمحميات التي يسكن فيها الهنود الحمر كتراث عالمي .
لكن ستون عاما ,, فترة مبكرة لا تستعجلوا ,, المعركة لا تزال في أوجها لم تنطفئ , ولم يلتحم الجرح
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟