أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاني أبو الحسن - أقنعة ومتون وهوامش















المزيد.....

أقنعة ومتون وهوامش


هاني أبو الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3916 - 2012 / 11 / 19 - 00:04
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أقنعة " قاسم " .. متون وهوامش
د. هاني أبو الحسن
ما بين التاريخ والتاريخانية مسافة يمكن تشبيهها بالمسافة التي هي بين المتون النصية وهوامشها ؛ فالتاريخ وقائع وتواريخ وأعلام وسند أما التاريخانية والتاريخ يكتبه مؤرخ أما التاريخانية فهي عمل الكتابة الأدبية المستلهمة لوقائع التاريخ بهدف إعادة إسقاط واقعة تاريخية معينة تتناص مع واقعة آنية معيشة في واقع الكاتب المعاصر. وهنا يمكننا أن نقول بثقة إن العلاقة بين التاريخ والأدب والفن علاقة وطيدة تتصل بفن كتابة التاريخ ؛ وفي مراجعة مؤلفات المؤرخين القدامى تتكشف لنا أساليب صياغة الوقائع التاريخية صياغة أدبية أو هي متلبسة بأساليب الأدب دون أن تختلط فيها الحقيقة التاريخية مع الحقيقة الأدبية أو الفنية ؛ لأنها تتحصن بالأسانيد ؛ وهو ما يقربها من مسارات المنهج العلمي ؛ الذي لا يخرج دور المؤرخ فيه عن وصف الواقعة أو الحدث التاريخي الذي يتعرض له، وتحديد كيفية وقوعه، وتاريخ جريانه وسببية حدوثه مقرونا بمن أحدثه قبل أن يصل إلى تقييم سنده . أما المؤرخ فينتهى بعد مروره بتلك المراحل إلى تقويم الواقعة أو الحدث التاريخي الذي يتعرض له بالتحليل والشرح والتعليق المتفاوت في نسقه بين المتن والهامش.
المقاربة بين التاريخية والتاريخانية أشبه ما تكون بالمسافة التي بين تسجيل صورة اقرب ما تكون للوقائع الحقيقية كما حدثت بالفعل ، وصورة الوقائع نفسها ، مرتبطة بتحليل ملابساتها الاجتماعية ، الاقتصادية والتاريخية وانعكاساتها على الحياة الاجتماعية وقت وقوعها ، مع مقاربتها بما يناظرها من أحداث معاصرة تجري على ارض الواقع المستعيد لصورتها الماضية ؛ مع قصدية إسقاطها على الواقع المعيش، ومعنى ذلك أن التاريخانية لا تستعيد صورة الوقائع التاريخية الماضية إلى الحاضر المعاصر كما وقعت من حيث مظهرها ؛ ولكنها تعيد تصويرها بملابساتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التاريخية الحقيقية مقرونة بصورة مماثلة لها في واقع المؤرخ المعاصر.
ومقالنا هنا ينطلق من تساؤل نطرحه ؛ ونحاول أن نجيب عنه . والتساؤل هو: عند أية مسافة يقف الأستاذ الدكتور قاسم عبده قاسم هل هي المسافة الأقرب إلى موقف المؤرخ أم إلى موقف أستاذ التاريخ أم إلى موقف التاريخاني أم أنه يبدل الأقنعة ؛ حالة ما يكون مسكونا بدور من تلك الأدوار المشار إليها على اختلاف مهامها .
في تتبعنا للتحصيل المعرفي الموسوعي للدكتور. قاسم تلك الموسوعية ؛ ضمت تحت عباءته روح المؤرخ وروح الأديب التاريخاني متوجا بإطار المنهج العلمي باعتباره أستاذا في علم تاريخ العصور الوسطى ؛ لذا نقول باطمئنان إن بحوثه ومؤلفاته في هذا الشأن تناغمت من حيث أسلوب صياغتها بين ( المتون والهوامش ) ..
ذلك إذا ما اعتبرنا التعرض للوقائع التاريخية ؛ بمثابة المتون ورأينا في التعليق عليها – حسب أهمية التعليق في شرح المؤرخ للواقعة التاريخية ؛ أو في التحليل المنهجي لعالم التاريخ المشتغل على عمل المؤرخ ؛ وهذا ماثل في مؤلفاته هو نفسه – وهنا يبدل د. قاسم أقنعة ثلاثة هي : ( قناع المؤرخ : عندما يربط بين واقعة تاريخية وما يتناص معها في واقعنا المعاصر المعيش – وقناع عالم التاريخ : عندما يقوم بتحليل الوقائع التاريخية تحليلا منهجيا محمولا على أسانيده – وقناع التاريخاني : متمثلا روح الأديب في صياغة مؤلفه أو بحثه أو مترجماته عن مؤلفات أجنبية )
أما إذا اعتبرنا تعليقاته على ما قام بترجمته عن كتابات بلغة أجنبية ؛ بمثابة الهوامش - عندما يكون تعليقه تعليقا تظليليا يضيف معلومة ما ؛ يقرب بها رأيه فيما عرض له في المتن موافقة أو رفضا محمولا على أسبابه . أو كان توضيحا أو تصحيحا لاسم أو لتاريخ أو لرقم أو لمعلومة أو استدراكا لسهو ، أو ما شابه ذلك . وهذا ماثل في الكتب والدراسات التي قام د. قاسم عبده قاسم بترجمتها والتعليق عليها سواء أكان موضع التعليق في هوامش الصفحات أم كان تذييلا تحت ثبت مصدري أو مرجعي في نهاية بحث أو دراسة أو كتاب - ومن أمثلة ذلك الكثير الذي نرصده في ترجمته لكتاب ( نورمان .ف. كانتور ) الذي عنوانه:
( التاريخ الوسيط – قصة حضارة : البداية والنهاية ) في قسمين – عن دار المعارف 1984– فإذا رصدنا هوامش صفحات ذلك الكتاب سنجد أننا بإزاء عشرات التعليقات إلي في مجملها تداخلا مع رأي ورد في المتن . ومن تلك التعليقات ما يعد تصحيحا منهجيا لمعلومة أو رأيا في مقابل رأي ورد في متن الأصلي المترجم ؛ كما في التهميشة المنهجية الآتية ( المرجع ، نفسه ، ص – ص 12-13) :
" الحقيقة أن هذا القول يجافي الواقع إلى حد كبير؛ فإن الحضارة العربية الإسلامية التي استندت إلى تعاليم الإسلام وتراث الشعوب الإسلامية من غير العرب ؛ أبدت تفهما واضحا للطبيعة الإنسانية المتغيرة ؛ إذ جاء في قوله تعالى ( سورة: العنكبوت : آية 20 ) " قل سيروا في الأرض ؛ فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ، إن الله على كل شيء قدير " وعلى الصعيد الواقعي سار المسلمون في الأرض ، واكتشفوا أن الإنسان في تطور مستمر " ولا يكتفي د. قاسم الذي يتقنع – هنا- بقناع عالم التاريخ – في محاورته لرأي للمؤلف الذي ترجم عنه ؛ بمعارضته لرأيه ؛ محمولا على شاهد من آية قرآنية بثبتها المصدري نصا وترقيما ؛ وإنما يضيف إلى ذلك شاهدا بشريا لرائد علم الاجتماع في تاريخ العرب المسلمين هو ابن خلدون ؛ ليحصن معرضته لرأي المؤلف بسندين أحدهما سماوي والآخر دنيوي " فها هو ابن خلدون يقول في مقدمته ( ص 30 ، طبعة دار الشعب) " ... ومن الغلط الخفي في التاريخ الذهول عن تبدل الأحوال في الأمم والأجيال ، بتبدل الأعصار ومرور الأيام ... وذلك أن أحوال العالم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة، ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة ، وانتقال من حال إلى حال . "
ولا يكتفي عالم التاريخ بهذين الشاهدين المصدريين ؛ بل يشير إلى شواهد ثبوتية أخرى لأعلام ثقات المؤرخين والعلماء المسلمين تأكيدا صحة رأيه ؛ منها ما قاله كل من : ( المسعودي ، والطبري ، والمقريزي والقلقشندي وأبن أيّاس ؛ مع التركيز على كتابات المؤرخ ولي الدين المقريزي بالذات ) حيث يرى أن كتاباته " تكشف عن وعي تاريخي عميق ؛ وهو الوعي المزدوج بالزمن"
وهنا يدرك عالم التاريخ ضرورة كشف اللثام عن سبب ترجيحه لكتابات المقريزي على غيرها من الكتابات التاريخية حول الموضوع الذي هو بصدد تحصينه ؛ لذا يضيف قاسم : " والحقيقة : بالزمن في ضرورته وما ينتج عن ذلك من التبدل والتغير ، والحقيقة التي يبحث عنها في أسباب الظاهرة التاريخية التي يعالجها ؛ وهو ما يتجلى أوضح ما يكون في كتابه الرائع ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأخبار ) وكتابه المدهش ( إغاثة الأمة بكشف الغٌمّة) ولا يتوقف ثبته الهامشي عند هذا ؛ بل يتخطاه ليشير إلى بعض المراجع الحديثة لكتابات علماء التاريخ حول ذلك الموضوع ، نفسه .
ما كان ذلك النهج الذي نهجه د. قاسم عبده قاسم في تعليقه الهامشي المعارض لرأي في متن المؤلف الذي قام بترجمته ( التاريخ الوسيط ) إلاّ نهج العلماء في الثبت المنهجي وفي إتباع أسلوب الكتابة العلمية .
ومن أمثلة التعليق الهامشي بهدف نسبة القول إلى صاحبه – حالة غياب ذكر اسمه في المتن سابقا على المقولة أو لاحقا لها كان هذ ا التعليق الهامشي الذي هو بالتأكيد إعمالا لحقوق الملكية الفكرية ؛ وهذا أيضا وجه من وجوه الأمانة العلمية التي يجب أن يتسم بها مسلك العلماء ؛ لذا يشير د. قاسم عبده قاسم في هامش ( ص 14) إلى لون آخر من ألوان التعليق : " صاحب هذه العبارة هو الألماني " ليوبولد فون رانكه " متبوعا بإعادة تثبيت صحة نطق الاسم بحروف لاتينية ؛ متبوعا بتاريخ ميلاده وتاريخ وفاته – قياسا على أعراف الكتابة الأكاديمية – " ليبولدفون رانكه Leopold Von Ranke ( 1765- 1886) مع توضيح لقيمة ذلك الكتاب ؛ يقول : " الذي يعتبر كتابه الأول المسمى : ( تاريخ الشعوب اللاتينية والجرمانية ) طرازا جديدا من الكتابة التاريخية في عصره ؛ إذ اعتمد فيه على المصادر الأصلية انطلاقا من رأيه في أن التاريخ " هو تصوير ما حدث في الماضي بالضبط " الأمر الذي دفعه إلى الاهتمام بالوثائق والمخلفات الأثرية اهتماما بالغا ؛ لأنه رأي في الوثائق الرسمية ، ومكاتبات الدول والأفراد ، وسجلات الحكومة والكنائس ، والمذكرات الشخصية ، أصدق مصادر الكتابة التاريخية ، وتعود بداية ظهور علم الوثائق كعلم منهجي إلى تلك الفترة التي أخذ فيها " رانكه " يجوبون أنحاء أوروبا سعيا وراء الوثائق ، و " رانكه " هو صاحب الفضل في إنشاء اللجنة التاريخية في أكاديمية بافاريا للعلوم " التي قامت بنشر العديد من الوثائق والحوليات ، كما أنشأ " المجلة التاريخية السياسية " التي تعد من طلائع الدوريات التاريخية . "
هذان إذا نموذجان للتعليق الهامشي .. يعد أولهما تعليقا هامشيا منهجيا ؛ لأنه جاء على هيئة مداخلة فكرية لرأي ورد في متن الكتاب الذي قام د. قاسم عبده قاسم ؛ نفسه بترجمته والتعليق عليه ؛ ذلك أن مفهوم التعليق الذي نص عليه العنوان الفرعي للكتاب نفسه - ينص على دور الذي د. قاسم ؛ وهو الترجمة والتعليق بمعنى أنه يشرع لحق مداخلة د. قاسم مداخلة فكرية مع بعض الآراء التي ترد في الكتاب المترجم نفسه- ومن أمثلته أيضا ما يكون تعليقا نقديا موجزا كما في هذا الهامش ( ص 16 ) الذي يعارض فيه رأيا لـ " كانتور إذ يقول : " ومن خلال معرفة الذات تقود الإنسانية إلى التحرر من الأسطورة والتحيز والأحلام التي ما زالت تحكم تصرفات الشعوب غير الغربية : " هذا هو رأي كانتور المطلق في الشعوب غير الغربية ؛ وهو رأي لا ينطبق على الواقع تماما "
بينما يدخل النوع الثاني من التعليقات الهامشية تحت مفهوم التاريخانية ؛ لكونه تعليقا على شخصية تاريخية أو تعليقا على واقعة تاريخية وردت في المتن تعليقا تظليليا يتيح مزيدا من الإضاءة حول دور أحد علماء التاريخ في إطار إضاءة أحد مؤلفاته المهمة في مجال التاريخ .
هكذا تنوعت جهود د. قاسم عبده قاسم البحثية في التاريخ الوسيط ما بين المؤلفات العلمية بحوثا ودراسات ومقالات ؛ وكتابات تتناول العلاقة بين التاريخ والآداب ؛ باعتبار التاريخ كان من أهم المنابع التي نهل منها الأدباء في كل مجالات الأدب من الرواية إلى الشعر إلى المسرح إلى الدراما التليفزيونية ودراما الشاشة ؛ استلهاما يسعى وراء استنهاض النزعة القومية في عصور الاضمحلال السياسي والاقتصادي والتدهور الاجتماعي ؛ بخاصة في الفترات التي وقعت فيها الأوطان تحت نير الاحتلال والغزو الخارجي ؛ وهو ما يعرف علميا بالتاريخانية . وقد شهدنا الكثير من المسرحيات التي تستنهض النزعة القومية العربية في الستينيات من القرن العشرين ؛ في تفاعل كبار الأدباء والفنانين مع نظام يوليو 52 في مصر لتزكية وهج المد التنويري الثوري تحت راية التحرر ومجتمع الكفاية والعدل حضا على كسب التأييد الجماهيري لفكر النظام وتوجهاته نحو البناء الاقتصادي الداخلي ؛ كما تمثل في أعمال الفريد فرج المسرحية وأعمال نعمان عاشور وسعد الدين وهبه وميخائيل رومان وبعض أعمال توفيق الحكيم إلى جانب المسرحيات التي تعمل النقد السياسي في بعض توجهات النظام – وإن قلت أو تنامت حدتها بعد هزيمة يونيو العسكرية عام 67 – كأعمال نجيب سرور . كما كان للسينما وللتليفزيون دوره الفاعل في هذا النوع من دراما الحض الوطني والقومي مثل ( وا إسلاماه) و ( الناصر صلاح الدين ) و( الظاهر بيبرس) و ( سليمان الحلبي ) و( شجر الدر) وغيرها من الأفلام والمسلسلات. ومن دلائل الدور الفاعل للتاريخ . لقد كان الفاعل التاريخي حاضرا أبدا في الدراما منذ القدم عند اليونان وفي عصر النهضة فقد تأسست نصوص شكسبير في أغلبها على حوادث وشخصيات تاريخية مثل ( هاملت ، مكبث ، الملك هنري الثاني – والرابع والثامن وريتشارد الثاني وريتشارد الثالث وغيرها) كما كانت مسرحيات أحمد شوقي الشعرية ( مصرع كليوباترا – قمبيز – مجنون ليلى- على بك الكبير ) ومسرحيات عزيز أباظة الشعرية ( قيس ولبنى- غروب الأندلس وغيرها) لونا من ألوان الاستلهام أو التاريخانية مثلها أيضا رائعة عبد الرحمن الشرقاوي الشعرية ( الحسين ثائرا – الحسين شهيدا )
لم يغادر المبدعون وقائع التاريخ وأبرز أعلامه الفاعلين في تاريخ أمتهم دون أن ينهلوا منها ما يسقطونه بإعادة الكتابة المشتبكة فيما بين الحقيقة التاريخية والحقيقة الفنية ؛ حتى وإن انتصر إبداعهم للحقيقة الفنية دون تجن على الحقيقة التاريخية وإنما بإعمال حيل المراوغة في التصوير على نحو ما رسم الفريد فرج شخصية طلية موازية لشخصية حرابة الغازي الفرنسي كليبير ؛ هي شخصية افتراضية ( حداية الأعرج ) حيث جعله يردد أمام من يقطع الطريق عليهم أنه ( ساري عسكر حداية ) تباهيا بالتشبه بكليبر ساري عسكر فرنسيس ؛ وبذلك أراد الفريد فرج باختلاق مثل تلك الشخصية المسرحية الافتراضية أن يقول إن الشعب المصري منهوبة ثرواته وممتلكاته ومهدرة إنسانيته من عصابة الغازي الأجنبي ومن عصابة النهب بالداخل ؛ دون أن يتعرض بالتشويه للتاريخ .
لم يغب عن العالم المؤرخ والتاريخاني د. قاسم بالطبع ذلك الحضور الفاعل والطاغي للتاريخ قيما أبدع المؤلفون والشعراء والفنانين في مجالات الأدب والفن بعامة والمسرح وفنون الشاشة بصفة خاصة تأكيدا لحنين الأدباء و الفنانين ونزوعهم نحو إحياء النزعة القومية ، كلما اشتدت هجمة خارجية ، أو دار الصراع بين شعوب القومية الواحدة ، وقد شهد تاريخ الشعوب العربية الكثير من الصراعات الداخلية والخارجية ؛ وهو الأمر الذي تسارع فنون الشاشة ( سينما – تليفزيون ) إلى جانب المسرح إلى تناوله تأليفا وعرضا ؛ يزكي روح المقاومة بالكلمة وبالفعل العنيف مرة وبروح المصالحة والتوحد مرة أخرى ؛ حفاظا على هويتنا القومية العربية أو حضا على استنساخ مشروع الخلافة الإسلامية . وفي هذا المجال ، أخرجت على الشاشة وعلى خشبة المسرح الكثير من الأعمال المستلهمة لوقائع التاريخ ، والمفسرة أو المؤولة لها أحيانا ، ومن تلك الأعمال التي شارك في إخراجها مخرجو الشاشة ومخرجو المسرح أحداث وشخصيات تاريخية كان لها دور في معارك حربية واقتتال دموي عنصري انقسامي أو قومي أو جهاد ضد غزو أجنبي منها: ( الظاهر بيبرس – - صلاح الدين الأيوبي - سليمان الحلبي – الزير سالم – الحجاج بن يوسف الثقفي – على الزيبق –أدهم الشرقاوي – ياسين وبهية ) وغيرها.
ولعل من أهم وقائع التاريخ العربي والإسلامي كانت أحداث ( كليب يوسف: المشهور بالحجاج بن يوسف الثقفي ) لما ارتبط باسمه من أعمال إرهابية في حروبه ضد تقسيم الدولة الإسلامية بعد مقتل الحسين ( رضي الله عنه ) وإعلان ابن الزبير استقلاله بدولة في المدينة ومكة ، أدت إلى هزيمة ابن الزبير أمام جيش الحجاج قائد الخليفة الأموي ( عبد الملك بن مروان). وقد وجدت أن الحاجة إلى دراسة تقنيات إخراج مسرحة هذه الوقائع القومية على خشبة المسرح المصري ،
وعلى شاشة التليفزيون؛ ودورها في إذكاء نوستالجيا شباب الألفية الثالثة نحو الثورة على أنظمة الحكم في البلاد العربية ؛ لتقارب هذه الوقائع التاريخية مع واقعنا العربي المعاصر. لم يغب ذلك كله عن عالم التاريخ سواء تقنع خلف قناع المنهجية أو خلف قناع التاريخانية ؛ لذلك كتب عن علاقة الشعر بالتاريخ ؛ مجددا طبيعة التشابك فيما بينهما من وشائج الارتباط وعلامات الاختلاف التي أشار إليها أرسطو من قبل في كتابه الأشهر ( فن الشعر) فخص التاريخ بالوقائع الفعلية التي حدثت في الماضي ، بينما خص الشعر بتصوير الحدث المحتمل وقوعه . وما كان لأرسطو وما كان لقاسم عبده قاسم أن يخوضا في مسألة العلاقة ببن التاريخ وفنون الأدب ما لم تكن هناك علاقات وطيدة بين التاريخ وفنون الأدب ؛ وما كان لي أو لغيري أن يتعرض لما بين المؤرخ وعالم التاريخ وعلاقته التاريخانية بفنون الأدب.

د. هاني أبو الحسن
أستاذ الإخراج المسرحي المساعد بجامعة الإسكندرية
[email protected]



#هاني_أبو_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرجة الإيهامية ونوستالجيا التحول الدرامي
- نوستالجيا التحول الدرامي نحو عدالة اجتماعية


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاني أبو الحسن - أقنعة ومتون وهوامش