أوري فلتمان
الحوار المتمدن-العدد: 3915 - 2012 / 11 / 18 - 10:00
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ألم يكن حزب العمل الإسرائيلي الحزب هو الذي قضى على دولة الرفاه؟ والذي عمل على خصخصة الخدمات الاجتماعية؟ والذي كان شريكًا في كل ميزانيات عقوبات اليمين المتطرف؟ والذي يدعي اليوم ان العدالة الاجتماعية غير مرتبطة بالسلام، ومستعد لقبول استمرار الاحتلال وجرائمه؟
إحتفلنا قبل فترة وجيزة بمرور 95 سنة على ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا، والتي قامت في السابع من شهر تشرين الثاني (25 أكتوبر حسب التقويم القديم) في سنة 1917. النظام الاشتراكي والديمقراطي الذي أقامته الثورة، والذي اعتمد على المجالس (المجلس بالروسية: سوفييت) للعمال، الفلاحين والجنود. هذا النظام وزع أراضي أصحاب الاقطاعيات بين الفلاحين، ووضع المصانع تحت مراقبة العمال، وضمن حق التعريف الشخصي والقومي لكل الشعوب التي اضطهدت في فترة حكم القيصر، والتزم بإخراج روسيا من الحرب العالمية.
اتحاد المجالس الروسية (السوفييتات)، ومع مرور الأيام الاتحاد السوفييتي، حققت انجازات اجتماعية واقتصادية كبيرة جدًا وشغلت وظيفة أساسية في قهر الجيش النازي. ورغم النواقص العميقة التي ظهرت في نظام الحكم، والتي بلغت أوجها في فترة عبادة شخصية ستالين، فقد نجح الاتحاد السوفييتي خلال جيل واحد، بفضل الاقتصاد المؤمم والمنظم بالتحول من بلد زراعي ومتخلف، يعاني الفقر والجهل إلى دولة عظيمى صناعية.
فلاديمير لينين، الذي قاد الحزب الشيوعي الروسي وخط الطريق للثورة، أصبح – خلال فترة حياته – رمزًا للنضال الحاسم ضد الرأسمالية.
نضال ديمقراطي، نضال ثوري
نحن الشيوعيين في اسرائيل، الذين نواصل طريق لينين، نرى في أنفسنا اننا نقدم اليوم سياسة ثورية. فلماذا نحن، كثوريين، نرى في الانتخابات القريبة للكنيست تحديًا مهمًا؟ حيث ان الكنيست – كبرلمان برجوازي – عليها ان تكون، حسب التحليل الماركسي، مجرد ختم مطاطي للقرارات التي اتخذت في أوساط الطبقة الحاكمة، طبقة أصحاب رأس المال.
في مؤلَّفه "الثورة الاجتماعية وحق الشعوب بتقرير المصير" (1916) كتب لينين: "الثورة الاشتراكية ليست عملية لمرة واحدة، ليست معركة في جبهة واحدة، إنما فترة كاملة من الصراعات الطبقية الشديدة، مسار طويل لمعارك في كل الجبهات.. ومن الخطأ التفكير ان النضال للديمقراطية من الممكن ان يلهي البروليتاريا عن الثورة الاشتراكية، أو ان يتستر عليها، وان يضعها في الظل، وما شابه. والعكس هو الصحيح، حيث انه من الممكن ان لا تكون اشتراكية منتصرة، لا تحقق ديمقراطية كاملة، وهكذا البروليتاريا، إذا لم تقد نضالا ثوريا، مثابرا ومن كل الجوانب من اجل الديمقراطية، لا يمكنها ان تؤهل نفسها للنصر على البرجوازية".
لينين اعتقد، ان النضالات الديمقراطية (من اجل حرية التعبير، حرية التظاهر، حرية التنظيم، ضد التمييز القومي وما شابه) تشحذ القوى، وتشكل مدرسة مهمة، من شأنها ان تساعد في توفير أدوات النضال من اجل الاشتراكية. هذه النضالات الطبقية تدار، بالطبع، في الشوارع (مثلا – المظاهرة في تل أبيب، في كانون الثاني 2011، والتي شارك فيها 30000 شخص، ضد قانون إقامة "لجنة تحقيق" لمنظمات حقوق الإنسان). لكن عندما نذهب إلى انتخابات الكنيست، فنحن نضع على جدول عملنا اليومي الجماهيري هذه المواضيع ونزيد التأييد الذي تستحقه، ونعرض أمام الجمهور الإسرائيلي اقتراحاتنا بالنسبة لكل واحد منها.
معركة الانتخابات للكنيست هي فرصة لتجنيد قوى واسعة بقدر الإمكان، على أساس برنامج يعبر عن قيمنا. وبواسطة دمجها في المعركة على زيادة التمثيل البرلماني، نحن نبني القوة السياسية التي ستكون هناك بين انتخابات وانتخابات – ويساعد في تنظيم مظاهرات، لتنظيم عمال، ولدفع النضال ضد الترتيب القائم إلى مرحلة أعلى أكثر.
لسنا اشتراكيين ديمقراطيين ولسنا ستالينيين وإنما نحن شيوعيون
اليوم، وكذلك في اليسار، يوجد من يهاجمون هذا الإرث الكبير، الذي قدمه لنا النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي، ولا أريد تخصيص الكلام للمهاجمين الذين يأتون من صفوف البرجوازية ومن يمتثلون بأمرها، وللمفكرين الليبراليين أو الرجعيين والذي تعتبر كل فكرة يسارية وتقدمية غريبة عليهم. وبالرغم من هذا، اود التطرق خاصة للانتقاد الذي يصل من صفوف معسكر اليسار. الاشتراكيون الديمقراطيون يدعون تجاهنا، ان انهيار النموذج الاشتراكي الذي تشكل في الاتحاد السوفييتي وفي دول شرق أوروبا، يثبت انه لا توجد إمكانية لتغيير النهج الرأسمالي، الاشتراكيون الديمقراطيون يقترحون علينا ان نكتفي بإصلاحات تجميلية، تغييرات موضعية وإصلاحات في نطاق النظام الاجتماعي القائم. نحن نرفض ذلك من الأساس. نظام الحكم الذي قوم بالأساس على نظام استغلال طبقي واستعباد قومي – لا توجد إمكانية لتحسينه ولا توجد إمكانية لتجميله.
وزيادة على ذلك، رأينا جيدًا التجربة التاريخية للأحزاب الاشتراكية – الديمقراطية: ألم يكن حزب العمال البريطاني هو الذي خرج لشن الحرب الهجومية في العراق في 2003؟ وألم يكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي اليوناني هو الذي خضع لاملاءات صندوق النقد الدولي، وانزل كارثة على طبقة العمال اليونانية؟ ألم يكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في اسبانيا، هو الذي أخرجت سياسته الاقتصادية ملايين الشباب إلى الشوارع قبل سنة ونصف، وسبَّب البطالة بنسبة 25%؟ وكذلك هنا في إسرائيل - ألم يكن حزب العمل الإسرائيلي الحزب هو الذي قضى على دولة الرفاه؟ والذي عمل على خصخصة الخدمات الاجتماعية؟ والذي كان شريكًا في كل ميزانيات عقوبات اليمين المتطرف؟ والذي يدعي اليوم ان العدالة الاجتماعية غير مرتبطة بالسلام، ومستعد لقبول استمرار الاحتلال وجرائمه؟
لذلك، في دراستنا للتاريخ، لسنا اشتراكيين ديمقراطيين. يمكن ومن المرغوب فيه ان نتعاون مع الاشتراكيين الديمقراطيين في نضالات معينة أمام اليمين، عندما توجد اتفاقات سياسية، لكن طريقنا الثوري يختلف عن طريقهم المتساهل.
ومن هم كذلك، ما عدا الاشتراكيين – الديمقراطيين، الذين يشككون في الإرث العظيم لثورة أكتوبر وللاتحاد السوفييتي؟ هؤلاء هم الستالينيون، الذين يتنكرون لجرائم يوسف ستالين، والموثَّقة جيدًا، والذين يدعون ان الكلام يدور حول مجرد أكاذيب لا غير. وبعملهم هذا، فالستالينيون يزرعون عدم الثقة أمام الشيوعية وأمام الحركة الشيوعية. وخطنا المبدئي هو الاعتزاز بوجهات النظر الايجابية الكثيرة التي كانت موجودة في الاتحاد السوفييتي، ولكن أيضا من اجل التعلم من الأخطاء. وبتنكرهم للجرائم التي جرت في فترة عبادة شخصية ستالين، فالستالينيون يدعمون هؤلاء المهتمين بإخفاء الفارق بين الايجابي والسلبي في التجربة السوفييتية، والذين يطالبون بتصوير الاتحاد السوفييتي كله، من بدايته وحتى نهايته كغلطة.
موقفنا في موضوع الستالينية نُص بدقة في تقرير اللجنة المركزية الذي قدمه السكرتير العام، محمد نفاع للمؤتمر الثالث والعشرين للحزب الشيوعي الإسرائيلي (1997)، حيث جاء فيه: "الحزب الشيوعي الإسرائيلي يعود ويؤكد انه لن يكون اشتراكيًا ديمقراطيًا وليس ستالينيا، وإنما شيوعيًا". هذا الموقف الصحيح مازال يميز طريق الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وما زال يميز رفاق صفه، قيادته، وكذلك قيادته العليا.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟