شادي الشرفاء
الحوار المتمدن-العدد: 3910 - 2012 / 11 / 13 - 13:58
المحور:
القضية الفلسطينية
نجح ادوارد سمارس مع بداية السبعين للقرن التاسع عشر بتحقيق حلم، وأسس امبراطورية المانيا الثانية (ما يسمى بالرابح الثاني)، ثم دخل المانيا في الة من الفوضى والعنصرية ادت الى صعود النازيين الى الحكم عام 1933 ولعل معالم هذه العنصرية تتجسد واقعا في الدولة العربية لدرجة ان الكثير من المؤرخين يعثرون ان بينهما الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية تشبه الى حد كبير المانيا في فترة التكوين.
ان المقارنة التاريخية بين الصهيونية والنازية تجد مقوماتها عند تفحص سير الدولة العبرية الى جانب لاحداث ذات الطابع الشوفيني للاعتداءات على الوجود الفلسطيني برمته، فهنالك الكثير من التراكمات المتضاعفة في البيان العلوي والوعي الايدلوجي والعلمي بين الصهيونية والمانيا حينذاك.
ستستعرض بعض الامثلة للادلة على ذلك مما قد يستدعي تبني نهج مقاومة مختلف ضد هذا الاحتلال ففي سنوات العشرين والثلاثين من القرن الماضي طالب اليمين الالماني المحاكمة "محمد بنوفمبر"، كتابة للاحزاب التي وقعت على اتفاقية وقف اطلاق النار عام 1918 لاعداء الحرب العالمية الاولى، وحداثة مطابق لاعوان اليمين الصهيوني التي اعتبرت التوقيع على اتفاقية اوسلو خيانة وطالبته محاكمة "مجرمي اوسلو" على حد تعبيرهم وصولا الى الحكم على رابين بالاعدام رميا بالرصاص.
وفي عام 1938 بدات سلسلة حرق الكنائس والممتلكات اليهودية في المانيا، ويبدوا ان هذا الوعي لازم الضحية فتوحات الى جلاد، حيث تشهد في السنوات الاخيرة عدة اعتداءات وحرق للكنائس المسيحية والمساجد في فلسطين ناهيك عن الاعتداءات المتكررة على الفلسطيني واراضيهم من قبل فتيان المستوطنات وغيرهم والذين رفض نتينايهو اعتبارهم ارهابيون مما يشكل دعما لهم وتشجيعا لممارساتهم.
يلفت للنظر التعابير التي استخدمت في المانيا يعتبره التكوين يتم استحضارها لان في الدولة التي تقدم نفسها بصفتها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط" فمثلا لازالت تتردد في المناهج الاكاديمية تلك الكذبة الكبرى بان العرب هم من بدؤوا حرب 1948، أي اعظم كانوا مجبرين رغما عن ارادتهم على احتلال لفلسطين وان النكسة العرب، ذات التعبير تكرر في المانيا حيث ادعوا بانهم ليسوا من بدؤا الحرب بهذا وتشكل فراغة تخطر الديمغرافي" حالة اجماع ويضغطون باتجاه الاعتراف بيهودية الدولة وذلك تمهيدا لاستكمال مخطط التهجير لما تبقى من الفلسطينيين، تماما كما جرى من تهجير عرقي لليهود وغيرهم في المانيا: بل حتى كبار اللاهوتيين اليهود يصرحون علنا بان دم اليهود ليس كدم مما يضع مفهوم تفوق العرق الآري في في ذات الخانة العنصرية التي تدعي التفوق على الاغيار وعندما تجري اية مسرحية لاخلاء بؤرة استيطانية نجد المستوطنون يصرخون "يهودي لا يطرد اليهود"، وكانه لا باس ان يطرد كل بالباقي من المانيا سابقا هتافات "الموت لليهود" ويوم اليهود "الموت للعرب" وذلك ملازم لاغلب المناسبات حتى في مباريات كرة قدم عادية مع احدى الفرق العربية.
وبغض النظر عن الجدل العقيم حول محارق النازية والهولوكوست، فمن حقنا ان نتسائل عن الفرق بينهما وبين أطنان القنابل التي تقصف وتحرق ولا تميز بين الصغير او الكبير وفي ظل هدم البيوت ومصادرة الاراضي والاعتداء على الفلسطينيون بالشارع لمجرد انهم فلسطينيون عدا عن حرق الكنائس والمساجد والممتلكات الخاصة وغيرها، فان الفلسطينيون اليوم هم يهود المانيا الذين لوحقوا وهدمت وصودرت ممتلكاتهم، دون ان نغفل حقيقة ان الفلسطينيون هم اصحاب الارض الحقيقيون.
لم تكتفي الدولة العبرية بكل هذا التطابق، بل وقد ابتكرت جملة من القوانين والتشريعات العنصرية والاستعلائية والتي تزيد من قبضة النخب العسكرية والاستيطانية ابرزها: 1- قانون الولاء 2- قانون الجمعيات الذي يضع حد للتمويل الاجنبي لمنظمات حقوق الانسان 3- قانون المؤذن الذي يحظر على المساجد استخدام الجهة مكبرة للصوت 4- قانون الدولة القومية "للشعب" اليهودي حيث تكون الدولة اولا يهودية وبعدها ديمقراطية ولا يعترف باللغة العربية كلغة رسمية 5- قانون النكبة الذي يمنع حتى التنويه بان يوم اقامة الكيان الصهيوني هو يوم نكبة وحداد الفلسطينيين 6- قانون المقاطعة الذي يسمى المحاكمة من يدعو لمقاطعة الدولة نتيجة استمرار احتلالها للاراضي الفلسطينية هذا عدا عن جملة اجراءات المحاكمة الديمقراطية المجزوئة اصلا مثل قرب اغلاق القناة العاشرة انتقاما لدورها، وقرار اغلاق قسم العلوم السياسية في احدى اهم الجامعات لان ميوله يسارية على حد زعمهم.
عندما ينمو التطرف اليميني ويتاصل في البنى التحتية منتجا علاقات اجتماعية ذات طابع عنصري، المجتمع مع التطرف القائم ويتسارع الدولة بمكوناته الاجتماعية والنفسية والسياسية والعسكرية نحو الوعي والممارسة النازية وبذلك اصبحنا امام منظومة لاجئين اجتماعي وتطهير عرقي بامتياز، والفلسطيني ينظر اليه كمعاق او ناقص كما كان اليهودي في المانيا ابان الرابح الثاني، والذين كانوا الضحايا تاريخيا صنعوا الوعي الماضي وتحولوا انفسهم الى جلادين.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟