فاضل عباس مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 3904 - 2012 / 11 / 7 - 15:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس من عادتي ان أتعرض لما يكتبه الاعلام او يدعي به أناس غير متخصصين بالمعرفة الاقتصادية. لكن للاسف الشديد فان السيد هيثم الجبوري هو احد هؤلاء الذين
يملئون وسائل الاعلام بضجيج لا يمت الى علمي الاقتصاد والاحصاء وارقامهما الموثقة .السيد الجبوري هذا يقول لمن لا يمحص الأرقام وللاخرين من غير العارفين بالعلوم الاقتصادية بان البنك المركزي باع ٥٠ مليار دولار من العملة الاجنبية في العام الفائت ، اي العام ٢٠١١ ، مدعيا بعد ذاك بانه لم يدخل منها كاستيراد الا ١٠ مليارات دولار لا غير . لذا، فان التهريب للعملة كما اختار هو تسميته كان ٤٠ مليار دولار بنفس العام . ويعود الجبوري هذا ليستغل قلة التخصص عند الكثير من القراء والمستمعين لأقواله ليدعي بان المفتش العام الامريكي لإعادة إعمار العراق هو الذي قال بذلك !!! التصريح المنسوب الى السيد هيثم الجبوري منقول عنه في موقع دنانير يوم ٤ تشرين الثاني الحالي . وللأسف لم يقم الموقع المذكور بتكليف نفسه مهمة فحص وتدقيق جدية هذه الادعاءات والارقام احصائيا عبر الرجوع الى ارقام الاستيرادالرسمية . ولعل غير هذا الموقع صار ينشر أنباء مثيرة اخرى يبرع تزويدهم بها النائب عن دولة القانون وبالذات كتلة علي إلدباغ فيها. الجبوري هذا كما نعرف معين في موقع النائب عن الشعب من قبل السيد رئيس كتلة دولة القانون ومن هنا فقد يتضح احد اسباب حملاته المكوكية على البنك المركزي وادارته السابقة التي لم يتوانى رئيس الوزراء بالاقرار بها في اخر تصريحاته بعد القلق الواضح للرأي العام العراقي المتخصص والمثقف حول تبعات الأسلوب غير القانوني للتعاطي مع البنك المركزي ومحافظه المقال .
لنرجع الى لغة الأرقا م الرسمية هذه ونناقش تصريحات هيثم الجبوري الخاوية من التعامل بالأرقام الحقيقية التي يعرفها الاقتصاديون الجادون والذين يضنون اعينهم بتتبع الأرقام وما تعنيه هذه الاخيرة في واقع الحال
اولا، يبالغ الجبوري بحجم مبيعات مزاد البنك المركزي من العملات الاجنبية بما لا يقل عن ٢٥ بالمائة فيقول اما مخطئا او إيهاما لمن لا ينتبه ولا يدقق بان البنك باع ٥٠ مليار دولار عام ٢٠١١ في حين ان الرقم الرسمي المنشور شهرا بعد شهر وللعام الفائت كان 39.798 مليار دولار فقط لا غير والمرجع هنا هو نشرة البنك المركزي السنوية للعام ٢٠١١ الجدول ٢٥ والصفحة ٥٥
ثانيا، تقول نفس النشرة الإحصائية الرسمية في الجدول ٤٧ والصفحة ٩٣ بان مجموع استيرادات الخاص كانت 34.877 مليار دولار وهذا الرقم لا يشمل الكثير من المستوردات الخدمية وهو محتسب على اساس الاستيرادات (سيف ) . اما الجبوري فقد ادعى بان حجم السلع المستوردة كان 10 مليار دولار فقط لا غير وبالتالي فهو يبدو لنا جاهلا بالأرقام الرسمية المنشورة عن الاستيراد في افضل الاحوال
ولا يعرف أساسيات قراءة أرقام ميزان المدفوعات او لم يكلف نفسه عناء قراءتها او التدقيق فيها
ثالثا، ادعى السيد هيثم بان ستيوارت بوين هو الذي قال بهروب 800 مليار دولار اسبوعيا في حين ان هذا المفتش العام الامريكي لإعمار العراق جاء لتفتيش وتدقيق أرقام النفقات من الموازنة الخاصة بالولايات المتحدة والمخصصة للإنفاق على مشاريع عراقية محددة . بالتالي، فان السيد بوين لم تكن لديه أية صلاحية لتدقيق أرقام العراق وما ذكره تقرير بوين هو نقل لادعاءات السيد عبد الباسط تركي لا غير استغلها المروجون للطعن بالبنك المركزي وإدارته التي أطيح بها في انقلاب مفتقر للشروط القانونية لتغيير الادارة العليا في البنك المركزي وذلك بعد حملة تشهير دامت سنتين او اكثر قادها السيد الجبوري مدعوما من اربابه
رابعا، ان طرح مجموع الاستيرادات السلعية من قبل القطاع الخاص عام ٢٠١١ والبالغ 34.877 مليار دولار من مجموع ما باعه المزاد المذكور في نفس العام والبالغ 39.798 مليار دولار يعطينا 4.921 مليار دولار هو حجم ما ذهب لكافة الاغراض الاخرى عام ٢٠١١ كتحويلات للطلاب في الخارج وللمسافرين الى الخارج من سواح او للتجارة او للتطبيب كما قد تشمل بعض نفقات التامين وإعادة التامين خارج العراق اضافة الى خدمات النقل والخدمات المصرفية للقطاع الخاص وايضا كتحويلات للعراقيين الذين هاجروا من الوطن فباعوا ممتلكاتهم وغيرها من الاغراض ضمن باب الخدمات في ميزان المدفوعات . واذا ما قسمنا هذا المبلغ على ٥٢ اسبوعا في السنة ٢٠١١ يصبح ما انفق بالدولار على جميع الابواب المشار اليها في الاسبوع الواحد حوالي 94.6 مليون دولار فقط
اي ما معدله الأسبوعي للفرد الواحد 2.84. دولار للفرد المقيم داخل العراق
اما اذا أخذنا حقوق العراقيين المقيمين خارج الوطن والتي قد تبلغ أعدادهم اكثر من ٣ ملايين مواطن ويزيد فسينخفض الرقم الاسبوعي هذا.
خامسا، يدعي الجبوري بوجود فواتير استيراد وهمية لدى البنك المركزي. يا ترى هل البنك المركزي هو مصرف تجاري اعتيادي ليستلم الفواتير ، ام ان الفواتير التي يشير اليها هي ما يسلمه الزبون المصرفي الى البنوك التجارية وهي كما نعرف التي تحول المبالغ ومن مسؤولياتها تدقيق صحة الفواتير وابلاغ جهاز مكافحة غسيل الاموال والاجهزة الامنية في حالة شكها بصحة المعلومات التي يدعي بها او يوفرها زبائنها لها؟؟
إذن من اين أتى هيثم الجبوري الذي جعلته وسائل الاعلام غير المهنية خبيرا جديدا اخر بالاقتصاد العراقي بارقامه المبتسرة كما بادعائاته غير المهنية ؟؟
أليست هي جزء من
الحملة المسيسة للانتقاص من اداء البنك المركزي العراقي ومحافظه السابق الذي لم يقل نعم سيدي كما اخبرنا الدكتور رشيد الخيون وغيره من الكتاب والمؤرخين الثقاة؟
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟