امحمود هادي الجواري
الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 22:58
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في يوم كمثل هذا اليوم ، أتم محمد بن عبد الله ، النبي ورسول الإنسانية جمعاء ، من وضع اللبنة الأخيرة في صرح امة كان يريد لها أن تكون خير امة أخرجت للناس جميعا ،،كان في حجه حجة الوداع قد ألقى على كاهل المسلمين حجة ثقيلة من نوعها لا يمكن لأي إنسان عادي أن يحملها إلا إذا كان معصوما من العثرات والزلل ،، حيث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال في هذا اليوم العظيم .. اليوم أكملت لكم دينكم ،، وأتممتم عليكم نعمتي ،، ورضيت لكم الإسلام دينا ..) أي انه انتهى من طور التنظير إلى طور التطبيق ولكن في هذه المرة ، كان يبدوا على وجهه انه رجل مفارق برغم النور الذي يشعع من وجهه الكريم، وكلماته التي تعد وداع لأمة سعى من اجل علياءها ورفعتها ،، وكان يبدو انه كان يدرك أيامه الأخيرة بانتهاء مهمته ولذا كان الهدف والغاية هو إيداع ممن له القدرة على مجاراة الزمن القادم حاملا المشعل الإنساني المنير ليسير بهداه إلى عالم كان يعشعش فيه الظلام والظلم ، فهو يقف اليوم معلنا عن خلع المسؤولية من معصمه الطاهر ليستودعها في معصم الأمة المتعدد الاحساب والأنساب ومن الذين دخلوا الإسلام بقوة أو عن إرادة أو عن ضعف ووهن ،تاركا وراءه ذلك العبء الثقيل متوخيا الرضي والقناعة فيمن ستطمئن له نفسه الكريمة ،، كان الانتقاء سماويا في البحث عن رجل قادر على فهم مكونات هذه الأمة التي ستبقى في رعاية الله وحفظه... حيث انه سيترك إحكام الله في الأرض بعدما كانت في السماء أي أنها مسؤولية الأمة الفعلية والعملية ولكنه ابقي على عطاء الهي ورباني ينتظره من المؤمنين ساعة الاستنجاد وساعة الحرج ،،، أنها الشفاعة التي تنفع المؤمنين يوم القيامة وتصد النار عن القائمين على إتباع شريعة الدين والساهرين على تعاليمها ونشرها وبذلك النهج الذي اتبعه رسول الرحمة ::ليهتدي الناس للدين الحنيف والذي يستمد كافة تشريعاته من القرآن الكريم.. إذن كان نبي الرحمة مطمئنا على سير الرسالة المحمدية إلى العالم اجمع لأنها محفوظة من السماء وإنها قادرة على ردع كل من يحاول التشكيك فيما جاءنا به القرآن الكريم من الإعجاز و مهما حاولت قوى الضلالة التصدي لها أو النيل من قداستها وسمو قيمها ،،وكما حفظت لنا الرسالة المحمدية المعاملات الإسلامية الحقة وذلك عبر سنته المتمثلة بأقوال وأفعال النبي نظريا وتطبيقيا والتي تخلو بالمطلق من الهوى وإنما كانت شرعة لرسم خارطة الإسلام من خلال انسيابية دفق الرسالة وسلاستها والتي كانت هي الأخرى امتثال للاارادة السماوية ، وكما جاء في النص القرآني بسم الله الرحمن الرحيم ( انه لا ينطق عن الهوى .. أنما هو وحي يوحى ) ,, صدق الله العظيم ... كان ذلك اليوم يوم حشد كل المسلمين ، قادتهم ، محاربيهم ، خدمهم ، سودهم ، بيضهم ,, عربيهم ودخليهم من الأمصار التي التحقت بركب المسلمين طواعية أو بفعل الفتوحات التي جلبت معها النساء والرجال المؤمنين بالرسالة المحمدية .. ولذا يعد هذا اليوم الفضيل هو يوم نهاية التشريع و ولادة دين جديد خال من التعصب والجاهلية التي قضى عليها هذا الدين وأزال كل الفوارق الاجتماعية وخاصة في يوم الحج وهذا اليوم الذي اختاره نبي الرحمة ليثبت للمسلمين وللعالم جميعا أن الإنسان ومها بلغ من الجاه والمال في الدنيا الفانية فانه سيمتثل إلى الفروض الإنسانية وان يقف أمام رهبة الإنسان من خالقه ومراجعة ذاته التي سارت به إلى الصحيح أو الصواب فاليوم هو يوم التصحيح والمغفرة عما فات على الإنسان من فحص إمكانية الإنسان للتصدي إلى نزواته ورغباته التي تحتمل الحلال والحرام والخير والشر وعلى حد سواء ،،، هذه الوقفة والتي تعد ركن من أركان الدين هي عبدت طريقا قويما في كيفية إتمام المسلم لتعاليم دينه ليحتفظ بالرصانة والمساواة ولكي تكون الأمة سواسية كأسنان المشط ؛؛ حيث أن الحكمة في جمع المسلمين وفي يوم الحج وعلى ارض واحدة وتحت سماء واحدة ،، كانت الرؤية الحقيقة يقول لبني الإنسان انك لا تملك ألا الكفن الذي سيواري جسدك العاري ومهما بلغت منزلتك الدينية والعرقية والاجتماعية.. في هذا اليوم كانت المسابقة الكبرى لمن يفوز في تولي أمر المسلمين وليواصل الرسالة النبوية ،، وكما أسلفنا ممن يمتلك العصمة أي القدرة على التفاني والوضوح و الإيثار من اجل الغير وعدم ارتكاب المعاصي وان تكون سيرته الذاتية ممن استبسل من اجل نشر مبادئ الدين الحنيف ويمتلك الصورة الناصعة البياض .. كثيرا من يخطأ في رؤية ميزان التقييم لنبي الرحمة محمد (ص) ،، فأما إن نعترف نحن انه لا ينطق عن الهوى وإما أن نقول كلاما آخر لنا فيه مآرب مبيته وليس في الضد أو في صالح من سيفوز بهذه المسابقة التي ستثير الريبة الشك في البعض من ذوو النفوس الضعيفة ، والبدء في استسخاف واستخفاف بالرسالة المحمدية والتي قلنا أنها شان سماوي وليس لنبي الرحمة من مكاسب أو لمصالح دنيوية تصب في مصلحته ... وإنما كانت أخروية ومنها كان يريد الانتصار لها و من اجل تحقيق كل ذلك لمصلحة الأمة التي استبشر لتكون خير امة أخرجت للناس ، فهو غني عن البشر الذي افرز وجود إتباع صالحين أو مناوئين ظلمة ومنذ الوهلة الأولى لانتهاء النبي من وضع الإسلام وبشكله النهائي .. لأن كل ما صدر من قول أو فعل هو صادر من الله والى جميع المؤمنين الخلص بالرسالة المحمدية ، فهو لا يتحدث للعرب وكما يخيل إلى من يريد إرساء ثقافة أنانية ويرسم لها إطارا ضمن امة بعينها ولكن كان مبعثه كرسول إلى العالم وليست إلى امة عربية أو أعجمية وهذا مما جعل الصراع الديني ينحصر في امة اختلفت قلوبها وضعف الإيمان فيها فشملها السخط اللالهي .. هنا عملية القصور في الفهم في عالمية الرسالة المحمدية ،، وحصرها في امة بعينها في الواقع وضعت العالم لكي ينظر بترقب إلى ردود أفعال البعض وخاصة من الذين كان أيمانهم بالرسالة المحمدية ضعيفا ومهزوزا ولسبب بسيط أن الدين الإسلامي لا يمنح المكاسب المادية الفورية والعاجلة وإنما هو يعتمد أساسا على النهج الإنساني الذي يسير بالإنسان العاقل إلى نهايات سليمة مؤدية إلى الطريق القويم ولكن ليس نبل المطالب لا تأتي بالوعود والتمني ولكن أن تأخذ الدنيا غلابا وهذا ما اضعف الإسلام وبعد أيام من وفاة الرسول الكريم (ص) .. وتكشفت ما كانت تكنه كل نفس بما كانت تخفي بين ضلوعها و تحفظ في داخلها من إسرار ونوايا فأما ألتوق إلى تحقيق ما تلمسه اليد وتكسبه آنيا و تلقي المصير الغير مشرف في الخيبة والخسران كناتج لما ارتكبت النفس لذاتها و للإنسانية من خير أو شر أو نيل الفوز بالجنة الموعودة ،،،، إذن يوم الغدير هو العيد الحقيقي الذي أعلن فيه رسول الرحمة اكتمال الدين الحنيف، وانتهاء مهمة الرسول وإعلان صريح في انتقاء من هو اقرب إلى قلبه وحتما سيفوز من كان أشجع المسلمين ، وأكثرهم إيمانا ،، ناهيك مقامه الرفيع في تثبيت أركان الإسلام وكان الإمام على هو الرجل المنتخب من بين ألاف الرجال المسلمين وهذا ما ورد على لسان جميع أئمة المسلمين وذكروها في كتبهم ومحفوظاتهم ،، ولكن هل أخذت الوصية طريقها إلى نفوس ممن لم يطمئن قلبه للإسلام وإنما كان يخشى إن يقام عليه الحد في عهد الرسول ::: اليوم هو يوم المباهلة لعلي إمام الحق الهدى ،،فلم نعجب إذا قال الرسول بحق هذا الرجل ( إنا مدينة العلم وعلي بابها )( اللهم والي من والاه ) وهنا قول مأثور أراد أن يلق حجته على المسلمين بان علي عليه السلام كان مستودع علم الرسول ولم لا وكان يعيش في منزل الرسول ويستمد الحكمة والخلق القويم من شخصية نبي ،، أليس جدير بنا إن نحتفل بهذا اليوم العظيم ؟؟؟؟
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟