زمن الاضمحلال

م. محمد الخامس محفوظ

الحوار المتمدن-العدد: 3896 - 2012 / 10 / 30 - 23:15
المحور: المجتمع المدني
    

كنا نقرأ في كتب التاريخ كلمتان متكررتان و هما , في زمن الاضمحلال , في اشاره الي ما يؤول اليه الوضع السياسي و الاقتصادي ابان فترات حكم بعض الاسرات الفرعونيه و اثناء حكم بعض الملوك . كانت فترات الانحطاط تلك نتيجه مباشره لضعف الحكام او اهمالهم لواجباتهم في اداره شئون البلاد . فتعرضت مصر لاجتياح قبائل الملوك الرعاه - الهكسوس- و تم احتلال مصر بالكامل و كان ذلك في ما يسمي بعصر الاضمحلال الثاني ( 1650
الي 1550 قبل الميلاد تقريبا ) الي ان ارسلت الاقدار لمصر قائد قوي و هو أحمس و الذي حرر مصر من الهكسوس . و في عصر الاضمحلال الثالث من 1000 قبل الميلاد حتي 332 قبل الميلاد تعرضت مصر لهجمات الليبيين من الغرب و النوبيين من الجنوب و الاشوريين من الشرق الي ان تم احتلال مصر من الفرس احتلال كامل ثم احتلال اخر من الاغريق ثم احتلال ثالث من الرومان .

القاسم المشترك فيما سبق هو نظام الحكم الفاسد و الضعيف , و يبدو ان التاريخ يعيد نفسه . فنحن الان علي ما يبدو علي اعتاب عصر جديد من عصور الاضمحلال بقياده نظام حكم لا اعتقد ان احدا يعرف علي وجه التحديد ما هو هدفه و اعتقد ان قادته انفسهم لا يعرفون ايضا ماذا يريدون لانهم لو كانوا يعرفون فتلك ستكون مصيبه كبري اما اذا لم يكونوا يعرفون فأن المصيبه ستكون اكبر . ان جماعة الاخوان المسلمين الذين يحكمون البلاد الان لم نر منهم اي شيئ له علاقه بأي اصلاح بل في كثير من الاحيان يبدوون كأنهم يتعمدون تنحيه المشكلات الملحه جانبا حتي يطويها النسيان و الاهتمام بصغائر الامور و اتفهها . عندما يشيع السلفيين الفوضي في البلاد و يدعوون الي الفتن الطائفيه دون ادني موقف من الرئيس الهمام او مرشده فيمكن تفسير ذلك علي موافقه ضمنيه من الرئيس و رئيسه علي افعال هؤلاء الجهلاء .

الاهم هنا هو الظواهر التي تدل علي بدايه اضمحلال الدوله المصريه لما يشوب قيادتها من ضعف و تهاون يصلا الي درجه التأمر علي الدولة نفسها و يعتبر بمثابه الخيانة العظمي لهذا البلد . . فعندما تمتنع مؤسسه الرئاسه عن الاحتجاج علي ضرب اسرائيل لاحد المصانع السودانيه مستخدمه في ذلك الاجواء المصريه لعبور طائراتها فهذا هو الانحطاط و الاضمحلال في اوضح صوره . مؤسسه الرئاسه فقط لم تحتج انما لم تعلق علي الحادث اصلا كأن المسأله برمتها لا تعنيهم . و الادهي من ذلك ان نائب المرشد العام لجماعه الاخوان المسلمين يقول في هذا الشأن بان تأخر الجماعه عن التعليق علي هذه الواقعه تأخر نتيجه لوجود السيد فضيله المرشد بالاراضي السعوديه !!!!!!!!! اذن ما يقال بأن اعضاء تلك الجماعه الشؤم مجرد اتباع يساقون الي مصائرهم حسبما يقرر فضيله المرشد صحيح . ان كلام نائب المرشد ينسحب ايضا علي السيد رئيس مصر .. فهو لا يستطيع اصدار قرار او تصريح الا بعد اخذ موافقة فضيله المرشد .

اما عن سيناء المهدده بالضياع و اعتقد انها المرشحه الاولي للذبول و السقوط من الشجره المصرية . فنحن نواجه سيناريوهين , الاول : سيناء الان مهدده بان يتم الاستيلاء عليها من قبل الفلسطينيين في حاله شن اسرائيل غارات تدميريه علي غزه .. ساعتها سنفاجئ بطوفان من البشر يجتاح سيناء قادما من غزه – تذكروا بروفة هذا الاجتياح في عهد مبارك عندما اجتاح مئات الالاف من الفلسطينيين معبر رفح - و سيكون علينا التعامل معاهم بطريقتين لا ثالث لهما. الاول هو التعامل معهم كلاجئين و طبعا ستمتد اقامتهم في سيناء لسنوات يتحول بعدها الوضع لامر واقع .اما الحل الثاني و هو ترحيلهم باستخدام العنف مما سيؤدي الي تصاعد الاحتجاج الدولي علي ذلك و تكون النهايه هي بقاؤهم في مصر - اما السيناريو الثاني هو استيلاء اسرائيل عليها لتأمين حدودها من هجمات الجهاديين الذين يملئون سيناء الان .

ما اشبه اليوم بالبارحه , كأن التاريخ بالفعل يعيد نفسه .. فمصر مخترقه غربا حيث يتم تهريب اطنان من الاسلحه القادمة من ليبيا كل يو م و مهدده شرقا من الفلسطينيين و اسرائيل و مهدده جنوبا بمشاريع علي النيل في منابعه تكفي لان تحول مصر الي صحراء جرداء .

كل ذلك يحدث و قيادتنا الرشيده نائمه في العسل و تأكل ارز باللبن مع الملائكه . فجل اهتمام رئيسنا الهمام هو امداد جيراننا – المرشحون لاحتلا جزء من مصر قريبا- بالسلع الغذائيه و الوقود ( الذي لا نجده في مصر لاستخدامنا الزراعي و الصناعي) و كذلك اهتمامه الكبير برعايه اهله و عشيرته من اعضاء الجماعه و الذين عقد معهم لقاء حميمي في استاد القاهره احتفالا بأنتصار اكتوبر و بحضور قتلة صاحب هذا الانتصار و الذين كانوا في الصفوف الاولي مع الوزراء و عليه القوم . ان كل الشواهد تشير الي اننا اصبحنا علي مقربه من دخول احد اسوأ عصور الاضمحلال التي شهدتها مصر.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل