أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إشبيليا الجبوري - الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلي في نقد البطل المنهجي، الورشة 0 - 2















المزيد.....


الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلي في نقد البطل المنهجي، الورشة 0 - 2


إشبيليا الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 3895 - 2012 / 10 / 29 - 16:43
المحور: الادب والفن
    


الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلي في نقد البطل المنهجي للبطل الروائي

الورشة 0 - 2
II. إشكاليات الخِطاب العقليّ النقدي


بقدر ما كان الفكر النقديّ الأدبيّ العربيّ في دوامة تفتته وعرقلته. نستشعر بعدم نهوضه، وبخطورة تعطيل وأنهيار أفاق المشّروع الثقافيّ الفكريّ العربيّ من داخله. بتغلب شعور الهزيمة وأستمراية الضعف والاحباط الغير نظير، لماورثه من إستبداد وفساد وسقم وتهاون في أنجازاته. أمام مشروع الأنفجار الفكريّ والعلميّ العالميّ المتقدم، وما ألت إليه من تربية وتعليم وتكنولوجيا وخطاب مفعم بالتواصل والفعل للميادين المعرفية، حينما تشجعوا، في أستبدال الفشل بالنجاح. جعل الدور الثقافيّ النقديّ الادبيّ العربيّ لدى النخبة مسؤولية مقاسها بالهزيمة حينما ربطوا انهيار المشروع الكارثيّ الأخر عبئا أضافيا مساهما مع أنهيار الكتلة"الاشتراكية وجدار برلين”. مما سارع ترهل اللهاث بانهيار الحلم، وتسارع وراء الخيبات والاستبداد. مما صنع أحياء التكرار في الخطاب والرؤية الفكريّة والنقديّة من المقدس للخطاب الايديولوجي القومي الى ذيول الهزيمة بخطاب ديني تلاحقه الفواجع المقدسة. تلك النهايات، أربكت المبادرة بالنهوض، بل جثمت تتفانى وتتجليّ بالعقل الجمعيّ وتوزعها خارطته في البديل الاخر. فتوئم لفيف التخلف والمخالطة المصنمة للتجارب، في مجانسة الخطاب المحافظ الضيق وجنسنته. مما اثر دوامة عرقلة البيئة الثقافية ورؤيتها فكرا مريضا أضافيًا، مرتعشا، هزيل في تطبيب ومعالجة أهداف القراءة، لمسار الفكر الحضاري في تناول أدواته النقدية القوية والتواصل والمبادهة في التوازن.

دفع تلك الخطابات الإتعاضية والنرجسية لذوي منطق "الانتكاسات المقررة" تدلو مبسملة في المكرر الزمنيّ والتاريخيّ للعقل، وتستلهم التشجيع في انخلاع الخطاب العقلاني من شروط ملائمته "للانتكاسات المؤقتة" في ترشيد التواصل، بل دعوة التراسبات لمشاركة سجالات ذوي “الهزائم الدائمة” ملاذها. بذلك أستوطن العزل والجهل والانطواء للرؤيا والاتجاه والانجاز في الخطاب الاستلابي، وأتسع التكاسل والتمارض فلسفيا. فأخذ يدبَّ الخمّول بفجوة الميادين العلمية والمعرفية والمحافل الفكرية النقدية حول مفهوم التواصل في بنية الخطاب العقلاني. وأخذت تتواثق العزوم في التحريمات العقلية الجدلية بأن تخلق ذاتها، والممنوعات التاريخية التي تخلق بيئتها، كما إنها أخذت تستنبط هذا الجوهر من الخطاب الديني باعتباره رسما تعبيرياً مغتربا فيه. لكنه لا يخضع ما يستنبط منه إلى نقد مادي صارم، الأمر الذي يدعو الخطاب إلى نظرته الانعزالية السكونية للفكر الانساني، بأملاءات نصية، وشكل معاني تعظيم الترميز القمعيّ، لمحسوس الخطاب الرغبويّ والتأملي والشعوري، فزج التساقط للسقوف المزيفة حيال الكلمات والاشكال التنويرية، إحداها بأنفعالية تشكيكة علمانية، واخرى تكفيرية دينية. لتلويث عمل مرجعية مخيالة ذهنية الفكر العربي-الانساني، ووعيّ ارادته بنهوض شفافية نقدية صارمة تنتقد مفاسد الواقع وتاريخية منهج المزيف بالخطاب المقدس، والتحذير من هاوية البدائل.

مما عادت التجربة تؤكد وصفها الانطباعي في الدوامة التعسفية في فصل الفاعلية الخلاقة في أنتاج وسائل العقلانية بالتغيير في سيرورتها التاريخية. دون العمد إلى إجراء نوع الفحوصات عن طبيعة الفصل التعسفي للجانب العملي والجانب النظري ودراسة علاقة وحدتهما الجدلية والتاريخية. على الممارسة الهادفة إلى تغيير الخطاب إلى الممكن المتصور، أي تحويل الممكن المتصور إلى واقع، وإلى الفكر الانساني. بذلك يدخل العقل في التغيير ونقده. وبذلك يخلق الفكر النقدي الادبي العربي بيئته على شاكلته ومثاله، مغيراً نفسه في هذا السياق. فليس النص سوى هذه السيرورة العقلانية للخطاب، بخلقه المعنى لذاته في سياق خلقه بيئيه التفسير للدلالة، إنه ليس خطابا مطلقا مغلقا، يتطور بفضل تناقضاته الداخلية فحسب، كما تصور البعض لذوي الانتكاسات العقلانية بل سعة من سرعة النوابض المعرفية المختلفه والمتنوعة، في التشكيل والبناء الادراكي في الاختزال والتهافت مابين السكونية والجدلية في قواسم التخطيّ والعمق لمعايير العجز المبكر والنقد المتأخر، في مجمل الخطابات للفاعليات العقلانية "الابداعية" للمفكر واللامفكر بالنقد الادبي العربي .

هذا من جهة. ومن جهة أخرى، حين ينظر النقاد إلى العمل الروائي للمبدع حيدر حيدر على أنه كومة متراكمة من التنكيلات للذين يتهافتون في عمـقٍ ونمـطٍ واحدٍ (الدين ،الايديولوجيا ، المقدس) يتكرر في كل مرحلة، وكأن النص السردي اجتمع بهم سماءً وأرضاً. فإن المبدع حيدر حيدر اعتبر جوهر عمله يشتمل على علاقات انسانية - اجتماعية يفترقان بالايديولوجيا المقدسة، أي اعتبرها مجمل الفاعليات العقلانية الابداعية التي تقوم بينها علائق اجتماعية-سياسية بالموارثة هي نتاج أغترابات موضوعية. تناول سردياتها بالافراد، بأنهم في اطار دورة تراكم حياة سحيقة من ولادتهم ومرحلة نموهم فتطورهم ثم إِسقاطاتهم فموتهم، ضمن علائق الاستلابات الاجتماعية والتشيؤات السياسية، والخلخلة الموضوعية القائمة بينهم. وهذا البناء المنفلت، هو الذي ينظم حظوة ممارساتهم بالقطيعة، التي تعمل بدورها على تغيير وتطوير منهجه بالنقدية العقلانية في الخطاب. إن البطل المنهجي، ليس مجرد خطاب تجريدي معزول ومكون مسبقا، بمعزل عن خطاب الأفراد الآخرين في سردياتهم وعن بيئتهم الإنسانية. إنهـم فاعلية اجتماعية واقعية/أفتراضية، شارك فيها الحدث التاريخي وأدواته الانسانية، جمعت تناغمها بين تجربة العراق والجزائر، ضمنتها شبكة من العلائق الاجتماعية الموضوعية والاخلاقيات الموروثة المستلبة ضمنا باللاشعور النصيّ. هذا بالضبط هو أستنطاق تجارب لاشعورية بقراءة الخلق الاجتماعي-الثوري والسياسي أيديولوجيا. إن الجوهر الإنساني جاء بسرد روائي يمثل عمومية صماء تتكرر بصورة مملة في كل مرحلة سياسية أجتماعية بمعزل عن الآخر وعالم عقله الموضوعي. كما جاءت في دراسة الباحث مشيرا بها الى:

(... هذا الفصل من الرواية، هو إبداع فكري من لدن حيدر حيدر، وموقف مثقف يدين حالة قمع السلطات العربية أبنائها خصوصا، هو لم يعين نظاما عربيا محددا ـ رغم إن دلائل التوصيف والزمن تنطبق على السلطات العراقية المتعاقبة. ومن على شاكلتها من سلطات القمع والشمولية التوجه والممارسة، والتي أطلق عليهـا اسما رمزيا هو "عبيد الله بن أبي ضبيعة الكلبي". وهذه التسمية يشتقها من مدلولاتها اللغوية والتاريخية، ليدين بها "الحكام العرب" ممن تنطبق عليه هذه المواصفات. فالاسم الأول، يمكن تأويل اشتقاقة من مسار المنظور التاريخي للقمع /عبيد الله بن زياد بن أبيه" كتأكيد لحالة القمع بالتناسل من الأجداد للأحفاد، منذ قيام "كيان الدولة الأموية" حتى العصر الحالي، كسلطة قهر. ثم الاسم الثاني "بن أبي ضبيعة" لتأكيد حالة الإستشراس الحيوانية التي تولدت من "السلطة" وتثبيت وحشيتها، حيث "ضبيعة" تصغير لأنثى "الضبع" الذي يعيش على جيف الفرائس، وهنا يلحظ دلالات الصفة المنبوذة بهذه التسمية. ثم الاسم الثالث "الكلبي" وهو نسب للكلاب، يختتم به حيدر حيدر هذه التسمية، والأمر لا يحتاج إلى تأويل، وعلى أساس من هذا النعت المرمز، يحلل شخصيات الحكام العرب، وعلى أساس حوادث التاريخ الخارجية والداخلية، ليثبت عجزهم عن فهم حركة الواقع أولا، وعن عجزهم المطلق بالتصدي للأعداء، وعن مدى وساختهم الإنسانية "في ذلك الزمن الغريب، الخارج بلا معقوليته عن تقاويم الفصول) .

كما إن حيدر حيدر يستنبط هذا الجوهر من الدين باعتبار الدين تعبيراً مغتربا عنه. ولا يخضع ما يستنبطه إلى نقد مادي صارم، الأمر الذي يقوده إلى نظرته الانعزالية السكونية للبطل المنهجي. لذلك يغفل أحيانا النص الروائي حقيقة أن الشعور الديني، الذي يعتبره بمعطى أوليا من خلال بعض الموروثات الفلكلورية والاهازيج، هو ناتج اجتماعي بين الفطرة-الايمانية والمحيط -الظرفي من جهة، والالوهية-الاصلاحية والحرية-العدلية من جهة ثانية في خطابه الوظيفي كما في

(…...وبغية ربط الأحداث فيما بينها ـ مكانيا ونفسيا، يلجأ الكاتب لتوظـيف الفولكلور الديني ـ كمقدس ـ تؤمن به العشيرة، التي انفلت منها هذا الجنين المشاكس" أخته ـ ترفع القرآن بيد وباليد الاخرى صحنا من الطحين، على الكتاب المطهر يضع راحة كفه ثم يعبر بخشية وجلال، منحنيا بقامته ورأسه تحت قوس الطحين، تمتمات وأدعية تنطلق من أعماق السلالة التي تودع طفلها. أقسم بهذا المقدس وبهذه النعمة أن أكون وفيا، وألا أنسى في الغربة البعيدة رائحة البيت والأرض والخبز وصلوات الأجداد. والحليب والدم وصرخة الحسين وهو يذبح بسيف الشمر" (ص16).

ولعله من الدال في هذا يؤكده معلقا الباحث برفقة أستشهادة للنص في اداة عمل تحقيق معارف المقاصد الخطابية عندما أستبق اللفظ (الدال) على المعنى (المدلولات) في النص، وتاريخية حروفها وعيها اللاشعوري في خلفيتها المتجددة وما أتيح في مظهرها السلوكي للعقيدة الدينية، وجعلها جوهرا فكريا متجددا في العقدية الاجتماعية في السياق الكلامي على أعتبار أنها قائمة بذاتها مدلولا في صياغة تحليل مظاهر آليتها المتصلة وأسناد موضوع/لفظ/معنى/نقديتها البلاغية الايديولوجية، وباعثة خلفيات سماتها في السوق الكلامي المعلن في أعتماد البيان الدائري للكلامية ومأثرها البلاغية في الصيغة والمفاهيمية بسوغها المرجعي والصراعي، حين أنشأها بالتوضبح في تقديم المعنى على اللفظ كدليل معنى موجه الى المخاطب لما يقتضيه الفهم المرسخ في اللفظ، ليشرع بتعريف المفهوم بأنشداد في الحجة الجامعة، وجعلها مزينة بتقديم بيانها عند الاخر في أستدلالية قوله في الغائب الضمني للمعنى في تمييز اللفظ، وهذا لا يمنع من الوقوف عند حسن المعنى في تمميز المرموق اللفظي في علاء المعرفة ورسخ أبعاده في صحة الطباع وجودة السباك بحمل القصد الاستعمالي عليها، وان كان بداهة ايديولوجية ويشاغل الهاجس النقدي في القضايا الحاسمة في قيم الحداثة والتقليد للمراحل التاريخية والفلسفية والدينية والنقدية في تناول الرمز في المشاغل المعرفية للمقاربات والمقارنات في القراءة اللائقة للمصطلحات السردية بحسن الاداء للفظ والمعنى او مضمون العكس لكل منهما في البيئة المتمثلة بحسن الالزام النقدي حين أشار اليها بأنها:

(…تعويذات إيمانية فطر عليها الناس، شكلت ثوابت عقائدية في معتقداتهم الدينية، وهذه التميمة الفولكلورية "لا يفهم كنهها ومدلولها إلا من عاش في وسط تلك الأرياف الجنوبية من العراق، فهذه التميمة" هي أقوى قَسَمٍ يجترح عليه الماديون والمثاليون من أهل العراق، كي لا ينسوا تربـة هذا الوطن الذي سلبت منهم بالقوة والتواطئ والمكر. وهناك ثمة دلالة جاءت في ختام هذه التميمة هي: "عدم نسيان صرخة الحسين بن علي بن أبى طالب وهو يذبح بسيف الشمر" حيث أن هذا الإسقاط الديني الثوري ذو الجذور الشيعية، أراد الإبقاء على حالة المقاومة المستمرة ضد سيف الإرهاب السلطوي، وإن وصل الأمر إلى حالة الاستشهاد كما فعل الحسين ابن علي..)

فالبطل التجريدي المعزول الذي يستنبطه ينتمي إلى نمط معين من المجتمعات، هو النمط الاقطاعيّ العشائريّ (… للمرة الأولى ينفصل مهدي جواد عـن بيت القبيلة" (ص15). ذلك أن أعلى نقطة تصل إليها مادية الروائيّ، كما يستلهم الباحث د.خيرالله سعيد رموز الصورة والسرد ويحملهما تحليلا وفق المادية التأملية، التي لا تستوعب خطاب البطل المنهجي بوصفه فاعلية أبداعية محضة، بل هي تصوره الحالم للمجتمع المدني والثوري في جملة وصفية منبهة، مشيرا بها(…مهدي ـ بروليتاري النزعة، لا يملك سوى أفكاره وطموحاته، ومن ثم يضيف تعليقه قائلا ... وأمل، ضئيل في التأثير على هذا البيت، من خلال حبه المضمر والمكبوت لآسيا ـ فتاة الجيل الواعي ـ ….. وهو: مجرد مدرس خصوصي، وغريب ...)، أي حلمه بالمجتمع "الشيوعي-الطوباوي" المكوّن من التكافؤ في الفرص ووسائل المصادر الاستهلاكية والانتاجية والقيم القائمة، في ذاتها مع الموضوع، كما في (...كان هذا الفتى الحالم "يرى النجوم لامعة في ذلك الزمن، كما كان يسمع اصطخاب الموج وهو يسير مع مهيار الباهلي في أزقة بغداد المعتمة، ومن قلب الأهوار كان يتراءى الشعاع الوحيد والأخير الذي ينير هذه الظلمة"(ص136). اي المختلف الصراعي في طرفي المعادلة لمستويات تقدم الحلم و حقائق عن المحيط/المجتمع/الفرد/الإنسان، مما قاربه الباحث بماديته التأملية الى النظرية الكلية الجامعة بين اللسانيات الوضعية والذاتية المستغلة لكل معطيات النص من إدراك خصوصية النص الأدبي حين أشار الباحث في تنصيصه المبين ادناه عن مادية الروائي بالمادية التأملية للباحث وواقعها المرير التي انزلق بهما المجسد للسياق الأفتراضي/الواقعي في خضم هذا التنصيص، الذي سنتطرق اليه بالتحليل في الورشة رقم (17) بمزيد من التوضيح

الثورة الوطنية انتهت، والرجال صاروا في موقع السلطة والمسؤولية، وها نحن اللواتي قاتلن في الجبال والمدن نتحول الى الحدمات المنزلية. جميله بوحيرد تزوجت من محاميها وهاجرت معه. جميلة بوعزة دخلت في النسيان، أنا مع آلاف النساء صرن الى ما يشبه المومسات أو الزوجات الصامتات المطيعات للرجال. انتهى دورنا الاستثنائي فاستدرنا الى وظيفتنا الأساسية" وتضيف وهي توجه كلامها الى "مهدي جواد ـ : "كلانا شجرة مجتثة من جذورها ومرمية على سطح الارض، نحن مهزومان في موقع واحد جغرافيته متباعدة" (ص102).

وايضا في الصدد نفسه أخذ مبرر الشدّ والامساك في ذلك الحلم الطوباوي-الاستنساخي في النص الضمني للسرد والتشكيل في التناص الذي عين بنيته ووظيفته وأمكانية النمو في مسارات مختلفة، كما في

فصل الربيع لم تزهر اوراقه، وحالات الكآبة والسوداوية تلف أبطال الرواية، الباهلي ما زال موهوما بالثورة العالمية ويحلم بثوار خمسة من فصيلة ابي ذر الغفاري وعلي بن محمد وحمدان قرمط ليلهب هذه الدنيا العربية بالحرائق" واعترافات /فلة بوعناب/ توضح أن "ثورة المليون شهيد أغتالها العسكر والتجار في النهاية" ومهدي جواد، يحتضنه اليأس بدلا من أحضان اسيا الخضر، ويحاول الإنتحار، وتحت تلك الأراجيف الثورية الجوفاء يبرز السؤال: "نحن لسنا شيئا في هذا الوقت اللعين… لماذا لا نكف عن هذه الحماقات"؟ وبعد أن سجى الليل تحت سحر بونـة المطوق لشغاف القلب، أقبل من المدى الشرقي موج يحمل رائحة عبقة للوطن. على ذرى الموج لمعت أعشاب القلب التي ماتت" (ص 127).

ومن اللافت للنظر إن منهج الباحث ينطلق، بالنصّ السرديّ نحواختلاف دلالات المصطلح الواحد باختلاف التصورات الى تحليل بنيوي مصاغ من حقيقة الاغتراب الديني قبل الاغتراب الماركسي، أي من التقسيم التعسفي لعوالم النص إلى منظومتين في الصياغة، وهي الإشكالية التأويلية الدينية في فلسفة النص، والاخر في الإشكالية بحمل المدلاولات الذي ينطلق منها الاختلاف بالمفهوم الماركسي/الشيوعيّ/الثوريّ/العلماني في علمية التفسير. يتمثل بأرجاع التأويل/الرمز الديني إلى قاعدة أنتقائية تحليلية علمانية في المحتوى الظاهري للنص.

كون السياق التأويلي يتشاطر على نفسه بتناقضات تشكل نفسها بوصلة مستقلة في انتماءه، لا تفسر إلا بالشروخ والتناقضات الداخلية الكامنة في أصول هذه السياقات التاريخية نفسها. من ثم، المهمة الحقيقية هي فهم النص هذه تتطلب قاعدة تمارس التحليل بتناقضاتها وتفسيرها عمليا. فعند اسكتشاف أن نصوص الايديولوجيا التفسيرية هي سرّ بقاءها مقدسة، حينها تبرز مهمة تغيير العلائق القائمة في داخل مفاهييم نمط أنتاجها الايديولوجي نفسها. وإن التغيير الحقيقي لا يأتي نتيجة الإدراك النظري في الانتاج الفلسفي البحت للاغتراب الديني، وإنما نتيجة هدف الفعل العملي الراديكالي إلى تغيير الأساس المادي للاغتراب الديني وغيره في أنماط ادوات الاغتراب الخطاب العلماني. إذ كذلك، لا مفر من الذهاب إلى أن الدال الاغترابي السردي كـالمصطلح الواحد له مدلولات سردية ذات مدلولالات في اصطلاحية علميته المتعددة بتعدد النظريات وتطورالاجتهادات. ويقتضي هذا، إذا ما حصل التسليم بذلك، أن أي مصطلح من المصطلحات السردية لا يمكن أن نضع له مقابله المناسب ما لم نفهم جيدا، ونستوعب جيدا مدلوله داخل الإطار الموظف في نطاقه، في التقابل والتمثيل بين الاغتراب الديني والماركسي.

في حين اكتفى الروائي وحتى الباحث د. خيرالله سعيد بتأمل النص وعوالمه، بتأويل صفة الثواب والعقاب بين القضاء والقدر، في كثير من ملابسات الصورة السردية وتعاملاتها الرمزية مع الوعي الاجتماعي.

( .. هذه المرأة المجربة ذات التاريخ النضالي الطويل لم تكن خارج ثورات الجسد وفوران الروح عن الشريك أو العشيق. لأن عرق الحياة ما زال نابضا فيها، ورفاق النضال "جعلوها معبرا لشهواتهم ورميت هـي وتاريخها خارج نطاق السرب، وهي بسلوكها هذا تحاول الثأر لنفسها كشاهد على مرحلة، ومن زاوية أخرى، أراد حيدر حيدر، من رسم هذه الشخصية بهذا السلوك ليكشف زيف "النقاء الثوري" وعصمة الأخلاق، وتجاوز المحظور الديني عند فرسان السياسة في العالم العربي قاطبة، ثوري أو رجعي، ديني أو ملحد، ليؤكد حقيقة إنسانية متشكلة في بنية الانسان ذاته اسمها ـ وظائف الأعضاء ـ ومن ناحية أخرى يشير ـ بسلوك هذه المرأة ـ النموذج ـ الى اسباب السقوط الأخلاقي، فيدينه في هذا الكشف والذي لا يحتاج الى تأويل.

مسوغا الباحث بالوقوف عندها بأنها توظيف يضرب فيه التعددية المنهجية بجذورها في النص في سيماء المعنى الحكائي، الذي واكب على أرثنته واعتمد فيه الباحث من النص على منهجية السردية-الحكائية بشقيها الفلكلورية الاجتماعية والدينية من ناحية، ومن ناحية اخرى السيميائية، والتداولية ، والتعبيرية في المرجعية. وما يلفت النظر في هذا النص، الباحث أخذا بها أتباع القراءة الموازنة التي تتعامل مع الظاهر، بمنظور واقعية تحاذي العربية ومقاييسها في تصمم المعنى الدلالي، ليستمد تعليقه التأويلي بأنه يسير منضويا بالتناص للحقيقة الجمالية وهو يحاقبها بالسيمائية في تشييد (القيمة) على سياق الصواب، وفتح الإسهامات التي تقدم إضاءات جديدة ومفيدة حول (قيمة الاشارة/الرمز) في كيفيات المتن المحدد للقطيعة والتواصل بين المطلقات والتطوري في بنية الخطاب الدلالي – الوظيفي – السردي. كما به نهج القراءة الكلية للنظر إلى جميع العناصر والمستويات في تضافرها وتفاعلها ، النصي في بنية المعاني في التداول التناصي الجمالي، كما هو مبين ميدانيا في النص، مما حصل في أطر الجدولين (1)، (2)، المعلنتان في:

جدول رقم (1) إشكاليات الخِطاب العقليّ النقدي السيمولوجيا في المسار التوليّدي الدلاليّ لمكونات التناص عند الباحث د. خيرالله سعيد

أطار صياغة إشكاليات الخِطاب العقليّ النقدي:
داخلي-مضموني اللغة بالاهداف في الاشارة/ بنيوي بلاغة المعنى والتفسير في الدال/ المحتوى: افقي - عمودي المدلول

عناصر إشكاليات الخِطاب العقليّ النقدي:
الاستدلال: الاستقراء/مثالي، الاستنباط/واقعي، تراتبية الاستكشاف
التنوع والاتجاه: الماركسية، الرياضة التطبيقية، تطوري
الفرض الكوني للنص: مباشر وغير مباشر/عقلاني، حيوية/أنتظامية/ألية، أستيضاحي
المراتب التحليلية: المعنى، ظاهرة العلامة، التراتب بالمدلول والدلالة
التأويل: الدليل - بالدليل، الدليل – بالتأويل، التأويل – بالتأويل والدليل
أساليب ومنهج الاستكشاف: التدرج بالاتصال، تعديل النموذج/نزعة علمية/الانتظام، نقد العلمية في طور الانجاز/القطيعة تنحل منها وتتوالد بها


جدول رقم (2) إشكاليات الخِطاب العقليّ النقدي السيموتيقيا في مسار التوليّدي الدلاليّ لمكونات نصية عند الروائي حيد حيدر

أطار صياغة إشكاليات الخِطاب العقليّ النقدي:
خارجية اللغة بالرؤيا في الاشارة/محتوى بلاغة التأويل في الدال/بنيوي عمودي للمدلول

عناصر إشكاليات الخِطاب العقليّ النقدي:
الاستدلال: الاستنباط/مثالي، الاستقراء/واقعي، فوضوية الاستكشاف
التنوع والاتجاه: الكانتية، الرياضة المنطقية، ذرائعي
الفرض الكوني للنص: غير مباشر/أنفعالي، طاقة/الجهات/الدرجات، ميتافيزيقي
المراتب التحليلية: ظاهرة العلامة، المعنى، التراتب بالدلالة
التأويل: الدليل - بالتأويل، التأويل – بالتأويل، الدليل – بالدليل
أساليب ومنهج الاستكشاف: اقتطاعي، تغير النموذج/نزعة مثالية/ نقد الميتافيزيقية،أرتباط، نقد الميتافيزيقيا/ وارتباط مظاهر الانحلال والتنامي في المفاهيم

بيد أنه يحاول سرد تغييره كما هو موضح أفقيا- عموديا في الجدولين رقم (1)، (2)، لطرفيهما. إنها تخضع لمهمة جديدة للرؤية الفلسفية لسرد الرواية ولشخوصها، تلك التي ينادي بها الروائي. وهي مهمة لا تستلزمها المنظومة الأخلاقية والسياسية والثورية، وإنما المعرفة وعلمية خصائصها أيضاً، وبخاصة الصياغة المعرفية المتعلقة، بمفاهيم تنمية الخطاب العقلاني ومساره. فالخطاب العقلاني متناولا انسانيّا يشيّئُ أنتزاعه، ولا تنتجــه الممارسة التفسيرية الخجولة، إنما حصافة الجوهر الفعال من المفردات التي يعتزم اقتراحها لتحسن اقتراح كلمة معينة من وسط شبكة من الكلمات المتقاربة، قابل للاستثمار للدلالة على مصطلح قريب. وتوزيعـها يمكن أن يكون انتقاء عما تحملـه مجاورته الدلالة القريب، لتحليل السرد، وطبيعة العلاقات التي تنظم الوحدات المعجمية التحليلية المشتركة، لفهم المدلول الخاص بالمصطلح فهما دقيقا بتقدم اللغة وإمكانيات المهمة في الاستعمال، أي في سياق تشذيب اغتراب النص عن المركز ومحيطه، في سياق تغيير النص بقراءة مختلفه. فإذا نظرنا الى بنيوية النص وصياغته من حيث أنعكاس يحمله مدلولات تطابق التصور الذي ينطلق منه إلى البيئة الإنسانية بوصفها طبيعة مادية قائمة في جوهرها وسرها، وتعامل معها بنمط أنتاجها معرفيا، وضمن إطارا وضعيا وساهم في ترميز علائقها الانسانية المستلبة القائمة، وأغفل جوهر معناها على تواصل تولد المشكلات التاريخي لها، ومن ثم ينتج معرفة طلاسمية سطحية زائفة بصددها. فالموضوعية الحقة، تقضي بأن تؤثر على البطل المنهجي منخرطاً في تحقيق صراع بيئته الإنسانية، من أجل إنهاء اغترابها، وتأكيد ارتباك جوهرها الإنساني الحركي، ليس نظريا فقط على غرار السارد، وإنما عمليا أيضا، على غرار ذاكرته الثورية. وهو يصف المعرفة الموضوعية بهذا الانتماء وهذه الممارسة الإنتاجية للقيم الثورية، التي من أجلها ترعرع خطابه يدافع ويكافح، في سياق تغيير موضوع المعرفة الاجتماعية والتاريخية ونقدها. فنقده في المظاهر السياسية والاجتماعية هي من ضمن بلورة ومواكبة سياق طموحه لإنسانية المعرفة التي لا تقتصر على النظرية المعرفية وجدلها الفلسفي، وإنما ليتخطاها إلى موضوعها العلمي والمعرفي-الواقعي. فالأخير، ليس مجرد معطى قائماً في ذاته، كما هو حال الاصناف التحليلية. وإنما، هو أمتداد لـتحسين صفة الذات المفسرة لمضمون معرفته بتغير العلاقة بينه وبين أنجازات تلك الصفات، فيما يحظى السرد بمكانة متميزة، سواء تجلى من خلال الخطاب اليومي/ الصحفي/التاريخي/الأسطوري الأدبي، أو سواء محاولة ظهوره خلال المستوى اللفظي/الصوري/الحركي، فهي ظهور تعدد المقاربات لصفات الوظائف، وشرح سردياتها وتنوعها يمنح اختلافها معنى في التفسير والتأويل باختلاف مدارسها وخصائص تخصصها.


هارفارد



#إشبيليا_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباحث د. خيرالله سعيد، الخطاب العقلاني : المدخل البنيويّ وا ...
- الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي ...
- الباحث د.خيرالله سعيد، الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي ...
- مقترح الورش الدراسية: 1-36 ورشة عمل فكرية نقدية
- الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي ...
- الباحث د.خيرالله سعيد بين أنطولوجيا تقديس النص المكاني وقشع ...


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إشبيليا الجبوري - الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلي في نقد البطل المنهجي، الورشة 0 - 2