أولغا رودريغيز
الحوار المتمدن-العدد: 3880 - 2012 / 10 / 14 - 08:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ُمنحت جائزة نوبل للسلام هذا العام لاتحاد أوربي يسعى إلى تقليص حقوق أولية مثل الحق في التعليم و في الصحة العمومية، اتحاد أوربي يختار سياسات ُتسهم في تزايد الفقر و التفاوت الاجتماعي، و ]خنق بلدان أطرافه بإغراقها في الديون كي تسدد لدائنيها: البنوك الفرنسية و الألمانية أساسا.
تكافئ جائزة نوبل اتحادا أوربيا يحكم لصالح البنوك و السلطة المالية بخنق مستمر للناس: في اسبانيا بلغ معدل الفقر 26,4% - وهو الاعلى في الاتحاد الأوربي- فيما 10 من أغنى أرباب العمل في البورصة الاسبانية زادوا ثروتهم بنسبة 8% في العام 2011.
و في اليونان جرى الكف عن معالجة المصابين بالسرطان الذين فقدوا تغطيتهم الصحية ولم يعودوا قادرين عن مواجهة تكاليف الاستشفاء. و تزداد حالات أمراض من قبيل السل الرئوي. و تحد المستشفيات العمومية من التزويد بأدوية حيوية و ترفض معالجة الأشد فقرا.
هذا هو الثمن الذي يدفعه حاليا الناس كي تستعيد البنوك الأموال التي فقدت بسبب شراهتها المالية و تسيير عديم الذمة و فاقد للتوقع. انه ثمن مفروض من الاتحاد الأوربي.
ان جائزة نوبل تكافئ اتحادا أوربيا ينصب الجدران، و يضع حدوده في بلدان أخرى ، و يسجن أشخاصا لمجرد أنهم بلا أوراق ثبوتية، و يدعم أو يلزم الصمت إزاء عمليات عسكرية ُيقتل فيها مدنيون أبرياء، و يسيء معاملة مستعمراته السابقة مثل الصحراء الغربية أو يساند أنظمة قمعية عندما تخدم مصالحه الاقتصادية و الجيواستراتيجية.
لقد كان الاتحاد الأوربي حليف مصر حسني مبارك، و حافظ على علاقات جيدة مع الملكية المطلقة في السعودية، و مع دولة إسرائيل التي وقعت معها اتفاقا تفضيليا في الميدان التجاري.
عندما أعلنت إسرائيل عملية الرصاص المصبوب ضد غزة في 2008 لم يستدع أي من بلدان الاتحاد الأوربي سفيره من ذلك البلد، و لا جمد علاقاته التجارية مع تل أبيب رغم أن جيش إسرائيل قتل 1400 فلسطيني و قصف أربع مرات بالأقل مباني لمنظمة الأمم المتحدة.
لم يندد الاتحاد الأوربي قط بالهجمات الأمريكية بطائرات بلا ربان على باكستان- وهي هجمات قررها باراك أوباما الحاصل هو أيضا على جائزة نوبل، و التي قتلت 3000 شخص منهم العديد من المدنيين الأبرياء.
إن الاتحاد الأوربي متواطئ مع ما يسمى "الحرب ضد الإرهاب" التي ُتشن بضربات اغتيال خارج القضاء، من أجل القتل لا المحاكمة، ومن أجل القتل دون إثبات الجرم، من أجل القتل مع وجود احتمال سقوط ضحايا أبرياء. بعبارة أخرى: اغتيال مدنيين أبرياء.
لقد صفق الاتحاد الأوربي لاغتيال خارج القضاء تعرض له أسامة بن لادن و احد أبنائه و ثلاثة أشخاص آخرين. " هذا يجعل العالم أكثر أمانا"، هذا ما قال رئيس المجلس الأوربي و رئيس اللجنة الأوربية دوراو باروزو ، مضيف قمة الآزور في العام 2003 حيث استكملت الاستعدادات لغزو العراق. هل دوراو باروزو من سيتسلم بيديه جائزة نوبل؟
إن أفضل مؤشر لقياس جهود السلام هو سوق الأسلحة. في هذا المضمار ليس الاتحاد الأوربي متخلفا عن الركب، لا بل إنه أحد المصدرين الرئيسيين للسلاح في العالم. تتبوأ فرنسا و ألمانيا و المملكة المتحدة تباعا المرتبة الثالثة و الرابعة و الخامسة في الترتيب العالمي لقيمة صادرات السلاح التقليدي.
في العام 2011 باعت بلدان الاتحاد الأوربي أسلحة للبحرين و لمصر و المملكة السعودية ، في اللحظة ذاتها التي كانت تلك البلدان تقوم بحملات قمع ضد المتظاهرين المطالبين بالحرية و الخبز و العدالة الاجتماعية.
كما صدر الاتحاد الأوربي أسلحة إلى المكسيك و باكستان و كولومبيا و إسرائيل، هذه الدولة التي تمارس الفصل العنصري ضد الفلسطينيين و تحتل أرضهم و تنتهك على نحو منهجي قرارات الأمم المتحدة. و قد كان الاتحاد الأوربي المزود الرئيس لنظام ليبيا بالسلاح في السنوات الأخيرة.
وقد باعت ألمانيا و فرنسا و هولندا أسلحة لليونان بقيمة 1,3 مليار دولار في العام 2010 فيما صادقت أنجيلا ميركل على دعم بقيمة 22,4 مليار دولار بقصد "إنقاذ" اليونان مقابل اقتطاعات كبيرة من معاشات التقاعد ومن الاجور بالقطاع العام.
من مستحقي جائزة نوبل للسلام أمهات ساحة مايو بالأرجنتين اللائي كن مرشحات لها للمرة الخامسة . إن نضالهن، من أسفل، بلا أداة سوى آلامهن و تعطشهن إلى العدالة، مثال عن الصلابة و الثبات و يستحق أكبر اعتراف. لكن، جلي انه في هذا العالم حيث تتقنع النيوليبرالية بقناع التضامن، و حيث تخاض الحرب باسم السلام، لم يكن لجهود الاتحاد الأوربي الشاقة لصالح المضاربين منافس في المستوى.
على شبكات انترنت، يقول البعض ، بفكاهة مرة، إن جائزة نوبل للسلام لعام 2013 ستتنافس عليها الطائرات الأمريكية بلا ربان التي " تصنع السلام " في افغانستان و باكستان و قصف الحلف الأطلسي " الذي يأتي بالسلام". أو ربما سيفوز بها بنك، من يعلم؟
أولغا رودريغيز
المصدر
http://www.eldiario.es/zonacritica/Premio-Nobel-llama-Paz_6_57454261.html
نقله عن النص الفرنسي : المناضل-ة
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟