أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أمين نصر - صابرين............















المزيد.....

صابرين............


أحمد أمين نصر

الحوار المتمدن-العدد: 3875 - 2012 / 10 / 9 - 21:45
المحور: الادب والفن
    


صابرين............

في مدينتنا يأتي العيد الكبير كل مائة عام .
يضع النيل ابهي ملابسه، لا فيضان ولا نقصان، متمهل الجريان حاملا كل إنسان من الوافدين اليه حتي يستوون، فيأخذ بشراعهم البيضاء الي قلب البلاد.
يهرع الكهنة حتي يستقر الوجه الجديد علي قمة الهرم العتيد ثم يمسحون التراب و ملامح الزمن عن وجه أبي الهول ليضعوا النياشين و الأوسمه علي جسده المدافع و رأسه المفكر.
و ينته بقطار العيد، يحمل العبد و يطوف في البلاد.
“وقف الخلق ينظرون جميعا”، يألمون لبكائنا و يبتهجون لفرحنا ، ثم يتعجبون.

يثبت الحجر، و يهمس الشجر، و يتطلع القمر.
نتذكر الشقاء فيكون البكاء، و نرسم خطط السعاده و نؤمن عليها بالغناء ، و تكثر وعودنا بالعمل و نزيد من الأمل و الرجاء، نعانق الفجر الجديد وداعا للقيد و الحديد، نتشبث بالصباح رافضين الليل و الأشباح.
نفتح الكتاب و نقرأ.......“بإسم الأعوام المائه” أسرار القرون السابقه، لكل يوم صفحه ، ولكل سنة رواية، نرثي ابطالنا،من جاء منهم و من لم يصل، و نسقط من خان و من ضعف
إلي أن يبدأ الكهنة الكتاب الجديد.
نرسم ألوانا براقة، أطفالا تمرح و قوس قذح وسحابا و سماء، ونصلي للحريه .
يهلل الناس بنداء العيد ....“لا” .....ثم تنمو “الف لا” ......
الميدان !!! الميدان !!!!...!!! يتنادي الناس.......
الشوارع انهارا بشرية و حناجر مرئيه و عيون ناريه.
تلتف مليون “لا” لملايين لباسهم خيوط معاناة ، تشابكوا حين رفع كل منهم يداه ، وإلتحموا بالمكان ولحقوا بالزمان حتي وصل الجميع لمنتهاه.
يرتفع الصياح، فيرتعش صاحب ميزان العدل المقلوب و تخور الإماره ، فيعطي الإشاره و فارق مأمور السجون الحياه فدارت مفاتيح الابواب، وفر الهاربون يحملون قيودهم و إختفي رجال الدرك في حواري المدينه الضيقه و بدأت الحريقه الكبري..
وصلت الجرزان بلباس الفرسان و لا يعرف أحد من حملهم أو من أي مكان حتي مركز الميدان ، فكانت الدماء، ثم البكاء و خجل الإنسان و إرتعش الزمان.
شهق الناس جميعا شهقة غاب زفيرها و توقفت الحياة، حركوا أصابعهم بالدعاء كالمصلوب قبل أن تتحرر روحه و عيونهم لا تري إلا العيد نصرا و كان صبر ساعة و تشهد الدنيا و يسطرالقلم و ينطلق النغم.

وعلي عجل، إصطف طاقم الحكام فأدي الناس التحيه وألقوا السلام وهابوا أن يسقط المعبد فسكتوا عن الكلام، و إنتهي
الشوط الأول دون إتمام، ورأي الناس الحلم حقيقة و كأنهم نيام.


الشوط الأخير .........


القطار !!! القطار !!! أبواق زعقت .
يبدأ في الميدان و يلف البلدان، عربات بكل الألوان.
حكم كبير الكهان وعلي مهل إصطف باقي الحكام.
قاطرة قديمة ، جند متشابهون، يحملون الوقود، ليل و شهود، و فعل مشهود، سكك و محولات ، ماء و نار و بخار و صفاره إنذار.
وأولي عربات القطار، نوافذ حديديه، قاض و محكمة، وأغلال ، تحمل الوجه المخلوع و بقايا جدار لبيت منهار، و صندوق أسود و ترليون دولار، تابوت مرصع بالأوسمة و الأحجار و إزميل و حفار و صور لباقي الأشرار.
ظهر الحششاشون ، و تلاهم المهرجون أصحاب الدم الخفيف فوقفوا علي الرصيف ، نكات فضحك فتخاريف، و مر عليهم أصحاب القدور بالفول و القدر المقدور.
وصل عم صابر ، صاحب الخمسون عاما، متأخرا من بلاد بعيده . ركبوا جميعا البحر ثم النهر، فهبطوا الوادي و أخذوا يتحسسون خطاهم ببن البشر ولما وصلوا للميدان الكبير حطوا الرحال و خلعوا النعال و قبلوا الأرض ساجدين وإلتقت دموعهم قائمين و احتضنت أم العيال أمينه إبنتها الصغيرة صابرين ذات السبعة أعوام و أخرج عم صابر كتيب جدته خلود بيمينه و ضم إبنه نوح إلي صدره.
رتل عم صابر كلمات العيد و تحلق الناس حولهم مرددين، منشدين و صائحين يحاكون الارض و يغازلون السماء.
بسم العدل، بسم اليوم والأمس و روح الغد، بسم كل الأسماء التي حفظها آدم، بسم الجبل الذي إهتز حبا للحق، بسم العيد و كتابه والذي سبق، بسم من مات و من ولد و من عاش حتي يلمس السماء البعيده، بسم من غرس أرجله في الطين و إخضرت الأرض بكده المتين، بسم من أضاء الليل و صنع الطحين، بسم من حارب الداء و الأعداء و كان للوادي فداء.
وجوه في كتاب، رسائل و حساب، شارك ، علق أو تملق، إلتقت الوجوه في الميدان، و صافح نوح باقي الصبيان، وغنوا جميعا “ الجدع جدع و الجبان جبان”.
النوحيون الجدد و كل من طواهم النسيان تقدموا الصفوف و رفعوا الكفوف ، أعلام حائره ، تتمايل في الفضاء،و تقسم علي البقاء.
سقط صريعا ، من كان فقيرا يحلم بعيش حاف و كوخ و لحاف، عيون طاهرة و خراطيش الپاشا غادره، عفة و كشوف بأياد عاهره، كنائس محروقه و قلوب هادره.
عربات قطار برتقالية، وأخري حمراء، وكثير منها صفراء، و شعارات براقه لبيع و شراء، و يقسم من عاش لمن مات بحفظ الأسماء فتضيع حروفا عرجاء فوق كراسي صماء و يسمع الفريد نوبِل صوت النساء، جوائز بلهاء و بضعة أسماء، ضجة و غوغاء، صور براقة و أضواء.

قبةٌٌ.. تتلوها قبةٌ أخري.... فوق عربة و عربه، كلمات من سوق النخاسه،و خطب عن الطهارة و النجاسه، و خيانة و شراسة، وهيصة و هيافة.عربات بلا نوافذ

عربات قطار خضراء ، تتلوها أخري سوداء.
كتاب و سيوف لامعة ،نصلهاللوراء ، معلقة في الهواء، يسيرون في كل إتجاه إلا الأمام ومع ذلك يصلون حتي المقام.
عائدون من خط النار إلي خطوط النار ،ذبحوا عشتار و في الشام يشنق النهار، من قندهار حتي الخازندار ومن هزيمة العار إلي حروب طاحنة و إندثار ، من سيناء الي مكه ، يقودها قائم عكه، مناديا أن بدلوا ما يتلي عليكم فبدلوه وولوهم الادبار ثم أصبحوا علي مافعلوا غير نادمين ، وهللوا مكبْرين.

النهايه.............
ياأبتي.....“اركب معنا” قطار العيد، عرباتنا فضفاضه قوة و حديد، أقسمنا ألا ننام و ميثاقا أغلظ من صاحب الجند و الحكام، و ُحكماً من حافظ القانون و الكلام.
“أوقفوا القطار” إنها الهاويه، و ما أدراك ماهيه، بيوت واهيه، عقول لاهيه، بطون خاويه، كتب خاليه ،و بدون أية ماهيه مائة عام ثانيه،،،، صاح عم صابر.

فصل لم يكتب بعد.........!
أيها العائدون من الميدان لاتخجلوا فشهداءكم أخيار الزمان حين نصبت المشانق هدية العيد من الكهان، و إفتحوا العيون و اهمسوا ولا تنظروا للوراء فصباحكم عمل و مسائكم عيد، و أحلامكم أمل.

خرجت صابرين من الميدان و معها كل فقراء المدينه و تبعهم عم صابر و أمينه، أخذوا قاربهم الي قريتهم القديمه وحملهم وجه النيل الحزين، و دفعتهم الرياح البطيئه.
“طال العيد يا بنيتي سنوات، و علا الزمن بك درجات” قالها مداعبا صابرين، مناولا إياها كتيب الجده خلود.
و بدأ كُتْاب القرية في العمل.
تحكي صابرين ، باسم القريه، ويردد الصغار من حولها نشيد الصباح،
بدأ كل أبناء القريه و عم صابر ، ارض.... مياه و حقول ... مزارع و حبوب، مصانع و مدارس ، جوامع و كنائس صباحا و في الغروب صفحات كتاب وإنجيل و قرآن و حكايات أخر عيد للكهان.



#أحمد_أمين_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من القلب في وادي النيل إلي القلب و قلوب وادي الشام


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أمين نصر - صابرين............