أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل رمضان - المؤذن القاتل














المزيد.....

المؤذن القاتل


اسماعيل رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 3868 - 2012 / 10 / 2 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


امتزج الرأس بالوسادة وتقلب مرات ومرات ولم يعد معروفا الرأس فوق الوسادة ام الوسادة فوق الرأس من النعاس, واستقرت في الرأس مزيد من اليقظة وضاعت المسافة بينهما
وتلاشى الإحساس بالحلم وتزاحمت الأفكار في أرجاء الغرفة التي يتسرب إليها أكثر من شعاع ضوء.
وفقد النائم إحساسه واختلط عليه الأمر ولم يعد إدراكه واعيا, هل هو في حلم او علم وبين الغفوة والارتخاء قاربت ساعة الفجر على الوصول, وخدر يمتد إلى الجسم والتعب أخد منه كل طاقة, وبات في حالة من الإعياء وكأنه مشدود من أحلام لم يتمكن من الولوج إليها ومن يقظة لم تعد قائمة بعد انتظار غفوة.
ضج صوت المؤذن وكأنه سوط غليظ طويل وقاسي ومشدود يجلد بقسوة أحلام النائمين ويعلن بكل قوه وجبروت سلطة الدين" الصلاة خير من النوم حي على الفلاح"
نهض من يقظته او من حلمه وعاد إلى الوسادة وتحسس رأسه ووجد انه ما زال نائما وعاد في فكره ولم يكن فكرا, إنما خاطرة سريعة كما البرق مرت من جنبات الوسادة ولامست أجزاء من وعيه وشتاته المنثور في أطراف الغرفة وأوحت اليه انه في زمن بلال والرسول والآذان كان اليوم ينتهي باكرا والاستيقاظ يكون باكرا, فلا انترنت ولا كهرباء ولا أشغال ولا مدارس ولا مكاتب ولا مصانع, وعندما يحين آذان الفجر يكون البشر اخذوا كفايتهم من النوم
ولكنه اعاد بصوت وقوه اكبر ومستعين بأكبر قدر من قوه التضخيم التي تمنحها الآلات الحديثة, فات الصوت بل المؤذن بأكمله في أذن النائم أو من يحاول النوم.
دخل الجامع بأكمله الى الغرفة الصغيرة مع كل الآلات والضجيج وفقد الجامع خشوعه وكان كمن يتحدث بصوت ضخم وكأنه نيرون ويقول اين أنت يا نائم؟ كيف تنام وحان وقت الأذان والصلاة ؟ وهل أنا وحدي مجبر رغم راتبي الصغير ان انتقل من بيتي الى الجامع لأجل الآذان؟ على الجميع الاستيقاظ: أفيقوا والا أفيقوا والا, وكأن المؤذن يشتم وهو يحاكي النائمين "استيقظوا"
أفاق النائم من هذه الهلوسات وحرك قدميه الخدرتين وتحرك فيه غرفته وهو في شبه غيبوبة
انتقل الى الصالة والمطبخ, ويرتطم جسمه بالأشياء ولكنه لا يقوى على الحركة المتزنة
حتي وصل المطبخ وانهار جسده على عمود فانكسر العمود وسقط في صدره وانغرست شظية ضخمه من خشب معلق شقت جسمه نصفين وسالت الدماء وملأت ارض المطبخ
واستيقظت فكرة في نزاع الموت وكانت آخر اللحظات وكأنها رؤية او وحي اين القصاص؟ "ولكم في القصاص عبرة", وخطرت في باله فكرة الانتقام والقاتل يقتل والبادئ اظلم والعين بالعين والسن بالسن والنفس بالنفس, أزاح الموت جانبا وتركه في ركن في زاوية الغرفة
وتيقن انه ما زال نائما في سريره وانه في هذه اللحظة فقط استيقظ, ذهب مباشرة الى درج في الخزانة واخرج مسدسا صدئا, وذهب إلى الحمام توضأ وصار مسرعا الى الجامع القريب وفي رأسه فكرة واحدة هي قتل المؤذن روحا بروح ونفسا بنفس وجسدا بجسد.
وجد الكثير من الناس في باحة وداخل الجامع والكثير منهم مسنين يتجمعون وينتظرون إقامة الصلاة, محاولين إبعاد آثار النعاس عن جفونهم, وليسوا في رضا تام عن المؤذن الذي كان أشدهم استيقاظا وكأنه يحمل سوطا في صوته ويشعرهم بالتميز والزهو.
لم التفت يسارا ولا يمينا ومن فوري توجهت إلى صحن الجامع وأطلقت الرصاص على فم المؤذن في فمه وخر صريعا, وتساقطت أسنانه جميعها وانبعث من فمه رائحة كريهة
وكأنه لم يتوضأ منذ دهر.
استغرب المصلون وهاجوا قليلا واقتربوا من الجثمان وفي عيونهم دهشة وسؤالا: الا تكون رائحة جسد الشهيد عطرة؟ وهنا الرائحة كريحه وتزكم الأنوف.
ولاموني بعيونهم وقالوا: لا تزول السلطة بالقتل والاغتيال, ولا السطوة بالعمل الفردي, اخرج من هذا المسجد ولا نريدك بيننا في هذا المشهد, ونحن ادري كجمهور مصلين بمعالجة السطوة. ونعرف في ركن المسجد حزمه من المكانس احضروها من الركن وقاموا بكنس جسد المؤذن الذي تهالك لمجرد اجتماعهم وتفتت وكان نثار كنسوه إلى الخارج وعم سكون وعاد المصلون جميعهم إلى البيوت وناموا نوما عميقا وعلى شفاههم ابتسامه وإشراق ويحلمون بغد ليس فيه سطوة دين او فكر او اي نوع كان ولاح الصباح واستيقظ النائم وذهبت أفكاره مع صوت العصافير.



#اسماعيل_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتح وصحوة الصفعة
- تعبير بلا حرية ديمقراطية بلا دمقرووط
- نوسترادموس يتنبأ بقيام الدولة الفلسطينية
- سياسة بلا أخلاق وأخلاق السياسة
- حماس بلا لباس
- الجبهة الشعبية اصالة تحتاج الى تجديد لفراغ يبحث عن امتلاء


المزيد.....




- بوتين: روسيا تحمل الثقافة الأوروبية التقليدية
- مصادر تفنّد للجزيرة الرواية الإسرائيلية لتبرير مجزرة النصيرا ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر تردد القن ...
- أحلى مجموعة حلقات Tom & Jerry .. تردد قناة توم وجيري للاطفال ...
- “بجودة HD” شاهد الان مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 164 مترجمة با ...
- خبير عسكري: عمليات المقاومة بغزة أشبه بفيلم سينمائي كتب بإتق ...
- شاهد الأن.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 28 مترجمة عبر قن ...
- قصة مارسيلين لوو الفنانة التي قرّرت البقاء في السودان
- القبض على نجل فنان مصري مشهور بسبب إسرائيل
- لم يقدر على فراقها..فنان فرنسي شهير يموت بعد ساعات من وفاة ز ...


المزيد.....

- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل رمضان - المؤذن القاتل