أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جمعة عبدون السمالوسي - الحمرة الغائبة














المزيد.....

الحمرة الغائبة


محمد جمعة عبدون السمالوسي

الحوار المتمدن-العدد: 3866 - 2012 / 9 / 30 - 23:06
المحور: الادب والفن
    



o لحُمْرَةُ الغائبة
قال جالينوس: "الحمرة حادثة عن الخجل" ، والخجل يختلف عن الحياء ، فالخجل ينتج عن إحراج من شئ أو فعل أو أي موقف وأثره يظهر على الوجه ، بينما الحياء صفة تردع قلب الإنسان الصالح عن اجترام المحارم والمكاره. والبعض يستخدم الخجل بمعنى الحياء، والحياء بمعنى الخجل.
مما لاشك فيه أن خلق الحياء هو أرقى الأخلاق الحميدة التي حثَّ عليها ديننا الحنيف ، كما أنه قرن الإيمان ، فقد ورد في صحيح البخاري: أن النبي رأى رجلا يعاتب أخاه في الحياء فقال عليه الصلاة والسلام:(دعه فإن الحياء من الإيمان)، وقال الفاروق رضي الله عنه: (من استحيا اختفى، ومن اختفى اتقى، ومن اتقى وقي) ، ومن أعظم درجات الحياء ، الحياء من الله بعدم التجرَّأ على معصيته سواءً بالقول أو الفعل أو الخاطر ، وهذا يتولد من إدراك العبد عظمة ربه ونعمه التي لا تحصى يقول الجنيد رحمة الله عليه: (الحياء رؤية النعم ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء).
ومن عظيم الألم أن هذا الخلق العظيم بدأ يتلاشى ويضمحل شيئًا فشيئًا في مجتمعاتنا فلم يعد هناك يوسف الصديق ولا فاطمة الزهراء إلا ما رحم ربي ، يوسف الذي تهيأت له امرأة العزيز وراودته عن نفسه فقال لها: ("مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) . وفاطمة التي أتت تعثر في مِرْطها من شدة الخجل عندما علمت بخطبة علي لها.
قلّ في مجتمعنا البنت التي تذوب من الحياء ، وتقطر وجنتيها بحور من الدماء ، وخلعُ ثوب الحياء في عصري يذكرني بقول شاعرنا العظيم الذي له من اسمه حظ، يقول الأعظمي: ( الله أكبر إن الناس قد خلعوا ** ثوب الحياء وصاروا اليوم كالحُمُرِ ) ، كما قلَّ أيضًا من يقال فيهن: هُنَّ أَهْلُ البَها وأَهْلُ الحَياءِ قَاطِنَاتٌ دورَ البَلاطِ كِرَامٌ) كما قال ابن ربيعة.

وظاهرة خلع أردية الحياء شملت الجميع رجالا ونساء ، فمن الشباب من أصبح همه توافه الأمور ، فهمه الحديث مع بنت عن طريق الوسائل المختلفة ، وحديثه تافه خالي من الإضافة المعرفية أو المناقشات الثرية التي تضفي نوعًا من التعارف البراجماتي القائم على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة بل حديثه عن الأغاني والكلمات النابية ......إلى آخره من الترَّهات المعروفة. كما أن لباسه ليس فيه أي حياء فبنطاله ساقط حتى أن ملابسه الداخلية تظهر، والمحزن عندما تكلمه في هذا الأمر فيجيبك بجواب بارد( موضة يا بوب) ، وعندما تناقشه في موضته وبلغته يقول لك:(ابقى خدنا على جناحك).
والشئ بالشئ يذكر لي صاحب تونسي تعرفت عليه عن طريق "الفيس بوك" أخبرني أن الشخص السوي عندهم هو الذي يشتم ويتسفه ويجالس البنات ويشرب الدخان ويشاهد الإباحيات... ولأنَّه يختلف عنهم ولا يعجبه سلوكهم اتهموه بالتعقد والرجعية والتخلف ، مما أدي إلى اكتئابه وفقدانه للثقة بالنفس. كما أن من الشباب من يعلق في عنقه سلسة كال.....
وأما لباس البنات لا أزيد فيه فالكل يرى ويشاهد ، ولكن يلح في نفسي سؤال أودُّ منذ زمنٍ طرحه. أيتها المتبرجة يا من قد نسيت أن تلبسي قبل أن تخرجي لمن تلبسين وتتزينين وتتعطرين هل لزوجٍ عفيف أم لخاطب شريف؟!! لو أقنعتني أيُّ متبرجة بسبب واحد سأكون أول المعتذرين لها في الوقت والمكان الذي تريده! فلو قلتِ لي حرية أن ألبس ما أريد؟! فأقول لك: أختي الكريمة أنا أؤمن بالحرية ولكن الحرية المسئولة التي لا تضر ، فحريتك أن تشربي عصير مانجو أو برتقال فلن يعترض أحد على شرابك ؛لأنه لن يضر ، ولكن لباسك هذا يضر كل من ينظر إليك. فلو قلتِ لي أليس للناظر إرادة؟! فأقول لك: وأين إرادتك في عدم لبس هذا. فإن قلتِ حريتي أن ألبس ،فالناظر سيقول لك: وأنا حريتي أن أنظر وأعاكس... أختنا الكريمة أهمس في أذنك كلمات لك من أخ يحب لك الخير. الكثير من الشباب حتى قليل الحياء (الصايع المنحرف) عندما تكلمه في زواجٍ يقل لك: أريد بنتًا صالحة والمتبرجات التي أعرفهن لا يصلحن أمهات.
أختي إذا كان هذا رأي شاب منحرف فما بالك برأي شاب صالح... أرجو أن تراجعي نفسك. وأختم لك بهذه الأبيات للشاعر على الجارم: ( واجعَلِي شِيمةَ الْحَيَاءِ خِماراً ** فَهْوَ بِالْغَادة الكَريمةِ أَوْلَى ) ( ليس لِلْبِنْت في السَّعادة حَظٌّ ** إِن تَنَاءَى الحياءُ عَنْها ووَلَّى )0 ( والْبَسِي مِنْ عَفَاف نَفْسِكِ ثوْباً ** كلُّ ثوبٍ سِوَاه يَفْنَى ويَبْلَى ).

الأمور ولايتبذَّئ فهو ليس بمبدع. وكأن الدنيا ضاقت والإبداع أصبح محصورًا فيما يرونه متناسين أن السمين يبقى والغث يتلاشى. ولا يدركوا أن دعوتنا إلى أخلاقية الأدب والوقوف ضد دعوة ومنهج أصحاب الفن للفن هو من أجل أن لنا دينًا وشرعًا يحكمنا ، وأن الأدب الراقى هو من يثير المشاعر النظيفة لا المريضة ، وأن الله هو من سيسأل ذلك الأديب وذلك الناقد عن رؤاه وطرحه؛لأن من يؤيد الفصل يشجع بذلك الكاتب على التّأَبُح وأنه على صواب ؛لأن ذلك الكاتب إذا علم بأنه غير مرغوب في منهجه وطريقة كتابته بالتأكيد سيتوقف أما نبين له أن هذا إبداعًا فتلك بلية. وأيُّ إبداعًا ذلك الذي يكتب عن العلاقات الفطرية بين الرجل والمرأة ،ألا يعلم أنه بذلك يجعل المخلوقات الأخرى تضحك علينا؛ كالكلاب والقرود؛لأنهم يعلمون تلك الأمور. الولد يخرج من بطن أمه ويلتقم ثيديها بفطرة هكذا العلاقة فطرة ومغروثة في كل المخلوقات. وهذا سؤال لمن يؤيدون الفصل. منهج الفن للفن منهج من نواتج العلمانية. والدعوة إلى أخلاقية الأدب منهج بالأساس إسلامي بإلاضافة إلى الإرهاصات الأولى التي بدت عند أرسطو وبعض الكتاب الغربيين. نحن عندنا من يدعون إلى تكريس الفصل ومتأثرين في ذلك بالمناهج الغربية إذن أريد منكم أن تأتوا لي بكاتب غربي يدعو إلى أخلاقية الأدب بإرجاعها إلى أنها دعوة إسلامية؟!
وهذا غيض من فيض، ومحاولة لتصوير المرض المستشري في مجتمعنا وفي نواحي حياتنا المختلفة .... ونسأل الله إصلاح الحال.
محمد جمعة عبدون السمالوسي



#محمد_جمعة_عبدون_السمالوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-
- تمثال من الخبز طوله متران.. فنان يحوّل ظاهرةً على الإنترنت إ ...
- مسك الختام.. أناقة المشاهير في حفل اختتام مهرجان الجونة السي ...
- ايران تحرز ميداليتين ذهبيتين في الفنون القتالية ببطولة آسيا ...
- فلسفة الذكاء الاصطناعي.. الوعي بين الفكرة والآلة
- أحمد مالك أول مصري يفوز بجائزة أفضل ممثل في -الجونة السينمائ ...
- حيدر التميمي عن الاستشراق والترجمة في فهم الفكر العقدي الإسل ...
- توقف عن التسويف فورا.. 12 كتابا تكشف علاقة الانضباط بالنجاح ...
- فيلم -ضع يدك على روحك وامشِ- يفوز بجائزة في ختام الدورة الـ8 ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جمعة عبدون السمالوسي - الحمرة الغائبة