هل أوروبا تحتضر ؟

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية
(Hichem Karoui)

الحوار المتمدن-العدد: 1123 - 2005 / 2 / 28 - 08:57
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

تيارات
العرب . باريس 2/24/2005

في الوقت الذي يؤدي فيه الرئيس بوش زيارته الى أوروبا, تنشر "أمريكان ثينكر" - المفكر الأمريكي - , أو بالأحرى تعيد نشر "رسالة مفتوحة الى أوروبا" كان كتبها السيد هربرت إ. ماير منذ شهر نوفمبر 2004, تبدأ بالتحية ثم توجيه السؤال :
"أأنتم حمقى ؟" ويعتذر الكاتب بعد ذلك على هذه "الصراحة اللاذعة" , ويقول ان ما أثاره هو ردود فعل الأوروبيين على اعادة انتخاب الرئيس بوش التي جانبت الصواب الى حد جعله يتساءل عن سلامة عقول أصحابها. فيذكر أن إحدى أكبر الجرائد البريطانية اختارت أن تضع كعنوان على صدر صفحتها الأولى هذا السؤال : " كيف يمكن ل59 مليون أمريكي أن يكونوا هكذا مغفلين ؟" وأما المعلقون الفرنسيون , فإنهم أجمعوا على استعمال كلمة "غريب" في تفسير نتيجة الانتخابات لقرائهم. وفي ألمانيا, اختار ناشرو "داي تاجيسزيتونج" أن يعلقوا على نتيجة الانتخابات الأمريكية بعبارة " إن مكان بوش هو في محكمة جرائم حرب وليس في البيت الأبيض" . وتحدث السيد جيريمي هاردي في إذاعة لندنية واصفا الرئيس الأمريكي والذين انتخبوه بأنهم مجموعة من "المسيحيين الأصوليين , حمقى ومجانين وجهلاء ومثيري حروب ".
وإذ يعترف هربرت إ. ماير لهؤلاء الأوروبيين بحقهم في أن يفكروا كما يشاؤون, فإنه يرى أنه لو كان الأمريكيون مثل العديد من المسلمين المقيمين في أوروبا لردوا الفعل بالطريقة التي ذهب ضحيتها السينمائي الهولندي تيو فان جوج, ويصفها بأنك إذا استثرت أحدهم (أي المسلمين) فإنه ينقض عليك ليرديك بست رصاصات في الدماغ أو بإغماد سكين في صدرك.
أما هو , فقد اختار طريقة أخرى للرد, فهو يقول ان الذين تصفونهم بكل النعوت المقذعة هم كالتالي :
" نحن نعتقد أن الدولة والكنيسة ينبغي فصلهما إلا أن الدين يجب أن يبقى في صميم الحياة. نحن ذوي الثقافة المسيحية- اليهودية نعتقد أن الوصايا العشر هي واجبات وليست مجرد مقترحات. ونعتقد أن الأفراد أهم من المجموعات , وأن العائلات أكثر أهمية من الحكومات , وأن الأطفال ينبغي أن يتلقوا التربية من والديهم وليس من الدولة , وأن الزواج ينبغي أن يكون بين رجل وامرأة. ونعتقد أن الحقوق ينبغي أن توازنها المسؤوليات وأن الحرية الشخصية هي امتياز يتوجب أن لا نتلاعب به , وأن حكم القانون لا ينبغي أن يهمش عندما لا يراه البعض مناسبا. ونحن نؤمن بالحرية الاقتصادية , وبحق المقاولين البنائين أن يديروا أعمالهم ويخلقوا مواطن الشغل بأقل ما يمكن من التدخلات الحكومية. ونعترف بأن شعوبا أخرى ترى الأمور بشكل مختلف وهو ما يوجب علينا التسامح مع رؤاها.ونعتقد أن بلادنا تستحق الدفاع عنها, وإذا قرر أحدهم أن قتلنا شيء جيد فإننا سنطارده الى أي مكان."
ثم يعقب هربرت إ. ماير بقوله إذا كانت هذه المبادئ تبدو غريبة للأوروبيين , فهذا هو الاشكال, لأنها هي بالذات المبادئ التي قامت على أساسها قوة أوروبا الغربية من عصر النهضة الى عصر الأنوار وحتى الزمن الحديث. فهي المبادئ التي جعلت أوروبا ذاتها عنوان اعتزاز الحضارة الغربية في كل المجالات التي برز فيها أمثال ميكال انجلو وليوناردو دافينشي وشكسبير وباخ واسحق نيوتن وديكارت .
ويخلص الكاتب من ذلك الى أن أوروبا تحتضر. فلأنها تخلت عن هذه المبادئ , انفتحت هاوية بينها وبين الولايات المتحدة. يقول موجها حديثه للأوروبيين :
" أنتم كففتم عن حمل الثقافة المسيحية-اليهودية وأصبحتم حاملي ثقافة علمانية . ثم تحولت الثقافة العلمانية لديكم من ثقافة لادينية الى ثقافة مناهضة للدين ." ويذكر بعد ذلك أنه حتى الدستور الأوروبي لم يسلم من هذه الروح المعادية للدين , ويرى اشارات الاحتضار الأوروبي في دلائل أخرى مثل هبوط نسبة الزيجات , وتزايد نسبة الاجهاض. واذا استمر ذلك فإن عدد الأوروبيين سينقص بسبعين مليون عما هو اليوم بعد ثلاثين سنة. ويستنتج : " إن أوروبا تموت ".
وفي الختام, نذكر بأن كاتب الرسالة المفتوحة خدم تحت إدارة ريغان كمستشار خاص لمدير وكالة المخابرات المركزية وكنائب رئيس المجلس القومي للمخابرات في نفس الوكالة, مما يعطي كلماته الصدى الذي تتصورون.
http://www.hichemkaroui.com
http://www.phoenixmagazine.tk
http://www.hichemkaroui.edu.tc

#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل