أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الياسين ياسين - ثقافة .. أم هوَس ثقافي















المزيد.....

ثقافة .. أم هوَس ثقافي


الياسين ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3853 - 2012 / 9 / 17 - 15:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاشك أن ستينيات القرن المنصرم وسبعينياته شهدت دفقاً ثقافياً وصل حد الثورة التي هي أشبه بالثورة الثقافية في الصين أيّام الزعيم ماوتسي تونغ مع الفارق في أن تلك كانت ثورة ممنهجة مبنية على صرح ، وأسس العقيدة الأشتراكية الشيوعية ، وخط الكفاح الثوري المسلّح ، وبين ماجرى عندنا بكيفية فرضها الواقع العالمي الجديد مع تحولات كبرى إبتدأت بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا القيصرية في أوائل النصف الأول من القرن العشرين حتى أوائل النصف الثاني من القرن المنصرم نفسه ، وماشهده العالم من أحداث في قمة الصراع والأصطراع بين الشرق والغرب ، وكان في صلبه صراع ثقافات وعقائد فكرية ، تكلّلت بتكريس جهود كبيرة وجبارة من خلال تفرّعها وتشعّبها إلى صعد مختلفة سياسية وعسكرية وإجتماعية ، وكلّ منها ينزع إلى فرض إيديولوجياته وطرحها بوجهها الحضاري الذي تعتقد سلفاً بأنّه هو الوجه الناصع الحقيقي للأنسانية إذا ماتبنته خطا أساسياً للرقي والأرتقاء به بوجه التحديات التي تواجه البشرية على سطح البسيطة ، وتعددت النظريات ، وتوسعت ساحات البحث والتقصي ، وإزدحمت مختبرات الأفكار والعقائد بزخم نظرياتي ملأ الآفاق بتنظيرات أرضية ، وكلّها توجهت صوب حلول جمعية تواكبت بنسق وإتجاه واحد لحلول بأتجاه المعضلات الحقيقية التي تواجه البشرية ، وكلّ منها إدّعى صحة نظريّته ، وجدوى تطبيقها في الواقع العملي والملموس ، وهم يضعون لها الأدلة ويسوّقون البراهين للتأكيد على صحّة ما جادت به قرائحهم ومختبراتهم الفكرية إيّاها ، وتشدّقت الشعوب المحرومة ، والمتعطّشة لأشراقة شمس الحرية ، وكان أملها كبيراً بتلك الرايات لتزيح عن كاهلها سحب التخلّف والضياع الروحي والفكري والمعنوي ، والجاثمة فوق فضاءاتهم ملبّدة إيّاها ليل نهار ، ولم يروا النور والضياء حينذاك ، وتراهم توّاقون ينظرون بفارغ من الصبر إلى تلك الغمامات والتي يرونها إشراقات قادمة لهم من الشرق ومن أقصاه ، وترنوا لها النفوس بالحلول والتربع على عرش القلوب بنفوس مطمئنة سلفاً ، وتلاقفوا تلك النظريات ، وتسابقوا في الشروع بقرائتها وهضمها بعد قضمها بنهم وشراهة ، وما كان أيّاميها إلاّ أن تخرّجت في مدارس الحياة تلك أجيالاً من المفكّرين والسياسيين والعباقرة ، والذين كانت لهم لمسة في الحياة الفكرية العربية آنذاك ، وتركوا لهم بصمة عمل الآخرون عليها كثيراً لأجل أن يزيحوا معالمها تلك ، ولكنّها بقيت سنين طوال عصيّة عليهم وآثارها باقية إلى اليوم ، وبغض النظر عن طبيعة تلك الأفكار والنظريات ومديات تطبيقها في واقعنا ومحيطنا العربي ، وبغض النظر عن ماهيّتها وكنهها ، وماتستبطنه من فلسفات وآراء وأفكار سواءاً كانت تشكل لنا سلباً أو إيجاباً إلاّ أنها ، وعلى المدى القريب المنظور حرّكت في نفوس أبناء الأمة هاجسا خفيا كان نائماً ، فأستفزّته ليعي واقعه بدقة ، وأثارت فيه توقاً للحضورعالمياً مع أبناء الشعوب على نفس الناصية ، ونيل وتحقيق نفس المكاسب التي تحققت على الأرض لشعوب نظيرة لنا في الخلق عانت الأمرّين ، فكان الهاجس الثقافي آنذاك حسّاً وطنياً ، وأن تعي وتشخّص بدقة كل ماحواليك من ظواهر وأحداث واجب تفرضه عليك إلتزامات أخلاقية تجاه الوطن والأمة .
وكان كل واحد منهم عندما يتحدّث إليك لايلوك المصطلحات كما يلوكها اليوم من يدّعي الثقافة ، ولايجترّها إجتراراً كما هو حاصل اليوم عند كثير ممن يدّعون التعبقر والكتابة في مضمار الأدب والسياسة والفنون ، وتجد عندهم اليوم غوغائية عجيبة في إختيار ألفاظ ومصطلحات ربّما كثيراً منهم لايعرف عنها كنها أوتفسيراً ، وهو يزهو بنفسه عزاً وفخراً ويسبغ عليها الألقاب والصفات ، وهو لايكاد يميز بين الغث والسمين من بين طروحاته فيماهو راديكالي أوليبرالي ، وبين المثقف والمثقف الحقيقي ، وبين السايكولوجي والسوسيولوجي والبايولوجي والطوبوغرافي والديموغرافي وهلم جرا ، وربما وجدته يستسيغ توظيفها في جل مواضيعه ليقال عنه أخيراً أنّه عبقري فذ ومتبحّر ، وهذا هو الفارق العظيم مالمسناه بأيدينا بين مثقفي الأمس ، ودعاة ثقافة اليوم منهم الهيبيين والغوغائيين والديماغوجيين ، وحتى أنّهم صاروا في تيه بين ماهو فارق بين فكر أوعقيدة ، وعلى الغالب عندهم الأثنان سيّان مع أن العقيدة نتاج سماوي ، والفكر نتاج وإبداع أرضي بشري ، وهناك فارق واحد يشكل علامة ودلالة ، ومن خلال تلك الدالة تراهم يعطون لأنفسهم الحق جزافاً في أن يكتبوا مايشاؤون ، وما تجود به قرائحهم الرعناء دون حسبة أورقيب ، وتلك العلامة هي حصولهم على بعض من التعليم أو أي مؤهل بسيط ، وهو يحسب نفسه مثقفاً ، وفي حقيقته متثقفاً لأنّه لازال لايعرف من هو المتعلّم ، ومن هو المتعلّم الحقيقي ، ويحسبها هذه وتلك في آن واحد لجهل عنده كبير ، ولقصر في المنظور عنده خطير ، وإيّاك أن تمدحه ، فأنك ربّما تقتله لأنّه سيسارع بنفسه إلى الغرور ، وسيؤطّر مدحك له ، ويضيف عليه ثم ليعاود صياغة موضوعه من جديد متضمناً إيّاه مدحك له ، ويعتبرها من الشهادات العظيمة ، فلاتقوم للدنيا عنده قائمة ولاتقعد ، وسيملأ الآفاق صخباً وضجيجاً ، والقاعدة تقول أن الأواني الفارغة هي أكثرها صخباً بينما الأواني المملوءة صامتة لاتسمع لها ضوضاء ، ومن الفوارق الكبيرة أن مثقفي الأمس ، وشباب ثورات الستينيات كانوا يرجعون إلى الأصول في ثقافاتهم ولايتعدّون خطوطاً بكيفية وإجتهاد كما هو حاصل اليوم ، ويعتبرون ذلك جزءاً مهماً من المسؤولية العقائدية والأخلاقية التي هم حاملون لها ، ولسيماتها المتمثلة بسلوكياتهم ، وطرائق تطبيق المقروء في المنظور الحسي الواقع من التطبيق الفعلي زماناً ومكاناً ، ولذا كانت هناك أشياء يتمسّك بها المثقف تمسّك رجل القضاء بالنص القانوني ، وتمسّك السياسي بالدستور ونصوصه ، وكان المثقف يعتبر ثقافته الحزبية والسياسية ناقصة إن لم يمر بطريقه بقراءة كتاب القاموس السياسي لعبد الرزاق الصافي ، وأما نظريات ماركس وأنجلس فتلك أبجدياتهم المعرفية التي لابد من المرور عليها وتنسم رائحة الفكر البشري الخلاّق خلال تلك الصيرورة ، وقصص وروايات تشيخوف ومكسيم غوركي وروجيه غارودي وفكتور هيجو وأشعار راسبوتين تلك كانت فصولاً مهمة من مراحل البناء النفسي والشخصناتي والترصين الأدبي والثقافي ، وكانوا يهتمون كثيراً بالدراسات وبالخصوص العلم المقارن ، وأما ماتجده اليوم فهو نوع من ثقافات سطحية تهتم كثيراً بعناوين الأصدارات ، ولاتهتم بما تتضمنّه تلك من آراء وأفكار ، وربّما يصدع أحدهم عندما تدخله في أتون الجدلية المادية ، فتراه يعبر بذكاء إلى عنوان آخر ليتخلّص منك ، وينفلت من بوتقة وزمام حديث ليس له به قابل .



#الياسين_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الياسين ياسين - ثقافة .. أم هوَس ثقافي