أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك ملماوي - كتابة الذات















المزيد.....

كتابة الذات


مالك ملماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 14:52
المحور: الادب والفن
    


كتابة الذات

الآن لا أستطيع تحديد اللحظة التي بدأت فيها ممارسة فضح الذات , تلك لحظة بعيدة جدا تعود الى زمن البحث عن الرضا والتفوق. لكني اعلم تماما انه حدث في لحظة ما أمام كراس كتبت عليه : دفتر التعبير.. هناك نبتت الكلمات الأولى وتدربت على البوح .. كانت المهمة عسيرة , تحتاج الى الكثير , الفكرة , اللغة, المكنة من تحويل ما في الذهن والوجدان الى حبر و ورق.
توطدت علاقتي مع (التعبير) بعد جهد وعناء وزمن طويل.. حتى أتقنت قدرا من المهارة في الكشف عما يعتمل في رأسي وأعماقي.. وما زاد من حماستي ما كان يضعه مدرس اللغة العربية من علامات وملاحظات , تظهر إعجابه بما اكتبه... والكتابة حببت الي القراءة , اقرأ ما تيسر لي من المجلات وكتب وروايات عربية وأجنبية إضافة الى الشعر طبعا..لاحظ المدرس الشاعر (عبد الرزاق مبارك) عطشي الى القراءة فأعارني ألف ليلة وليلة بستة أجزاء..وفي وقت لاحق جاءني الأستاذ حكيم الجراخ بكتاب سقوط الحضارة لكولن ولسن , وقال : اقرأ ووافيني بما فهمت.. في تلك العطلة الصيفية قرأت اثنين وثلاثين كتابا بين شعر ورواية وفكر.قرأت محفوظ وكامو وبلزاك وهمنغواي وتلستوي ونيتشة ورسل وبرنادشو وبيرل بك وفولتير وروسو, وقرات المتنبي وابا العلاء وابا تمام وشعراء المعلقات.... الخ. القراءة أيسر من الكتابة وفيها نفع ومتعة جاهزة لذا كنت أقرا كثيرا واكتب القليل في دفتر التعبير, ثم أفردت دفترا آخر خاصا بمدوناتي , اطلع عليه مدرسي بين الحين والحين .. ومدرسي شاعر يكتب النص الحديث فاقتفيت أثره. ربما يصح القول : التلاميذ على خطى معلميهم.
قال أستاذ اللغة العربية : اليوم أريد منكم ان تكتبوا عما تحبون.. ابتسمت في داخلي فلقد كان بين يدي مشروع أول قصيدة اكتبها , في دفتري الخاص, فكان عملا جديدا على الدرس والمدرس , ان أقدم له دفتر التعبير وفيه قصيدتي البكر التي نسجتها على منوال المشاهير آنذاك السياب ودرويش وسميح القاسم والبياتي .. و.. ممن كنت اقرأ لهم كل ما يصل الي ... كانت القصيدة غير مكتملة فقد أمهلنا المدرس أسبوعا..وكنت حينها ادرس البحور الشعرية وبمساعدة المدرس, كتبتها على المتدارك (فعلن فعلن).. يؤسفني ضياعها , لأهميتها كتجربة اولى ليس غير, وما رسب منها في ذاكرتي الى الان :( ليل وعباءات سود..) لكني أؤكد انها من ردات الفعل على نكسة حزيران 1967... ولربما لولا (النكسة) لما ركب الكثير منا مركب السياسة و الشعر.
في السادس الإعدادي أقيم المهرجان السنوي للخطابة والشعر في ثانوية الكفل المختلطة.. ومن الطبيعي ان أكون احد المشاركين.. كانت المرة الأولى التي اعتلي فيها المنصة...القاعة غاصة بالمدعوين. حين نودي علي , فقدت شيئا من التركيز وعلى المنصة نظرت الى الجمهور فلم أر واحدا , لكني قلت بثقة واتزان:
أفيقي دفئي جرحي
أفيقي
فهذا الصبح يزحف
في طريقي
.............. الخ
أحسست بفرح غامر اذ حملت صفة الشاعر فورا .. ولم يكن حصولي على المرتبة الثانية لينتقص من هذه الفرحة.. كان الأول الصديق الشاعر عبد الحسين الحيدري , الذي سبقني في الدخول الى عالم الشعر... بينما كان الاختيار الأول لي هو عالم الرسم والتشكيل , والخط العربي.. فالرسم عشقته منذ الصف الأول الابتدائي, وكنت امضي وقتا طويلا في رسم ما يضمه كتاب القراءة , والطريف ان أمي هي التي شجعتني على الرسم ووفرت لي أقلام التلوين, من نقود تجمعها في (تنكة النفط) .. كانت هي ترسم أولا , ثم أقوم انا برسم الشيء ذاته, مما يتيح لنا المقارنة بين العملين..
مع الرسم أصبت هواية أخرى, هي (الخط )على يد معلم القراءة الأستاذ نجاح.. كان ذلك في مدرسة العزة الابتدائية في ناحية المشخاب التابعة الى لواء الديوانية آنذاك. ولولا انشغالي وشغفي الكبير في الشعر لكنت من الخطاطين.او الرسامين.
قبل دخولي الجامعة كنت قد وضعت قدمي بثقة على جادة الشعر. وأول قصيدة أراها ناضجة , كتبتها عام 1970 , واحتفظ بها إلى الآن , ومطلعها:
"يقبع الحلم على أرصفة الأحزان
يبكي
تتدلى فوق بؤس الأرض
أعناق الأزاهير .. وتغفو
يدنو شبح القحط
يلوك ورق الشجر الواقف
كالموت الخرافي... "
ورغم تشبعي بالقصيدة العربية وشكلها العمودي, إلا أني كنت في ميل الى الشكل الحديث (الشعر الحر).. ثم عرفت بعد سنين ان (الشعر الحر) الذي اخترعه السياب وصحبه , ليس حرا... فذهبت مع الذاهبين الى قصيدة النثر.
في كلية الآداب/بغداد كانت بداية أخرى في فضاء ثقافي أرحب , كانت الحياة تنبض بالجمال والعشق والإبداع.. بغداد باهرة في كل شيء: الأدب والفن والعمارة والنساء , كانت قاعة ألحصري تحتضن المهرجان تلو المهرجان والفعالية تلو الأخرى.. والحوار الثقافي قائم في كل منعطف وزاوية, أما أماسي بغداد فمذهلة بمسارحها وصالاتها السينمائية وفعالياتها الاجتماعية المتنوعة. وكل ليلة نييم وجهنا شطر جهة... اللية مسرح وقبلها سينما وقبلها حضور أمسية في اتحاد الأدباء وقبلها جولة في احد متاحفها..
كانت الحلقة الأدبية الأصغر التي تشكلت منا عفويا في فضاء كلية الآداب تضم الزميلتين الشاعرة ساجدة الموسوي والقاصة الهام عبد الكريم وصديق حميم لي اسمه كامل عبد النبي وأنا , وينضم إلينا أحيانا الراحل رعد عبد القادر, فقد كان هائما لا يقر به قرار, وفي نادي الكلية كنا نقيم جلساتنا, نقرأ ما نكتب وينفتح الحوار والمداخلات وتبادل الرأي. فحتى النادي كان فضاء ثقافيا بامتياز .. وكان ممن عاصرناهم في تلك الفترة ونحس بدأبهم الثقافي وحضورهم المؤثر الشاعران يوسف الصائغ وخالد علي مصطفى و أستاذنا الفذ د عناد غزوان... الذي التقيته بعد دهر في انتخابات اتحاد الأدباء في المسرح الوطني عام 2004 , وكانت صدمة ان أراه مستندا على عكاز الشيخوخة .. ولكنها ليست كصدمة رحيل رعد عبد القادر المفاجئ.. أما يوسف الصائغ ذلك الممتلئ حيوية وشعرا قد خذلني حين رأيت آخر صورة له في إحدى الجرائد قبل بضع سنين, فإذا عجوز يابس القسمات يثير الشفقة والأسف, قلت حينها : تبت يد الزمن يا يوسف... يوسف الفتى الأنيق الذي لا يجلس في قاعة ألحصري إلا بين أنثيين !
الآن وأنا احمل بين الحنايا لوعة هذه التجربة لا أريد ان أبقى أسير حسراتها, أريد ان اشعر بوجودي الآن.. ان افعل شيئا امسك فيه الزمن , املأ هذه اللحظات الهاربة,
اشعر دائما بان علي ان افعل شيئا , ان اكتب ذاتي بكل نقائها ونزقها وطموحها.. ان اخرج منتصرا في معركتي الدائمة , مع الكلمة مع الفكرة مع الزمن الذي غدر بأصدقائي وأساتذتي.. وكل المبدعين ذوي الذوات الفائقة.



#مالك_ملماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالك ملماوي - كتابة الذات