أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم مرتضى الكناني - الدراما التاريخية ..ومخاطر تزييف التاريخ















المزيد.....

الدراما التاريخية ..ومخاطر تزييف التاريخ


ميثم مرتضى الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 03:29
المحور: الادب والفن
    


الدراما التاريخية ..ومخاطر تزييف التاريخ

الدراما التاريخية وسيلة من وسائل التثقيف الجماهيري لايقتصر دورها على الامتاع والتوجيه بل يتعداه الى مايمكن ان نصطلح عليه بالأرشفة المرئية لاحداث متخيلة وفق مانقلته كتب التاريخ و تتضاعف هذه الاهمية في تلك الاعمال التي تتناول احداث او شخوص ساهموا بشكل او باخر في توجيه مسيرة التاريخ او تحويلها في هذا الاتجاه او ذاك , ويبقى عنصر التوظيف الدرامي لإسقاط قناعات الكاتب او الجهة الممولة للعمل والزام المخرج والمنفذين الاخرين للعمل العنصر الاهم في المعادلة من خلال تحكمهم في اظهار جانب ما او التعتيم على حلقة ما او حقبة لايريد الممولون ان تبرز او تتضح في سياقات العمل كونها لاتتماشى مع توجهاتهم , ورغم ان الأمانة التاريخية تلزم كاتب النص والجهة المنفذة التزام اعلى درجة من الانضباط الاخلاقي في عملية نقل الصورة من صفحات التاريخ وسكبها في ثنايا وكواليس العمل الا ان عنصر الهوى والميول يبقى حاضرا وبامكان أي متابع غير متأثر بالإطار الفكري للممولين او لديه خلفية حاذقة في احداث التاريخ ان يشخص الخلل من حيث التوقيت والشخوص او يحدد التضارب في عملية نقل الحدث بين عمل واخرلهذه الجهة المنتجة اوتلك , ففي رواية (ماري انطوايت) مثلا للكاتب النمساوي ستيفان زفايج والتي حولتها هوليوود الى فيلم سينمائي بنفس الاسم من بطولة النجمة نورما شيررمطلع الثلاثينات تجد شخصية ماري انطوانيت تلك الملكة الرابطة الجاش والواعية والمتفاعلة مع الاحداث التي انتجتها او تسببت بها ثورة الشعب الفرنسي ويقف فيها الكاتب على مواقف غاية في الاهمية تبرز الجانب الانساني للعائلة الملكية المنكوبة في لحظات الانتظار ماقبل المقصلة الجانب الذي ظل معتما ولم يعره الكتاب الاخرون اهتماما لاسباب شتى منها تاثرهم بالثورة الفرنسية وما يعنيه ذلك من حتمية الخلاف مع نقيض الثورة , بخلاف الشخصية النزقة والمتعالية والتي لاتلقي بالا لمعاناة الفلاحين الجياع التي صورها جان جاك روسو باستعارته تعبيرا مشكوكا بصدقيته التاريخية ومدى صحة نقله فيمااذا كانت ماري انطوانيت قد تفوهت به اصلا وهي مقولة (ولماذا لاياكلون الكعك), اما على مستوى الدراما العربية نجد ان فيلم الناصر صلاح الدين الذي انتجته شركة اسيا في مطلع الستينات من القرن الماضي وهي فترة حفلت بالخطاب التعبوي القومي العروبي الذي كان يسود المنطقة العربية وخصوصا في مصر ولغرض محاكاة موضوع المطالبة بتحرير فلسطين تم انتاج هذا الفيلم بهذا التوقيت ورغم تقديم صناعة متميزة على مستوى ادارة المشاهد الحربية واماكن التصوير والملابس والاكسسوارات الا ان التركيز على السيناريو يجعلك تتوقف عند الافتعال والرسالة التي اراد من ورائها صانعوا الفيلم مغازلة الواقع على حساب الامانة التاريخية حيث يظهر صلاح الدين( الفنان احمد مظهر )في احد المشاهد وهو يقدم نفسه الى قادة جيوش الصليبيين من ملوك اوربا بانه( عبدالله وخادم العرب) ومن المستبعد منطقيا فضلا عن غير الواقعي ان يصح تلفظ صلاح الدين لهكذا عبارة بالاخذ بنظر الاعتبار كونه من اصول كردية وجيشه في اغلبه من المماليك وهو يواجه عدوا بالعقيدة الدينية المضادة وليس بالتعصب القومي متمثلا بالحملات الصليبية في تبرير غزو المناطق المقدسة في فلسطين الامر الذي يثبت انحياز الممولين لتمرير فكرة تتماشى مع المد العروبي كما ذكرنا انفا, مثال اخر نجده في فيلم القادسية الذي انتجه العراق عام 1980 في اثناء الحرب مع ايران وكان يراد من الفيلم ان يكون جزءا من البروباغندا الرسمية للحرب والتي تتوخى توظيف كل ماله علاقة بالاعلام من اجل اظفاء صفة القداسة والامتداد الطبيعي للحرب مع رواسب ومبررات تقف عند تخوم الزمن السحيقة والمشاهد للفيلم يلمس اخراج شخصية كسرى بطريقة تجعلها شخصية تافهة ومجردة من أي حنكة او دراية او باس يبرر للمسلمين احتفاءهم بالنصر المؤزر الذي وعد به الرسول (ص) لاحد الصحابة بانه سيحصل على سواري كسرى لكون هذا الامر اقرب الى المعجزات في كل مقاييس القوة بين المسلمين والفرس في ذلك الوقت ولقد صرح الفنان محمد حسن الجندي بعد الفيلم بان عرض الوقائع التاريخية بهذه الصورة واظهار عدوالمسلمين بهذه الكيفية الهزيلة يسئ الى نصر المسلمين فضلا عن عدم مطابقته للواقع الذي يشير قوة الامبراطورية الفارسية التي ماكان للعرب الانتصار عليها الا بالايمان الهائل الذي يدفع برجل ضرير مثل الصحابي عبدالله بن ام مكتوم الى ان يقف مستندا على ذراع أحد المسلمين ويعتلي ربوة عالية وهو يصيح: ادفعوا إلي اللواء فإني أعمى لا أستطيع أن أفر،ولو تابعنا الاعمال الدرامية المنتجة حديثا وخصوصا التاريخي والتراثي منها نجد اثر القناعات والميول واضحا في تكبير او تصغير واخفاء او تقطيع هذا الحدث او تلك الشخصية تبعا لمتطلبات واملاءات الممول والمستفيد من رسالة العمل نجد ذلك بصورة واضحة في اعمال تناولت شخصيات تاريخية من قبيل مسلسل (المختار بن ابي عبيدة الثقفي) او مسلسل (عمر) ومن المسلسلات التي تناولت الفترة المعاصرة نجد (مسلسل الجماعة) للكاتب وحيد حامد الذي يتناول تاريخ جماعة اخوان المسلمين في مصر وفق رؤية الكاتب والتي اثارت انتقادات عنيفة من طرف مؤيدي الحركة ولا نستبعد اليوم ونحن نعيش زمن اخوانيا بامتياز ان يتم انتاج عمل يناقض رؤية وحيد حامد من الالف الى الياء , وكذلك الاعمال التي تناولت شخصية الملك فاروق في مسلسل تم انتاجه بنفس الاسم للمخرج (حاتم علي) والذي حرص على تقديم صورة الملك وتفاصيل حياته وصراعاته السياسية ومواقفه ضد الاستعمار الانكليزي على نحو يختلف تماما مع الصورة الساذجة للملك والتي تجعله ومملكته رهنا لنزواته التي القته في احضان احدى محضياته حسب ما نجده في احداث فيلم (امراة هزت عرش مصر) بطولة نادية الجندي وفاروق الفيشاوي ,ذلك التفاوت الواضح والذي يصل الى حد التناقض في قراءة نفس الحدث من خلال تناوله من زاوية التبرير او الادانة يقتضي منا الانتباه لخطر الخلط عند البسطاء بين الدراما التاريخية والتاريخ مايعمل على هز ثقتهم او زيادة تعصبهم وتبرمهم بقراءة مناقضة لمتبنياتهم الفكرية , اننا اليوم وفي عصر المعلوماتية وعولمة الثقافة احوج مانكون الى قراءة موضوعية محايدة للتاريخ وهذا لن يتحقق مالم نوفر ارضية الحوار الذي لايترك مساحة غير مسموح ولوجها تاريخيا وخفض سقف المسكوت عنه مع افشاء ثقافة القبول بالراي الاخر في تفاصيل حياتنا اليومية من اجل انتاج ثقافة حيادية لاتربك اجيالنا القادمة وتجعلها تعاني من انفصام فكري وثقافي يدفعها لرفض التاريخ جملة وتفصيلا عندما يتعذر عليها الحصول على قراءة امينة لاحداثه يجمع عليها الجميع.


د.ميثم مرتضى الكناني.



#ميثم_مرتضى_الكناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فحص المقبلين على الزواج ضمانة لجيل بلا عاهات
- المالكي ..و...ألم الكي
- لماذا لاتنتصر الحكومة على الارهاب في العراق؟
- اللجوء السياسي ..بين حصن الابلق وسفارة الاكوادور
- الاطباء في العراق يخافون من الوزارة ولا يعباون بالنقابة
- تصفية التاريخ والجمال في العراق..من اوراق مواطن واسطي
- أمم تصنع القادة ام قادة تصنع الأمم
- تقليص مدة التدرج الطبي ..واثرها السلبي على الواقع في المؤسسا ...
- روجر فيشر ...صرت له عبدا
- من اجل تاسيس رابطة عراقية للاعلام الصحي
- خريجي الكليات التقنية في العراق بين ظلم ابو بطانية وابو خبزة
- الخطا الطبي..سيف مسلط على رقبة الابداع العلمي في العراق


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم مرتضى الكناني - الدراما التاريخية ..ومخاطر تزييف التاريخ