|
تونس : مواصلة الثورة
أنيس منصوري
الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 10:05
المحور:
مقابلات و حوارات
مقابلة مع الرفيق انيس منصوري العائد من تونس
عدتَ من تونس، هل لك أن تعطينا معلومات عن الوضع السياسي و الاجتماعي بعين المكان؟
أدت عشرة أشهر من سلطة الإسلاميين إلى وضع سياسي و اجتماعي كارثي. إذ تجاوز عجز الميزانية نسبة 6.6 %، و فاق الدين أربعة ملايين دينار. و يؤدي ارتفاع كلفة المعيشة غلى تدهور وضع الفئات الاجتماعية الأكثر حرمانا في البلد. إن أكثر من 2.5 مليون تونسي يعيشون تحت خط الفقر.و باتت انقطاعات لا منتهية في الماء و الكهرباء، لا تحتمل في عز موجة الحر الصيفية خلال رمضان، الخبز اليومي لقسم عريض من السكان. و أدت هذه الشروط غير المقبولة إلى تعبئات انتهت باعتقالات عنيفة جديرة بنظام بنعلي. كما تزايدت البطالة، ولم يحصل المعطلون، المستهدفون بحملة دعائية، من جواب على تعبئاتهم غير القمع الشرس.
و يستمر تجاهل المطالب المشروعة لجرحى الثورة وكذا اسر الشهداء، فيما حاول الاسلاميون إعداد قانون يرمي إلى " تعويض" الذين تعرضوا منهم في ظل حكم بنعلي للاعتقال بمبلغ يصل مليون دينار. وقد تم تعليق هذا المشروع بفعل الاحتجاجات الشعبية الواسعة. و تتواصل الاعتداءات التي تقوم بها مجموعات سلفية ضد مواطنين و فنانين في ظل صمت و تسامح متواطئين من وزارة الداخلية التي لا تتردد في منع و حتى قمع عنيف لتعبئات المجتمع المدني و الحركة الديمقراطية و التقدمية. تلك حال مظاهرة يوم 5 أغسطس الأخير ضد تنامي السياسة الديكتاتورية لحكومة الإسلاميين و حلفائهم، المعززة بسيطرتهم على و سائل الإعلام ( تعين أشخاص متشيعون للإسلاميين و معروفون بانتمائهم لنظام بنعلي على رأس الصحف و التلفزة العمومية). و تعرض المسؤولون النقابيون ( في مستشفى الصفا مثلا) و المناضلون المنخرطون في التعبئات الاجتماعية المشتعلة بمناطق البلد المحرومة (لاسيما سيدي بوزيد مهد الثورة و مختار) للاعتقال.
جرت مظاهرات نساء عديدة. هل يبدو لك أن شيئا ما يتحرك على هذا الصعيد؟
فعلا يتعين على نساء تونس مواجهة هجمات اشد فاشد حدة على مكاسبهن في مجال الحقوق و المواطنة ، تلك حالة مشروع الدستور الذي يراجع كافة المكاسب. ومنه مشروع القانون الذي يشترط ألا يسند منصب رئيس الجمهورية سوى لرجال من ديانة إسلامية، و ذاك الذي يختزل النساء في " دورهن الطبيعي" كزوجات و أمهات، متجاهلا وضعهن كمواطنات. جرت، طيلة أسابيع، تعبئات نسائية واسعة و حرمات ديمقراطية وتقدمية بكل مناطق تونس. وكانت ذروتها مساء يوم 13 أغسطس، تاريخ الذكرى السادسة و الخمسين لإصدار قانون الأحوال الشخصية الذي منح التونسيات مكاسب هامة. بيد أن هذه الحركة لن تتمكن من صد الظلامية الزاحفة في تونس إلا بقدر استيعابها المطالب الاجتماعية و الشعبية للفئات الأكثر حرمانا.
كيف تفسر تجميع حركات اليسار؟علي أي أسس و أي أهداف؟
إن مشروع التجميع الجاري لمختلف مكونات اليسار الكفاحي حاجة ملحة. إذ يستلزم الوضع السياسي و الاجتماعي تحليلا ملائما يتيح تحديد مهام ودور القوى القادرة على تحقيق الثورة المغدورة من قبل القوى الرجعية، من إسلاميين و ليبراليين. إن ظفر السيرورة الثورية الجارية في تونس مشروط بتلاقي كل القوى الثورية في قطب عمالي و شعبي واحد. المطلوب قطب ثالث بوجه التقاطب الثنائي في الساحة السياسية المشكل من الإسلاميين و حلفائهم و من تجمع ليبرالي آخر حول قدامى لنظامي بورقيبة و بنعلي الذي نجحوا في استقطاب القوى المسماة "حداثية" من يسار الوسط و الاشتراكيين-الديمقراطيين المتجمعين حول شعار واحد :"ضد حركة النهضة".
يجنح هذا القطب الثالث إلى أن يكون معبرا عن تطلعات الحركة العمالية و الشعبية و ليس مجرد تحالف انتخابوي. ستجمع الجبهة الشعبية التي سترى النور قريبا المنظمات السياسية الرئيسة لليسار الماركسي و القومي العربي في تونس، مثل حزب العمال الشيوعي التونسي (المعاد تسميته حديثا بحزب العمال)، وحركة الوطنيين الديمقراطيين، ورابطة اليسار العمالي، و الحزب الشعبي من اجل الحرية و التقدم، الخ. و لن ينجح هذا القطب الثالث في تشكيل بديل حقيقي للقطبين الليبرالي- الظلامي إلا اذا تبلور حول برنامج سياسي و خطة تعبئة من اجل ديمقراطية سياسية و اجتماعية. يجب إذن أن يرمي إلى تجسيد المطالب الاجتماعية و السياسية للذين سحقتهم عقود من السياسات اللاشعبية و اللاديمقراطية : ضمان دخل قار، تشغيل الشباب ذوي الشهادات، تنمية جهوية منصفة، محاكمة المجرمين وناهبي الثروات، ضمان المساواة بين الجميع رجالا و نساء، الغاء الديون و اتفاقات الشراكة مع كل الهيئات النقدية الامبريالية...
ان مواصلة السيرورة الثورية لا يزال راهنيا و الحالة هذه.
عن اسبوعية Solidarités السويسرية
عدد 212 بتاريخ 31 اغسطس 2012
تعريب المناضل-ة
#أنيس_منصوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات في تونس، وماذا بعد؟
المزيد.....
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
-
إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
-
دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با
...
-
مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
-
هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|