موسمية الأسواق بالمغرب

الكبير الداديسي
ناقد وروائي
(Lekbir Eddadissi)

الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 05:31
المحور: المجتمع المدني
    

موسمية السوق
من المستلزمات الرمضانية إلى السلع المدرسية
ذ. الكبير الداديسي
يتميز السوق المغربي بخضوعه للموسمية وتحكم بعض المواسم الدينية أو الاجتماعية أوالثقافية في فرض سلع معينة على الشارع المغربي فما إن انتهى شهر رمضان حتى اختفى عدد كبير من السلع والمأكولات والبضائع ... التي كانت معروضة في مختلف الأسواق والأزقة والدروب وعلى متن عربات وفراشات وسواعد الباعة المتجولون ليتحكم في السوق موسم آخر يتعلق بالدخول المدرسي ...
هكذا ما إن شرعت المدارس في افتتاح أبوابها وقبل استقبالها للأفواج الأولى من التلاميذ والطلبة حتى اكتست مختلف الأسواق حلة جديدة واصطبغت بألوان مدرسية في محاولة لاصطياد الجيوب التي لا زالت تتردد بعد أن مدد الوفا وزير التعليم مرحلة التسجيل إلى غاية متم شهر نونبر ... إن الدخول المدرسي كما كل المواسم في المغرب يغير أغلبية المعروضات للبيع
تعدد نقط البيع وإحداث أسواق موسمية
إن المتجول في مدينة آسفي كما في مختلف المدن المغربية يشد انتباهه تعدد نقط بيع الأدوات المدرسية فبالإضافة إلى المكتبات والأكشاك والصاكات ( محلات بيع السجائر ) والأسواق الممتازة التي تعرض هذه الأدوات بصفة دائمة يتم إحداث أسواق موسمية يومية طيلة موسم الدخول المدرسي بجانب الأسواق اليومية فيكفي المرء أن يزور أسواق كاوكي ، وعزيب الدرعي ،وشنقيط وبياضة والسوق الخانز وشارع الرباط والجوطية يدرك كيف غيرت هذه الفضاءات جلدها وكيف تخلصت من باعة الهندية والشريحة والتمر والبغرير ... إلى معروضات لأقلام ملونة وأقلام رصاص وحبرو دفاتر وكتب ومحافظ و وزرات(طابليات) مدرسية ناهيك عن فتح بعض الكاراجات في مختلف الأزقة اعتاد أصحابها تكييفها حسب المواسم من شباكية رمضان إلى أدوات مدرسية إلى محلات لبيع أضاحي عيد الأضحى فمكان لبيع الفواكه الجافة في عاشوراء ....
اللعب على اللون واستغلال شخصيات كرتونية
ولعل ما يثير في هذه المعروضات المدرسية تركيزها على الألوان إذ تكاد معظم المحافظ تتوزع بين اللون الأزرق للذكور واللون الوردي للفتيات وإن حاولت استمالة الزبناء باستغلال شخصيات الرسوم المتحركة ، ورغم الحضور الدائم لشخصيات بعينها على واجهات المحافظ موجهة للجنسين كبطة دونالد و بوباي ... فإن من هذه الرسوم ما يستهدف جنسا دون آخر فكانت شخصيات مثل سبايدر مان وباط مان موجهة للذكور وشخصيات فلة وباربي للإناث ، وبما أن التزيين موسمي ويتماشى مع المستجدات فتبقى شخصية بن تين ( Ben 10) شخصية الموسم والأكثر حضورا على واجهات الأدوات المدرسية
تنوع المعروضات وندرة المنتوج المحلي
على الرغم من قصر موسم الدخول المدرسي يلاحظ أن السوق المغربية استقبل أدوات مدرسية من مختلف أصقاع العالم مع حضور مكثف للسلع الصينية وسلع الاتحاد الأوروبي وقد حاولت بعض الدول العربية أن تجد لها موطئ قدم لها في المغرب خاصة تونس ومصر مما خلق منافسة شديدة للمنتوج الوطني فتعددت المعروضات وتنوعت واختلفت بحسب الطبقات الاجتماعية فكادت الماركات العالمية ( maped و …mon ami) توجه للطبقات الميسورة والمتوسطة فيما وجد أغلب المغاربة ضالتهم في المنتوج الصيني والتونسي ، بعدما لم يعد الأطفال المغاربة يسمعون إشهار ( دفاتر سومابا ) الذي كان يردد معه الأطفال المغاربة : وأنا طيار ماهر ، وأنا طبيبة شهيرة ووو فقط لأنهم يكتبون في دفاتر سومابا أو دفاتر السبع .. التي تراجع حضورها لصالح الدفتر الأجنبي

قتل سوق الكتب المستعملة :
إلى عهد قريب كان بكل مدينة سوق للكتب المستعملة يجد فيه زائرها مصادر من موسوعات و ودواوين وكتب نادرة ... وكانت حركية هذه الأسواق تزدهر أكثر مع كل دخول مدرسي بعد أن تضاف لتلك الكتب بعض المراجع والكتب الدراسية أو الموازية ، لكن اليوم وأمام المد المعلوماتي كادت تموت أسواق الكتب المستعملة وما يكابد من أجل البقاء منها يكاد يقتصر على بعض الكتب المدرسية ، خاصة كتب التعليم الثانوي منها ، أما كتب التعليم الابتدائي فوزاراتنا حددت مدة صلاحية معظم مقررات هذا التعليم في سنة واحدة غير قابلة للتجديد بعدما أجبرت التلاميذ على الإجابة على الأسئلة في الكتب المدرسية ، مانعة الإخوة الصغار من الاستفادة من كتب إخوانهم الكبار ، ومقدمة دعما كبيرا لشركات النشر والتوزيع التي تضاعف عدد مبيعاتها كل سنة ، تاركة معظم المغاربة يتساءلون :لماذا يجيب أبناؤنا على الأسئلة في الكتاب المدرسي بوضع سهم أو علامة أو حاصل عملية حسابية أو تلوين خانة ...؟؟؟ أليس من الأجدر والمفيد للتلاميذ الإجابة على الأسئلة في الدفاتر فتكون تلك فرصة لتعلم الخط والتعود على الكتابة بدل أنة تبقى أغلب صفحات دفاتر التلاميذ فارغة من جهة ، وترك الكتب للأجيال القادمة كما كان يحدث في السابق إذ كان الكتاب المدرسي يتوارثه أجيال من أبناء العائلة الواحدة من جهة أخرى ...
يستنتج إذن أن السوق المغربي عامة تتحكم فيه المناسباتية فبعدما طردت مستلزمات الدخول المدرسي سلع رمضان من على طاولات وفراشات وعربات الباعة المتجولين ما هي إلا أسابيع وبعد أن يستقر التلاميذ في مدارسهم لتستعد مستلزمات عيد الأضحى في كنس الدفاتر والأقلام والكتب المدرسية من أزقة وشوارع مدننا وهذا ليس إلا تعبيرا صارخا على غياب مهن قارة لمعظم هؤلاء الباعة الذين يضطرون للتكيف مع المواسم وتغيير بضاعتهم وسلعهم وتحوّلهم لشبه مياومين يعملون حسب قانون العرض والطلب

#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات