أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي نوري زاده - الأدب الساخر وتحوّل السجون إلى جامعات















المزيد.....

الأدب الساخر وتحوّل السجون إلى جامعات


علي نوري زاده

الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 19:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنّ ظهور شعراء کبار مثل أميرة الشعراء سيمين بهبهاني والشاعرة الشابة هيلا صدّيقي ومحمد رضا عالي بيام الملقب بـ «هالو» (الساذج) في السنوات الأخيرة، علی رأس منتقدي النظام وسلوک الملالي ونفاقهم، کان بمثابة انقلاب في ساحة الأدب والشعر.
الأدب الساخر في «الأدب الإيراني» المتميز، لا يحتل سوی جزءاً صغير، لعدة أسباب أهمها:
العامل الديني، بحيث ظل رجال الدين في تحالف علني أحياناً وغير علني فی حين آخر مع السلطة سواءاً إن کانت السلطة سنية المذهب (آل سلجوق وخوارزمشاهيان، وأحفاد جنکيزخان وهلاکو و…) أو شيعية المذهب مثل الصفوية والقاجارية. وکان الکتاب والشعراء والمثقفین ضحايا هذا التحالف دائماً، إذ إنّ أهل القلم، إمّا کانوا أهل الديوان، أي محسوبين علی البلاط أو کبار رجال الدولة ممّن کانوا يساعدون أهل القلم ورجال الفکر بمکافأت نقدية مقابل کل قصيدة مديح أو مقال أو کتاب مُهدية إلی مخدوم الشاعر والکاتب إن کان ملکاً أو أميراً أو شيخاً و…
وکان طبيعياً أن يکون إنتاج أهل القلم مليئاً، بالمديح والثناء وليس الانتقاد والقدح. ورغم أنّ بعض الشعراء مثل حافظ الشيرازي وخيام النيسابوري وناصر خسرو القبادياني، تجاوزوا الخطوط الحمراء، في بعض قصائدهم موجهين انتقادات مبطنة إلی رجال الدين وبعض رجال السلطة ودفعوا ثمناً باهظاً لذلک، غير أنّ هذه الاستثنائات لا تشکل إلاّ جزءً ضئيلاً من الأدب الفارسي المکتوب، وربمّا مولانا عبيد الزاکاني، الذي عاش عصر أحفاد جنکيزخان وألفّ عدّة کتب وأنشد قصائد مثيرة ضد السلطة ورجال الدين، لا سيما المتاجرين بالدين ودلاّلوا الجنّة ومنتظري الظهور. لقد عاش عبيد حياة صعبة فی المنافي وهارباً من بطش الحکام وتکفير وتفسيق العلماء، غير أنّه ترک وراءه کتب وقصائد ترسم صورة دقيقة عن العصر الذي عاشه الشاعر والکاتب الساخر.
وفي عهد القاجار حيث کان لرجال الدين الشيعة سلطة مطلقة فی إدارة الشؤون الدينية والاجتماعية والأحوال الشخصية، حاول بعض الکتاب والمثقفين عبر تلميحاتهم، تنوير الرأي العام وإثارته ضد سلطة الملالي، غير أنّ مصير معظم هؤلاء کان الموت علی المشانق أو قضاء معظم سنوات حياتهم في السجون والمنافي، أو خارج وطنهم في الدولة العثمانية ومصر واُوربا والقوقاز.
ميرزا آقا خان کرماني، وخبير الملک، وجمال الدين أسد آبادي (الأفغاني) والميرزا ملکم خان و… کانوا من الذين تجرؤا في العبور من الخطوط الحمراء. وما من شک بإنّ الثورة الدستورية التي نجحت في حصر وتحديد سلطة الملک، وسحب أجزءاً من سلطات الموسسة الدينية، وإعدام الشيخ فضل الله نوري المرجع الأعلی في إيران الذي وقف إلی جانب محمد علی شاه المستبد وضد الأحرار والمناضلين الدستوريين، قبل أکثر من مئة عام بحکم محکمة خاصة، کان الشيخ إبراهيم زنجاني أحد رجال الدين الأحرار، يتولی النيابة فيها، فتح فجأة المجال للعديد من الشعراء والکتاب، لإظهار مکنونات قلوبهم دون الخوف من التکفير والتفسيق.
و«إيرج ميرزا» عضو الأسرة المالکة، نال شعبية وشهرة واسعة بين الإيرانيين بسبب قصائده الصريحة والشجاعة ضد التطرف الديني والرجعية والاستبداد. وقصيدته المعروفة في ذم الشيخ فضل الله نوري، لا تزال من أبرز القصائد التي قلما يشاهد مواطناً إيرانياً لا يدري ولو بعض أبياتها، بعد قرن علی نشرها. وبينما مات ايرج ميرزا معززاً ومکرماً، لم يکن مصير ميرزاده عشقي وفرّخي يزدي من الشعراء والکتاب المناضلين مسعوداً بحيث قتل الأوّل بطلقات نارية أصابت قلبه، فيما التقی الثاني ملک الموت داخل السجن.
وبعد الحرب العالمية الثانية اغتيل الکاتب والصحفي والمفکر الکبير أحمد کسروي المناهض لسلطة رجال الدين، والرجل الذي فضح نفاق الملالی وکيدهم وأکاذيبهم، علی أيدي أحد أعضاء جماعة فدائيي الإسلام الإرهابية الذي أسسه، نواب صفوي أحد رفاق آية الله الخميني، وفيما اُعدُم نواب صفوي ورفيق دربه «واحدي» بعد ضلوعهما في اغتيال رؤساء الحکومة الجنرال رزم آراء، وعبد الحسين هجير، وحسين علاء (الذی نجا بإعجوبة) ظل سيف التکفير والتفسيق، قائماً علی روؤس الکتاب والشعراء والمفکرين لا سيما الساخرين منهم. غير أنّ تطورات إيران في العقدين السادس والسابع للقرن العشرين، وحصول النساء علی حقوقهن السياسية والاجتماعية والإصلاح الرزاعي وتحسن وضع الصحة العامة فضلاً عن الثورة الصناعية وحرکة البناء فی إيران، کانت من العوامل المؤثرة في منح الکلمة الساخرة مجالاً أکثر، بوجود صحف ومجلات مثل «توفيق» و«کاريکاتور» و… کما أنّ المسلسلات التلفزيونية مثل «الخال نابليون» تمکنت من طرح قضايا محرمة سابقاً فی الشأن الديني والاجتماعي.
إلاّ أنّ هذه الفترة لم تکن طويلة، بحيث قضت الثورة الإسلامية علی آمال الملايين من الإيرانيين الذين کانوا يأملون بقيام حکم ديموقراطي وصحافة حرة وأحزاب وتنظيمات تعکس تطلعات الشعب وطموحاته. وبدلاً من حرية التعبير، أمر الخميني، بکسر الأقلام الحرة وتوقيف الصحف والمجلات والکتب الجريئة والمنتقدة لسلوک رجال الدين وممارسات أصحاب الدکاکين الدينية.
وبعد بضع سنوات مضت علی حکم الخميني وتکتم الأفواه وکسر الأقلام، لم يبق في الساحة أي أثر للأدب الساخر.
إنّ ظهور شعراء کبار مثل أميرة الشعراء سيمين بهبهاني والشاعرة الشابة هيلا صديقي ومحمد رضا عالي بيام الملقب بـ «هالو» في السنوات الأخيرة، علی رأس منتقدی النظام وسلوک الملالي ونفاقهم، کان بمثابة انقلاب فی ساحة الأدب والشعر، ورغم أنّ النظام باعتقاله المتواصل للکتاب والشعراء والفنانين، حاول اسکات الأصوات المنددة بجرائمه، غير أنّ صوت شعر بهبهاني وعالي بيام وصديقي، کان يعلو فوق صوت خامنئي وجنتي ويزدي، بسبب وجود القنوات الفضائية الموجهة من خارج البلاد التي تبث قصائد بهبهاني وعالي بيام وصديقي و…
وفي 14 أغسطس/ أب الماضي، دلقت سلطات الأمن بأمر الولي الفقيه القبض علی محمد رضا عالي بيام (وسبق اعتقال هيلا صديقي وتهديد سيمين بهبهاني بالقتل) بعد تفتيش بيته ومصادرة أوراقه وکمبيوتره الخاص. ولم يکن هذه المرة الأولی التي اعتقل عايی بيام، غير أنّ طريقة اعتقاله وتعرضه للضرب والإهانة، کانت تکشف عن مدی استياء الولي الفقيه وأرکان نظامه من قصيدته الأخيرة والتي قال خلالها، بتلميح إلی وعود الخميني قبل الثورة:
«إعلم أيها الشعب إنّه قريباً بعد سقوط الشاه،
وبهمّة رجال الدين، فإن السجن سيصبح جامعة،
وبعد مضي السنوات، کنت أکرر مع نفسي هذا السؤال:
إذن أين؟ ماذا حدث لتلک الوعود الجيدة، ومتی يتحقق ذلک؟
وإلی أن دخلت السجن، ورأيت بعيني، إن المکان مليءٌ بطلبة الجامعات والأساتذة. هکذا أصبح السجن، جامعة».





#علي_نوري_زاده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي نوري زاده - الأدب الساخر وتحوّل السجون إلى جامعات