رائد أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 21:51
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
((إن الشعب يشكل مفتاح الصراع و بالواقع هو الذي يقوده , فرجل العصابات ينتمي إلى الشعب بنفس المقدار الذي لا يستطيع فيه جندي الحكومة أن ينتسب إليه . لو لم يكن النظام قد فقد محبة الشعب لما اندلعت الثورة . إن رجل العصابات يقاتل بمعونة الجماهير الشعبية المدنية))
و بالتوقف عند هذه المقولة للكاتب روبرت تابر في كتابه حرب المستضعفين الصادر في عام 1965م . ينبغي ملاحظة أن الاستراتيجية الأساسية لحرب العصابات تقوم حول الشعب أولاً و أخيراً.. فالمجموعات التي تحمل السلاح من أجل رفع الظلم عن الشعب بشكل عام تعلم جيداً أن الشعب هو غايتها و في ذات الوقت النظام الذي يمارس الظلم على الشعب يعلم جيداً أنه لولا حماية الشعب لهذه الجماعات لما استطاعت الصمود لأيام قليلة في مواجهة قواته النظامية . إن من تابع المقابلة التي بثتها قناة الدنيا مع بشار الأسد لا بد و انه لاحظ توجيه بعض الرسائل إلى الشعب في تركيزه على أن صموده إلى اليوم هو بسبب الشعب و إشارته إلى أنه مهما تطورت الوسائل اللوجستية التي يتمتع بها الجيش يبقى ضعيفاً لولا الدعم الشعبي له .
- أين تكمن القوة في حرب العصابات و أين هو الضعف ؟
من البديهي حينما يمارس الإنسان رياضة الجري أن يكون في قمة سرعته عندما لا يكون محملاً في الأثقال ..
في حرب العصابات القوة الأساسية و التي تميز المجموعات المقاومة هي سهولة التحرك و القدرة على المناورة و أنها هي التي ينبغي أن تحدد زمان و مكان المعركة مع ضرورة الابتعاد عن المواجهة المباشرة مهما كانت الظروف و الابتعاد عن العوامل العاطفية . كما تمت الاشارة في المقالة السابقة إلى أن قوات النظام دائماً تحاول استفزاز من يحمل السلاح من أجل إيقاعه في أخطاء تكون ذات مردود سلبي و تنعكس دائماً على العلاقة مع الشعب .
(( إنهم يستقون قوتهم من حيث أنهم تجاوزا نهائياً موضوع الارتباط بالأرض , و قدرتهم الحركية , و اتحادهم مع الشعب المتذمر الذي يتكلمون باسمه , و يشكلون طليعته المسلحة للاحتجاج الاجتماعي المناضل )) هذه هي قوة المجموعات كما وصفها جيفارا في حين يكمن الضعف الأساسي في السلاح و هو الأمر الذي يمنع قيام حسم عسكري ضد جيش نظامي ..
إن الجوهر الأساسي من حرب العصابات هو خلق مناخ الانهيار عن طريق استنزاف قوات جيش النظام الذي قد يتجه كما هو الحال اليوم في ثورتنا إلى قصف مناطق واسعة من أجل ارتكاب إبادة جماعية بحق المدنيين محاولاً القضاء على الثورة و مجموعاتها المقاومة متناسياً ان إرادة الشعب لم تكسر على مدى التاريـخ ..
و في كافة مراحل المقاومة في حرب العصابات يجب دائماً التشديد على العلاقة مع الشعب و تجاوز جميع المحاولات التي تؤدي إلى خلق توتر يؤدي إلى تفكك هذه العلاقة و طالما أن النظام السوري غير قادر على تدمير هذا الرابط فإنه في طريقه الحتمي إلى الإنهيـار و إن المسؤول عن المحافظة على هذه العلاقة ليس الشعب و إنما جماعات المقاومة التي ولدت من رحم الشعب لتحقق مطالبه في التخلص من الظلم .
- هل يمكن مواجهة حرب العصابات في نفس الاستراتيجية ؟؟
النقطة الأساسية و التي هو قوة مجموعات المقاومة الأساسية تنطلق من الحاضن الاجتمـاعي و الذي هو الشعب و من هنا سنلاحظ أن اتباع هذه الاستراتيجية هي أمر يصعب تحقيقه رغم التقدم الحاصل في الوسائل اللوجستية و نظراً لاعتمادها على البيئة التي ستحتض مقاومة المقاومة ( المقصود هنا عناصر الجيش النظامي التي ستكون مكلفة بهذه المهمة ).
بعض ما يميز مجموعات المقاومة الشعبية ::
- الثائر او عنصر المقاومة هو يعتبر ناشر للفكر للثوري و هدفه الأساسي نشر الحراك الثوري من اجل يصبح على مساحة الوطن بينما لتصل إلى النقطة الحرجة و التي يستطيع من خلالها الشعب القضاء على النظام القائم بينما يكون هدف عناصر الجيش النظامي هو حماية أمن و وجود النظام السياسي فهو بالنسبة للشعب يؤدي دور سلبي لذلك يبقى خارج حضانة الشعب .
- الثوار هم المجموعة الأقل تسليحاً و الأكثر قدرة على التحرك و هم أبناء الشعب و خرجوا من أجله بينما جنود جيش النظام صحيح أنهم أبناء الشعب و لكنهم انسلخوا عنه في خدمة نظام سياسي يقوم باضطهادهم لذلك لن يستطيع جنود جيش النظام الحصول على الوسيلة الاهم في حرب العصابات و هي العلاقة مع الشعب .
- المجموعات المقاومة في حرب العصابات هي من تحدد مكان المعركة و زمانها دون الانجرار إلى استفزازات جيش النظام و التي تحاول جرها إلى مواجهات مباشرة و دفعها للاحتماء في المدن من اجل أن تعرض المدنيين لعنفها و تدخل لديهم عنصر الخوف من النصر العسكري بينما بقاء استمرار الأعمال على شكل ضربات سريعة و الاختفاء بعدها لفترة من الزمن تعطي عناصر المقاومة الوقت اللازم لتأمين ما يحتاجه من سلاح من أجل القيام بعمليات الدفاع عن المواقع و تحصينها لتأخذ البدء في معارك التحرير لكامل الأرض .
- الفارق بين عنصر مجموعات المقاومة و عنصر جيش النظام في حرب العصابات أن عناصر المقاومة لا بد أن يكونوا في مكان المهاجم بينما عناصر الجيش النظامي ينبغي أن يكونوا دائماً في موقع المدافع و ذلك لأسباب بسيطة و ان عنصر المقاومة لا يملك موقعاً ليقوم بالدفاع عنه بينما عناصر الجيش النظامي يملكون مواقعهم العسكرية التي هي بحاجة دائمة للحماية من ضربات المقاومة كما يملكون أسلحتهم الثقيلة و كذلك المراكز الأمنية و العسكرية المنتشرة .
(( إن مجرد البقاء على قيد الحياة لعنصر المقاومة هو نصر سياسي بحد ذاته لأنه يشجع المعارضة الشعبية للنظام و ينميها )) روبرت تابر . و لكن هذا القول لا يعني أن يذهب عنصر المقاومة في أخذ هذه المقولة إلى حدود أبعد من المقصود بها و أن يضحي بالحاضنة الاجماعية له مقابل بقاءه على قيد الحياة ....
#رائد_أبازيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟