أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير علي الجشعمي - لقاء مع الزمن القديم














المزيد.....

لقاء مع الزمن القديم


أمير علي الجشعمي

الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 20:00
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

لقاء مع الزمن القديم

اختفت الشمس وراء البيوت ..وأشارت عقارب الساعة إلى الخامسة ..في ذلك الوقت خرجت من احد البيوت نساء موشحات بالسواد وأخذن يتفرقن في الأفرع الغارقة بمياه المطر..انتهى أخر يوم من العزاء شهده هذا البيت..وعندما انتصفت الخامسة خرجت كل النساء المعزيات وأقفلت الباب بالسلاسل والإقفال الحديدة ..في ذلك الوقت وقف عند بداية الشارع الذي يقع فيه ذلك البيت رجل كبير السن خفيف الشعر،حليق اللحية،أشقر الشارب،أنيق الملبس ..وقف يراقب البيت منذ الظهيرة ينتظر هذه اللحظة..لحظة خلو البيت من الزائرين المعزين..بعد إقفال الباب بعشرة دقائق تقدم على قدمين مرتعشتين وعصا ممشوقة ..ازدرد ريقه ومسح جبته بمنديله ..تشجع..تقدم وطرق الباب عدة طرقات ..ظهرت من داخل البيت امرأة شابة مسربلة بالسواد محمرة العينين ضعيفة الهيئة ..تقدمت نحو الباب وسألت :
-من الطارق -أنا
-من أنت؟ -هل السيدة الكبيرة في الداخل؟
-من نقول لها؟ -صديق قديم للعائلة لو سمحت...
كانت تسأل باستغراب ويجيب الرجل بتلعثم وارتباك واضح .....
إزالة الشابة السلاسل من الباب وفتحته وقبل إن تتوجه لتنادي السيدة أشارت له بالانتظار في غرفة الجلوس التي لم يقفل بابها بعد
دخل الرجل الضيف وجلس ينتظر ..ينتظر..حتى دخل من الباب امرأة عجوز تجاوز عمرها الستين تتوكأ على عصا سوداء ترتدي جلباب اسود مبلل صدره من الدموع وعصبة سوداء شدت فوق رأسها الذي اعتلاه حقل من الشعر الأبيض الناصع الذي لم يدع للشعر الأسود نفوذ في إمبراطوريته العتيدة ..
نهض الرجل ووقف ينظر بعينين تقرأ فيها نظرات الشوق والفرح والاشتياق..تشبه تلك النظرات التي تصدر من طفل طال انتظاره بلعبة احضروها له..قابلتها نظرات استغراب وشك بسابق معرفة صادرة من عينين متعبتين من البكاء والسهر
-البقاء في حياتك يا فاطمة !
الكلمة الأخيرة جعلت المرأة تزداد استغرابا وعجبا
-البقاء لله ..هل تشرفنا بالمعرفة سابقا ؟
وهنا تقلصت عيناها وثبتتهما بعينه الشقراوات..حينها توقف الزمن أو بالأحرى عاد إلى الماضي البعيد ..حين جلست فتاة دخلت في عقدها الثالث بملابس أنيقة قصيرة أمام شاب يافع يطابق عمرها أنيق الملابس يتدلى من عنقه سلسلة ذهبية تنتهي بصليب!!
تهاوت المرأة على إحدى "الكنبات" خانتها قدماها قالت:
-أما زلت تذكرني..يا..يا ادوارد -مستحيل أن تكوني أنت نسيتني
-لا ..أبدا لن أنساك ..
قامت من مقعدها فورا واتجهت نحو المكتبة في الغرفة وفتحت إحدى جراراتها وأخرجت منها علبة صغيرة ..فتحتها وأخرجت منها صليبه ..ابتسم الرجل ..مد يده في سترته واخرج منها سلسلة فضية تنتهي بمستطيل صغير كتب عليه أحرف جعلها الزمن غير مرئية ..ابتسمت العجوز ..في تلك اللحظات هبت رياح النشوة المنطلقة من لقاء طال انتظاره فقشعت غيوم الحزن السوداء التي كانت مستعمرة سماء هذا البيت..
-أية الكرسي؟ -اجل أية الكرسي .كل ليلة كنت امسكها بيدي وادعي من الله أن أراك قبل أن أموت..
ونظرت إلى نفسها وضحكت ضحكة سخرية
-لو جئت في وقت أخر لكنت تراني على حال أفضل
-لا ..أنتي كما تركتك من ثلاثين سنة..رائعة دائما..دائما
******************************
نشرت في طريق الشعب بعنوان ( لقاء مع الماضي)
العدد 103 السنة 77
الثلاثاء 10 كانون الثاني 2012






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...
- ?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية ...
- برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي ...
- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير علي الجشعمي - لقاء مع الزمن القديم