أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسلام ابو المجد - لماذا سيسقط النظام ؟















المزيد.....



لماذا سيسقط النظام ؟


اسلام ابو المجد

الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 03:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن اي نظام استبدادي لا يسقط لأنه كان استبداديا ً , بل يسقط لأنه لم يكن أستبداديا ً بما فيه الكفاية , في بلد يتمتع بهيكل ديمقراطية هلامي مرتبط برعاية رأسمالية خاصة من الولايات المتحدة الامريكية ينال دعمها وعطفها , وهو بذلك واقع تحت تناقضات , ويداه مغلولتان باتفاقيات لم يكن يستطيع تجاهلها كليا ً بما يتيح لقوى ثورية للظهور والنمو , مما يجعله ينفلت غالبا ً ويظهر وجهه الاستبدادي في وجه المجموعة الثورية باستخدام غير مشروع للقوة , وبما يعمل على ايجاد مساحة كبيرة من التجاوب الشعبي الخفي ثم المعلن لهذه المجموعة , مع عدم قدرة المستبد على وضع ما يكفي من الخبز على الطاولة لارضاء الاغلبية من الشعب حتى يطعم الفم فتستحي العين .
تعرف الثورات بأنها كائنات حية اجتماعياً تولد عند تزاوج القهر و الطغيان مع الفقر و كبت الحريات مع الاحساس الشعبي بالقدرة على الثورة , ويعرف كرين برنتون الثورة في كتابه "تشريح الثورة" بقوله "إنها عملية حركية دينامية تتميز بالانتقال من بنيان اجتماعي إلى بنيان اجتماعي آخر" , أن الثورة في وجه أي نظام استبدادي هي حركة لتحرر الجماهير من قمع الطبقات المستغلة المشكلة للنظام الاستبدادي المسيطرة اقتصاديا ً وسياسيا ًوعسكريا ً , وهي السلاح القوي , وسيف التحرر والعدالة الاجتماعية , واستمرار الثورة وسيلة تنمو وسط مناخ دفع الثورة الى الانحراف عن اهدافها الثورية وسط الفوضى والتوتر الاجتماعي , والانفجار الاقتصادي والفوضى السياسية , وهنا تولد صياغة جديدة للعالم جوهرها المواجهة بين من " لايملكون " والذين " يملكون " , و إن الارادة الثورية التي تمتد لتكون شبه عالمية تبدو كأنها شئ آخر أكثر من نتائج الانتكاسات السياسية او الاقتصادية , انما تظهر تعبيرا ً عن وعي قد استيقظ ليس الى قضايا كان يأن لها الكثير على مدى زمن طويل , بل وعي الى وجود القوة على التغيير والثورة , ولامكانيات الوجود الانساني ذاته , مع احساس قوي بالسببية في الاحداث , ومن هنا تبدأ الثورة وتستمر , وهذا ما يؤكده جيفارا في قوله " يجب ان نتذكر بأن هناك حد ادنى ضروري لا يمكن بدونه ولادة مركز الثورة , ولابد للجماهير ان يلاحظوا عبثية متابعة الصراع من اجل الحصول على أهداف اجتماعية عندما تتمسك قوى القمع بالسلطة ".

ونتيجة هذا الوعي الفجائي تتولد رغبة ملحة في التغيير الجذري على اساس ادراك بسيط , ان الشروط المعتبرة سابقا ً شروط لا تتغير يمكن في الواقع ان تتغير فعلا ً , وتفتح امكانيات التغييرات الوشيكة الوقوع آفاق لم يكن حتى الحلم بها ممكنا ً , وتتولد الرغبة في الفعل , في الثورة وتستمر , وكأن الجميع بتفكير جمعي يقولون هكذا يمكن ان نكون ... بشرط ان نثور وتستمر الثورة ... اذن فلنفعل ... و من هنا يخلق الثائر , و الجمع ثوار ... ينشر الافكار الثورية , هادم للنظام القائم , افعاله الى جانب عقيدته الثورية تبينان السبيل الى التغيير الجذري , مخلوق من المناخ السياسي والاقتصادي الذي تصبح عنده الثورة ممكنة حيث نتيجة الارداة الشعبية في التغيير والثورة , والثائر هو تلك الحالة النفسية التي باستخدام شعاراته وقضيته وغيرها من اسلحة الثورة تعمل على نقل عدوى الثورة الى الجماهير الذين لا يمكن لأي مستبد مهما ظل متماسكا ً أن يبقى بغير موافقتهم .

واذا كان الكواكبي في كتابه " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد " قد عرف الحاكم المستبد " أنّ الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان فعلاً أو حكماً، التي تتصرّف في شؤون الرّعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محقَّقَين " ويستمر الكواكبي في وصفه " المستبدّ: يتحكَّم في شؤون النّاس بإرادته لا بإرادتهم، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنَّه الغاصب المتعدِّي فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من النَّاس يسدُّها عن النّطق بالحقّ والتّداعي لمطالبته ", لذلك فأن المستبد يرى الثوار أشخاص متآمرين , مندسين منفصلين عن المجتمع الذي من المفترض ان يمثلوه , دائما ً متوجهين الغايات اما غامضة او خطيرة على المجتمع , مع النظر للجماهير بلهاء , غبية , شديدة الجهل والانفعال لدرجة لا تسمح لها ان تفكر بمفردها , او ان يكون لها الارادة الحرة او القدرة على الثورة والاستمرار فيها , و ان الناس لا تختار الطريق الثوري بملء اردتهم بل نتيجة الاعيب عناصر مشبوهة او التابعين لقوة اجنبية او على الاقل المعتنقين ىلسياسة اجنبية , وكأن الجماهير مجرد احجار شطرنج .

ويقودنا التاريخ الآن الى عصر حصلت فيه الجماهير التي تتكون في غالبيتها الطبقات العاملة على قوة سياسية , لعدة اسباب وخاصة بسبب تعقد أساليب التصنيع , زيادة التخصص , وترابط المجتمع الصناعي - بما يشبه الحالة الاولى للمجتمع الانسانية والمعيشة الجماعية - وأهمية العمل المنضبط واتساع اسواق الاستهلاك , وأكسبها دورها الجديد - باعتبارها منتجة ومستهلكة – وسيلة للتاثير , فإذا توقفت عن العمل انهار الاقتصاد , ويحدث نفس الشئ إذا انقطعت عن الشراء والاستهلاك , وإذا ما قتلت نشأ عن هذا انعكاسات عالمية نرتكزة على اعتبارات اقتصادية , ولا يستطيع المستبد - وفقا ً لهذا – ان يحكم هو وحكومته الا بالمساهمة والرضاء الشعبيين , وبذلك يقوم المستبد وحكومته بتقديم تنازلات مدروسة في اطر ديمقراطية وهمية مع استعمال البلاغة الراسمالية , وفي بعض الاحيان قبول الحلول الوسط من أجل الحفاظ على السلطة وابقاء الطبقات العاملة في اعمالها الاعتيادية التي تدر الفوائد , وهنا تظهر حساسية المستبد لانه يجب امام الدول الرأسمالية المتبوعة يجب ان يشغل الاقتصاد بأي ثمن فعليها ان تسد نصيبها في الاقتصاد الرأسمالي العالمي حتى لا يقع تحت طائلة العقاب او الترك , تلك هي نفاط الضعف للمستبد وبما يسمح للثورة واستمرارها من التأثير حتى التغيير الجذري , وبذلك يختلف تكتيك المستبد في صد المد الثوري واستمراره عن تكتيك الثوار , فيبحث المستبد عن كل حب عسكري وأمني لابادة الثوار , لكنه معاق بعقبات سياسية واقتصادية فهو لا يستطيع ان يبيد الشعب او احد طوائفه وان كان ينساق دوما في هذا الطريق ثم ما يلبث الا ان يكبح جماح زبانيته , و الثوار يهدفوا الى تسعير حريق الثورةفي صراعهم مع المستبد , وتحريض الشعب كله ضد النظام القائم واذنابه , واظهار عيوب النظام وعزله وتقويض اقتصاده , وتفكيكه .

ويعي المستبد – في الغالب - ما يسمى ما يسميه الصحفيين الرأي العام العالمي ولاسباب اقتصادية في معظمها مثل حاجاته للقروض والاستثمارات والاسواق الاجنبية بما يجعله مضطر الى ان يكون جزء من مجموعة , وغالبا ً ما تكون عضو في حلف عسكري معلن او سري , ولهذا يكون المستبد مضطر الى طمئنه رأس المال العالمي وحكوماته بانها ستحترم اتفاقياتها وعقودها وستدفع فوائد قروضها وتسدد ديونها وان يجعل توظيفات رأس المال آمنة حتى ينال نصيبه من الحماية ومن الكعكة , وبذلك تكون الثورة واستمرارها ضربة دامية تحمل في طياتها اصابة بالغة لهيبة النظام , وينكشف ضعفه , وتبدأ الفعاليات السياسية للثورة وتوابعها في شكل مظاهرات ومسيرات واعتصامات وبيانات تتلوها احداث اكثر خطورة من مواجهات عنيفة بنا يسبب انتقال عدوى الثورة , وفي ظروف كهذه لابد من مستبد فذ – وهم قليل – حتر لا يلجأ الى الاساليب القمعية مثل منع التجول او تعطيل الحريات المدنية او منع الاجتماعات الشعبية وغيرها من التدابير غير الشرعية التي لا تؤدي الا الى زيادة حدة الثورة , وتفتح حلقة من انهيار الاقتصاد , وتمزق التركيب الاجتماعي واهتزاز نظام المستبد بما يمكن ان يسمى " مناخ الانهيار " , ولهذا قال الكواكبي " إنَّ خوف المستبدّ من نقمة رعيته أكثر من خوفهم من بأسه؛ لأنَّ خوفه ينشأ عن علمه بما يستحقُّه منهم، وخوفهم ناشئ عن جهل؛ وخوفه عن عجزٍ حقيقي فيه، وخوفهم عن توهّم التخاذل فقط؛ وخوفه على فقد حياته وسلطانه، وخوفهم على لقيمات من النّبات وعلى وطنٍ يألفون غيره في أيام؛ وخوفه على كلِّ شيء تحت سماء ملكه، وخوفهم على حياة تعيسة فقط"

وهنا يجب على الثوار ايجاد كيان سياسي ثوري للحفاظ على فعاليات المد الثوري واستمراريته في اطار فعال فكما قال تروتسكي " فالكيان السياسي لا يخلق الثورة عندما يريد، فهو لا يختار لحظة الاستيلاء علي السلطة كما يحب. بل يتدخل بفاعلية في الأحداث، متوغلا في كل لحظة في الحالة الفكرية للجماهير الثورية، ويقدر قوي المقاومة لدي العدو، وبالتالي يحدد اللحظة الأكثر مناسبة للعمل الحاسم. وهذا هو الجانب الأكثر صعوبة في مهمة الكيان السياسي . فالكيان السياسي لا يملك قرارا صالحا لجميع الحالات، ولكنه في حاجة إلي نظرية صحيحة، اتصال حميم بالجماهير، فهم عميق لأبعاد الموقف، إدراك حسي ثوري وعزم هائل. وكلما كان تغلغل الكيان السياسي الثوري في جميع ميادين النضال الأكثر تعمقا، وكلما كانت وحدة الهدف ونظام العمل أكثر وحدة كلما استطاع الكيان السياسي أن ينجز مهمته في وقت أسرع وبطريقة أفضل" , كما يبين أن " الصعوبة هنا تكمن في الحصول علي هذا التنظيم للكيان السياسي الثوري المتمركز، المتلاحم داخليا بنظام حديدي ومترابط بحركة الجماهير – بمدها وجزرها - ترابطا حميما. انتزاع السلطة لا يمكن أن يتم إلا في ضغط ثوري فعال من الجماهير الكادحة، ولكن عند القيام بهذا العمل فإن عنصر الإعداد يصبح حتميا بكل ما في الكلمة من معني. وكلما كان الكيان السياسي أفضل في فهمه للأزمة وللحظة التفوق، كلما استطاع أن يعد القواعد الأساسية بطريقة أفضل. وكلما استطاع أن يوزع أدواره بطريقة أفضل، كلما كان النصر أكيدا وكلما قل عدد الضحايا. فإقامة علاقة متبادلة بين عمل محضر له بعناية وحركة جماهيرية هي المهمة السياسية – الاستراتيجية لهذا الكيان السياسي الثوري"

ولابد ان نلاحظ ان ان اللحظات الثورية يمكن ان تنشأ بشكل تلقائي عفوي لعموم الجماهير كتعبير عن الظلم والاحلام المكبوتة او عوامل اخرى مثل اسباب الاضطهاد الديني لفئة , او لقاء رياضي او حادث سياسي مما يسبب اراقة الدماء , ومن ثم فوضى مرحلية , ولهذا فان وجود الكيان السياسي الثوري الناتج عن فكر ثوري ايدولوجي الى جانب فكر رجل الميدان تحت خط نيران المستبد أمر هام مهما كان حجمه فإن مرحلة التحرر من الاستبداد قد بدأت وستظل مستمرة , وأعلنت أهداف الثورة ومبادئها بالبلاغة المطلوبة , وبوقوع شهداء لأهداف عادلة , ومبادئ محترمة , من يجرؤ على طرح مبادئ اخرى ؟ إنها مطالب شعبية تعبر عن الشعب , ويبدأ الشباب الذين ينتظرون من زمن بعيد القرار ليحددوا الدور الذي يمكن او يجب على كل منهم ان يلعبه بالثورة , واعضاء الاحزاب المعارضة الذين اقتصروا حتى ذلك الحين على اصدار البيانات وكتابة المقالات فانهم يجدوا انفسهم مضطرين ان يتخذوا موقف ما , وتكون الحركة الثورية القوية عامل مساعد على تحديد الانتماءات فمن سينضم للثوار ؟ ومن سيبقى على الحياد ؟ ومن يشارك المستبد في أعماله ؟

ومنذ هذه اللحظات الثورية وفي كل اوقات بزوغ المد الثوري بين الجماهير تبدأ السفارات الاجنبية في السؤال , ولا تتردد من التواصل مع المعارضة التقليدية , بل ومع من يمكنها التواصل معهم من الثوار بشكل غير مباشر , وكما تبدأ أجهزة الاعلام الاجنبية في وضع نفسها كمنبر للثوار رغم ضيق المستبد بهذا , فيبدأ في العمل على التضييق عليهم , واطلاقه العنان للأعلام الذي يسيطر عليه للقيام بحملات مضادة , ولذلك لا يهتم المستبد حقا ً لفقد بعض رجال امنه او نظامه حتى من هم في اعلى المراكز , كل ما قد يفعله لهم ان يناور لعدم التضحية بهم , ولكن عندما يجد الجد فلا مناص من ذلك , فالسلطة اولى وأهم , كما ان ضمان المصالح العليا للاستمرار النظام أكثر اولوية , وانما يهمه الدعاية التي تنتج عن كل هذا والتي تبذر الشكوك في مدى استقرار المستبد وصلابة سيطرته على استقرار اليات الاقتصاد كجزء من النظام الرأسمالي العالمي , وتبقى حيرة المستبد في كل خطوة يخطوها والسؤال الدائم ... هل الثورة مستمرة ؟ , وتظهر البيانات الاعلامية المطمئنة , وتعزز المواقع الامنية باكبر عدد من القوات ويتم العمل على التنسيق مع العناصر الاجرامية الموالية للمستبد للتحرك , من أجل إخماد الثورة واستمراريتها .

في البداية يكون التحدي كافيا ً فوجود الثورة يفقد المستبد سمعته ويساعد قضية الثوار لكن الصعوبة تكمن في الاستمرار سياسيا ً لتكوين رأس مال العمل الثوري , في حين ان المستبد يحاول الحفاظ على مظاهر الاستقرار حتى يحافظ على بقائه , ويكون العمل بالنسبة للثوار إثبات صلابتهم والقدرة على اكتساب العون الشعبي , وعندما يصبح واضحا ً ان المستبد لا يستطيع الحفاظ على النظام او قمع الثورة , يزداد المد الثوري , وتحظى فظائع التي يرتكبها المستبد خاصة مع وقوع شهداء وتنظيم جنازات كبيرة في مواكب يقودها عائلاتهم ومسيرات تعبير عن السخط الشعبي , لذلك سيحاول المستبد دائما افشال هذه التظاهرات بشتى السبل , وفي افضل الاحوال ينشأ اضراب عام , في الغالب يبدأ المستبد في أعمال انتقامية من وضعه في هذا الموضع الحرج مثل حظر التجول , استخدام الاسلحة ضد المتظاهرين , والاعتقالات , وهنا يهتز المستبد أكثرا ً فأكثر , ويزداد المد الثوري وتبدأ باقي الطبقة العاملة وعناصر الليبراليين من الطبقة الوسطى كربات البيوت والموظفون , و العناصر من القوميين , والمثاليون من كل تيار , وهنا نتذكر مقولة تشارلز ستوارت بارتال " لا يفيد الاعتماد على الحكومة ... عليكم فقط الاعتماد على عزيمتكم ... ساعدوا انفسكم من خلال وقوفكم معا ً ... امنحوا ضعفائكم القوة ... توحدوا ونظموا صفوفكم ... لكي تنتصروا " , فان الذين يقبلون الهزيمة وحدهم هم الذين يقهروا .

وتحدث تلك التغييرات التي تعمل على تبديل المجتمع ظاهريا وجوهريا من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وإيديولوجية وأهداف الثورة، وقد تكون الثورة عنيفة دموية، كما قد تكون سلمية، وتكون فجائية سريعة أو بطيئة تدريجية , فكما يقول يوري كرازين " "إن معنى الثورة الاجتماعية ووظيفتها لا يمكن فهمها إلا حينما ننظر إلى تاريخ المجتمع على حقيقته كسلسلة متصلة من التشكيلات الاقتصادية – الاجتماعية ، والثورة شكل من أشكال الانتقال من تشكيل إلى آخر ،كما أنها قفزة من التشكيل الاقتصادي والاجتماعي البالي إلى تشكيل أكثر تقدما ، تكون الخاصية المميزة السائدة له ومضمونه السياسي هو انتقال السلطة إلى الطبقات الثورية " , ويعمل الثوار الى اللجوء الى الطرق المناسبة لانجاح العمل الثوري وفقا ً للظروف المحيطة مثل مدى تعنت المستبد وتمسكه بالسلطة , وعلاقة المستبد بنظامه الفاسد الداخلي وكذا علاقته بالنظام الرأسمالي العالمي, والقدرات النفسية للثوار , وغيرها من المحددات التي تحدد إن كانت الثورة ستختار الطريق العنيف او السلمي – نسبيا ً - فالطريق العنيف او السلمي هي ادوات وليست هدف فالثورة حدث مفاجئ يؤدي إلى تغيير راديكالي يقطع الصلة بالماضي ويؤسس لنظام يلبي مطالب الثوار والذين هم الشعب وليست نخب متصارعة في بنية النظام , بأي وسيلة من الوسائل .

قد يطرح المستبد او نظامه او النظام الرأسمالي العالمي تقويض الثورة عن طريق فكرة الانقلاب على المستبد نفسه سواء بطريق سلمي او عنيف ا انه احداث انتقال للسلطة من يد فئة قليلة إلى فئة قليلة أخرى تنتمي إلى نفس الفئة الأولى التي كانت تسيطر على الحكم أو على الأقل تشبهها، ويكون باستخدام وسائل العنف الرسمية او التهديد به دون إحداث تغيير في وضع القوة السياسية في المجتمع أو في توزيع عوائد النظام السياسي أي انه تغيير في وجه المستبد دون تغيير في أحوال الجماهير والانقلاب نوع من أنواع التمرد على سياسات المستبد سواء في ادارته للحظات الثورية او ادارته العامة , وغالبا ما يكون الانقلاب باستيلاء العسكر على السلطة الشرعية بواسطة القوة المسلحة وتغيير نظام الحكم بالقوة دون الرجوع للناخبين والسلطة هنا هي المستبد الجديد , فعندما تعزز هذه الفئة مركزها السياسي تتحول الى نظام أكثر استبدادا ً تستطيع ان تفعل ما تريد دون اي مراعاة لقواعد الديمقراطية او حقوق الانسان وبما يفوق المستبد السابق , وتحاول دائما التعالي على الجماهير بدعاوى زائفة خاصة حماية الثورة او قيادة الثورة , ولا يسمح المستبد الجديد باجراء ايه انتخابات قد تحدث تغييرات سياسية هامة , ولكنها قد تقوم باستفتاءات لتظهر كأنها ديمقراطية ولكنها تكون شكلية وهزلية تكون الطريق الى الوصول لاهداف حددت سلفا ً سواء باشخاص او قرارات لصالح المستبد الجديد , وقد يوافق المستبد اجراء انتخابات اذا وقع تحت ضغط شديد , وبكنهم يتلاعبون بها لكي يعينون بها دمى يتحكمون بهم , واذا لشخص معارض ان يرشح نفسه وينتخب فان مصيره يكون بين الترهيب والاعتقال وقد يصل الى التصفية , فالمستبد لا يجري انتخابات تؤدي الى تركه عرش السلطة .

وقد يثير المعارضون الموجودون خارج البلاد - حيث منفاهم الاجباري او الاختياري - فكرة المساعدة الاجنبية نتيجة عدم الثقة في قدرة الجماهير المستغلة على الثورة او بصورة مؤقتة على المقاومة , وتعقد الامال على قوة خارجية اي ما كانت لاجراء مقاطعة سياسية او اقتصادية او حتى تدخل عسكري , وهذا الامر جد خطير لان المنقذ الاجنبي لن يأتي يوما ً وحتى اذا تدخلت الدولة الاجنبية فلا ثقة بها وذلك لاسباب كثيرة مرة مرارة الظلم منها :
- تتحمل الدول الاجنبية خاصة الرأسمالية والرجعية منها بل وتساعد المستبد للحفاظ على مصالح سياسية واقتصادية .
- الدول الاجنبية مستعدة دائما لبيع الشعوب المضطهدة عند اول مفترق طرق من المصالح .
- تتخذ الدول الاجنبية خطوات ضد المستبد فقد من اجل الحصول على مزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية او السيطرة العسكرية .
- تتحرك الدول الاجنبية فقط بد ان بدأت الجماهير الثورة وهزت نظام المستبد , واصبح عديم النفع لها .
وتتجرع العلقم الشعوب التي تستدعي نخبتها الخرقاء دولا اجنبية رأسمالية ورجعية لدفع الثورة , ويكون هذا بدون داعي حيث ان بقاء المستبد مرتبط على التوزيع الداخلي للسلطة في البلد و وبالتالي فان العوامل الداخلية هي العوامل الحاكمة في القضاء على المستبد , بل عند اية محاولات اجنبية للتدخل قد يضعف هذا الثورة , حيث يتنصل المستبد من اسياده عند تركهم له , ويعمل على الدعاية حول حربه ضد التدخل في الشئون الداخلية للبلاد والحفاظ على الوطن , مما قد يجتذب جزء من الجماهير بعيدا ً عن القضية الثورية .

وبذلك فأن التحرر من المستبد يعتمد بالاساس على الجماهير وقدرتها على تحرير انفسها بايديها , فإن الثورات هي أدوات للتقدم الحتمي للبشرية حيث أن الصراع الطبقي بين الثوار والمستبد هو الموضوع الرئيسي ولا يمكن أن ينتهي إلا بالثورة.

ودائما يتم طرح اسلوب المفاوضات مع المستبد لدى البعض و الضغط على الثوار لقبول الالتجاء اليه , وذلك يتم عادة نظرا ً للمشاق التي يتعرض لها الثورا والجماهير خلال الثورة والمشاكل التي يوجدها المستبد بما يمسهم في مجاولات متتالية للنيل من عزائمهم , ويعزز البعض الضغط على الثوار في هذا الاتجاه على أمل – مجرد امل – انه من خلال المفاوضات يمكن انهاء الممارسات الوحشية من قبل نظام المستبد فالنضال ليس أمر محببا ً للأصلاحيين من الرأسمالين وذوي الاتجاه النفعي , وتبدأ دعاوي التغيير التدريجي واقناع المستبد بتقليص ممارساته لصالح الديموقراطية , وانه تم اساءة فهم المستبد فربما كانت اعمالهم نتيجة حسن الظن او في ظروف صعبة , فلا داعي لمزيد من المعاناة , ويمكن ان تكون المفاوضات من خلال ممثلين في انتخابات يجهز لها المستبد برضاه فيكون هذا امرا ً افضل , نعم قد يكون هذا الطريق مقنعا ً ولكن واقعيا ً فهو لا يقنع سوى السذج , كما يقتنع به اصحاب المصلحة , فلايمكن للقضية الثورية وهي مرتبطة بالتطور المستقبلي للمجتمع بشكل عام ان تكون المفاوضات مع المستبد واقعي للأطاحة بالنظام الاستبدادي لأنه لايمكن تقديم تنازلات بما يمس تلك القضية على المحك , وبالتالي لا يمكن الوصول الى حل يرضي جميع الاطراف , فالمستبد الذي يشعر بالامان في موقعه لا يلجأ للمفاوضات الا لمعرفة رؤوس الثوار والتنكيل بهم , او عند زعزعة امانه فيلجأ للمفاضات في اطار الخداع لجر الثورة الى الاستسلام فنجده يبادر بالمساومة على الاعتبار للكرامة الانسانية وتحرير المعتقلين السياسين ووقف الممارسات الوحشية والاعتذار للشعب مقابل ايقاف الثورة , وهذا المظهر الجذاب ورائه ان المستبد لازال قويا ً ولكن الثوار يقلوقون مضجعه , اما اذا احس المستبد بالضعف فيكون عرض التفاوض من اجل انقاذ الجزء المتبقي من السيطرة , وكذا ثروته التي لازالت بين يديه , وكلتا الحالتين لا يجب ان نساعد المستبد في جر الثورة الى الاستسلام بينما يستمر العنف لديهم , وهذا يتأكد بعد كل جلسة مفاوضات , ثم ماذا يمكن للثوار التنازل عنه للمستبد ؟ ... وهل ستصبح الحياة افضل ام اسوأ مما سيكون عليه الامر اذا قام الثوار بمواصلة النضال ؟ هل سيعم الاستقرار حياة المواطن مع خبر وحرية وعدالة اجتماعية ؟

ان الوعود التي يتشدق بها المستبد في المفاوضات لا تعدو ان تكون تأمينا لخنوع الثوار , ففي النهاية تجدهم احقر من ان يلتزموا بما اتفقوا عليه , واذا تم ايقاف الممارسات الوحشية والقمع والاضطهاد مؤقتا ًفان ايقاف الثورة سيؤدي الى خيبة الامل لانه بمجرد وقف الضغط الشعبي الداخلي و التعاطف الخارجي سيعود المستبد لممارساته بشكل اعنف , فالنضال لا المفاوضات هي الحل فالمستبد يقف ليضرب عندما نتوقف عن النضال .

وقد يحاول بعض اعضاء نظام المستبد وحتى قبل انهيار المستبد ان يقطعوا الطريق امام النضال الثوري والاستيلاء على النصر التي حققته الثورة من خلال انقلاب عسكري ويدعون انهم يحمون الثورة , وهم في الواقع يسعون لفرض نموذج مطور عن المستبد القديم , ويقومون بدايه باستعمال غطاء شرعي يوفر القبول السياسي في الحكم فور الانقلاب , ثم يقوم العسكر منفذوا الانقلاب بطلب اما ان يكون الثوار والجماهير منحازين لهم او على الاقل محايدين , ثم يقوم بالتعاون مع مجموعة من المتلونين من البيروقراطيين والمستشارين وموطفي الحكومة والقضاة من اجل ترسيخ سيطرتهم على المجتمع , ثم يقوموا بمطالبة الاشخاص الذين يعملون في النظام السياسي ومؤسسات المجتمع المدني والافتصاد والشرطة والجيش وان يقوموا باعمالهم المعتادة وفقا للقوانين المعتادة وكأنه لا يوجد ثورة , ولهذا يجب اعتبارهم مجرد بدائل للمستبد يجب النضال ضدهم بنفس الاساليب مع عدم الاعتراف بشرعية ثورية لهم , وعدم ابداء اي تعاون حتى يموت سياسيا ًلاستعادة فرصة استمرار الثورة .

عندما يتأزم موقف المستبد ووكلائه يبدأ في البحث عن دروع مؤقته من الرجعية الدينية يتحالف معها وقتيا ً لحين استتباب الامر له مرة ثانية , هذا التحالف يستلزم من المستبد كل الحرص لان نفعية وأنانية وقدرة الرجعية الدينية على تخدير الجماهير تصبح خطرا ً على المستبد نفسه , لذلك يجب اخذوغالبا ًالموافقة على هذه الخطوة من المستبد العالمي حتى يضمن عدم تخليه عنه , وايضا استخدام الدهاء والمكر للايقاع بالرجعية الدينية وادانتها امام الجماهير , والعمل على نقل اطارها الى المستبد نفسه لينعم بالاستبداد على العباد باسم الدين , وقد قال الكواكبي في كتابه طباع الاستبداد " وهذه الحال؛ هي التي سهَّلت في الأمم الغابرة المنحطَّة دعوى بعض المستبدِّين الألوهية على مراتب مختلفة، حسب استعداد أذهان الرَّعية، حتَّى يُقال: إنَّه ما من مستبدٍّ سياسيّ إلى الآن إلا ويتَّخذ له صفة قدسيّة يشارك بها الله، أو تعطيه مقامَ ذي علاقة مع الله. ولا أقلَّ من أنْ يتَّخذ بطانة من خَدَمَةِ الدِّين يعينونه على ظلم النَّاس باسم الله، وأقلُّ ما يعينون به الاستبداد، تفريق الأمم إلى مذاهب وشيع متعادية تقاوم بعضها بعضاً، فتتهاتر قوَّة الأمّة ويذهب ريحها، فيخلو الجوّ للاستبداد ليبيض ويُفرِّخ، وهذه سياسة الإنكليز في المستعمرات، لا يُؤيِّدها شيء مثل انقسام الأهالي على أنفسهم، وإفنائهم بأسهم بينهم بسبب اختلافهم في الأديان والمذاهب. " , واستعانة المستبد السياسي خاصة من المنتمين الى الفاشية العسكرية وقت الثورات بالرجعية الدينية ويضعونها تحت اختبار الجماهير , ويعطيها من الادوات والفرص التي تعمل بها بسذاجه ونفعيه بحيث يسهل ويسرع من تحولها الى فاشية دينيه ويزدهر التناقض بينها وبين الجماهير , وهنا ينتهي التحالف , ويحاول المستبد السياسي استنهاض الجماهير ضد الاستباد الديني , في نفس الوقت يحاول الاستبداد الديني استنهاض الجماهير ضد الاستبداد السياسي , وهما سواء بسواء ,خاصة في قدرتهما الخبيثة على الوجود كوكلاء لدى المستبد العالمي , يدينون له بالولاء , ويعملان جاهدين ويتنافسان على العمل تحت غطائه فهو من يضمن نصيبهما من عوائد الاستبداد والاستغلال , لذلك يكون دور الكيان الثوري العمل جديا ً على استنهاض الجماهير ضد الاثنين , وهنا يكون من الاهمية النضال ومقاومة كلا الطرفين , واستغلال سقوط اقنعتهما لحشد الجماهير نحو الثورة المستمرة , هذا الوعي الثوري هو ما يحمل الجماهير الطاقة والقدرة على استكمال ثورتها المستمرة .

ان الخطوات التالية للاطاحة بالمستبد تبدأ بثلاث خطوات متوازية الاولى سياسية تتمثل من تكوين مجلس رئاسي مؤقت من قادة الثوار الغير الراغبين في الدخول في العمل السياسي في الفترة المقبلة لتسيير اعمال الدولة في اطار ثوري وقد نعمل على استدعاء دستور سابق على ان يكون ثوري للعمل به قبل تدشين دستور الثورة او العمل باعلان دستوري , وبما يسمح بالخطوتان التاليتان , والخطوة الثانية قانونية وهي اعداد دستور يحكم البلاد يحقق المطالب الثورية , وفي اطار المبادئ العامة للقانون الدستوري , مع تقييد اعمال الشرطة والجيش والمخابرات بشكل قوي وبما يمنعهم من اي تدخل سياسي , ويتم ذلك عن طريق جمعية تأسيسية يتم انتخابها بطريقة ديمقراطية بحيث تضم كافة طوائف وفئات الشعب وممثليهم من كافة الاطياف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , والخطوة الثالثة هي تفكيك نظام المستبد السابق فسقوط المستبد ما هو الا بداية لبذل الجهد لتطوير المجتمع وتلبية الاحتياجات الانسانية لجماهير خلال سنوات مقبلة مع توفير الفرصة امام هذه الجماهير للتعبير عن احلامها في مشاريع ثورية تعجل من الاحساس بالعدالة الاجتماعية , لذلك يجب القضاء على فلول النظام سياسيا ً واقتصاديا ً واجتماعيا ً , فان العمل على عزل فلول النظام سياسيا ً السلاح الرئيسي للنضال ضد الثورة المضادة التي تمثل مجموعة العوامل والعوائق التي تقف معارضة للثورة وتسعى لإخمادها، وباعتبار الثورة عملية تغيير فإن هذا التغيير يقابل بعملية مقاومة من النخب المسيطرة الرافضة للتغيير لأن الثورة تقضي على امتيازاتهم، إضافة إلى من يشعرون أن الثورة قد تهدد مصالحهم، إلى جانب أولئك الذين لم تحقق لهم الثورات الأطماع التي كانوا يطمحون إليها، كل هؤلاء ومن يتحالف معهم يكونون ثورة مضادة , اما العزل الاقتصادي واستعادة ما تم سرقته من قوت الجماهير كحق اصيل للثورة بعد انتصارها وتضحيات المشاركين بها من دماء وعرق فمن لا يملكون قبل الثورة يأخذون حقوقهم التاريخية منذ خلق الله الارض ممن يملكون بدون وجه حق , كما ان العزل الاقتصادي يعمل على تجفيف منابع الاموال التي يمكن ان تستخدم لصالح الثورة المضادة بعودة تلك الاموال الى الشعب صاحب هذا الحق الاصيل , والعزل الاجتماعي هو امر سيقوم به الشعب من تلقاء نفسه بعد اتمام الجزئين الاوليين من العزل السياسي والاقتصادي حيث انه سيكون دائما من العار العمل مع من عمل عمدا ً على تأصيل منهج الفساد والافساد لصالح نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يرسخ استغلال الانسان ويعزز الاستعباد او شارك في هذا وقد قال في هذا الكواكبي " الحكومة المستبدّة تكون طبعاً مستبدّة في كل فروعها من المستبدّ الأعظم إلى الشرطي ولا يكون كلُّ صنفٍ إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً، لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة، إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدوهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشرهون لأكل السقطات من أيٍّ كان ولو بشراً أم خنازير، آبائهم أم أعدائهم، وبهذا يأمنهم المستبدُّ ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه. وهذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقلُّ حسب شدة الاستبداد وخفّته، فكلما كان المستبدُّ حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجّدين العاملين له المحافظين عليه، واحتاج إلى مزيد الدقّة في اتِّخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدينٍ أو ذمّة، واحتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة؛ وهي أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفةً وقرباً، ولهذا، لا بدَّ أن يكون الوزير الأعظم للمستبدّ هو اللئيم الأعظم في الأمة، ثم من دونه لؤماً، وهكذا تكون مراتب الوزراء والأعوان في لؤمهم حسب مراتبهم في التشريفات والقربى منه. وربما يغترُّ المطالع كما اغترَّ كثير من المؤرِّخين البسطاء بأن بعض وزراء المستبدّ يتأوهون من المستبدّ ويتشكّون من أعماله ويجهرون بملامه، ويظهرون لو أنّه ساعدهم الإمكان لعملوا وفعلوا وافتدوا الأمة بأموالهم، بل وحياتهم، فكيف – والحالة هذه- يكون هؤلاء لؤماء؟ بل كيف ذلك وقد وُجِد منهم الذين خاطروا بأنفسهم والذين أقدموا فعلاً على مقاومة الاستبداد فنالوا المراد أو بعضه أو هلكوا دونه؟" , ولهذا فلا يعد هذا العزل انتهاكا ً لحرياتهم وحقوقهم انما هو نتاج اعمالهم المقيتة في نصرة المستبد ونظامه وسادته من دول ومؤسسات مستغلة على حساب الشعب وحقوقه .
وقد قال توني كليف في كتابه " عصر الثورة " " ان الثورة ليست نزهة يمكن أن تنتهي في ليلة وضحاها أو حتى في عدة أسابيع؛ فالطبقة الحاكمة بكل ما
تملكه من سلطة ونفوذ لا يمكن أن تختفي بالكامل أو تخور قواها أثناء زلازل الانتقاضات بسهولة أو في وقت قصير، بل يمكنها أن تصمد وسط العاصفة حتى مع الكثير من الخسائر. وفي الوقت الذي تستمر فيه الثورة وتتقدم كل يوم خطوة على الأرض، يحاول المستبد باستماتة أن ينظم صفوفه جيداً من أجل شن الثورة المضادة، ففي كل الثورات تنفجر حالة من الاستقطاب العنيف بين الأطراف المختلفةالمستبد يسعى للإجهاز على الثورة واستيعابها حتى وإن كان بتقديم المزيد من التنازلات أو بتقديم أكباش فداء, والإصلاحيون الذين كانوا يسخرون من قدرة الجماهير على الثورة، يتحولون إلى محافظين يعترفون بالثورة وقيمها وإنجازاتها لكن يسعون للتهدئة والحفاظ على الأوضاع ما بعد الانتفاضة ويحاولون دوماً تحويل الثورة إلى مجرد أيقونة مفرغة من المضمون, أما الجماهير الثورية فتحاول استكمال مسيرة الانتفاضة والبناء على ما حققته من مكاسب سياسية إلى الثورة الاجتماعية." , لهذا يجب النظر الى النضال والمقاومة على انه مرحلة وليس لحظة .

ان الحرية لا تأتي مجانا ً وعندما يدفع الجماهير الثمن من خلال النضال في ثورة مستمرة لابد وان يسقط النظام , ان فهم الثورة في اطار التحليل التاريخي وصراع الطبقات بين المستبد المستغل ونظامه والمستفيدين منه , وبين الجماهير , وفي نطاق دور المستبد وارتباطه العضوي بالدائرة الممثلة للنظام الاقتصادي الرأسمالي , والتي تكون في الوقت ذاته نقطة ضعفه نتيجة العلاقات المتناقضة في ادائه لهذا الدور, من خلال النضال نحصل على العدالة الاجتماعية التي تبقى ويبقى التلاحم الجماهيري دائما للحفاظ عليها , فالثورة مستمرة , وان كان لذلك سيسقط النظام فهل نحن مستعدون لدفع ثمن الحصول على العيش ... الحرية ... العدالة الاجتماعية ؟ ... وهل يعقل ان ننتظر جوابا



#اسلام_ابو_المجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسلام ابو المجد - لماذا سيسقط النظام ؟