أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف يوسف المصري - الاخوان والليبراليون















المزيد.....

الاخوان والليبراليون


يوسف يوسف المصري

الحوار المتمدن-العدد: 3828 - 2012 / 8 / 23 - 11:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انقسمت الشرائح النشطة سياسيا في مصر الى قسمين اساسيين. الليبراليون والاخوان. الليبراليون يعيشون عالما رأوه في التلفزيون او السينما او قرأوا عنه في الانترنت او الصحف. انه عالم متقدم يبدو للجميع بصورة جذابة. احترام للانسان ولآدميته وتعددية سياسية وبرلمانات وصحفيون يشتمون رؤوساءهم وحرية شخصية وحقوق للتعبير وسيادة للقانون. وهم يقولون ان هذا ما يريدونه للمستقبل في مصر.
واخوان يرون ان الشريعة هي الحل للاوطان والخلافة هي الحل للامة والجلد والرجم وضرب العنق هو الحل للجريمة والملكية هي واقع ابدي اجازته السماء لتعذب به فقراء الارض على ذنوب ارتكبوها دون ان يعوا ذلك ولا حل لها الا بالدعاء والصلاة ثم الدعاء والصلاة ومشكلات الفقر والمرض والتخلف لا حل لها الا ب"وصفة" بسيطة.. اعيدوا السلف الصالح من الماضي لصنع المستقبل وبايعوهم على السمع والطاعة ثم انصرفوا للصلاة والدعاء.
في حالة الليبراليين الحل هو التطلع لاوضاع بلاد اخرى سبقتنا بفراسخ واميال حين غيرت من ظروفها الاجتماعية ومن ثم غيرت من صيغة حكمها. الوضع الحالي اذن على بؤسه وتخلفه وفقره وترديه لا يحتاج الى تغيير الظروف الاجتماعية في مصر. انه يحتاج فقط الى قفزة في عالم العقل من حيث نحن الى حيث تعيش مجتمعات الغرب. ساعتها سنصحو لنجد اوضاعنا وقد تغيرت بقدرة قادر جبار.
وفي حالة الاخوان ينقلب الحال. اذ ان الحل هو التطلع لاوضاع بلاد اخرى مضي عليها في الزمان فراسخا واميالا حين صاغت حكمها على اساس من ظروف باتت تشغل صفحات من تاريخ تحيط به هالة من القدسية تجعله فوق اي تاريخ. الوضع الحالي اذن على بؤسه وتخلفه وفقره وترديه لا يحتاج الى تغيير الظروف الاجتماعية في مصر. انه يحتاج فقط الى قفزة في عالم التاريخ تنقل اليوم الى قرون مضت حيث عاش المسلمون الاولون فوق رمال الصحراء. ساعتها سنصحو لنجد اوضاعنا وقد تغيرت بقدرة قادر جبار.
انهما وجهان لعملة واحدة تحتقر الفلسفة والنظريات بدعوى ان المهم هو "العمل في الواقع" برغم انهما معا منفصلان بقوة الحلم او بقوة الماضي عن هذا الواقع نفسه. فليس واقعنا الحالي هو واقع دول تقدمت امامنا بقرون ولا هو واقع مجتمعات سالفة مضت قبلنا بقرون. انه واقعنا نحن. الآن. هنا. وهو واقع لا يمكن فهمه الا بنقده وتحليله. ولا يمكن تغييره الا بفهمه والذهاب في خط مستقيم الى من يقدرون جماعة على تغييره.
ان سلاح النقد يجب ان يستند على اساس من الحاضر. هنا. وهو يجب ان يوجه نصاله بلا رحمة ولا شفقة الى قفزات الهواء سواء أكانت الى ماض ولى او الى مستقبل لم يأت بعد وليس في وضعنا ما يدعوه هو بالذات الى المجئ الآن. فالافكار لا تقبل الدعوة ان لم يكن الحفل مناسبا.
ان صراعنا الحالي هو صراع ضد ماضي الدول المتقدمة وضد مستقبل الدول المتخلفة في آن. فما لدينا الآن كان حال المتقدمين ذات يوم بعيد. وما لدينا الآن هو نتاج ماضينا نحن بالذات. انه غد الامس بقدر ما هو امس الغد. ولن نتمكن من انهاء يومنا هذا الا بانهائه هو وليس بالعودة الى الامس او بالقفز الى المستقبل.
وحتى نرفع من مستوى بلادنا علينا ان نكافح ضد الاثنين معا. ولن نفعل الا بنظرية ثورية تتحول الى قوة مادية حين تمتزج بالناس وتجعل من الظلم الذي يعيشون فيه اكثر ايلاما بجعلهم هم انفسهم يشعرون به. ان واقع اليوم لن يتغير الى واقع الغد الا برفع سلاح النقد اي برفع راية النظرية الثورية التي تجعل الناس يفهمون ان رحلات الخيال الى الامس او الى الغد لا تصلح الا للحشاشين. ولن يمكن للناس ان تنسل تباعا من خيمة الحلم بالماضي او خيمة الحلم بالمستقبل لتفترش الرمال. ان عليها ان تنتقل الى خيمة فهم اسباب آلامها طوال حياتها. فهم ان تلك الآلام ليست عقابا مفروضا وقدرا مكتوبا جاء بسبب الانصراف عن افكار واقع انقرض من مئات السنين كما انها ليست عقابا مفروضا وقدرا مكتوبا بسبب غياب قبة البرلمان وثقافة الحضارة والقانون. انها تأتي من نبع واقعي يعيشه هؤلاء الناس كل يوم تحت سياط رب العمل الذي يتحكم في الرزق او تحت سياط غياب اي رب للعمل واي سوط بل واي رزق.
نحن لن نغير القمع بالهرواة الى القمع باللحية او بالصندوق وطوابير التصويت لمجلس يحتله الحالمين بالامس او الحالمين بالغد. نحن لا نريد حالمين بشئ الا بفهم اليوم وانهائه كما ينبغي ان ينتهي. الى المزبلة. ان ثورة المصريين تتسرب اليوم ليس الى اليوم ولكن الى الحالمين بكافة صنوفهم. ويجب ان نسترد هذه الثورة لنعيدها الى من يعيشون هذا اليوم بل وهذه اللحظة بالذات. الى آلامهم وتوقهم للانعتاق من سلاسل لا يرونها ولكنهم يشعرون بها في كل لحظة.
فاذا انتصر هؤلاء او اولئك فأننا سنستبدل سوطا بسوط. وفقراؤنا لا يريدون سوطا. انهم يريدون الحرية. ان السوط هو حكم فئة من الناس لكل الفقراء. والحرية هي حكم كل الفقراء لكل الفقراء. من يحملون اي السوط لا يمثلوننا. الاخوان ينهضون على جهل الفقراء والليبراليون ينهضون على حلم الاغبياء. لا حرية مع هذا او ذاك. لا امل لمصر ولفقراء مصر مع هذا او ذاك. من "يحلون" بالصلاة والدعاء او من يحلون ب "البانجو". كلاهما لا يضع وجبة على الطابلية او حذاء في قدم طفل او ضمادة لجرح مريض.
الاخوان يقولون انهم يمثلون كل المصريين. المسلم بشريعته والمسيحي باحترام شريعته. ولكن مصر ليست منقسمة الى مسلم ومسيحي الا بسبب هؤلاء انفسهم ممن يتاجرون بالدين. انها ليست مسلم ومسيحي. انها فقير يعمل ولا يأكل وغني يأكل ولا يعمل.
والليبراليون يقولون انهم يمثلون جميع المصريين. من لا يفهمون علاقة الحرية بلقمة العيش ومن يريدون ان يقلدوا مجتمعات سبقتنا توجد حيث هي وليس حيث نحن. ان الفقراء لا يريدون سلب عمل الآخرين. الآخرون لا يعملون. ان هؤلاء الفقراء يريدون الا يسلب احد عملهم. هذا كل ما في الامر.
الثورة السياسية لن تغير من واقع الفقراء اليوم. انها تغير فحسب "شكل" من ينطقون باسم هذا الواقع ذاته. من الخوذة الى العمامة. من الدبابة الى اللحية. ثم ممن كان يكذب باسم الشرعية الى من يكذب باسم الشريعة الى من يكذب باسم حقوق الانسان. ان حق الانسان الا يسرق احد نتاج عرقه وان يحصل عليه من عمل كاملا غير منقوص. وحق الفقراء لن يأخذه الا الفقراء حين يفهمون واقعهم ويومهم هذا اللذين طالا بأكثر ما ينبغي ولن يساعدهم على فهمه الا من يسترشدون بنهج يجعلهم هم يفهمون. برؤية تمنحهم مشرط الجراح والقدرة على شرح المعقد بعبارات مفهومة. فلسفة الثورة الاجتماعية سلاحها الفقراء ممن يعملون ولا يجدون. فهنا وهنا فقط يوجد سلاح انهاء هذا اليوم الطويل والانتقال الى فجر جديد لكل فقراء مصر. وعلى من يحتقرون النظريات والافكار والكتب ان يتنحوا جانبا. فهم اصغر من انجاز المهمة. المهمة لن ينجزها الا قوى الثورة الواعية بما يجب عليها ان تفعل حين تلتقي بمن يجب عليهم ان يفعلوا.
هذا هو اليسار. ليس ليبراليا ولا ملتحيا. يقرأ كثيرا ويكافح كثيرا. ينحي جانبا تفاهات الانا ويتقدم نحو رحابة النحن. يتخلى عن الاحلام بالماضي او المستقبل ليدخل معمعة اليوم الذي سينقل مصر الى واقع جديد. انه يتجه الى من يعانون كل يوم ليس بسبب بعدهم عن سلطة القانون ولكن بسبب بعدهم عن قانون السلطة. هذا هو اليسار الذي يقول للفقراء ان عليهم ان يحكموا انفسهم اليوم وان يشنوا قوانينهم اليوم والا طال هذا اليوم اكثر مما طال.
انه يسار واثق في نفسه. يعرف ما يقول ويقول ما يعرف. لا مكان فيه للشو. ولا مكان فيه للثرثرة. ولا مكان فيه للصندوق او للحى. ان مكانه هو عمال مصر وفلاحيها وعاطليها وفقراءها في كل النجوع والحواري. انه يسار توحد ليس حول شخص ولكن حول فهم. انه يسار لا يساوم ولكنه يفضح المساومين ولا يتاجر بكلمات الثورة وانما يفضح المتاجرين ولا يصنع ديكورات وانما يدمرها. هذا اليسار حين تلتقي اكفه باكف عمال مصر وفقراءها هو وحده من سيعبر ببلادنا من هذا اليوم الطويل الى فجر حقيقي لا يوجد في الدعوة الى الامس ولا في الدعوة الى الحلم. يعرق ليس لكي يظهر ولكن لكي لا يظهر. فكاميرات التلفزيون لا تذهب الى احياء الفقراء بشوارعها التي تطفح بالمجاري والهموم وانما تذهب الى الصالونات.



#يوسف_يوسف_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمتين لعمال مصر
- قصة قصيرة..حكاية العجوزان ومرسي
- في استكمال نقد تحليلات البعض للثورة المصرية ومهامها
- مفهوم مختلف – عن الماركسية – للثورة السياسية
- هل سيبقى مرسي في القصر الرئاسي اربعة اعوام حقا؟
- ملاحظات على مقال الدكتور شريف يونس عن المشهد الراهن
- تأملات حول الحيرة الانتخابية في مصر وغياب التنظيم الثوري
- لماذا يبدو شعار الجمهورية الديمقراطية الشعبية في طرح المثقفي ...
- في الرد على مقال خليل كلفت عن اسطورة المرحلة الانتقالية في م ...


المزيد.....




- لماذا لجأت الولايات المتحدة أخيرا إلى تعليق شحنات الأسلحة لإ ...
- كيف تؤثر سيطرة إسرائيل على معبر رفح على المواطنين وسير مفاوض ...
- الشرطة الأمريكية تزيل مخيما مؤيدا لفلسطين في جامعة جورج واشن ...
- تقارير: بيرنز ونتنياهو بحثا وقف هجوم رفح مقابل إطلاق سراح ره ...
- -أسترازينيكا- تسحب لقاحها المضاد لفيروس -كوفيد - 19- من الأس ...
- قديروف يجر سيارة -تويوتا لاند كروزر- بيديه (فيديو)
- ما علاقة قوة الرضوان؟.. قناة عبرية تكشف رفض حزب الله مبادرة ...
- مصر.. مدرسة تشوه وجه طالبتها بمياه مغلية داخل الصف وزارة الت ...
- مدفيديف بعد لقائه برئيسي كوبا ولاوس.. لامكان في العالم للاست ...
- السفارة الروسية لدى لندن: الإجراءات البريطانية لن تمر دون رد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف يوسف المصري - الاخوان والليبراليون