أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سلامة - -الممانعة- أمام لحظة الحقيقة














المزيد.....

-الممانعة- أمام لحظة الحقيقة


فؤاد سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 13:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد لا يمكن الجزم بهزيمة سريعة لمنظومة الممانعة, ولكن يمكن التوقع ببدء العد العكسي لنهاية أيديولوجيا الممانعة في لبنان وسوريا. لقد تأصلت نظرية الممانعة في هذين البلدين بالأخص مع الصعود التاريخي للبعث السوري وإمساكه بأوراق عديدة في الإقليم وفي المنطقة وعلى المستوى الدولي. ومع بداية الثورة السورية وتصاعدها التدريجي، رغم الضربات التي وجهها النظام السوري والذي على العكس من التوقعات، لم يفعل إلا أن زادها تأججاً وتوسعاً, شهدنا انتكاسات متسارعة لأيديولوجيا الممانعة في الساحتين اللبنانية والسورية . لم تتوصل تطمينات أساطين الممانعة بقرب "الخلاص", إلى وقف تدهور الممانعين وجودياً، سياسياً وأخلاقياً، وإلى نضوب قدرتهم على الشحن والتعبئة واستنهاض الهمم. في هبوطهم, كما في صعودهم, يصح توقع المزيد من تعميم الخراب من أنصار أيديولوجيا لا تستقيم إلا بالقمع والقهر, والإنتقام من "المستضعفين".. الذين تدعي النطق باسمهم.
لم تعد تكفي نظرية المؤامرة الكونية في رد الضربات ومنع الإنحدار لتيار الممانعة. ولم يعد ينفع اصطناع أعداء وهميين من مثل السلفية وأمراء النفط, والغرب الإستعماري الطامع بثروات المنطقة. فتلك الثروات تبددها الأوليغارشيات العائلية الطائفية القبلية الحاكمة من دون حساب. والعداوة المستجدة مع دول الخليج والغرب تكذبها التحالفات الوثيقة مع العائلات النفطية ومع القادة الغربيين خلال العقود المنصرمة. يلزم أفكار جديدة وخلاقة لإعطاء شحنات عاطفية لأيديولوجيا الممانعة، كما يلزم إقناع الناس العاديين, قبل المفكرين, بأن ما يجري في سوريا ليس حرباً تدميرية ضد شعب أعزل تشنها أقلية شرسة متمترسة بالترسانة الحربية لنظام قاهر. يلزم الكثير من العمى أو السذاجة للإقتناع بالتخرصات الفكرية القومجية والعلمانية لجهابذة الممانعة, فكيف إذا شاءت الأقدار وإرادة الشعب الثائر أن تجتمع الضربات والسهام الموجهة نحو قلعة الممانعة المستبدة في سوريا ونحو توابعها وأذنابها في الملحق اللبناني؟
غالباً ما يكون صعود الأفكار والأيديولوجيات بطيئاً, وفي منطقتنا استغرق صعود فكر الممانعة أربعة عقود, ولكن على ما يبدو ويتأكد فإن انحدار الأيديولوجيات يسير في سرعة كبيرة, ولا يخفى أن السر في هذا الأمر يعود إلى الحروب والثورات. فانهيار الأيديولوجيا البلشفية حدث بسرعة قياسية بعد هزيمة الإتحاد السوفياتي في أفغانستان. وعلى نفس النسق يبدو أن انهيار أيديولوجيا الممانعة يتسارع على وقع تقدم الثورة السورية التي سيسجل التاريخ فرادتها. ونستطيع من الآن أن نقول بأن الثورة السورية ستكون كثورة, رغم عثراتها وأخطائها الظرفية, أهم من الثورة البلشفية في روسيا القيصرية ومن الثورة الخمينية في إيران الشاهنشاهية. وإذ شاءت الأقدار أن تكون المواجهة بين الثورة السورية الشعبية من جهة, وتحالف النخب المافيوية والعسكرية للثورتين البلشفية والخمينية من جهة أخرى, فلا يسعنا إلا أن نتساءل عن الحكمة البعيدة في هذه الصدفة التاريخية؟
في فترة بدايتها وصعودها استندت أيديولوجيا الممانعة على الفكر القومي العربي كما عبر عنه ميشال عفلق. نقطة قوة الممانعة كانت حينها, في راهنية هذا الفكر وانتشاره في أوساط الأنتيلجانسيا العربية الناشئة والمتوثبة. نقطة ضعفها كانت في التنافر الحاد بين نظامي البعث السوري والعراقي وصراعاتهما الدامية والمنهكة, نظامين رغم بطشهما ودمويتهما تجاه شعبيهما كانا يلقيان إعجاب نخب متعطشة للدفاع عن عروبة نهضوية يحاول الغرب وإسرائيل خنقها وإنهاكها. بعد سقوط صدام حسين بلغت أيديولوجيا الممانعة قمة تألقها وخاصة مع انضمام إيران إلى محور الممانعة وصعود المقاومة الإسلامية في لبنان . الدعم الإيراني شكل رافعة قوية لتيار الممانعة بما أضافه من إمكانيات وقدرات فائقة. ولكن مع بداية الثورة السورية اصبحت العلاقة مع إيران نقطة قوة في الظاهر، ولكنها في الحقيقة ستشكل مقتل نظام الممانعة لأنها تعري خطابه القومي وتحوله إلى مجرد دمية في يد نظام قوي الشكيمة يستند إلى أيديولوجيا قومية ـ طائفية تتعرى بدورها وتكشف عن مخالبها النووية وطموحاتها الأمبراطورية. الصراع يتحول بإرادة الأقوياء, النظامين السوري والإيراني, إلى صراع طائفي مكشوف بين الإسلام الشيعي والإسلام السني, وقد تراجع النظام السوري الى مربعه الطائفي الأول ظنا منه أنه يستطيع بذلك ان يحمي نفسه من السقوط, متخندقاً ومحاصراً في حصنه الأخير.
لقد خسرت الممانعة بريقها الأيديولوجي الزائف واستنفذت أغراضها كأيديولوجيا ـ غطاء لأنظمة قمعية استبدادية, ولم يبقى أمامها إلا أن تكشف عن وجهها البشع: أيديولوجيا القوة العارية لنخب عسكرية متغولة في مواجهة أرياف مفقرة مهمشة ومسحوقة. الخطاب الإنشائي عن العزة القومية والعلمانية والإشتراكية, والمقاومة ضد الأطماع الخارجية, لم يعد يصمد أمام حقيقة التعطش للسلطة واحتكار الثروة وقمع الشعب والتنكيل بالمواطنين وحرمانهم من أبسط الحقوق, وقهر الأكثرية باسم محاربة الظلامية الدينية ومواجهة الأمبريالية. ها هي منظومة الممانعة ببنيانها الهش القائم على الخداع والتلفيق تواجه ساعة الحقيقة: هي في واد وبالأحرى على قمة جبل السلطة الوحشية, والشعب في وادي العذاب والموت والدموع, وما يفصل بين السلطة والشعب نهر من الدماء يصعب أن يجف قريباً بل يزداد غزارة كلما أمد الخارج بعمر هذه السلطة المتهالكة, وأنعشها بالمزيد من وسائل البطش والدمار. لم يعد "النظام" أكثر من "قوة نيران تدميرية" لأقلية عصبوية , في مواجهة شعب ثائر مصمم على كسر قيوده, وانتزاع حريته..



#فؤاد_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرهان على سوريا, لبنانياً..
- الرهان على سوريا لبنانياً
- الربيع العربي ومعركة الأفكار
- النخب العلمانية على مفترق الربيع العربي
- الإنحيازات السياسية : أوهام ومصالح
- إيران وقطر والربيع العربي : الأدوار الملتبسة
- لبنان وسوريا: وحدة المصير والمسار في مواجهة الربيع العربي
- أي جيل , أي وطن ؟
- العرب أمام تحدي الديمقراطية


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سلامة - -الممانعة- أمام لحظة الحقيقة