الفكر الماركسي اللينيني والموقف من الصهيونية

عمر الغزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3816 - 2012 / 8 / 11 - 21:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

*الاممية الشيوعية اعتبرت فكرة انشاء دولة يهودية في فلسطين فكرة رجعية برجوازية مضادة للثورة ويجب التخلي عنها بكونها استيطانية وعرقية. هذا هو الفكر اللينيني الخلاق وهذا هو الموقف من الصهيونية*


//

تبتعد متابعاتنا الفكرية عن الكتابة عن الصهيونية كنظرية عنصرية وبخاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ولم نعد نهتم الى جوهر الممارسة الصهيونية وما تقوم به من ارتكاب للجرائم ضد الانسانية. فمنذ الغاء قرار الامم المتحدة في سبعينيات القرن الماضي باعتبار الصهيونية عنصرية قلَّت الكتابة عنها ولذا اعتقد بأنه علينا كماركسيين وكلينينيين الاستمرار في فضح الفكر الصهيوني والذي تعتمده الدولة الاسرائيلية كأساس في ممارساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لقد حدد ماركس طبيعة المسألة اليهودية بقوله: " وانما ينسل المجتمع البرجوازي اليهودي من اعماق احشائه هو نفسه دون انقطاع ولا تبلغ اليهودية ذروتها الا مع اكتمال المجتمع البرجوازي ".
اذا كانت الحركة الصهيونية حركة رجعية عنصرية لم تكن برزت بشكلها الواسع الفعال في زمن ماركس فانه وبتحليله العلمي للمسألة اليهودية قد حدد ما أسماه بالذروة اليهودية التي ستكتمل باكتمال المجتمع البرجوازي وهي حركة الصهيونية ذاتها التي ولدها النظام الرأسمالي وارتبطت به ارتباطا مصيريا. اذًا فالصهيونية ظاهرة طبقية وجدت ونضجت مع النظام الرأسمالي وحين ينجح المجتمع في الغاء الجوهر العملي لليهودية وشروطها عندئذ يصبح وجود اليهودية مستحيلا ذلك لأن ضميرها لم تبق حاجة اليها لأن الاساس الذاتي لليهودية قد اتخذ شكلا انسانيا وذلك لان المنازعة بين الوجود الفردي والمحسوس الانساني ووجوده الاجتماعي قد ألغي. لذلك ان المسألة اليهودية ظاهرة عكستها انتاجية معينة في المجتمع البرجوازي وستزول بتغيير هذه العلاقة وفق قوانين التطور.
أما لينين الرجل الماركسي الثوري وجد أمامه دراسة علمية للمسألة اليهودية اثبتت تطورات الاحداث صحتها وعاش لينين مولد الحركة الصهيونية التي أفرزها المجتمع البرجوازي المتطور وبنظرته الثورية الثاقبة عكف على تحليل الذروة اليهودية "اي الصهيونية" التي عقدت مؤتمرها الأول عام 1897 في بازل. لينين واجه النشاطات اليهودية واصطدم بها حين طالب الاتحاد العالمي للعمال اليهود في لتوانيا وروسيا وبولونيا. وواجه حزب البوند الذي طالب بقبول مبدأ تقسيم الحزب حسب القوميات والذي عارضه لينين بشدة لأن لينين دافع بقوة عن حق الامم والشعوب في تقرير مصيرها حتى في الانفصال وقد حارب كافة النوازع البرجوازية الضيقة وعارض الاهداف الصهيونية كاشفا زيف ما سمي بالقومية اليهودية داعيا الى تمثل اليهود واندماجهم في مجتمعاتهم.
لقد آمن لينين بأن المسألة اليهودية انما هي نتاج المجتمع البرجوازي وهو لم يطالب باندماج اليهود في مجتمعاتهم عبثا وانما عن دراسة علمية تاريخية لواقعهم. يقول لينين: ان اليهود المقيمين في العالم المتمدن لا يشكلون أمة فقد تمثلوا اكثر من غيرهم كذلك لا يشكل اليهود القاطنون في روسيا أمة وهذا هو الرأي الثابت الذي يقول به اولئك الذين يعرفون التاريخ اليهودي يقين المعرفة ".(لينين المسألة القومية).
الامة بنظر لينين يجب ان تكون لها ارض تتطور عليها فهل يمثل اليهود شعبا خاصا؟
يجيب لينين على هذا السؤال بما يلي: "لا قطعا، ان مفهوم الشعب يتطلب شروطا معينة لا في هذه الحالة فاليهود لا يملكون لا ارضا ولا لغة مشتركة ولا جامعا يجمع اليهود الالمان والفرنسيين باليهود الروس والبولونيين، والخصائص المميزة لليهود لا تحمل معها أي شيء من خصائص القومية".
ان موقف لينين (مطورا بذلك افكار ماركس) من الاقليات القومية كان موقفا تاريخيا ثوريا أكد على جانبين مهمين في آن واحد، الاول الاعتراف بوجود القوميات كتعبير عن وجود ارض ولغة مشتركة واعطاؤها حق تقرير المصير، والثاني العمل على اتحاد طوعي بين القوميات يعبر عن الاهداف الثورية للبروليتاريا وتخطي كافة النوازع البرجوازية الضيقة.
اذا نستطيع ان نقرر بأن الماركسية اللينينية والصهيونية حركتان متعارضتان كليا في نشأتهما وطبقاتهما واهدافهما.
الماركسية فكر ثوري متطور ومنظم للطبقة العاملة في حزب ثوري يمثل مصالحها.لقد كتب لينين عن الظاهرة الصهيونية عام 1903 ما يلي: "الصهيونية رجعية كليا وربط بمنطق ديالكتيكي علمي بين الصهيونية والامبريالية العالمية. هل من المعقول ان يكون محض صدفة واقع ان القوى الرجعية هي التي تحمل السلاح ضد ذوبان اليهودية وتعمل على تعزيز عزلتها".
إن هذا الموقف الثوري الصريح من الاهداف الصهيونية الرامية الى منح اليهود اندماج اليهود في مجتمعاتهم قد أثار حنق الصهيونية على الاتحاد السوفييتي مثلا.
لقد وقفت الاممية الشيوعية بقيادة لينين عام 1922 ضد قبول الحزب اليهودي (الاتحاد العالمي للعمال اليهود) بكونه حزبا صهيونيا بعنصره الغالب مشترطة القطيعة الكاملة مع الصهيونية وذلك بالتخلي عن فكرة انشاء دولة يهودية في فلسطين.
الاممية الشيوعية اعتبرت تلك الفكرة فكرة رجعية برجوازية مضادة للثورة ويجب التخلي عنها بكونها استيطانية وعرقية. هذا هو الفكر اللينيني الخلاق وهذا هو موقفنا من الصهيونية.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل