أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد ضحية - الثورة السودانية المتنامية: جرائم الماضي والحاضر.. ورؤى وآفاق المستقبل القريب (6 - الأخيرة)















المزيد.....



الثورة السودانية المتنامية: جرائم الماضي والحاضر.. ورؤى وآفاق المستقبل القريب (6 - الأخيرة)


أحمد ضحية
(Ahmed M.d. Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 3816 - 2012 / 8 / 11 - 00:05
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الثورة السودانية المتنامية: جرائم الماضي والحاضر.. ورؤى وآفاق المستقبل القريب (6 - الأخيرة)
أحمد ضحية
مقدمة:
غني عن القول في ظل الظروف الحالية, التي أدمن فيها كتاب الرأي والمحللين والمراقبين السودانيين, من الصابئة والمرتجئة والمؤلفة قلوبهم والمنافقين, الذين نفذ وينفذ "جلهم" مشروع الحركة الإسلامو- طائفية, بتخويف شعوب السودان والمعارضة المدنية, من المعارضة المسلحة. بإعتبار أن الأمور ستؤول للمسلحين إذا ما ألتقى معهم المدنيون! بينما البلاد قد أستبيحت تماما لأول مرة عبر تاريخها, من قبل العالم والإقليم (التدخل الأجنبي بكل صوره، حيث ضرب الأجانب خيامهم, التي تفوق هيبة" قبة النابغة الذبياني" في سوق عكاظ: أكثر من أربعين ألف جندي أجنبي, من المفترض أن عذاب كل جندي من هؤلاء قد "دنا" وفقا لأدبيات الترابي وأحزابه! وما لا يحصى ويعد من أجهزة إستخبارات ومخابرات العالم؟! بعلم وتواطؤ كامل وتام من قبل النظام الحاكم والصادق والميرغني! وخصوصا أن الصادق والميرغني هما الفرس نفسه وليس المربط, إذ يستنكف السيدان ويتعاليان على شعوب السودان؟!
إتفاقات السيدين السرية التي يدخل الباطل منها وفيها وعليها ومن بينها لا من شنآن فحسب بل و"حتى" التي حيرّت فقهاء اللغة العربية! رغم أن العربية لغتي الثانية فلا تثريب علي!
ما وضع السودان عمليا تحت ما ظللنا نسمع عنه, من حكم الإنتداب. بالتالي السودان كدولة منتهكة في سيادتها لم يعد لديها أي دور! لا على مستوى الإقليم ولا على مستوى العالم إذ أصبح السودان بين الأمم أشبه "بتمومة الجرتق" أو "الرماد: كان شالوه ما بنشال وكان خلوه سكن الدار" وفقا لأحاجي حبوباتنا في طفولاتنا وهن يحجيننا أثناء لبن المغربية أو العشاء, وليس ذنبنا أن الكيزان ليس لديهم حبوبات حجينهم بالغول وفاطمة السمحة!! ليس ذنبنا أننا لسنا طرفا في إستباحة طفولاتهم التي تقتضي أطباء نفسيين؟!..
ما المشكلة هنا؟ المشكلة أن أمراض الكيزان تماهت في جسم البلاد, فأصبحت مشكلتهم هي مشكلة البلاد؟! بل وأصبح الكيزان (البلاد) مصدر إزعاج للإقليم بسبب الأسلحة التي يتم تهريبها عبر- الكيزان البلاد- إلى حماس وفقا للتقارير الإسرائيلية!! التي أدمنت -إسرائيل- ضرب مواطني بورتسودان العزل الآمنين بسبب وغير سبب! تحت شعار الأمن الوقائي والضربات الإستباقية والإستراتيجية الإسرائيلية, في ظل ما يسمى بالربيع العربي؟!.
من السهل معرفة متى يبدأ التغيير في السودان, ولكن من الصعب جدا إدراك ما يترتب على ذلك من تداعيات لا مناص منها, إن أراد السودانيون تغييرا فعليا وحقيقيا, بمعنى" جذريا" يضمن مستقبل الأجيال القادمة, والخروج بهم من "متاهة الجنرال وأمير المؤمنين - الترابي المخلوع" وعماله "الترابيون والطائفيون الذين على شاكلة الصادق والترابي"..الذين تمثل العنصرية المظلمة والمزمنة بنية أخلاق أساسية, في أخلاقهم التي إكتنفها التاريخ الشعبي لأهل السودان الأصحاء مسبقا بالقيل والقال ونحن في الواقع, كأولاد بلد أغنياء عن السؤال!.
ولا شك أن الثورة عملية معالجة طويلة الأمد ومعقدة جدا, إذ تقوم بكسر نظم السائد المهيمن. ف"الثورة الآن" تعني في السودان, لا إسقاط السلطة الإسلاموية الحاكمة فحسب, بل إسقاط "نظام تفكير متخلف" أعاد السودان إلى عصور أسوأ من القرون الوسطى, بالتالي لا يعود للإتفاقات التاكتيكية "للمنبهرين" بين أطراف المعارضة في "شبه الإجماع الوطني المزعوم" على إسقاط النظام قيمة؟!.. فالشعب نفسه تجاوز – على الأقل في أطرافه المهمشة- مرحلة التاكتيكات لآفاق البناء الإستراتيجي للأجيال القادمة, كي تجد تلك الأجيال وطنا تليق به ويليق بها؟!
غني عن القول إذن أن تناقض مصالح السودان, بطبيعته المتنوعة والمتباينة والواقعية جدا! مع طبيعة النظام العقائدي الشمولي الإسلاموي- العروبوي- الربوي, الذي إستقرت في نظام تفكيره قيم الغزو والسلب والنهب وملك اليمين والريع الذي نهض فيه إقتصاده!..
هذا التناقض إبتداء منذ اللحظة الأولى لإنقلاب 30 يونيو 1989 ترتب عليه الإنفصال التام للنظام عن الواقع الفعلي والعملي للسودان, وطرح منذ هذه اللحظة الأولى (30 يونيو 89)لإستيلاء الحركة الإسلاموية-الإسلاربوية على النظام الديموقراطوي الطائفي, تحديات كبيرة على صعيد الداخل والخارج, ورغم إجتهادات النظام الحربائية, لأكثر من عقدين من الزمان. أدت هذه المتناقضات إلى إدخال النظام والبلاد نفسها -بالقدر ذاته- في أكثر أجزاء عنق الزجاجة ضيقا! راح ضحيتها -ولا يزال- الآلاف المؤلفة من أبناء الشعب السوداني, وفقا لسيناريوهات مختلفة.
فحينا وفقا لسيناريو الشهداء المزعومين في "صيف العبور والفجر المبين" وغيرها من أوهام لغة وأشواق وبشريات التاريخ الإسلاموي الغابر, لوجدان ثقافي مستلب يصبح فيه "المتورك" أسوأ حالا من "التركي" ذات نفسه!
وحينا آخر لسيناريو الجنجويد؟!.. وأحيانا أخرى وفقا للسيناريوهات المتعلقة بقمع التظاهرات التي-للمفارقة- يتم فيها قتل الأطفال القصر – تصفية 12طفل في نيالا و أكثر من 100 جريح وفقا للتقارير الآخيرة المتعلقة بهبة نيالا- بل وإستمراء أعمال الإبادة بمحاولة مسح مدينة بكاملها من الوجود – فقد قتل في كتم مؤخرا أكثر من 21 شخصاً واصيب أكثر من 600 حسب تقارير غير مؤكدة (وحسب تقارير أخرى قتل أكثر من 45 وأصيب أكثر من 800) - وخصوصا أن سياسات النظام, أدت للأوضاع الكارثية الحالية التي تعاني منها البلاد.
إذن ضرورة إسقاط النظام أولا هي بداية الإجابة, لتفادي نتائج أكثر كارثية,مما لو لو ظل اللإسلامويون المتأسلمون على دست الحكم!.. أقلها كارثية تفتت ما تبقى من أجزاء البلاد؟!.. خصوصا بعد إنفصال الجنوب وتحالف "كتلة السودان التاريخية- السكان الأصليون" في حلف كاودا أو الجبهة الثورية.
إذن إسقاط النظام هو نقطة البداية الصحيحة "وإن كره المخذلون من الأعراب والمتعوربين وأشباههم وأشياعهم" من بعض الصحافيين وكتاب الرأي المزعوم- الذين يدسون السم في الدسم, ويظنون في أنفسهم أنهم "مناطقة أثينا.. ولعمري (كما تقول العرب) لا يعرفون عن مناطقة أثينا وفلاسفتها شيئا"..هؤلاء هم "ثعالب قريش" وأشباههم, لذلك لا مناص من إسقاط النظام, لتعديل الصور المقلوبة, لبلاد كانت مساحتها (تقريبا مليون ميل مربع). وستؤول مساحتها بهذه السياسة لأقل من مقر شركة قطر للبترول؟!
ولإعادة الأمور إلى نصابها الذي يشبه طبيعة السودان كشعب عملاق, وكبلاد هجين جمعت بين العروبة والأفريقانية, بالتالي هي نوع مختلف.. نوع ثالث: لا عربي ولا أفريقي, إذ تحمل في جيناتها جماع النوعين؟! والأهم من ذلك أنها بلاد ل"بشر" بمعنى "الإنسان" أيا كان إنتماءه ومعتقداته وثقافته, وما يتوجب على الدولة في سبيل الحفاظ على حقوقه قبل أن تطالبه بواجباته نحوها؟!..
وللمفارقة أن الإسلامويون لا يهمهم أن تكون إنسانا –إذ لديهم سورة رحمان ونور وحجرات خاصة بهم- لا علاقة لها بحقوق الإنسان أو حكمة الأديان؟! وربما هذا هو سر تمسك "كتاب رأيهم" بمختلف مشاربهم الراهنة بعد أن بان الخلل والإختلال؟!
لمقارنة ما يجري الآن بما جرى عمليا في تاريخ الثقافة العربية, التي وفدت إلى السودان. يجب أن يدرك "المتثاقفون", أن السودان لم يكن جزء من أرض غزوات العرب وفتوحاتهم, وما إتفاقية البقط (النوبيين) و إتفاقية (البجا) بسر مدفون في جوف التاريخ وأصدافه -كما يطيب لبعض أطراف اليسارالوسط التغني؟! بل لم تستهدف هذه البلاد, بضرب آباط الإبل كي يصل العرب والمصريون الألبان, والإنجليز والمهدويون إلى مظانها!
نظام الجبهة الإسلاموية – الربوية – العروبوية – العنصرية- الشوفينية, فشل فشلا ذريعا على كل المستويات, حتى على مستوى العقيدة الإسلامية, التي يزعم أتباعه ومشايعييهم أنهم يؤمنون بها؟! ونتيجة كل الفشل الزريع الذي فشله هذا النظام, دفعت بلادنا نيابة عنه ثمنا باهظا لم تدفعه دولة في التاريخ المعاصر, سواء على صعيد وحدة البلاد وشعوبها, أو على صعيد الإقتصاد أو الكرامة الإنسانية,
في ظل سياسة الصعاليك "المستعربين" وليسوا العرب "لأن صعاليك العرب أنفسهم" كانوا يدركون معنى: "الكرامة الإنسانية" وعلاقة المواطن بوطنه, حتى لو كان وطنه خيمة في صحراء الربع الخالي, التي لم يقل لنا التاريخ حسب حدود علمنا أن العرب أو أسلافنا كانوا من سكانه!
السيناريوهات المحتملة:
إذن كل ما خططت له الجبهة الإسلاموية, الربوية, العروبوية .. باء بالفشل, عندما أصطدم بطبيعة واقع البلاد بمكوناتها التي نعرفها, والتي لن تقبل أي نوع من أنواع عمليات الإزاحة والإحلال"للقوانين التي تتحكم في أبنيتها الإجتماعية. فقد وعت هذه البلاد, دروس "محرقة سنار السلطنة الزرقاء" وتحالف "العرب القواسمة" مع "الفونج" الذي أعيد إنتاجه في نموذج أم درمان البائس, والحيشان التلاتة ومشروع الترابي؟!.
وأجتهدت الحركة السياسية إعادة إنتاجه, خلال النظم المتعاقبة, منذ فترة الحكم الإنجليزي حتى الآن! ما أدى لأن تربط الجبهة الإسلاموية مصير رئيسها "التنفيذي" (عمر البشير) بمصير هذه البلاد الكبيرة والعظيمة, الممتحنة دائما في خصوصيتها وصبرها, الذي يحاول الإسلامويون والطائفيون "شذاذ الآفاق" (الحكام ووزرائهم ومن والاهم من الإنتهازيين) عبر تاريخها تقصيره, حتى لا يكفي لأن يكون (عقال بعير للرعاة الميممين وجوههم شطر "بحر العرب" أو بوادي "فور برنقا" عند تخوم تشاد وسهول ليبيا على حسب إدمان إبراهيم الكوني في فك "أسرار تمبكتو القديمة" والرحل البدو, الذين في حالة السودان, لم يبدأوا حتى الآن كي يصيروا بدوا!!
العالم تغير. وطرح على النظام أسئلة لم تخطر على بال عرابيه, عندما قرر الإسلامويون الإنقلاب على نظام ديموقراطوي "بائس" في 1989 فكانت الأسئلة التي يطرحها الواقع, وليس بإمكان "الإسلامويين المتخلفين" الإجابة عنها؟!.. محكا لإختبار قدرتهم في التعامل مع واقع بلد بتعقيد بلاد السودان, ما وضعهم في مفترق طرق راهن خلاله نظامهم "مغامرا " حول تحديد أي طريق يسلكون.. رهانات.. ومغامرات كارثية. كلفت البلاد الأنفس والثمرات والحرث والنسل والجغرافيا!
وفي التحليل النهائي رهنت الحركة الإسلاموية مصير البلاد ب"مصير النظام الإسلاموي المتعورب لغة السودانيون والمستعربين, بما تواتر فيما يخص العرب " ورموزهم "المتخلفين" ممثلين في رئيس البلاد الإنقلابي المطلوب, لأسباب تتعلق بجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية, فضلا عن الإتهام بالإبادة الجماعية التي تعضدها مجازر "نيالا" و"كتم"مؤخرا.. كتهم إضافية تتعلق ب"ملف دارفور" في الأوساط الإقليمية والدولية, وخصوصيته الملحة كملف في سياق عمومية الثورة السودانية المتنامية؟! في ظل ظروف الإنحطاط الإقتصادي والأخلاقي, الذي عم أجهزة الدولة وشمل البلاد ومؤسساتها.. خصوصا بعد أن فشل النظام تماما في إيجاد حلفاء يفكون "زنقته" الإقتصادية الخانقة رغم المساعي الأمريكية الحثيثة والتي خلفها ما خلفها؟! دون ضمانات سوى ضمانات "أنكل سام التي إشتهر بها هذا الأنكل غبر التاريخ" وهكذا يظل النظام أسوأ من حال "نخلة حميد" في مهب ريح الثورة السودانية!.
إذ لن تغنيه -النظام- الصفقات المشبوهة برعاية أميركا وحلفائها القطريون والخليجيون عموما, الذين قضوا بتدفق نفط دولة الجنوب عبر أنابيب السودان الشمالي؟! فالأزمة شاملة وكاملة وأكبر من تسعيرة مرور –بعد أن تم فقدان النفط ذات نفسه - التسعيرة كمخدر موضعي لا تغني من جوع, ولا الوساطة الأمريكية لدى الدائنين المحتملين! كالصين وأخواتها؟! خصوصا في ظل الجرائم الإنسانية والدولية المستمرة ضد المتظاهرين, في شتى بقاع السودان, إلى جانب التردي الإقتصادي المريع, والذي ليس منظورا حتى في ظل نظام رشيد, أن يعالج بضربة لازب, فحتى النظام الرشيد نفسه, بحاجة لوقت لتعديل الصور المقلوبة, وتصحيح أخطاء تجربة الجبهة الإسلاربوية - العروبوية.
لا يخفى على أحد أن القوات المسلحة, التي لطالما تفاخر بها السودان. أخضعها النظام الإسلاموي لتجربة قاسية, أدت في النهاية أن تكون حامية للنظام وليس للبلاد! وغني عن القول أنها أساسا لم تخض أي حروب ضد أعداء حقيقيين للسودان, إذ ظلت طوال تاريخها لعبة في يد السياسيين الإسلامويين والطائفيين والعروبيين المستلبين, الذين تأصل فيهم "داء الإحساس بالدونية" تم تسخيرها – القوات المسلحة - لقتل وقمع أبناء شعوب البلاد في الشرق والغرب وبعض أنحاء الوسط والجنوب؟! ما يستدعي إعادة بناء عقيدتها العسكرية من جديد "كقوات مسلحة وطنية" تدرك حدود دورها وطبيعة مهمتها, خصوصا في بلاد كبلاد السودان! وخصوصا أنها الآن تقاتل على جبهات داخلية مختلفة, تراكم فيها كل ما يتناقض مع عقيدتها العسكرية الوطنية المفترضة, إن كانت لها عقيدة وطنية أساسا– كعقيدة ليس مجال إختصاصها الحلول الدبلوماسية والسياسية- و كعقيدة مبنية على مواجهة الأعداء الخارجيين للبلاد وليس أبناء البلاد.
وستبدي لنا الأيام كيف ستتصرف القوات المسلحة في هذا المأزق الوجودي لكيانها ومفاهيمها وتصورها لنفسها, وهو مأزق وضعتها فيه الجبهة الإسلاموية العروبوية في سبيل تحقيق ذاتها, إذن المختصر المفيد أنه تم إلغاء دور القوات المسلحة, كحامية للوطن ومواطنيه, وليس عدوا لشعوب أطرافه الثائرة! خصوصا في ظل الإنقسامات الداخلية للنظام وحزبه وحلفاءه, و التغييرات التي تجتاح الإقليم العربي, الذي يؤثر مباشرة أو بطريقة غير مباشرة, فيما يجري بالسودان.
إلى جانب ضغوط بعض دول الإقليم والعالم على صعد مختلفة, وما تطرحه المعضلة الإقتصادية من ضغط إضافي تضاف إليه الإحتجاجات المتنامية, التي لا تتوقف إلا لتبدأ من جديد في رقعة واسعة, كالتي يمثلها سودان ما بعد الإنفصال الحالي, مضافا إليها القضايا والأجندة الجنوبية, والجبهات المفتوحة على كامل حدود السودان مع الجوار! إلى جانب القضايا الطارئة كأزمة الحريات السياسية والصحافية؟!..
إذ لأول مرة, خلال عقدين من الزمان "تكتشف القوى السياسية والصفوة التي تدير إعلام الحركة الإسلاموية, والصفوة الأخرى التي تتعامل مع هامش حريات إعلام الحركة الإسلاموية "أن هناك غياب وتغييب وكبت للحريات السياسية والصحفية"! فهذا زمان المهازل!
صحيح أن العوامل المذكورة آنفا, والتي يقف فساد الدولة, وتواطوء الحزب الإتحادي بقيادة الميرغني والأمة (دعاة تعديل النظام وليس إسقاطه) بقيادة الصادق المهدي, على قمتها. ليست كافية لتغيير هذا النوع من النظم الحربائية الإسلاربوية, في ظل القوى السياسية, والحركات المسلحة المعارضة الأخرى, بإنقساماتها وإختلافاتها وتباين أهدافها, فيما يخص عنوان وشكل الدولة الوطنية, المزمع بنائها بعد سقوط النظام "لا محالة"..
ورغم أنف كل هذه العوامل السودان كدولة لا يملك سوى خيارين : أن يحافظ على ما تبقى منه أو أن يمضي كل من أطرافه في حال سبيله دون ندم أو أحزان؟!
إذ ليس هناك إتفاق حتى حول آلية تغيير موحدة, ما يفتح الباب لكل أنواع السيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعة, فيما يخص إسقاط النظام. بدء بإنقلاب قصر أو إنقلاب داخلي, مرورا بثورة شعبية غير محمية أو محمية بالسلاح, وصولا لنموزج الحالة السورية أو إنقضاض الأطراف على المركز (وهذه كارثة كبرى للمركزيون لو يعلمون, وغبطة كبرى في الوقت نفسه للمهمشون في بلادهم ووطنهم لو يعلمون), مع عدم إستبعاد سيناريو مشابه للحالة الليبية! بطبيعة الحال غير مسنود ب"قطر على غرار الحالة الليبية" فقطر فيما يخص السودان – وفقا للضغط الأميركي- من الواضح أنها تعاني عدم فهم لطبيعة التغيير المتوقع في السودان وضروراته, ما دفعها لإنتاج أجندة متناقضة مع هذا التغيير المتوقع, في حالة أن تنجزه القوى الموالية للشعب بتوجهاتها المناهضة للإسلاموية والطائفية..
لذلك قطر أقرب للحرص على إجهاض أي مشروع تغيير, فحلفائها الأمريكيون, لا يطلعونها على الأجندة الكاملة, إذ يكتفون بإطلاعها على دورها.. فقط دورها؟! وفي الواقع هذا ليس حال قطر وحدها في الإقليم العربي, الذي يعتبر فيه توجه التغيير السوداني "نشازا عكس توجه الربيع العربي الإسلاموي المزعوم, بصرف النظر عما تمثله مصر وليبيا من قطبين مؤثرين وهامين, في معادلات التغيير في السودان!
لقد فعل النظام بإقتصاد البلاد ووحدتها ما لم يفعل الحداد, بالتالي أي سيناريو يرتكز على إجراءت ك"المخدرات الموضعية" لتحسين الإقتصاد, أو قمع الأطراف الثائرة بمسحها من الوجود (قرى وادي صالح بغرب دارفور) أو مجازر على قرار ما حدث في (نيالا وكتم) لن يحل أزمة النظام المتفاقمة, خصوصا في ظل ظروف تراجع الحلفاء الدوليين, عن إسناد الإقتصاد السوداني الشمالي المنهار, رغم المجهودات الأمريكية الجبارة (والتي هي تحصيل حاصل, لذر الرماد في عيون السودان وشعبه ومعارضته), وخصوصا أنه حتى لو حدث تطور إيجابي, في إقتصاد الشمال. لن يكون على المدى القريب!.. ففي الوقت نفسه وتائر الأحداث المتسارعة ,على صعيد التطورات في تماسك المعارضة وقرارها بضرورة إستمرار المواجهات, لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ! خصوصا أن العقلية الإستفزازية العنصرية والخربة والعدائية للنظام, ليس هناك ما يشي بتغيرها, للوصول معها إلى حلول واقعية وعملية, تعطي دورا لأطراف العملية السياسية والحركات المسلحة في المركز والأطراف.
حتى لو كان هذا السيناريو مدخلا لأفكار ومفاهيم الصادق المهدي المعروفة, فيما يخص دعوته لحكومة إنتقالية تحافظ على "نبيذ" الحركة الإسلاموية العروبوية الطائفية العنصرية " لقوى السودان القديم", بحيث يتم إستبدال واقع دارفور البائس "النبيذ القديم", ب"روضة أبي نواس" أو "الحسن إبن هاني", "كقنينة عرديب جديدة" تائهة في زقاقات وحواري عصور الأمويين والعباسيين ونبؤات المهدي المنتظر!
وبطبيعة الحال لا يمكن العثور على مثل هذا النوع من "الأنبذة" في أقبية التاريخ, إلا بالعودة لأخيلة فيكتور هوجو والكسندر دوماس الأب والإبن, وهكذا التحليل النهائي يقول أن: "الصادق المهدي يضحك على ذقون الدارفوريين وقوى المعارضة الأخرى"فهذا هو مفهومه ومفهوم القوى الطائفية واليسار القديم والجديد للسياسة! خصوصا أن الصادق وهو يطرح مثل هذا المشروع "التوافقي" بينه وبين قوى الإسلام السياسي الأخرى, يتجنب طرح موضوع المحكمة الجنائية الدولية؟! كموضوع مفصلي, يقع في جوهر الأزمة السودانية! ويمثل لبعض أطراف المعارضة غير التقليدية -خصوصا الحركات المسلحة وبعض المثقفين الأخلاقيين-محورا جوهريا!
لإرتباط قضية المحكمة الدولية بأقصى إنتهاكات, يمكن أن تحدث في بلد في التاريخ المعاصر, فالشاهد أن تجربة اليهود مع النازية, تتضائل قامة أمام ما تم إرتكابه في الأطراف, من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية, هذا غير الإنتهاكات الفظيعة والمتعاظمة لحقوق الإنسان في الوسط والشمال, مما يفقد قضية الإنتماء لوطن يجمعهم (المهمشين) بأمثال هذا النوع من البشر (الإسلامو- طائفيون – عروبويون- عنصريون- شوفينيون)..
ما الذي يجعل الإنسان مواطنا في دولة واحدة تجمعه بمثل هذا النوع من البشر؟ ما هو الحافز أو القيمة أو الإمتيازات, التي يجب أن يحرص عليها بالبقاء متوحدا مع مثل هؤلاء في بلاد واحدة؟! ما هي مشروعية الإنتماء إبتداء!
وفي سبيل تصحيح الصور المقلوبة لسودان يحترم أبناءه, يجب أن تفرز المعارضة موقفا واضحا من الترابي وحزبه وواجهاته وأرصدته وطلائعه المتقدمة ممثلة في "المؤتمر الوطني" والمتأخرة متمثلة في "الطائفية" وكذلك المتعاطفين معه, إذ لا يعني "خبث" الرجل القبول و الإستهانة بمصير البلاد وشعوبها, ركضا خلف أحلام وأشواق مندثرة, يتوهمها الصادق وشيخ حسن! ولا يعقل أن تؤدي نتائج مشاريع الأذكياء كشيخ حسن والترابي إلى إبادات وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية! .. والذي لا يعقل أيضا بكثير من "المغسة" أن يسوق (من تسويق) الطائفيون للرجل (الترابي) ليصبح قائد المعارضة الهمام بين ليلة وضحاها!!
فالرجل بين يوم وليلة يتحول من جلاد إلى ضحية, ودهاقنة السياسة المزعومون في اليسار واليمين والوسط و"القوى الجديدة المزعومة" تبصم له بالعشرة بل وتسعى لإصلاح ذات البين (حق جناح هالة-محمد سليمان) بينه وبين نسيبه, الذي ليس بحاجة لوصال فحبل الود الإسلامو - طائفي موصول من المبتدأ إلى المنتهى, وليس بحاجة "لجودية ديموقراطية الشجرة حتى لو كانت تحت رعاية قطر للبترول"!
وما هو أهم من كل ذلك, ما الذي يجعل شعوب السودان الطرفية بمواقفها المعلنة من المركز بمواقفه التاريخية ضدها, ما الذي يجعل هذه الشعوب تحرص على البقاء في وطن واحد يجمعها بالشعوب الأخرى, تحت إدارة مثل هذا النوع من السياسيون المنحرفون! ما الدافع والحافز؟! فالأصل في المواطنة الحرية والكرامة!
ومن المفارقات أن القوى السياسية والحركات المسلحة, في نبؤاتها. تجمع على سيناريوهات محتملة محددة تتمثل في:
(1) أن تسعى الجبهة الثورية السودانية وقوى التغيير المعارضة في الخرطوم, الى إزالة نظام الخرطوم. مع التأكيد أن هذا السيناريو تعترضه "عقبة وحدة المشروع الوطني الجامع الشامل" لكل أطراف الطيف السياسي.
(2): يفترض هذا السيناريو تجاوز المأزق الوطني الحالي عبر إنتفاضة شعبية على غرار أكتوبر 1964 وأبريل 1985. وهو إفتراض تعاملنا معه مسبقا في حلقاتنا الماضية
(3): مشروع القوى (الإسلامو- طائفية والقوى القديمة) عموما سواء كانت يمينا أو يسارا, والذي يفترض أن التغيير يمكن أن يتحقق عبر إستغلال المتناقضات الداخلية للنظام, وأكثر من يروج لهذا المشروع هم الإسلامو- طائفيون على رأسهم الصادق المهدي والترابي ذات نفسيهما.
أو ..
(4) التغيير السلمي والديمقراطي خلال (الأسموس لاندينج) أي عقد مؤتمر دستوري لا يقصي الحركة الإسلاموية بل تكون هي عرابه ومهندسه بتكوين حكومة إنتقالية تكون فيها القوى السياسية بغضها وغضيضها "كتمومة جرتق"..
عليه خيار الإنتفاضة الشعبية الشاملة كسيناريو ضمن هذا السيناريو الحربائي الأخير (3و4) المتشعب والمعقد لا يزال مطروحا لكن – لكسر حربائيته – يجب أن يستصحب نوعا من التهجين بسيناريوهات أخرى لا تستبعد كل الإحتمالات سواء كانت عسكرية أو ثورية قادمة من الأطراف أو "رزق اليوم باليوم" فيما يخص القوى القديمة وقوى الوسط والجديدة جناح هالة ومحمد سليمان..
وهنا يجب أن نلفت الإنتباه لتأثير عناصر التردي الإقتصادي على الشعوب السودانية, فالجوع لا يحتكم للغة السياسة بإستراتيجياتها وتاكتيكاتها, فللجوع منطقه الخاص والخاص جدا! عل الأباطرة الإسلامويين وأتباعهم يعون دروس "ثورة الزنج" ومتناقضات العصر الأموي والعباسي خصوصا.. طالما أنهم مغرمون بالتاريخ المتجلي في تداعيات الصافي جعفر وسبدرات - دون أن يغفلو عصر المماليك لأنه الفيصل المعادل الموضوعي لحالتهم, التي تستلزم التغيير وتدفعهم "لجحر ضب خرب" (حقوق الملكية الفكرية والإبتداع محفوظة للأخ الصادق المهدي والأخ الميرغني, اللذين هما بمثابة العقبة الكؤود, إزاء أي تغيير!! لأن الأمر يرتبط بمصالح البيتين الإستعماريين, وحليفهما الجديد ممثلا في الحركة الإسلاموية والإنتهازيين بمشاربهم المختلفة!
وفيما يخص حزب الأمة تحديدا يرتبط الأمر بمعزل عن بناته الماجدات وعن شباب الأنصار الأماجد (حزب الأمة) الذين يجدون منا كل التقدير والإحترام, فقد وعوا الدرس وتجاوزوا قيادتهم, كما شهدت لهم حركة الإحتجاجات الأخيرة!.
يجب أن يفهم النظام أن حواء السودان ولود وقادة شعوب السودان: هم كل السودانيون.. وأن قدر السودان أن شعبه (شعب عملاق ظل يقوده أقزام والإحالة هنا لمحمود محمد طه).. شعب يقود نفسه ويعرف ويدرك بدائله, من خلال معرفته لأبناءه الذين ذاق أهلهم الأمرين لتعليمهم وتثقيفهم, ليصنعوا فعلا مفيدا. ويجعلون من أنفسهم علامة فارقة في مفترق دروب الطائفية وحلفائها الإسلامويين والإنتهازيين "القصر" الذين أحلامهم أقصر من حل سؤال "الكوع والبوع" رغم أن سياسي, السودان خبراء في مهنة تفصيل القماش والجلاليب والسراويل والأنكسة!. ومنشغلون كثيرا بقصة الدجاجة والبيضة!!.
لذلك سؤال البديل ليس سؤالهم.. فكل أبناء هذا الشعب بمختلف تخصصاتهم هم بديل, لأنهم ينتمون لهذه البلاد: بترابها وأخيلتها وصورها وذكرياتها وأحلامها, التي أشبه "بشوف" الخواجة عبد القادر في مسلسل رد الإعتبار للسودان من "بواب لقصر عابدين" وجسر "بمعنى كوبري أو سمسار علاقة عاطفية بين العرب والأفارقة" إلى حيثية وتاريخ للأديان والحضارة والتاريخ, ولتفسير الخبايا المستعصية في ظل عالم دولي وإقليمي, يحاول أن يجعل من السودان ميدانا لتصفية قضاياه التاريخية والراهنة –أشبه بالحالة اللبنانية- التي لا دخل للسودان بها من قريب أو بعيد؟!..
لذلك سؤال البديل يخص القوى الطائفية والإسلاموية – العروبويتين ولا يخص شعوب السودان في أقصى شماله وجنوبه الراهن والسابق, ووسطه وشرقه وغربه. فحواء السودانية تعلم تماما أنها أنجبت رجال دولة مسئولين, وليس ذنبها أن بعض أبنائها "فاقد تربوي" كرئيس الدولة الإسلامو- طائفية عمر البشير؟!
لذلك من أكثر الأسئلة إستخفافا حتى بأمهات شعوب السودان, طرح "سؤال البديل" بعد أن إعتقل النظام جزء من البديل في التظاهرات وقتل البعض الآخر وشرد وحجر على من تبقى؟!.. هذه "قلة أدب" يروج لها من أطلقوا على أنفسهم ألقاب "خبراء وطنيون" ومراقبين وكتاب رأي ومحللين وعرفاء ووكلاء عرفاء كتائب إليكترونية!! الأجدر بهم أن ينهمكوا الآن في حل لغز قضية "فدك" مع الشيعة بإعتبارهم سنيون لا يعرفون حتى الآن لماذا هم سنيون وليسوا قرامطة مثلا؟!.. ويتركون السودان وقضاياه لأبناءه الذين ينتمون له حقا!.. ولا علاقة لهم بمماحكات التاريخ وحيله وألاعيبه!
الخاتمة:
هنا يجدر بنا تثمين إجراءات اليسار, في إنهاض وإستنهاض النقابات الشرعية من جديد, وفي الواقع أول الغيث قطرة, وستتوالى بهذا الإجراء إجراءت صحيحة كثيرة, تفضي إلى أن يكون السودان للسودانيين, وليس للغرباء من ضواحي ما خلف حلايب والفشقة ومليط, إلخ.. هؤلاء المحتلين لجزء من أراضينا في الشرق والشمال والغرب.. فهو سودان الكنداكات الذي نعرف وسودان الميارم والكنوز قبل أن يصبحوا كنوزا على عهد كنز الدولة؟! أنه سودان السودان والسودانيين الذين تشبعو بمكارم أخلاق, تضاهي ما ورد في الديانات و المواثيق الدولية, التي رمت بها الطائفية والحركة الإسلاموية عرض الحائط.
ليس ذنب حواء السودان أن السودان لم يتقلد حتى الآن, سنام سلطته سوى العملاء المتآمرين مع المصريين وبقايا ألبان محمد علي باشا الكبير أو التاج الإنجليزى أو المصري, فهؤلاء أبناء عاقون لايدركون حتى الآن أن لا وجود لا لمحمد علي باشا ولا للتاج الإنجليزي أو المصري ! وهذه ليست مشكلة الوطن كأم وكأب, هذه مشكلتهم هم كأبناء ضالين مغضوب عليهم.. كأفراد تتصارع داخلهم كل الأطماع البشرية والغرائز الآنية المحدودة التي تليق بدرجة إنحطاطهم, إزاء الأحلام التي إستشعروها (كمستلبين) تنجب زوجاتهم أبنائهم في الغرب الذي "دنا عذابه" –وليس في السودان- الذي يريدون "تخليده في العذاب"؟!.. ليحملوا "جنسية هذا الغرب" الذي دنا عذابه! للمفارقة؟! دون أن يستوعبوا أن هوية هؤلاء الأبناء, التي دفعت ثمنها شعوب السودان. هي بكل المعايير الواقعية والعملية (هويات عابرة) تماما كالترحال الثقافي (للعقول) الذي يعانيه من يسمون أنفسهم مراقبين وكتاب رأي ومحللين مزعومين, إلخ.. من صحافيين لن تجد نظيرا لهم في "الغرب الذي دنا عذابه" .. أي نعم, الغرب شخصيا ذات نفسه, لا يمكن أن تجد فيه أمثال هؤلاء على مسؤليتي الشخصية!!
وما هو أنكأ وأمر أن "الشعبويون- منسوبة للترابي" الإسلامويون هؤلاء وأشباههم- إنساقوا لترهاتهم فتخيلوا أن بإمكانهم –بمعنى إمكانية الحركة الإسلاموية- إلقام بلاد السودان متعددة ومتنوعة المشارب حجرا.. كده ساكت بس! كيف؟! بالحديث السياسي الإسلامو – طائفي الفارغ –وليس الأخلاقي- ونحن بلاد إنبنت على "الأخلاق" ولن نتنازل عن "الأخلاق" مهما فعل السياسيون التافهون, منذ المؤامرات التي حيكت على عهد "قوة دفاع السودان" من بعد و "مجلس القبائل من قبل" الذين لم يرغبوا في التعرف على واقع التعدد والتباين, لإعتقادهم أن معرفتهم بما يجهلون ستنتهك مصالحهعم المدعاة! وصولا إلى قواتنا المسلحة المغلوبة على أمرها الآن!! بسبب تغبيش وعيها.. إذ لا تدرك حتى الآن بعد كل هذه السنوات أنها تمثل وجدانات ثقافية لشعوب مختلفة, وليس شعبا واحدا! وهذا هو معنى الأمة الذي تحدث عنه مشروع الحركة الإسلاموية ذات نفسها؟!..
حواء السودانية لم تلدنا في مخاض بناء الدولة السودانية وإستقلالها في 1956 لنقاتل بعضنا البعض.. فهي كأي أم ولدتنا لنتكاتف كأخوة لبناء هذا الوطن, الذي هو نموذجا لها بتنوع أهوائها وهواياتها.. بتنوع أمزجتها وتصوراتها للعالم والناس والأشياء, ومعنى الجوار والصداقة..
حواء السودانية إبتداء في تربيتها لنا منذ كنا "مزعة لحم" وضعت تصورا كاملا وشاملا, لما ينبغي أن تكون عليه علاقتنا بها وعلاقتنا كأخوة ببعضنا البعض!.. وبهذه الأرض العظيمة التي ولدنا ونشأنا وترعرعنا فيها (للمفارقة أننا نتكلم عن السودان كمذكر بينما يروج البعض لتأنيثه إستخفافا! دون أن يدركوا أنهم يضيفون ب"تأنيثه" شرفا جديدا للسودان سواء كان إسمه مذكرا أو مؤنثا وإن كره فقهاء اللغة والبلاغيون تطاولاتنا كأعاجم لدينا لغات غير العربية!..
للمفارقة السياسيون المزعومون, لا يفكرون سوى في إقتسام السلطة والثروة, و لا يفكرون في تقاسم الوجدان الثقافي للسودان الكبير, الذي يدفعنا للكتابة على هذا النحو, الذي لا نريده.. ونشعر أننا مرغمون الآن للكتابة بهذه الصورة!
المهم أن هؤلاء السياسيون المزعومون, رغم أنف توجهاتهم الإنفصالية وغير الإنفصالية البائسة! يغفلون بإدعاءتهم ومزاعمهم التحليلية التي صورتها لهم الحيشان التلاتة, والمأزق الوجودي لأمدرمان فيما يخص علاقتها بالسودان الكبير!.. يغفلون أن هناك قوى ديموقراطية وليبرالية ساهرة على حقوق هذا الوطن, وتبذل في سبيله الغالي والنفيس, وهي رقم مرجح وراجح في الوقت المناسب ! إذ لا يعوزها المشروع الوطني الإستراتيجي, ولا البرنامج المرحلي ! بل ستسقط حتى دعاوى المؤتمر الدستوري, بمواصفات قوى السودان القديم!
فالحركة الإسلامو-طائفية الربوية, لم تدع للآخرين خيارا! مغيبين عن حقيقة التغييرات, التي طرأت على العالم, بفعل واقع العولمة وما بعدها. والحداثة وما بعدها. والشفافية. والحساسية. والحساسية الجديدة, دون أن يدركوا, أن لكل شعب من شعوب العالم, طريق تطوره الوطني والحضاري, الذي يخصه؟!..
وآخيرا أكثر ما أخشاه, أن يعاد إنتاج المثل أو المأثور الشعبي:"الرماد كال حماد"! فعندها سيبحث المركزيون بعد فوات الأوان عن مخرج, عندما لا يجدي البحث عن مخرج, لبلد مساحتها أقل بكثير من دولة قطر؟!..
إنتهى.



#أحمد_ضحية (هاشتاغ)       Ahmed_M.d._Ahmed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السودانية المتنامية: جرائم الماضي والحاضر.. ورؤى وآفا ...


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد ضحية - الثورة السودانية المتنامية: جرائم الماضي والحاضر.. ورؤى وآفاق المستقبل القريب (6 - الأخيرة)