أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيروان رفعت أحمد الزنكنة - الأسطورة والمفاهيم العلمية الحديثة















المزيد.....

الأسطورة والمفاهيم العلمية الحديثة


سيروان رفعت أحمد الزنكنة

الحوار المتمدن-العدد: 3810 - 2012 / 8 / 5 - 00:27
المحور: الادب والفن
    



كان للفكر الاسطوري هيمنة كبيرة في العصور القديمة، عندما كان يؤول الاحداث الطبيعية، كالرياح والامطار ... وفقاً لطبيعة تلك الافكار وتعتبرها فعلاً من أفعال الالهة ... وتعد هذه النظرة بمثابة البذرة البدائية لتوليد الافكار ورصد الجوانب المهمة، مما جعل أهتمام الباحثين في هذه الزاوية وسبر أغوارها والبحث في كينونتها .
فالاسطورة هي عبارة عن قصص خيالية ذات أصل شعبي وتمثل فيها قوى الطبيعة بكائنات تكون لافعالها ومغامراتها معانٍ متعددة ورمزية واضحة، كالاساطير العراقية والمصرية والاغريقية القديمة التي كانت توضح وتفسر حدوث ظواهر الكون والطبيعة بشكل عام، وفق الاعتقاد السائد انذاك ترحج هذه الاسباب الى تأثيرات تصدر من قبل الالهة التي كانت تسيطر على قوى الطبيعة، وفق معطيات ظاهرة في البيئة المحيطة، وتتضمن وصفاً شاملاً لافعال الالهة والاحداث التي تخترق الطبيعة وقوانينها، حيث يعتبر سيرج. ل. جوم الاسطورة على انها "تفسير لقضايا أو أصل وجوهر العلم، في عصر ما قبل العلم"( )، وكذلك تكشف لنا أوجه جديدة عن الحقائق المرئية وتصيغها وفق معرفة المجتمعات في أطار متعارف عليه ولا تخرج عن نطاق البنية الثقافية لتلك المجتمعات، أي أن الاسطورة كانت تفسر قضايا تعود لذات المجتمع، فعلى سبيل المثال نلحظ الكثير من الاراء حول كيفية خلق الكون والفيضانات والرعد والبرق ... وأصل الانسان والحيوان ... حيث تختلف تلك الاراء بأختلاف المجتمعات والبيئات من امة الى اخرى، بيد أن للبيئة والمناخ والاجواء وكذلك الحالات النفسية للافراد داخل المجتمعات دوراً هاماً في طرح تلك الاراء الجمعية، وذلك لان الاساطير هي بمثابة "تعبيرات جوهرية لخصائص معينة للعقل البشري بل وحتى للنظام الذهني أو السيكولوجي الاساسي"( ) ... وفي ذات الوقت توجد مفاهيم مشتركة بين الفصائل البشرية من حيث تلك التأويلات والتفسيرات .
إذ إن الاسطورة هي "الشكل الاساسي من رؤية العالم لدى الشعوب في أقدم مراحل تطورها"( )، عندما وجد الانسان نفسه يتحدث عن الخلق في أساطير متعددة منها (قصة الخلق والطوفان) وهي أسطورة بابلية تفصح عن قصة غيبية ألهية المتمثلة في كيفية خلق الانسان ومدار الفلك وخلق السماء والارض ... وفي هذا الصدد يؤكد الكاتب الكبير فراس السواح بقوله أن الموضوعات الاسطورية تتميز "بالجدية والشمولية، فهي تدور حول المسائل الكبرى التي ألحت دوماً على عقل الانسان، مثل الخلق والتكوين وأصول الاشياء والموت والعالم الاخر"( ) .
حيث يتميز الخيال الانساني بحيازة الافكار التي تفوق الاشياء المادية المحسوسة والتجارب اليومية كي تصل بنا الى عوالم لا متناهية غير مألوفة ... لتجسد عوالم لا يمكن تعليلها منطقياً، من خلال تمردها على الواقع، فالخيال مايزال "تلك الملكة التي تمكن العلماء من اخراج معارف جديدة الى ضوء، والى اختراع التكنولوجيا التي جعلتنا أكثر فعالية بكثير، بل إن خيال العلماء هو الذي مكننا من السفر الى الفضاء الخارجي ومن المشي على القمر"( )، فملكة الخيال هي التي جعلتنا أن نبحث وبأستمرار منذ القدم ... وكانت لها دوراً بارعاً في الافصاح عن الكثير من الاشياء والكشف عن الاسرار ووصول الانسان الى غاياته الذاتية وكما يمكن ملاحظة بعض الامور التي نجدها في الوقت الحاضر منها الافلام الخيالية والافلام الكارتون التي هي عبارة عن قصص خيالية من صنع خيال الكاتب، حيث أن النصوص في هذه الروايات لا تستند الى أسس ونظم حقيقية بل أنها تساهم في إيصال جملة من الافكار الخلاقة والبناءة الى المجتمعات وكما تساعد في تطوير البنية العقلية لدى الافراد، وبناء شخصية الانسان من خلال مجموعة من الاجواء الخيالية والافتراضية، وكيفية التلاعب بالاشكال ودمج بعضها مع البعض الاخر، ورصد المواقف التي لايمكن حدوثها في الواقع بالاضافة الى الاشكال الغرائبية وتسلسل الاحداث والافكار التي قد تصل في نهاية الامر الى هدف معين، فهذه الاحداث والمواقف في بنية النص من نتاج ملكة الخيال لدى الانسان في العصر الحديث التي تستبعد الواقع بشكل مقصود وتدخل الى أجواء لانهائية ومستأصلة من جذور الحقائق المرئية .
نستدل مما سبق ان الاسطورة هي ام العلوم، والبذرة الاساسية للتوليد والاستمرار في الاستقراءات الذاتية للاشياء، مما تمخضت عنها كشف جوانب غائرة غير محسوسة منها فكرة الاخصاب على سبيل المثال، إذ يرى جيمس فريزر في كتابه "الغصن الذهبي أن الاساطير كلها أرتبطت أصلاً بفكرة الاخصاب في الطبيعة"( )، بيد أن فكرة الاخصاب هي قضية غير مرئية وفي ذات الوقت موضوعة علمية رصينة ومهمة في نسق الحياة الانسانية، ومؤثرة في منظومة المجتمعات السابقة والحالية، وقد بحثت عنها الاساطير في الماضي وخلقت فكرة لدى الانسان في هذا الحانب ثم بحث عنها هذا الانسان حتى توصل إليها من خلال الاكتشافات العلمية الحديثة، وكتب عنها الباحثون والعلماء، ومن المتتبع للنقاش أن البعض أثنى على دور الاساطير التي كانت تبحث عن هكذا أمور بشكل غير علمي، ولكن أساس هذه الفكرة كانت في تلك الاساطير تحديداً .
كما كانت للاسطورة دوراً فاعلاً في وصف وتوضيح الافكار الفلسفية، خصوصاً لدى الفلاسفة، حيث أثرت في فلسفتهم، ولم تغب عن وعيهم ذكريات الزمان الاسطوري والشعري، تحديداً لدى فلاسفة الاغريق، وأستخدمها البعض منهم في التعبير عن وقائع وأفكار يصعب النفوذ اليها، وكان الغرض منها هي لجذب أهتمام الجالسين وأقناعهم ولايقاظ ذكرياتهم القديمة ومخاطبة عقولهم وخيالهم وأعرافهم الاجتماعية السالفة، فالاسطورة طريقة "للتفلسف وقد كان كذلك في الغالب، واذا أمعنا االنظر وجدنا أساطير افلاطون صادرة جزئياً من عجزه عن عرض أفكاره للناس عرضاً واضحاً"( )، وكما تمكن البعض من خلال الاساطير تعلم الناس على الحكمة والفضيلة والمعرفة، وخير مثال على ذلك، عندما تحدث أفلاطون عن أسطورة الكهف لتوضيح فكرة ما ... وكذلك أستخدمت في "عرض مذهب أو فكرة عرضاً شعرياً قصصياً"( )، وبهذا يمكننا القول بأن الاساطير هي التي جعلت الانسان في العصور القديمة والحديثة أن يبحث في مكامن الكون وما فيه من غرائب الافكار والاسرار، وقامت ببناء التكوينات الاساسية للبنية الفكرية منذ بداياتها الاولى وأعطت للانسان جراءة البحث وسبر أغوار الواقع، مما تمخضت عنها الكشف عن الكثير من الاشياء ومن خلالها توصل الانسان الى الاكتشافات الحديثة وعصر التكنولوجيا والتقدم ... في مختلف مجالات الحياة .



#سيروان_رفعت_أحمد_الزنكنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقعية السحرية


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيروان رفعت أحمد الزنكنة - الأسطورة والمفاهيم العلمية الحديثة