أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حمدي محمود - رواية (قصة أمير) الفصل الاول اقتراب النهاية















المزيد.....

رواية (قصة أمير) الفصل الاول اقتراب النهاية


محمد حمدي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3797 - 2012 / 7 / 23 - 13:48
المحور: الادب والفن
    


- الآن انتهي كل شيء وحان وقت العودة مرة أخري لأعيش لحظاتي الأخيرة قبل أن أموت.
قال شوكت عبد السلام هذه الجملة وكان يجلس في غرفة مستديرة جدرانها مليئة بالرسومات ذات الطابع الكلاسيكي
به أثاث عتيق عالِ القيمة والثمن ,
أما شوكت نفسه فهو رجل كبير في عقده الثامن تبدو علي ملامحه اليأس والحزن
- هون على نفسك يا شوكت ما حدث قد حدث وأنت الآن في طريق العودة إلي وطنك الأَم مصر لكي تعيش حياة أفضل من التي قضيتها هنا في أمريكا .
أما محدثته فهي سمارتا مواطنة أمريكية من أصول انجليزية ولدت في أمريكا قبل أن يأتي شوكت أما عائلتها فقد جائوا في وقت الهجرة , سمارتا سيدة في العقد السادس من عمرها ذات ملامح مريحة وشعر بني وعيون خضراء وكانت تستعد للذهاب اللي مصر مع شوكت .
- أتعلمين يا سمارتا لماذا تظنين أني سأعيش ما تبقي من حياتي أفضل من الوقت الذي قضيته هنا ؟
- لأن في مصر ستجد راحة البال
- لا يا عزيزتي المخلصة بل لأنني سأعود الرجل الذي يملك والذي يحكم مرة أخري سأعود لقصر أجدادي والحقول والمزارع الكثيرة التي يملكونها سأعود شوكت باشا الذي سيرحب به الخديوي ويكون من كبار ضيوفه .
- ما المشكلة في ذلك , هل من شخص لا يحب أن يكون جليس الخديوي ومن كبار ضيوفه في أي وطن !!
- أنا .
- لماذا ؟
- هل سيعيد الخديوي لي ما كان , هل سيعيد شوكت الإنسان الذي لم أجده إلا الآن وهو في أشد لحظات يأسه وضعفه ؟
- عدنا لهذه الطريقة مرة أخري أنت بذلك تعذب نفسك .
- أعذب نفسي وهل هذا شيء سيء !! بسببي فقد الكثير من الأبناء آبائهم وبسببي سجن الكثير وأَهينت كرامة الكثيرين
- لا لا لا إلا تنوي إنهاء هذا الحديث ولتبدأ صفحة جديدة في وطن جديد و.....
قبل أن تكمل عبارتها أوقفها بنظرة نارية جمدت عروقها وقال
- أنت نفسك رأيتي من أنا ولا أريد أن أذكرك ما فعلته بك فأنت آخر من تبقي لي في هذه الدنيا
- وسأبقي لك إلي آخر عمرك وإن مت قبلي سأجلس أمام شاهد قبرك أبكي عليك بقية أيامي إلي أن أموت .
- لماذا تفعلين هذا ؟ من يستحق البكاء هو إنسان أو حيوان عزيز عليك أما الغول والقتلة فلا يستحقون إلا الحرق ويرمون في القمامة .
- حديثك سخيف ولا أري له داعي .
- نعم سخيف لأنه حقيقي .
- والآن لتودع القصر لأنك ستمضي عقود بيعه للجنرال كروستوف وسنذهب إلي مصر
- اتركيني لحظات قليلة كي أودع هذه الغرفة
وخرجت سمارتا من الغرفة وبقي شوكت وحيداً فيها ينظر إلي كل مكان في الغرفة ويودعها كأنها محبوبة تحتضر وتلقي عليه نظرة الوداع الأخيرة فقد كانت هذه الغرفة أحب جزء له في هذا القصر الكبير حيث كان يجلس .
يطلع علي الكتب في أجمل لحظات حياته وكان يخطط لكل الأمور في هذه الغرفة
فقد كان يراها المكان الوحيد الطاهر في هذا القصر الخالي من شروره اخذ يلمس كل مكان في الحائط وبيده امسك أحد اللوحات بها فتاة في العشرين من عمرها سمراء وملامحها جميلة رأي الصورة وقبلها وأخذ يبكي بحرقة .
ووضع اللوحة في عربة متحركة كان ينقل فيها الأشياء التي يريد أن يأخذها معه وكان يود لو أخذ هذه الغرفة معه إلي مصر , وكانت هذه العربة بها ملابس تبدو ملابس فتاة صغيرة السن يبدو أنها ملابس الفتاة السمراء وقال وهو يخرج من الغرفة في كرسيه المتحرك :
- الأيام تمر ونحن لا نعلم انه سيأتي الوقت الذي سنندم فيه علي أفعالنا القذرة كنت أملك كل شيء إلا القلب وحان الوقت الآن أن أستعد وأستقبل الندم في كل لحظات حياتي , فهو حكم القاضي الذي في داخلي وهو قاضي لا يستأنف أحكامه ولا يلغيها بل إنها ستستمر إلي أن انتهي , إلي أن أبقي مجرد ذكري .
دخلت سمارتا الغرفة وهو يستعد للخروج منها وقالت له :
- حان الوقت يا شوكت لتقابل الجنرال كرستوف .
- هيا بنا .
- ولكن لتتذكر أن تكون متماسك في كلامك معه فأنت معروف عنك بالقوة ورابطة الجأش ويجب المحافظة علي هذه الهيئة حتى تخرج من الولايات المتحدة إلي مصر .


أما الجنرال كروستوف فكان رجل طويل القامة أبيض بياض الثلج وشعره بني ويظهر علي وجهه الصرامة , لم يكن في الجيش الروسي وكذلك لم يكن مع من حاربوا عند قدومهم إلي أمريكا ولكنه أطلق علي نفسه اسم جنرال وألبس نفسه لبس رجل عسكري محنك , وكان يضع في خصره خنجر حتى تشعر أنه خرج من رواية روسية .
أما سبب قدومه لروسيا فهي قصة طويلة منذ أن هرب والده من جريمة قتل وهو في العاشرة من عمره وظل يتنقل به في جميع أنحاء أوربا إلي أن استقروا في فرنسا وأقام والده مشروع تجاري ثم مات بعد فترة قصيرة فتولي كروستوف المشروع واستطاع أن يجمع بعض المال الذي كان كافيا لرحيله إلي أمريكا وعندما استقر في أمريكا أقام مشروعه الخاص ومع التطورات الهائلة التي كانت تشهدها أمريكا استطاع بذكائه وللأنصاف ومن الأفضل أن نقول استطاع بعبقريته أن يكون من اغني رجال أمريكا ورجل اقتصادي كبير , ومن معاناة الأمريكان الجدد من الهنود الحمر فكان كروستوف يمثل لهم كنز حقيقي لأن كروستوف كان صاحب مشروع سلام يري فيه أن الحل في أن يعيش الأمريكان الانجليز والسود والهنود كمواطنين لهم حقوق متساوية وليس كسادة وعبيد وقد كان مساعدا كروستوف هما رجل زنجي ورجل من الهنود الحمر وكان يشتري من الهنود الحمر الجلود ويختار أفضل أبنائهم للعمل تحت حمايته من جميع المخاطر والاضطهادات , وولته الحكومة منصب دبلوماسي ليهادن الهنود ونجح في ذلك في بعض المناطق التي كانت فيها الحروب والمذابح في أشدها .
وبعد بضعة سنوات عندما علم كروستوف بما حدث لشوكت وانه يعرض قصره للبيع فأراد شرائه ليكون قصره أول مدرسه لتعليم الهنود الحمر الثقافة والعلوم والقراءة والكتابة بلا شك أما مدرسيهم فسيكونوا من الأمريكان البيض الموافقين علي أفكار كروستوف .
أما شوكت فقد استغني عن جميع العروض التي قدمت له ووافق علي عرض كروستوف فقط فقد علم الحق وعلم الجريمة البشعة التي فعلها في هؤلاء الأبرياء وأراد أن يكفر عن بعضها ربما يجد من تلاميذهم الغفران
دخل شوكت علي كروستوف وهو يشرب القهوة وقال له .
- مرحب بك يا جنرال كروستوف .
- يشرفني ويسعدني أن يكون قصرك هو مدرسة جديدة لتعميق السلام ولنجاح مشروعي في التعايش السلمي .
- شرف لك من قال هذا , الحق يقول أن من المفترض أن أتبرع لك بهذا القصر بعد ما فعلته بهؤلاء من قتل وذبح
- نعم اعترف بذلك انك قتلت وذبحت الكثير منهم سابقا ولكن ما حدث قد حدث والآن أنت تنقذ عقول أطفال وتنيرهم بالعلم بعد أن قتلتهم .
ضحك شوكت وقال :
- قتلتهم ثم علمت أولادهم بعد أن أصبح السلام هو الحل هذا هو تفكير الشيطان بعينه ولا اعلم كيف تقول هذا علي أساس انه شيء جيد أو خير مني .
- لأنه شيء جيد وخير منك أنت الآن تبيع قصرك ولن تعود للولايات المتحدة فتستطيع أن تبيعه لأحد أعداء المشروع ولكنك صممت أن تبيعه لي ومعني هذا انك تكفر عن خطاياك وهذه هي أفعال الرجال .
- أتمني أن يكون هذا فعلا تكفير عن أخطائي
- والآن نوقع علي الأوراق والتنازلات
قال شوكت وهو يوقع علي العقود :
- الآن أوقع علي انتهاء علاقتي مع أمريكا
وخرج الجنرال كروستوف بعدها وانحني احتراما له وخلع قبعته العسكرية , فنادي شوكت سامارتا وطلب منها الرحيل الآن عن القصر وبالفعل خرج شوكت من القصر وأقام له احد المسئولين حفل كبير لتوديعه وكان الحفل ذا طابع عسكري وحضره أشهر رجال المنطقة فقد كان شوكت رجل عبقري وأقام الكثير من المشاريع ووضع الكثير من السياسات لخدمة أمريكا إلا أن القدر جعل انكساراته كلها في نفس الزمن الذي بدأ كروستوف مشاريعه السلمية مع الهنود ولسخرية القدر قصره أصبح الآن مدرسة لتعليم الهنود الحمر .
لم يحاكم شوكت علي ما فعله في الهنود الحمر ولكن القدر حاكمه ووضع انكساراته مع تقدم الهنود خطوة للأمام وكان ما فعله شوكت في الهنود جرائم تستحق الإعدام بلا رحمة ولكن هذه كانت العادة المتوارثة في عائلته فقد اعتادوا أن يرتكبوا الجرائم في حق المصرين .
ودخل شوكت السفينة هو وسامارتا وعندما تحركت ظل شوكت ينظر لأمريكا ولم يكن ينظر لأمريكا كوطن بل كان ينظر لها كذكريات وكان يتذكر ما يقوله لمن يود إقناعه بأن يأتي إلي أمريكا ليستثمر مشاريعه أو يشجعه علي مشاركته ومساعدته .
- الحلم يبدأ من أمريكا والأمل يبدأ من أمريكا
وانتهي الحلم والأمل بالنسبة له وحان وقت عذاب الذكريات الذي سيلاحقه إلي أن يموت



#محمد_حمدي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حمدي محمود - رواية (قصة أمير) الفصل الاول اقتراب النهاية