علي النواب
الحوار المتمدن-العدد: 3789 - 2012 / 7 / 15 - 14:44
المحور:
المجتمع المدني
المفاهيم المشتركة .. وصيانة المعتقدات
تختلف المجتمعات الانسانية في الكثير من الخصال منها التقاليد والمستويات العلمية وكذلك في السلوك العام لمجتع عن اخر , الا انها وبالرغم من اختلاف ثقافاتها ومستوياتها العلمية وحتى الادبية توجد هناك مفاهيم عامة مشتركة بينها جامعة وثابته وهذه المفاهيم يتفق عليها العالم والامي على حد سواء ,فكل الناس وعلى اختلاف مجتمعاتهم ومستوى ثقافتهم يسمون الاشياء الحمراء حمراء وكذلك يشتركون في ان النار تولد الحرارة , والجميع تجدهم يشتركون في ان الكعام يسد الجوع وان الفصول تنتقل وكل فصل يتبع الاخر وحسب ترتيب منتظم , وتنشا هذه المعتقدات من انواع التجارب اليومية وكذلك ان عدد هذه المعتقدات والمفاهيم لايمكن ان يعين ولكن يمكن ان تضاف له معتقدات اخرى , ومن البديهي ان هذه المعتقدات تكون اكثر واشد وضوحا مع تقارب المجتمعات من بعضها حتى تصل لدرجة الوضوح الكامل او الجلي في المجتمع الواحد فنجد هناك الكثير من المفاهيم المشتركة الواضحة لدى افراده حتى لو كان هناك اختلاف في القوميات والديانات والمذاهب تجد هناك جوامع مفهومية فكرية كوحدة التاريخ التعايشي وحب الوطن الواحد , والمعاملات اليومية بين الافراد احدى المكونات الجامعة التي تميز مجتمع عن اخر ومثلما ان الناس كلهم جميعا تجمعهم صفات جسمية مشتركة فهم كلهم يعملون ويلبون مطالب اجتماعية , فكذلك افراد المجتمع الواحد تجمعهم صفات ومفاهيم تكون جامعة لوحدات هذا المجتمع الفكرية , الا ان هذه الصفات قد يخفيها الزمن ويمنعها من الوضوح مما يجعل المجتمع الواحد منقسم الى مجتمعات متعدده كل يمارس عادات وتقاليد وحتى طباع تختلف عن الاخر , ويعود سبب هذا الانقسام او ينسب هذا الانقسام الى ما تمارسه السلطات على مختلف انواعها سواء كانت سلطات دينية او دولية او سلطات تجمع الاثنين معا , فاذا سألنا من اين يحصل الناس على معتقداتهم نجد الجواب انهم حصلوا عليها من هذه السلطة الموثوق فيها او تلك وعلى اختلاف انواعها من سلطة عائله او الدولة او الكتاب او القانون الشرعي الى اخره من السلطات , كما نجد ان الافراد لديهم ايمان مطلق بهذه المعتقدات باعتبار ان هذه السلطة لا تخطيء فتراهم يتشبثون بهذا المعتقد او ذاك محاولين درء اي شك فيه او تراهم يبتعدون عن الحوار فيه او يتجاهلون البينة التي تشكك فيه لذلك نجد هذه المجتمعات تترنح مع الريح من اين ما هبت , وكذلك نجد ان القلة من يحاول ان يدرس معتقداته ويكشف عن مدى صحتها وعليه اذا اراد مجتمع ما النهوض او البدء بسيرة صحيحه اول ما عليه هو مناقشة معتقداته ومكوناته الفكرية والثقافية مناقشة علمية جذرية وتصحيح الاعوجاج فيها وترك الفاسد منها ليهيئ اسس صحيحة متينه لبناء مجتمع سليم , وكما هو بديهي فان عملية صيانه المعتقدات والمفاهيم ليست بالعملية السهلة اذ على المتصدي لهذه العملية ان يكون حاملا لعدد من الصفات منها تسلحه بالعلم الذي بدونه لا يستطيع ان يكشف عن الغث من السمين من معتقدات مجتمعه وكذلك عليه ان يبدء بمناقشة معتقداته هو نفسه وتصحيح ما هو معوج فيها وتنقيتها ليكون خال من شوائب الفكر الخاطئ , كما ان عليه ان يتوقع الصد من مجتمعه والتنكر لافكاره وتشخيصاته لان من الصعب جدا على المجتمعات وخاصة المجتمعات التي تكون في مستويات علمية وثقافية متدنية ان تتنازل او تهجر معتقدات تربت عليها منذ مئات السنين من اجل نظرية او فكرة يطرحها شخص ما لذا يجب ان يكون الطرح مدعوما بدلائل علمية والبدء من قمة الهرم الثقافي للمجتمع ثم النزول لقاعدته ومخاطبة الناس على قدر فهمهم ومستواهم الفكري ان عملية الصيانة عملية تحتاج الى وقت ليس بالقليل وعليه فانه يجب عدم الاستعجال فيها وكذلك الحذر في الطرح فكما لهذه العملية من ايجابيات في بناء مجتمع سليم فكريا ومحصن ضد الافكار المشوهة فان اي خطاء في الاطاريح والمسارات التقويمية قد يؤدي الى كوارث لا تحمد عقباها في داخل المجتمع ان عملية التقويم لاتعتمد على شخص بعينه وانما هي مسؤولية واقعة على عاتق كل النخب المثقفة في المجتمع ان البحث في هكذا موضوع قد يؤدي الى توجيه كل الجهود الفكرية في البحث عن سبل علمية ومنهجية الى تقويم المجتمع وانتشاله من مستنقع المفاهيم الشائكة , هذه الطريقة لما لها من جوانب بناءة يجب ان تعتمد منهج واضح يعتمد اسس ثابتة غير مهتزة ولا مبنية على اساس المجاملة الثقافية او الدينية او المذهبية والقومية بل يجب طرح كل المذاهب السياسية منها والفكرية وحتى الدينية على طاولة النقاش العقائدي لان هذه الجوانب من المفاهيم والمعتقدات هي التي كانت المحرك الاساس لرحى القتل والعنف الطائفي التي مرت وتمر به البلدان العربية والاسلامية بل وحتى ما يجري في العالم مبني على اساس فكري عقدي يجب إخضاعه لقوانين البحث لتصفيته وتنقيته للوصول لمجتمعات متسالمة متوافقة على اسس انسانية ثابته
#علي_النواب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟