حسام يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3786 - 2012 / 7 / 12 - 09:25
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
منذ اللحظة التي بدأت فيها الثورة السورية ، تعالت المطالب المحلية والشعبية سواء في داخل سوريا و خارجها على المستوين الرسمي وغير الرسمي بضرورة التدخل من أجل ووقف آلة التدمير والتعذيب والقتل المستمر من جانب جيش الرئيس بشار الأسد و شبيحته ضد شعبه ، وما يقارب من عام كامل لم يتغير شئ في سوريا سوى ارتفاع عدد الشهداء ، فقد بلغ عدد الشهداء السوريين وفق تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان أكثر من 15 ألف شهيد منذ مارس 2011 ، و العدد مرشح للزيادة أكثر من ذلك ، طالما لا يوجد ما يمنع حدوث ذلك .
و ربما الثورة السورية بكافة أبعادها وأزماتها تعتبر أكثر تعقيداً من غيرها ، من الثورات العربية الأخرى ، ساهم في ذلك العامل الإقليمي و الدولي كان له دور كبير في حسم كثير من الأمور إذا ما قارنا الوضع السوري بالليبي مثلاً فالعامل الخارجي قد ساهم بشكل كبير في تغيير ميزان القوى لصالح الثوار ، و الإسراع بسقوط نظام معمر القذافي ، بينما في الحالة السورية لا زال هناك حسابات متعددة ، فلنأخذ مثلاً الموقف الأمريكي فقد كان الحديث عبر وسائل الإعلام المختلفة بضرورة تنحي الأسد و أن نظامه بات فاقد للشرعية ،وعلى ضرورة وقف العنف و رفض التدخل العسكري في سوريا على غرار الثورة الليبية ، وفي زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية الأخيرة هيلاري كلينتون للمغرب العربي أكدت بشأن التدخل العسكري الغربي في سوريا لحل الأزمة الداخلية أنها لن تقدم لمجلس الأمن مشروع قرار بشأن هذا التدخل بحجة أن ذلك قد يشعل المنطقة و ربما سيؤدي إلى حرب أهلية في سوريا و سيصل شرارها إلى دول مجاورة لسوريا أيضاً .
فما هو الذي يميز ليبيا عن سوريا ؟ لماذا الاستجابة السريعة لليبيا تحت دعاوى حقوق الإنسان و إنقاذ الشعب الليبي مع العلم أن التدخل العسكري الخارجي من أسوأ الحلول الممكنة على الإطلاق؟ فإن الإجابة بلا شك هي ثروة الشعب الليبي النفط ، ومعاناة الجميع الشعب الليبي وليبيا والدول العربية والأوربية من العقيد معمر القذافي سواء بشطحاته وأفكاره الخضراء وقرارته المزاجية التي تعكس سمة الدكتاتورية ، بيد أن هذا الأمر ليس بهذه السهولة مع النظام السوري ، فأبعاد الأزمة أكثر تشابكاً و تعقيداً من جميع النواحي ، فجيش بشار الأسد يمتلك جيشاً قوامه ربع مليون جندي نظامي يمتلك الأسلحة الكيماوية و البيولوجية .و لديه صديقين حليفين هما روسيا والصين ، وكلاهما ساندا بشار الأسد في قتل شعبه عبر مجلس الأمن في توفير الحماية له ونظامه في مسعاه فقد فشل مجلس الأمن في إصدار قرار يدين انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا ، وذلك حتى لا يفتح الباب في الحديث عن مذابح الجيش الروسي في الشيشان ، و كذلك الجيش الصيني في إقليم التبت .
وبالمقارنة بين حليفي النظام السوري ، نجد أن روسيا هي أكثر جزماً في التعامل مع الملف السوري ، فهي لا تريد أن تخسر حلفاءاً أكثر في ظل موجة الربيع العربي في أهم بقاع العالم من النواحي و الاستراتيجية ، ومن جانب آخر فقد اشترى النظام الروسي أسلحة من روسيا في العام المنصرم في إطار صفقة تقدر ب3.8 مليار دولار ، و تبلغ الاستثمارات الروسية في مجالي البنية التحتية و الطاقة 20 مليار دولار .
ثم إن هناك الحليف الإقليمي الإيراني ، فقد أرسلت إيران قطعها البحرية عبر قناة السويس إلى ميناء طرطوس كنوع من الدعم المعنوي ، و هي أشد حرصاً على عدم سقوط نظام الأسد ، في ظل نفوها في العراق و التجاذب الطائفي في المنطقة العربية ، و حلقة وصل مع حزب الله اللبناني في إطار صراعها مع إسرائيل . وكطرف مناوئ للسعودية وسياساتها في المنطقة بحكم المذهب و المصالح المختلفة للطرفين .
و حتى على مسرح العمليات داخل الأراضي السورية فمن الصعوبة بما كانت تحديد أماكن المواجهات بين جيش نظام الأسد ،والجيش السوري الحر ، فمعظم تواجدهم يتركز في ضواحي و أزقة المدن الكبيرة و بعض القرى القريبة من الحدود التركية ، و هذا التشرذم مع قلة أعدادهم يجعل من طرح فكرة إقامة منطقة حظر طيران أمراً صعباً بالمقارنة مع الوضع الليبي مثلاً ، فضلاً عن أن الاستراتيجية العسكرية العامة سواء من حيث الآلات و المعدات ستختلف بحسب طبيعة المواجهات و القصف في الأحياء السكنية ذات الكثافة السكانية العالية ، وتسليح الجيش السوري نفسه ، فربما مثل هذه الأمور قد تجعل التدخل العسكري تدخلاً غير محمود العواقب ، و لذلك ابتكروا لنا فكرة و جود قوات عربية لحفظ السلام داخل سوريا.
و أمام هذا الواقع المعقد و الأجواء العامة المحيطة بالثورة السورية ، واستمرار القتل و الدمار نقول حفظ الله سوريا و الشعب السوري وكان في عون الشعب السوري في ثورته من أجل الحرية و الديموقراطية ، الله سوريا وبس
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟