أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - العرب كصدفة تاريخية















المزيد.....

العرب كصدفة تاريخية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3779 - 2012 / 7 / 5 - 15:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو قدّر للتاريخ أنو ينصف من يسمون بالعرب، ويتكلم عنهم بشفافية وبعيداً عن الجانب القدسي ومحاباتهم الصارخة، في ذلك، وعلى نحو مخجل كما يحصل اليوم، ويأتي على إنجازاتهم الحضارية، بموضوعية، أي بمقدار ما رفدوا به الإنسانية من علوم، وفنون، وإبداعات، واختراعات تخفف العناء والألم عن الجنس البشري، ربما لكانت النتيجة صفراً الذي يزعمون بأنه اخترعوه. ففي جزيرة القحط والرمال لم يكن هناك غير البعير والتيوس والجراد والضب الذي يأكلونه لشدة التصحر والمًـحـْل الذي، وكل الحمد والشكر لله، خصـّت وكرمت به الطبيعة هؤلاء القوم الذين كانوا يذهبون للشام مرتين في السنة في رحلات الشتاء والصيف كي يجلبوا ما يأكلونه من غلال وفيرة هناك، وزيوت، و"معكرونة" في تلكم الأيام. وأما تلكم المؤلفات التي يزعمون الإتيان بها فلم تكن إلا محض ترجمات التي ازدهرت في العصر العباسي الوسيط للفلسفات والعلوم اليونانية والرومانية والمصرية والسورية والبابلية والفارسية القديمة التي تراكمت عبر آلاف السنين. وأما تلكم القامات العلمية واللغوية والطبية العظيمة التي يتفاخر بها العربان اليوم، فلم تكن سوى من أصول فارسية وآسيوية أخرى كالفارابي، والرازي، وابن سينا، والخوارزمي، وسيبويه ...إلخ، وغيرهم جحفل طويل عريض من علماء فارس الذين دخلوا أفواجاً في الدين الجديد وكل الحمد والشكر لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. وأما العربان فقد اشتهروا، والحق يقال، بإنتاج السفاحين والقتلة والجزارين، ومفتي القتل والتكفير وقطع الرؤوس وسفك الدماء وهم أشهر من نار على علم في هذا المجال ولا يكفي إلا أن انذكر على سبيل المثال، سيء الذكر الحجاج بن يوسف الثقفي، وهارون الرشيد، ويزيد، وابن تيميه، وابن القيم والقرضاوي الذين يستبيحون ويحللون دماء البشر والآمنين الأبرياء، حتى تصاب النفوس بالرعب والخوف وتعي وتدرك "فعلاً" الدور الحضاري لمن يسمون بالعرب. لا بل كان للعرب حقد تاريخي مقيم على كل ما هو علم وفكري وإبداع إنساني وقالوا قولتهم الشهيرة كل من تمنطق فقد تزندق، وذلك كي يمنعوا التفكير، وكي يحبطوا أية محاولة للعقل من التحرر من أغلال وأثقال الفكر الصحراوي، ولنا في حادثة حرق مكتبة الاسكندرية من قبل المحتل الغازي عمرو بن العاص بعد استشارة وموافقة من ولي الأمر الخليفة المسلم في حينه.

غير أن الصعود الإمبراطوري العسكري لبدو الصحراء تزامن مع عدة عوامل دولية وجيو استراتيجية وذاتية في ذلك الوقت سمحت لهم بالتمدد الجغرافي وبسط نفوذهم على حضارات الجوار ونشر ثقافة وسلوكيات الصحراء كإطار سياسي وفكري ومجتمعي يحكمون من خلاله، وساهموا من خلاله بتدمير الحضارات المجاورة وإقامة أنظمة خكم أوليغارشية وراثية استبدادية دموية لم تعرف أي انتقال سلمي أو تداول ديمقراطي للسلطة. وكان ذلك التمدد العسكري بفعل حاجة سكان الصحراء من البدو لتأمين موارد عيش (تماماً كما يفعل الأمريكان اليوم بالنسبة للنفط)، للبقاء على قيد الحياة، ويقال بأنه في عام الرمادة، أو عام المجاعة، في عصر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وبعد السنوات العجاف، كانت قوافل الإغاثة والمؤن والغلال ممتدة من بر مصر إلى مكة والمدينة محملة على الجمال كي تنقذ سكان "الديار المقدسة" و"الأرض الطاهرة"، من مجاعات وموت جماعي محقق وألف لا سمح الله وأراد،

وفي تلك الآونة من الزمن واللحظة التاريخية كانت حروب الاستنزف Wars of Attrition والاقتتال بين أقوى إمبراطوريتين في ذاك الزمان، وهما الفرس والروس، قد أخذت طابع الإنهاك والتلاشي، وضعفت سيطرة تلكما الحضارتين على الأطراف وقمع أية حركات احتجاج. وقد جاء ذكر ذلك في القرآن مراراً ولعل الآية القرآنية القائلة ( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ) الروم - 1-4 ، توضح الحالة الاستراتيجية زتلقي الضوء على الوضع الجيوسياسي والقتالي للإمبراطوريتين الرومانية والفارسية، وحين يشير البعض، برومانسية حالمة، إلى أن الغزاة البدو من سكان الصحراء، قد حرروا شعوب المنطقة من هيمنة الفرس والرومان فهم محقون بذلك، ويشيرون بالضبط إلى هذا الواقع الجيواستراتيجي والعسكري السائد ساعتئذ. فكلنا يعلم تاريخياً أن مقتل الحضارات هو تمددها. وهذا ما حصل مع كل الإمبراطوريات عبر التاريخ والتي ما إن تفكر بالتمدد حتى تحكم على نفسها بالإعدام. هذا ما حدث مع الإمبراطورية البدوية الصحراوية التي يسمونها بالحضارة العربية والإسلامية التي وصلت حتى جنوب فرنسا غرباً وحتى القوقاز شمالاً وإلى الصين شرقاً، وكذا الأمر بالنسبة لامبراطورية آل عثمان، والإمبراطورية النازية الهتلرية، وكذا الأمر بالنسبة للإمبراطورية الأمريكية التي تتحلل اليوم، وتضعف وتتلاشى على نحو مريع، وهي التي تمتلك حوالي 140 قاعدة عسكرية حول العالم. نقول لحظة الضعف والتلاشي التاريخي بين الإمبراطورية الرومانية والفارسية خلق فراغاً استراتيجياً وعسكرياً في المنطقة، أو ما يمكن اعتباره صدفة تاريخية، استغلته ميليشيات مسلحة، كانت قد نجحت في بسط نفوذها على مكة والمدينة حاضرتي الحجاز الأبرز في حينه عبر عمليات تشليح ونهب وقطع للطرقات وقتل ممنهج وإرهاب منظم سموها بالغزوات وأضفوا عليها طابعاً مقدساً، لتوسع من أطماعها العسكرية وحساباتها الربحية ونجحت في تنظيم صفوفها وتجييش أفراد كثر تحت إغراءات السبي والمغانم واقتناء العبيد والأسرى والسبايا وكنز الأموال. ويقينا، وقولاً واحداً، وواأسفاه، لولا ضعف وتهتك تلكما الحضارتين، وحالة تحللهما الحتمي وفق الصيرورات التاريخية ومبادئها العلمية الصارمة، لما كان التاريخ قد عرف العرب كـ"أرحم" فاتحين.

ولذا نرى بأن حزب البعث السلفي البدوي حاول القضاء على المشروع الحضاري الكبير والنبيل لسايكس وبيكو، عبر الدعوة للوحدة العربية، وذلك رداً على محاولتهم إعادة التاريخ والأمور إلى نصابها، ومشروعهما هو الذي أعطى هذه الشعوب المسماة بالعربية بعداً حضارياً و كيانات سياسية منضبطة الحدود ومحددة المعالم الديمغرافية، ولها كيان جغرافي واضح يتعارض مع الطبيعة والدعوة الإمبراطورية البدوية الصحراوية غير المنضبطة والتي لا تعترف بحدود جغرافية، وكان الثنائي النبيل سايكس وبيكو يحاولان العمل على غرار الدولة الوطنية الأوروبية الحديثة التي قضت على الفكر الإمبراطوري التوسعي وتقليدها وإعادة إنتاجها في المنطقة بدل الأنموذج البدوي الإمبراطوري التوسعي الفوضوي، تلك الدولة –الحديثة- التي انبثقت عملياً من رحم المعاناة أيضاً من الفكر الكنسي الديني الإمبراطوري العسكريتاري الغيبي البائد. ولذا نرى سر هذا العداء العروبي السلفي البدوي الفاشي لسليكس وبيكو اللذين حاولا تصحيح التاريخ وإعادته لأصوله الأولى وتسمية دول المنطقة باسمائها الصحيحة الأولى بعدما حاول الغزاة البدو الأعاريب وعلى مدى 14 قرناً مسح وتزوير التاريخ ومحو الهوية الحضارية والديمغرافية لشعوب المنطقة وتسميتهم ظلماً وعدواناً وجوراً بالعرب.

هذه هي الصدفة التاريخية المرة التي أدت لهذا الصعود التاريخي لبدو الصحراء ولولا ضعف القوة الفارسية والرومانية لما عرف التاريخ شيئاً اسمه العرب ولبقوا قبائل متناحرة يتقاتلون على بقايا تمرة ونخلة، وبالعذر من نزار قباني، ولبقيت هذه المنطقة ولاّدة للحضارة ومنتجة للأفكار والإبداعات كما كان عهدها على مر التاريخ وقبل أن يغزوها بدو الصحراء الأعاريب.

واليوم تلعب الصدفة الجيولوجية، لوحدها، ومرة أخرى، أي اكتشاف النفط في الصحراء العربية، دوراً أيضاً في هذا الصعود الاستعراضي الفارغ لمن يسمون بالعرب على مسرح الحياة من جديد، وإذا كانوا ضمنوا وبرروا وجودهم وبقاءهم في المرة الأولى بالثقافة الصحراوية وتعاليمها التي أعطوها صفة القداسة، فقد أصبح الضامن والحامل اليوم لهذا الصعود والحضور، هو ترسانات لا تنضب من البترودولار تمدهم بشرايين ونسغ البقاء السياسي والاستمرار على مسرح الحياة، ولولا ذلك لكانوا انقرضوا واختفوا من على مسرح الحياة وذهب ريحهم ومجدهم الدموي "الإمبراطوري" الزائف الغريب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذي أسقط الطائرة التركية؟
- متاهات إعلامية سورية
- سوريا مقبرة الوهابية
- أفشل ثورة في التاريخ
- عوجة: مفارقات انتخابية عجيبة في سوريا
- هل وقع الروس في شرك مقلب أممي؟
- انشقاقات وسقوط الجزيرة
- مهلكة الظلمات الوهابية والتورط بالدم السوري
- حان وقت الحساب
- جنون البشر
- ولادة المثقف المسطول
- من سيسقط النظام؟
- أين عدالتكم الانتخابية؟
- خطة عنان الإنقاذية
- نضال نعيسة: هذا هو برنامجي الانتخابي
- اغتيال مجلس غليون
- كلينتون تستبدل إسقاط النظام بالدرع الصاروخي الخليجي
- الفرنسيون وتكرار الحماقة الأمريكية
- قمة الكبار وقمة الصغار
- كرم أخلاق أمريكي


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - العرب كصدفة تاريخية