أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منير العبيدي - الديمقراطية الليبرالية وتيارات الفكر السياسي العراقي المعاصر















المزيد.....

الديمقراطية الليبرالية وتيارات الفكر السياسي العراقي المعاصر


منير العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1103 - 2005 / 2 / 8 - 11:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لاسباب تاريخية فان الفكر والتنظيم السياسي الليبرالي الديمقراطي في العراق هما تنظيمٌ وفكرٌ ضعيفان , كما انهما لا يحضيان الاّ بنفوذ ضيق على الصعيد الجماهيري . ولقد لعب دوراً مهماً في تعزيز هذه الظاهرة السلبية , تغييبُ أو إضعاف دور الطبقة الوسطى اقتصادياً وسياسياً , من قبل الانظمة السياسية التعسفية المتلاحقة و الاستقطاب الحاد في الحياة السياسية .. ولكن ماهو اخطر, فان القوى السياسية العراقية غير اللبرالية والناشطة حالياًعلى الساحة العراقية ، أما انها معادية لهذا الفكر او انها تنظر الى هذه الديمقراطية بشك وريبة وسوء فهم باعتباره نتاجاً غربياً.
وكان من النتائج السياسية السلبية المباشرة لذلك هو: الضعف , وفيما ما بعد , التصفية للحزب الوطني الديمقراطي , بالرغم من ان هذا الحزب كان ولايزال ضروريا لخلق التوازن الضروري في الحياة السياسية العراقية التي تعاني من التطرف والاستقطابية المزمنة , خصوصا وان مجتمعا مثل المجتمع العراقي , كان يضم واحدة من اوسع وانضج الطبقات الوسطى في العالم النامي , قائمة على جيش واسع من الموظفين والمعلمين والمدرسين والاطباء والمهندسين والتكنوقراط المرتكزين على قاعدة الموارد النفطية الكبيرة نسبيا , وكذلك بسبب الانتشار الواسع للملكية الصغيرة , والنمو المحدود لرأس المال الخاص الناتج عن قلة المشاريع الواسعة وهيمنة الدولة على المشاريع الكبيرة .
وبالرغم من هيمنة طراز الحياة الغربية على كافة مناحي حياتنا ودخولها حتى منازلنا على شكل اجهزة منزلية واجهزة اتصال وكومبيوتر وسيارات و أزياء , ونمط حياة كامل ...فانه يتم التنديد بالديمقراطية , وليس غيرها , باعتبارها نتاجا غربياً.
ومما لاشك فيه فان السياسات الاوربية بشكل عام , والامريكية بشكل خاص , الداعمة لإسرائيل , في عدوانها على الشعب الفلسطيني , واستلاب ارضه , قد القت ضلالاً قاتمة من الشك والريبة على مصداقية المبادئ والقيم السياسية والفكرية الاوربية وبضمنها الديمقراطية , لدى الحركات السياسية العربية ولدى المواطن العربي , بالرغم من ان اعمال العدوان الاسرائيلي ليست نتاجا للديمقراطية , بل مضادة ومناقضة لها .
ان اسرائيل قد لعبت دورا , مباشرا وغير مباشر, في عرقلة نمو الديمقراطية في البلدان العربية وقدمت دعما , مستورا ومموها في الغالب , لبقاء انظمة الطغيان, متساهلة بل وداعمة في الخفاء الشعارات الطنانة المتطرفة في العداء لها , والابادة , والرمي في البحر , لكي تظهر بمظهر الديمقراطية الوحيدة في المنطقة , كما انها شجعت التطرف والعنف لكي تبرر عنفها هي , وتظهر القضية كما لو كانت عنفا وعنفا مضادا , طامسة حقيقة اغتصابها اراضي الغير بالقوة المسلحة.
وبالرغم من أن الداعين للعنف المسلح , يستخدمون الاسلحة الاوربية والغربية , كوسيلة لتحرير الاراضي المحتلة , الا انهم يرفضون استخدام الديمقراطية وحرية التعبير ..الخ كسلاح للمواجهة باعتباره أوربيا !! حتى مع كونه السلاح الذي اثبت نجاحه في كل مكان لتأسيس مقومات امة ناجحة . ذلك ان الديمقراطية هي الخطر الحقيقي والوحيد الذي يهدد مراكز الحكام العرب والكثير من القادة السياسيين .
ويصار, تحت اطار ديني متطرف , او تفكير ماركسي ارثودوكسي , او قومي متعــصب , تبرير اشكال اخرى غير ديمقراطية من الانظمة السياسية تفضي الى شكل من اشكال الديكتاتورية المبطنة او الصريحة .
إن الديمقراطية الليبرالية هي منجز بشري ساهم في تطويره كامل النشاط والنضال البشري في سبيل ظروف افضل , وكان لاوربا فيه فضل الريادة لاسباب تتعلق , بادئ ذي بدء , بأسبقيتها في نشوء المجتمع الصناعي , ومفهوم المواطنة ودافعي الضرائب , ولكن هذه الديمقراطية , في نهاية المطاف , ليست ظاهرة اوربية على وجه الحصر بل انها منجز بشري ذو قيمة عامة . فلقد لعب دوراً مهما في تطويرها , نضالُ القوى الديمقراطية المعادية لرأس المال والمثقفون الاوربيون وتحديات وجود المعسكر الاشتراكي السابق ونضال الشعوب في البلدان المستعمرة .
وتنطوي هذه الديمقراطية على الخصائص التالية :
اولا: إن الصيغة الحالية للديمقراطية اللبرالية هي ليست الشكل النهائي وانها في حالة مستمرة من التطور والتكامل . ويعتمد تطورها اللاحق ووجهته , على فاعلية القوى الاجتماعية لجعله أكثر شمولية وانسجاما وتخليصها قدر المستطاع من الاطار الرأسمالي الضيق , وباعتبارها مكسبا , تحقق نتيجة نضال مختلف طبقات المجتمع الحية على الصعيد العالمي .
ثانياً: إنها كاي منجز بشري لايخلو من العيوب ولكنه يحمل آلية تصحيح ذاته. ثالثاً : إنها إطار يتسع لكل القوى حتى تلك التي تناصبها العداء.
رابعا: انها الخيار الذي ينطوي على كل الخيارات بما في ذلك ـ على صعيد العراق ـ الخيار الاسلامي والماركسي والقومي وغيرهما , ولكن ضمن التداولية.
خامساً : أنها , حتى إشعار آخر , المثال الواقعي والمحسوس الوحيد بعد سقوط البدائل الاخرى .

ولقد واجهت هذه الديمقراطية نقداً شديدا وتشكيكا في جدواها كإطار, من قبل التيارات الرئيسية في الحركة السياسية العراقية ,ألحق الاذى بمصالح الشعب , وعطل المسار الطبيعي للحياة المدنية, ولكنة في نفس الوقت ألحق الاذى بهذه القوى السياسية نفسها وعرضها للارهاب والتصفيات المستمرة .
مهمة هذا المقال هي : تناول الاسس الفكرية لنقد الديمقراطية اللبرالية والتي تأتي من ثلاثة محاور رئيسية ماركسي , ديني ., قومي , ونقدها , أي نقد النقد.


* * * *

نقد اليسارالماركسي للديمقراطية اللبرالية

لعل كتاب لينين " خطتا الاشتراكية الديمقراطية ..." , الذي يعد واحدا من اهم كتب لينين , هو الكتاب الذي اسس المفهوم الماركسي الطبقي للديمقراطية , والذي أستعمل أو أُسئ إستعماله بتجريده من إطاره التاريخي . اوضح لينين بدون مواربة أن شكل السلطة اللاحق للثورة هو" ديكتاتورية ديمقراطية" وصاغ في هذا الكتاب شعار" ديكتاتورية العمال والفلاحين الديمقراطية الشعبية " وسخر من اؤلئك الذي يرون تناقضا بين الديمقراطية والدكتاتورية واوضح ,إنطلاقا من المنهج الديالكتيكي في وحدة صراع المتضادات , ان الاولى هي الوجه الاخر للثانية , فالنظام الراسمالي هو ديمقراطية المالكين فيما بينهم ولكنه في الوقت نفسه ديكتاتورية , سافرة احيانا ومستترة احيانا اخرى , ضد المحرومين والشغيلة . وقال ساخراً : يجتمع ممثلو رأس المال كل اربع أو خمس سنوات لكي ينتخبوا من بينهم ذلك الذي يقوم بنهب واضطهاد الشعب .
لم تكن الامثلة التاريخية للبرهنة علىذلك , أي الوجه المعتم للديمقراطية الغربية , تنقص لينين فقد ساق , كما فعل ماركس , مثال كومونة باريس ,التي أُغرقت, من قبل البرجوازية , بالدماء وكانت الامثلة التي اعقبت وفاة ماركس وافرةَ : ثورات 1905 في روسيا و 1918 في المانيا وحركات التحرر في الشرق وغيرها والتي قمعتها سلطات رأس المال باقصى درجات العنف والوحشية . كان الوجه الاخر للديمقراطية اللبرالية لايحتاج الى جهد إضافي للتوضيح .
وفي حديثه عن" الديكتاتورية الديمقراطية الشعبية" قال لينين إنها تختلف عن" ديكتاتورية رأس المال " من حيث أنها :
1ـ ديكتاتورية الاكثرية ضد الاقلية. كما إنها
2ـ دكتاتورية عابرة مؤقتة تؤدي على المدى البعيدالى زوال جميع الدكتاتوريات بزوال الطبقات.
في هذه النقطة الاخيرة خان لينين حدسة . فقد عانت الانظمة الاشتراكية , فيما بعد , من نقاط ضعف خطيرة على كافة الاصعدة , وقد تقلصت لاحقا الديمقراطية النسبية وحرية التعبير التي تحققت في أعقاب الثورة , فقد صاغ ستالين فيما بعد نظرية ازدياد وتفاقم الصراع الطبقي بتقدم الاشتراكية واضعا الاساس النظري لعمليات ابادة واسعة . ففي الوقت الذي لجأ فيه لينين الى الحوار مع المختلفين معه امثال تروتسكي , كامنيف , زينوفيف , بوخارين وآخرين من رفاق السلاح في القضايا الحساسة من قبيل امكانية إنتصار الاشتراكية في بلد واحد وصلح بريست ـ ليتوفسك دون اللجوء الى القمع والتصفيات .. قام ستالين من بعده بقتلهم جميعا بتهمة الخيانة . ففي الوقت الذي كان ينبغي فيه تطوير اللينينية التي كانت ترى ضرورة توسيع الديمقراطية بتوطد السلطة الاشتراكية , جرى التراجع عنها وتكريس عبادة الفرد واتهام ممارسي النقد , حتى ضمن الحدود , بالخيانة ومعاداة الاشتراكية .
وأدت النظرية من جهة اخرى الى تأسيس أنظمة الحزب الواحد في بلدان مثل بلغاريا رومانيا بولندا المانيا الديمقراطية وغيرها من بلدان أوربا الشرقية ... والتي سميت ببلدان" الديمقراطيات الشعبية " التي نشأت في اعقاب الحرب العالمية الثانية مع ملاحظة إنه تم حذف تعبير "الدكتاتورية" التي وردت في كتاب لينين آنف الذكر من التسمية مع بقاء محتواها من حيث الجوهر . فقد احتكر السلطة في هذه البلدان وادارها حزبٌ واحد حكمها بطريقة شمولية وأبقى على حلفاء شكليين من احزاب اخرى لادور لها البتة , تم تهميش دورها واستخدامها لاغراض الدعاية مثل حزب الفلاحين في بلغاريا. مما مهدالطريق لاحزاب غير شيوعية , استلمت السلطة في بلدان اخرى , لكي تهمش لاحقا ادوار احزاب شيوعية في عمليات تحالف لاحقة.
ان تحليل لينين لطبيعة الديمقراطية الغربية كان في حينها وضمن إطاره التاريخي ومن حيث الجوهر لاغبار عليه , ولكن المشكلة تكمن في أن أنصاره أضفوا على أفكاره قدسية وسرمدية لاتليق الا بنصوص الكتب المقدسة , في حين كان تقييمه للديمقراطية الليبرالية ينسجم مع ملامح الديمقراطية (المحدودة) التي كانت تتناسب حينها مع الدرجة المتدنية لتطور هذه الطبقة كطبقة حاكمة والتي ستشهد لاحقا تطورات اخرى تتيح بالتضافر مع نضال القوى الاجتماعية الحية في المجتمع الرأسمالي والنضال العالمي في سبيل التحرر والعدالة الاجتماعية , دخول الديمقراطية في مرحلة جديدة مختلفة نوعيا عن تلك التي تحدث عنها لينين.
ان الملامح الرئيسية التي تتسم بها المجتمعات التعددية والديمقراطية المعاصرة هي نتاج مشترك وحصيلة وسطية لمصالح العديد من طبقات وفئات هذا المجتمع , اما الملامح الرئيسية المتحققة في المجتمعات الشمولية فهي , بشكل رئيسي , تعبير عن الارادوية و عن الاهداف الضيقة لمصالح الفئة الحاكمة والتي لاتستطيع الصمود طويلا.
ففي الوقت الذي تطورت فيه الرأسمالية تطورات هامه في الحقبة مابعد اللينينية مدشنة الثورة العلمية والتكنيكية ومن ثم العولمة و المعلوماتية تطورت بموجبها حيوتها الاقتصادية ومن ثم تطورت وبلا شك الديمقراطية وحقوق الانسان واصبحت اكثر شمولية وعمقاً , دخلت الاشتراكية مرحلة الركود منذ الستينات مبشرة بالانهيار اللاحق , ولقد قبرت محاولات خروشوف المتواضعة لتطوير الديمقراطية , وجائت محاولات غورباتشوف متأخرة جدا .
وحتى في الاطار الرأسمالي التعددي فان الديمقراطية الليبرالية تضيق ذرعا , كلما تطورت أكثر بالاطار الرأسمالي الذي تربت هي في كنفه , وتصبح مصدر إزعاج له , ويصبح هذا الاطار أكثر ضيقا , كلما ازدادت الديمقراطية تطورا وشمولا , ما يستدعي اطارا أكثر مرونة مرة إثر مرة فارضا ربما في المستقبل تشكيلة ما , لا يمكن التكهن بملامحها.
كان الشيوعيون في دول العالم الثالث المحكومة من قبل احزاب شمولية وانظمة دكتاتورية بما في ذلك بلدنا العراق هم انفسهم ضحايا نظام الحزب الواحد فعدا عن التصفيات والتضحيات والملاحقات القاسية التي دفعوا ثمنها غالياً فانهم كانوا يعيشون ازمة ضمير , فالى جانب استنكارهم لنظام الحزب الواحد في بلدانهم ومطالبتهم بالديمقراطية والتعددية فإن عليهم من جهة اخرى ان يدافعوا عن نظام الحزب الواحد وغياب الديمقراطية في البلدان الاشتراكية تحت تبريرات ايديولوجية غير مقنعة.
كانت الحاجة الى المؤسسات التمثيلية, حتى وأن كانت مؤسسات تمثيلية برجوازية, ضرورياً بالنسبة لجميع الاحزاب التي ترغب في النضال في ظروف افضل وفي سبيل ظروف افضل وبضمن ذلك الشيوعيون . فقداشار لينين الى اهمية النضال في سبيل اقامة هذه المؤسسات وباستخدامها كمنابر لفضح ادعاءات البرجوازية بل وحتى في الحصول على مكاسب ملموسة حيثما امكن .
ان رفض الديمقراطية اللبرالية يجب أن يبنى على تقديم بديل اكثر انسجاما وتطورا , وليس على اساس الغاء هذه الديمقراطية واقامة بديل دكتاتوري تعسفي , وان واقع الحال قد اثبت ان الديمقراطية اللبرالية هي المثال الوحيد الملموس لديمقراطية حقيقية , حتى أن منتقديها لا يقومون , في الوقت الحاضر , بغير المطالبة بتوسيعها وتطويرها دون القدرة او الرغبة على تقديم بديل جاد لها في الوقت الحاضرعلى الاقل .
وفي الحقبة الستالينية وما تلاها تم استبدال شعار اقامة المؤسسات التمثيلية الحقيقية بشعار الجبهات الوطنية. لامتصاص جاذبية الفكر الديمقراطي , ان وجود المؤسسات التمثليلية حتى وان كانت فاسدة هو افضل من عدم وجودها إذ ان المؤسسات الفاسدة يمكن إصلاحها وتطويرها وهي تشكل تمرينا مهما للقادة السياسين وتساهم في تطوير روح الحوار . ولقد قامت الانظمة الدكتاتورية والشمولية استنادا الى الامثلة السيئة بإلغاء هذه المؤسسات بدلا من تطويرها .
ان حركات التحرر الوطني التي تم دعمها باعتبارها احد ثلاثة اطراف مهمة في معاداة الامبريالية كان يراد لها ان تكون قوة احتياطية في الصراع العالمي بين المعسكرين دون الاكتراث دون ادنى حد بمطالب الديمقراطية واحترام حقوق الانسان في داخل هذه البلدان باعتبار ان مثل هذه الدعوات هي دعوات امبريالية يراد منها التآمر على الانظمة الوطنية التقدمية . فبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 والتي جائت ,ضمن اشياء اخرى , ردا على الفساد المستشري في المؤسسات التمثيلية والتزوير المستمر والفاضح للانتخابات , جرى الغاء هذه المؤسسات بدلا من تطويرها , مما مهد لاحقا عملية التراجع عن المكاسب التي تحققت , وتقليص الديمقراطية وإلغائها , وتأسيس سابقة خطيرة في الحياة السياسية العراقية في إستعمال العنف بدلا من الحوار السلمي والنضال المطلبي .
وجرى بدلا عن ذلك الاكتفاء بالانجازات " المعادية للامبريالية " مثل الخروج من دائرة الاسترليني وحلف بغداد , ومنذ ان اجهزت ثورة تموز على المؤسسات التمثيلية لم يعرف العراق غير التدهور المطرد في حقوق الانسان وغياب الديمقراطية والمجتمع المدني . لقد كان ابقاء و تطوير المؤسسات الديمقراطية القائمة إثناء الحكم الملكي هي المهمات الأكثر إلحاحا ليس لانها ضرورية كمنجز إنساني حضاري من أجل الانسان وكرامته فحسب , بل إضافة الى ذلك كان تعزيز الديمقراطية وتطويرها الطريقة الوحيدة والسلاح الامثل للحفاظ على المكتسبات .
لم يكن الاتحاد السوفييتي قادرا وراغبا في تقديم النصيحة باقامة انظمة تمثيل ديمقراطي تعددي حقيقي في البلدان التي ساندها , باعتبارها دولا معادية للامبريالية , لانه كان , ببساطة , يفتقر الى مثل هذه المؤسسات . وجرى إعتبار عمليات إعادة توزيع الدخل وإعادة توزيع مصادر الانتاج , وعمليات ( الاصلاح الزراعي ) باعتبارها إجراءات ديمقراطية بدلا عن الديمقراطية السياسية التي تعني أولا وقبل كل شئ حرية التعبير والتنظيم الحزبي والصحافة والتداولية.
لم يكن ليخطر ببال ماركس , والذين يتقن تتبع إغتراب الاشياء عن ذاتها ,أن فكره الذي وضعه في سبيل الانسان سوف يغرّب عن ذاته . إذ دارت المفاهيم مغتربةً عن ذاتها وتحولت الى اضدادها , فالوطن الذي ناضلنا في سبيل استقلاله لكي يحمينا , قتلنا.. والحكم الوطني الذي سوف يحمي ثرواتنا , سرقنا اكثر مما فعل الغرباء .
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية جرى التخلي عن شعار دكتاتورية البروليتاريا من قبل الكثير من الاحزاب الشيوعية ولقد جاء هذا الاجراء متأخراً , كما ان التخلي عن شعار دام طويلا في نظرية أي حزب مع التطبيقات الملازمة له يجعله يعشعش في الوعي الداخلي لاعضاء أي حزب وان تطويرالموقف من الديمقراطية وممارسة الديمقراطية الداخلية في الحزب هو طريق طويل يحتاج الى مجهود كبير وإستعدادحقيقي لتقبل الرأي الاخر , ويتطلب الامر كذلك اعادة النظر في المصطلحات العقائدية مثل مفاهيم " الارتداد " و" التحريف" التي رسخها الفكر الستاليني , بل ان الامر يتطلب الدراسة المعمقة للكتب والنظريات والمفاهيم التي قدمها مفكرون بارزون في الفكر الاشتراكي مثل تروتسكي وكاوتسكي وعشرات من المفكرين الآخرين وإعادة الاعتبار لها كجزء من تاريخ الفكر الاشتراكي وينبغي كذلك إعادة الاعتبار لتعددية المنابر , مما يجعل الاحزاب اطارات للتفاعل وليس لفرض وجهة نظر واحدة وحيدة .
ان الامر يتطلب ايضا اعادة تقييم المفاهيم التي اكتسبت صنميتها إرتباطاً بالادلجة . وكذلك تقييم الشعارات التي لاتحظى باي تفهم من الجيل الجديد , وعن هذا ستكون الحلقة الثانية في هذه الدراسة .

منـــــــــــير العبـــــــــيدي
برلـــــــين1ـ11ـ2004

[email protected] munir_



#منير_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منير العبيدي - الديمقراطية الليبرالية وتيارات الفكر السياسي العراقي المعاصر