أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي لّطيف - المدينة الفاضلة .














المزيد.....

المدينة الفاضلة .


علي لّطيف

الحوار المتمدن-العدد: 3768 - 2012 / 6 / 24 - 09:33
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


المدينة الفاضلة .. حُلم ثورات الشرق الأوسط .

هل يُمكن أن تُوجد مثل هذه المدينة ؟ أم أنها حلم من أحلام البُسطاء و رجال الدين و الحالمين ؟

عُرفت هذه المدينة بالمُصطلح الفلسفي "Utopia" أي المكان او المدينة التي تحتوي علي كُل المثاليات فلا وُجود لأي من شرور العالم في طياتها و ثنايها . ظهر هذا المفهوم كأول مرة في كتاب " Utopia" للمؤلف الإنجليزي " توماس مور " الذي إستمد مُعظم أفكاره من كتاب " الجُمهورية" لأفلاطون .

ال"Utopia" تعني في اللغة اليونانية " المكان الغير موجود " .

المدينة الفاضلة وَهم من أوهامي المُفضلة , أن نعيش جميعاً في سلام و أمان و خير هو حُلم كل إنسان حقيقي يُقاوم شهوات و شرور الحياة , و لكن للآسف هذه المدينة لا يُمكن أن توجد علي وجه الأرض , لانها تُعارض الطبيعة الانسانية المفطورة علي كِلاَ الخير و الشر .

الإنسان يُوجد كنقيض لنفسه , يُؤكد وجوده بوجود نقيضه , أي أنه لا وُجود لإنسان بشرٍ مطلق فقط و لا وُجود لإنسان بخيرٍ مطلق فقط . و المدينة الفاضلة تحمل كل مثاليات الحياة , و لكن المثاليات تختلف من شخص إلي آخر , فالمثاليات و الأخلاق نسبية , و المدينة الفاضلة تنص علي أنها مُطلقة المثاليات و الأخلاق . لهذه الأسباب و أكثر لا يُمكن مهما حاولنا ان نصنع مثل هذه المدينة فلابد لمعاناة الإنسان لتستمر الحياة ..

كأن المدينة الفاضلة فكرة راسخة في عُقول الداعين للتمسك بالدين و أن الشريعة هي الحل و اننا بتطبيقها سينتهي الشر و يعم الخير سائر أرجاء البلاد , فكما نري الآن في جميع بُلدان ثورات الربيع أن أغلب الناس يؤمنون بهذا الظن أشد الإيمان و يسعون لأجله و يُصوتون للداعين إليه مُصدقين هذه الحملات الإنتخابية و الوُعود الصبيانية للمرشحين . و كأنهم يتناسون الطبيعة البشرية التي لا يُمكن أن توجد معها مثل هذه المدينة .

الإنسان مُتناقض بطبيعته و غريب بأفكاره , اليوم يُريد شيئاً غداً يريد شيئاً آخر , فلايُمكن نزع مثل هذه الصفة من الإنسان , و لا يُمكن أيضاً أن يظل علي شي واحد مهما طال الدهر , فكلما يُعطي الإنسان شيئاً يُريد منه المزيد . فالمدينة الفاضلة ربما يرضي عليها اليوم و يكره وُجوده فيها بعد فترة . فتتحول المدينة الفاضلة إلي المدينة الضالة .


و بما أن رغبات الإنسان تختلف من شخص إلي آخر , فلا يُمكن فرض نظام واحد ترضي به مجموعة و لا ترضي به مجموعة أخري في المُجتمع . فعدم الرضا للفرد في المُجتمع ينتج عنه السلبية في الأنتاج و صيام الفرد عن المشاركة في المُجتمع لان المُجتمع فُرض عليه نظام لا يرضي به كل الأفراد , فيُصبح الفرد فاسداً بلا قيمة و يُصبح هداماً لا بناءاً و مع الوقت تنتشر هذه السلبية و تُصبح المدينة الفاضلة مدينة لا يصلح فيها زرع أيٍٍ من الثمار .

و بما أن أغلب الداعين للمدينة الفاضلة في ثورات الربيع جهات إقصائية في فكرها لانها للآسف الشديد تظن أن هي بوحدها تستطيع بناء الوطن و تشييده و تحويله إلي بؤرة سعادة و خير و محبة , و لكنهم لا يعلمون أن السعادة و حُب الوطن لا يُمكن فرضه علي الفرد , بل إن الفرد هو من يفرض سعادته علي نفسه برضاه علي ما يحدث من حوله من بناء .

الخلاصة إن أي تيار دينيٍ كان ام غير ذلك لا يستطيع أن يُشيد " المدينة الفاضلة " لانها و بحزن شديد " غير موجودة " إلا في الأحلام . و لكن يُمكننا أن نُشيد علي الأقل "دولة" تحمي كُل رغبات الأفراد و تسعي لتحقيقها . فالفرد كالنبتة لديه رغبات و إحتياجات إذا وفرناه له سيُعطينا ما لذ و طاب من ثمار ..




#علي_لّطيف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيف تصدّى المسلمون والشيوعيون لمحاولات طمس البوسنة؟
- ترامب ونتنياهو: عدُوَّان فتَّاكان للشعوب في الشرق الأوسط و ف ...
- حرب أمريكا وإسرائيل على ايران وتداعياتها. ندوة سياسية لمنظمة ...
- حزب التقدم والاشتراكية يستقبل وفداً من المنظمة المغربية لحقو ...
- تحركات في الكونغرس الأميركي لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية ...
- غدًا تجديد حبس القيادي العمالي شادي محمد وشباب قضية “بانر فل ...
- النظام المصري يواصل حبس المتضامنين مع فلسطين
- احتجاج بلا تصعيد، وغضب بلا قيادة: وقفة نقابة المحامين تكشف ع ...
- بيان لصحفيين مصريين: الاعتداء الأمريكي على إيران من أرض عربي ...
- المحامين قالوا كلمتهم.. نعم للإضراب


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي لّطيف - المدينة الفاضلة .