أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - هل حقق المغرب القفزة المنتظرة















المزيد.....

هل حقق المغرب القفزة المنتظرة


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1100 - 2005 / 2 / 5 - 12:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


سنة 1956، سادت على الحراك السياسي قوتين : القصر وحزب الاستقلال، وهما القوتان اللتان كانتا تسجدان وتنشطان الروح الوطنية المغربية آنذاك، وبالتالي لم تكن آية قوة أخرى مؤهلة غيرهما لتدبير الشأن العام وتفعيل تصورهما في أحداث المؤسسات الدستورية، لذلك اتسمت السنوات الأولى من الاستقلال بصراع على السلطة والنفوذ والتحكم في دواليب الدولة والفوز بدور الرائد والقائد المتصدر للمسيرة وفائزة عبر استفتاء 1962 الذي بدستور حسب تصورها وعلى مقاسها وهذا ما جعل نفوذ حزب الاستقلال يتقهقر بفعل تفعيل شبكات محلية من رجال السلطة للتحكم في العالم القروي وانطلاق سيرورة تدجين جملة من رؤوس القوى السياسية ومخزنتها، إلا أن الآليات والميكانيزمات الدستورية المحدثة سرعان ما ستتوقف عن سيرانها الطبيعي المرتقب بفعل التقاطب السياسي المفرط السائد في المؤسسات البرلمانية آنذاك وعجزها في التصدي للاحتقان الاجتماعي من جراء الركود السياسي والاقتصادي الذي طبع عمل الدولة ونشاطها.
وهذا ماعتبرت عنه بجلاء أحداث الدار البيضاء في 23 مارس 1965 والتي أعلنت عن موت التجربة البرلمانية الأولى، واإعلان عن حالة الاستثناء التي أدت إلى مركز السلط واعتقاد الأساليب التقليدية في الحكم، وبذلك بدأ مسلسل واعتماد الأساليب التقليدية على النخب الإدارية والقروية والاقتصادية ارتكازا على معيار الولاء مقابل تنمية مصالح ومواقعها الاجتماعية والاقتصادية، وهكذا استحل شخص الملك الدور المحوري، وتزامن هذا الوضع مع ظهور ممارسات قمعية واغتناء متفاحش للأقلية، وجاء دستور 1970 ليكرس هذا الوضع، وتزامن ذلك مع استفحال الأزمة وتدني ظروف العيش لأغلبية المغاربة، وثلث ذلك مرحلة ( 1971-1973) التي عرف فيها المغرب هزات عنيفة، الانقلاببيين العسكريين الفاشلين ومحاولة الجناح البلانكي الاتحادي، الشيء الذي دفع القصر إلى مراجعة الأوراق ومحاولة تجديد العلاقات مع القوى السياسية.
وهكذا منذ 1972 بدأت تظهر بوادر الانفتاح على أحزاب المعارضة لمحاولة البحث على توازن والسعي وراء استرجاع استقرار اجتماعي، واعتمدت البلاد دستورا جديدا سنة 1972 ذات طابع أريد منه أن يظهر أكثر ليبيرالية وأكثر ديموقراطية من الدساتير السابقة وذلك آخذا بعين الاعتبار بعض مطالب أحزاب المعارضة إلا أن هذه التجربة سرعان ما واجهت رفض أحزاب المعارضة للمشاركة حكومة الائتلاف الوطنية المقترحة من طرف القصر بعد انقلاب صيف 1972، وبذلك تم إجراء الانتخابات، آنذاك خرج للوجود المخطط الاقتصادي 1973-1977، الذي حدد توجها نحو دعم النمو وتحقيق عدالة اجتماعية بفضل اعتماد مغربة التجارة والصناعة واسترجاع الأراضي وإعادة هيكلة قانون الاستثمار، وقد مكنت هذه الاستراتيجية من إعطاء نفس جديد الانطلاقة الاقتصادية والسياسية، كما ساعدت بدرجة كبيرة للمزيد من تدجين النخب الاجتماعية ومخزنتها.
وجاء مشكل الصحراء ليساهم في إرجاء التعامل مع التناقضات الداخلية والاهتمام بتقوية الوحدة الوطنية، وبعد مفاوضات لم يعرف عنها إل الشيء القليل آنذاك وبعد معركة قانونية، كان الإعلان عن المسيرة الحضراء التي شكلت نجاحا تاريخيا سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي أو العالمي، كما أن الإجماع الوطني حول قضية الصحراء وفر جملة من الشروط لتحقيق نوع من الاندماح على الصعيد الاقتصادي والتقارب على الصعيد السياسي، الشيء الذي سهل اعتماد مسلسل ديمقراطي شكلي يمكن من إدماج النخب المدجنة والمخزنة بتزكية بعض الفاعلين في المنظومة السياسية المغربية.
ومه حلول 1983 تأزمت الأوضاع واستفحلت على المغرب مطرقة سياسية التقويم الهيكلي، وبذلك ولجت المنظومة الاقتصادية المغربية عهد الوصاية على امتداد ما يناهز عقد من الزمن، وأصبح الاقتصاد الوطني يسير ويوجهمتن الخارج.
ففي 1983 بلغت الأزمة درجة جعلت الحكومة المغربية تخضع بدون قيد ولا شرط لأوامر البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، ومنذ غشت 1983 اعتمد المغرب مخطط التقشف مرفوقا، بجملة من الاجراءات الاجتماعية. وبذلك انخرط المغرب تحت وصاية صندوق النقد الدولي الذي فرض عليه فرضا اعتماد سياسة التقويم الهيكلي في المجالين الاقتصادي والمالي على وجه الخصوص وهذا ما أثر وبشكل مباشر وسريع على مختلف مجالات الحياة بالبلاد. وقد انخرطت الحكومة في قبول هذه الوصاية الخارجية قصد التمكن من الاستفادة من تسهيلات متعلقة بالقروض الخارجية وكذلك إعادة جدولة الديون المتراكمة والتي بلغت آنذاك ( نهاية 1983) ما يناهز 13 ملياردولار ( تقريبا ما يفوق 130 مليار درهم). مقابل ذلك تعهدت الحكومة المغربية باتخاذ جملة من القرارات والتدابير التي تروم إعادة هيكلة الاقتصاد حسب ما تقتضيه تعليمات صندوق النقد الدولي، الموصومة آنذاك بالليبيرالية الجديدة، وهي كلها قرارات وإجراءات تتوخى بالأساس التوازنات المالية المحضة عبر التقليص الكبير من المصاريف العمومية وتشجيع وتدعيم الصادرات بأي ثمن باعتبارها هي الوحيدة التي يمكنها أن تجلب العملة الصعبة لتسديد الديون المتراكمة، ولم يكن هذا كافيا في نظر صندوق النقد الدولي، بل كان لزاما على الحكومة كذلك اعتماد برنامج واسع النطاق لخوصصة الجهاز الانتاج والبنكي وكذلك الانخراط الكلي بدون قيد ولا شرط في منظومة السوق العالمية عبر التحرير الكلي للواردات.
وكان أول إجراء قامت به الحكومة هو ذو طبيعة مالية مرتبط بالميزانية، وهو تقليص الاستثمار العمومي وتقليص خلق فرض الشغل في الوظيفة العمومية والمزيد من الضغط على الأجور والتقليص الكبير من دعم الاستهلاك، والمراقبة الدقيقة للكتلة المالية والرفع من نسبة الفوائد وخفض قيمة الدرهم، وكلها إجراءات كانت لها انعكاسات وخيمة على الصعيد الاجتماعي، والحتوت منها أغلب الفئات الاجتماعية لا سيما منها الفقيرة والمتوسطة.
وبموزاة مع هذه الإجراءات التي نزلت كالصاعقة على الشعب المغربي اعتمدت الحكومة خطة إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني تستهدف الرفع من المردودية والجدوى والقدرة على التصدير، وفيها بين 1984 و1990 عرف النظام الضريبي تحولات كبيرة فيما يخص اعتماد الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل وترسانة من الضرائب المحلية، كما أن النظام الجمركي عرف هو كذلك تغييرات بجانب قوانين الاستثمار.
وقد وصلت الديون سنة 1989 ما مقداره 20 مليون دولار بفضل سياسة التقويم الهيكلي التي أدى ضريبتها الثقيلة الشعب المغربي لاسيما أوسع فئاته الفقيرة والمتوسطة وقد تجسدت الإصلاحات المعتمدة في القطاع العمومي في التخلي السافر للدولة عن الدور الذي كانت تلعبه بخصوص المؤسسات والوحدات ذاث الطابع الاقتصادي والتجاري وذلك لفائدة منطق السوق. وهكذا تم تحديد لائحة تظم 112 مؤسسة مقترحة للخوصصة منذ سنة 1989، كما تم تحديد جدول زمني وإطار قانوني إنجاز ذلك قصد تسليمها للقطاع الخاص، كما أنه تم الإقرار بتحرير الأثمنة والتجارة الخارجية، واستفاذت الأنشطة التصديرية من جملة من التسهيلات، لاسيما بفتح الأبواب على مصراعيها للمستثمرين الأجانب بعد التخلي عن سياسة المغربة وجوهرها، ورفع مراقبة مكتب الصرف فيما تخص تحويل الدخل والرأسمال.
كما أن الميدان الفلاحي لم يفلت هو كذلك من حركية الخوصصة وسيرورة تخلي الدولة عن مهامها الاقتصادية والاجتماعية التي دئبت على القيام بها، ونفس حصل في قطاع التعليم وقطاع الصحة واللذان تقرر أخضاعهما لعوامل وقواعد منطق السوق.
وقد أدت هذه السياسة إلى إعفاء الدولة من جملة من الاستثمارات العمومية الشيء الذي تترجم على أرض الواقع بتقلص ملحوظ في وثيرة النمو والذي لم يقو على تجاوز نسبة 4 أو 3 في المائة فيما بين 1983 و1989.
واعتبارا للنمو الديموغرافي ( ما بين 2.6 و3 في المائة سنويا) لم يعرف نمو الدخل الفردي إلا نسبة ضئيلة تقدر إلا بنقطة أو نقطة ونصف سنويا في المعدل، علما أن هذه النسبة لم يستفد منها إلا الكمشة المخطوطة بالبلاد وهي أقلية لا تكاد تبين، في حين أن الدخل الفردي الفعلي للأغلبية الساحقة، للمغاربة عرف تقهقرا وتدنيا على امتداد هذه المرحلة وزاد الطين بلة بفعل انعكاسات السياسة المعتمدة على قطاع التشغيل عموما الذي عرف تراجعا لم يسبق له مثيل.
أما بخصوص التضخيم المالي فقد عرف انخفاضا حيث تقلص من 8.8 في المائة فيما بين 1987 و 1989، إلا أن التوازنات المالية الأخرى ظلت تدعو إلى القلق، لا سيما فيما يخص ميزان الأداءات بما في ذلك الدين الخارجي الذي ظل يمثل أكثر من 42 في المائة من السلع والخدمات سنة 1989.
ورغم أن سنة 1991 عرفت موسما فلاحيا استثنائية، إلا أن الاقتصاد المغربي ظل هشا جدا، وظل المغرب مصنفا ضمن البلدان ذات درجة الخطر المرتفعة حسب الأبناك الدولية والمستثمرين الأجانب، وذلك اعتبارا لثقل الدين الخارجي الواقع على الاقتصاد والذي بلغ ما يناهز 22 مليون دولار سنة 1991، وهذا علاوة على ضعف تنوع السلع المصدرة، لدرجة أن خسران سوق أو صفقة في مجال الفوسفاط أو موسم فلاحي سيء النتائج من شأنها بسهولة، ومن عشية لضحاها، تعميق هوة الديونية وكبح وثيرة النمو، وهذا في وقت كان فيه الجدال على أشدة بالمغرب حول الانعكاسات السلبية الوخيمة لسياسة التقويم العهيكلي والثمن الباهضة الذي أداه الشعب المغربي من جرائها، وحول تفاقم الفوارق الطبقية الصارخة واستشراء البطالة، كما ظهر بوضوح أن الأقلية استفادت من هذه السياسة على حساب أغلب المغاربة، وقد وصلت الأزمة أوجها سنة 1992، حيث بلغت حدا لم يسبق أن علاينته البلاد مكنذ استقلالها في أواسط خمسينات القرن الماضي، وهكذا قامت الفئات الشعبية بشكل لم يسبق له مثيل وقد تجلى هذا بوضوح عبر تراجع مختلف المؤشرات المرتبطة بالطلب والاستهلاك.
وإذا كان الجفاف والتقهقر الصادرات من العوامل الخارجية التي ساهمت في الوضع، فإن هناك عامل داخلي وذاتي ساهم بالقسط الوفير، إلا وهي توجهات السياسة الاقتصادية المعتمدة والتي كادت أن تلحق الضربة القاضية بالاقتصاد الوطني على جميع المستويات، وهذا بشهادة جميع المحللين الاقتصاديين النزهاء والموضوعيين.
ورغم ذلك استمرت الحكومة سنة 1992 في الاهتمام فقط بالتوازنات المالية واستمرت، مع سبق الإصرار والترصد- في التنفيذ الحرفي للتعليمات الواردة في سياسة التقويم الهيكلي المبلورة حسب هوى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي دون أي اعتبار للأوضاع القائمة بالبلاد، لقد فضلت الحكومة نيل رضى المؤسسات المالية واستمرت – مع سبق الإصرار والترصد- في التنفيذ الحرفي للتعليمات الواردة في سياسة التقويم الهيكلي المبلورة حسب هوى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي دون أي اعتبار للأوضاع القائمة بالبلاد، لقد فضلت الحكومة نيل رضى المؤسسات المالية الدولية عوض السعي لتحقيق نمو آني وسريع وكانت أول جميل منحته الحكومة للوطن، أن التحرير المتوحش للواردات ساهم في تقليص حصة جملة من الأنشطة الصناعية المغربية في السوق الداخلي وهذا جميل سوف لن تنساه لها الأجيال القادمة التي كتب لها أن تؤدي توابع هذا الاختيار، وحصلته تظهر بجلاء في عدد العمال المسرحين والوحدات التي اضطرت اضطرارا لاعتقال أبوابها وتبعا لذلك أقفال أبواب الرزق على العديد من العائلات.
نعم لقد تم تحقيق ارتفاع في النتائج الداخلي الخام بنسبة 3.5 في المائة وتحقيق نسبة نمو قيل أنها وصلت إلى 5.1 في المائة سنة 1991 لكن ب؟أي ثمن؟ هذا هو السؤال في هذه السنة كان تأثير الجفاف قويا، وسجل القطاع الفلاحي تراجعا وصلت نسبته 30.4 في المائة وبذلك تقلصت حصة الفلاحة في النتائج الداخلي الخام من 20.6 في المائة إلى 14.8 في المائة.
كما أن مختلف القطاعات الصناعية عرفت تراجعا ملحوظا، إذا ان القيمة المضافة المرتبطة بقطاع البناء والأشغال العمومية تقهقرت بما نسبته 305 في المائة في الحجم، وعموما أدى هذا التراجع إلى تدني كبير في مستوى عيش العائلات بأكثر من 6 في المائ، ومر العجز التجاري من 22.4 مليون درهم إلى 28.9 مليون سنة 1992 وتراجعت نسبة التغطية إلى حدود 53.8 في المائة عوض 62.4 في المائة المحققة سنة 1991، كما عرفت هذه السنة نوعا من انحصار مصادر العملة الصعبة وتقهقر صبيبها سواء تعلق الأمر بمحصول الفوسفاط أو عائدات العمال المهاجرين والربح المحقق بواسطة جدولة الديون ومحصول السياحة، وهذا في وقت تقرر فيه عدم إمكانية اللجوء إلى جدولة الديون الشيء الذي دعى إلى إعادة التفكير في حركية المالية الخارجية.
وكان آخر اتفاق بخصوص الذين أجرم مع نادي باريس في 27 فبراير 1992 ( آخر السلسلة منذ 1983) وتمكن المغرب بواسطته من الاستفادة من فترة غير قابلة 205 مليون دولار سنويا فيما بين 1992 و2000.
وعموما إذا كانت سياسة التقويم الهيكلي قد تمكنت من تحقيق التحسن على صعيد التوازنات المالية المحضة، فإنها لم تمكن، بأي حال من الأحوال، الاقتصاد الوطني من مواجهة تحديات إلغاء الحواجز الاقتصادية واحتداد المنافسات التجارية.
إن البنية الإقليمية للتبادلات الخارجية تعكس بوضوح وجود عجز مع شركاء المغرب سواء في أوروبا أو آسيا، في حين تظل المبادلات مع الدول الإفريقية ودول المغرب العربي الكبير رغم عامل القرب والعوامل التاريخية، ضعيفة جدا إن لم تكن قد عرفت تراجعا هي كذلك كما انه يفعل تراجع عائدات العمال المهاجرين ومحاصيل السياحة، فإن ميزان الأداءات ظل يعرف عجزا سيزداد تفاقما بفعل الموارد المخصصة لتسديد الدين الخارجي وتوابعه.
وهذه الوضعية انعكست مباشرة على وضعية الشركات المغربية التي أضحت تعيش حالة من الركود تدعو إلفة القلق، وتقلصت وثيرة خلق فرص الشغل إلى أقصاها في القطاع الصناعي، بل هناك شركات كثيرة قلصت من عمالها ومن أيام شغلها ( النسيج والجلد بالخصوص)، ما عدا قطاع البناء والأشغال العمومية وقطاع الخدمات تمكنا من إحداث بعض فرص الشغل القليلة، في وقت برزت فيه بطالة حاملي الشهادات كظاهرة بنيوية استوطنت بالمغرب.
ومع حلول 1993، (السنة الثانية للجفاف) وبموازاة مع الوضع الاقتصادي العالمي المطبوع بالركود والتراجع أحيانا كثيرة، لم يكن لللاقتصاد الوطني إلا أن يعرف في أحسن الظروف ركودا ملحوظا، لا سيماوأن القطاع الفلاحي سيعرف تقهقرا جديدا في إنتاجه بنسبة 8.5 في المائة إضافة على تقهقر السنة الماضية، كما أن الأنشطة الصناعية هي كذلك ستعرف تراجعا بفعل تقلص الطلب سواء الداخلي أو الخارجي، وزاد تراجع الاستثمارات من وثيرة انهيار الصادرات ولم تبلغ نسبة النمو بالكاد 0.6 في المائة وقارب عجز الميزان التجاري ما يناهز29 مليون درهم، وتحددت نسبة التضخم في 5 في المائة في المتوسط وبذلك ظلت آمال الإقلاع والتحسن ضعيفة جدا إن لم تكن غائبة، وقد تأكد هذا المنحى بفعل السياسة المتبعة من طرف الحكومة الذي أرادت تحقيق إقلاع عبر نمو قوي ومدعم يتمحور حول خلق فرص الشغل مع الاستمرار في تحقيق أهداف بخصوص التصدي للاختلالات الماكرو إقتصادية وعجز الميزانية، وضمن هذا المنظور راهنت الحكومة على 5 مشاريع كبرى، الربط القاري بين إفريقيا وأوروبا عبر مضيق جبل طارق، أنبوب الغاز المغرب العربي- أوروبا، القطار السريع المغاربي، منطقة التبادل الحر لطنجة ومشروع الاتصالات أورافريكا ( cable à fibre optique ).
إلا أنه ظلت هناك مناطق ظل كثيف، وكما تفاقمت التحديات الاجتماعية بفعل تراكمات الخصاص في مختلف القطاعات، وتأكد ضعف النسيج الإنتاجي المغربي بفعل كثرة الوحدات الصغيرة المتأثرة بسهولة فائقة بإكراهات المحيط لاسيما أن سياسة الانفتاح المعتمدة بسرعة وبدون سابق إنذار قد ساهمت بشكل كبير في خلخلة البنية الإنتاجية المغربية- ليس في الاتجاه الإجابي وإنما في الاتجاه السلبي المدمر. وبفعل هذه المستجدات وبموازاة مع العوامل الخارجية تعمق العجز التجاري إذ تصاعد من 9 مليون سنة 1988 إلى 28 مليون سنة 1992.
وحسب تقرير البنك الدولي لسنة 1993، فإن الاقتصاد المغربي احتل المرتبة الأخيرة ضمن 13 بلدا ذات البنية المتشابهة والموضوفة بذت الإمكانيات الضعيفة للإقلاع أو إعادة الإقلاع الإقتصادي، وبالتالي أكد التقرير على استمرار البنية مطبوعة باقتصاد مثقل بالديون واستفحال مدى وتأثير المعوقات المانعة للمرور إلى اقتصاد السوق.
فهل والحالة هاته يمكن اعتبار أن المغرب حقق قفزة نوعية أو في طور تحقيقها أم أن الأمر يدعو وبإلحاح إلى التحلي بالجرأة لإعادة النظر في جملة من المسائل؟
إنه سؤال مركزي وجوهري على الجواب إلحاحا قويا وشديد اللهجة.
إدريس ولد القابلة
رئيس تحرير فضاء الحوار



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير
- لقاء مع السيد محمد الحراثي
- هجوم على مكتسب الحق في التطبيب بالمغرب
- مجتمع المعلومات بالمغرب
- اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا
- الوحدة الترابية والدبلوماسية المغربية
- الحكامة
- لـمـال والمـقـاومـة
- الفرنسيون الذين ساندوا المغرب في محنته
- الخلفية التاريخية والثقافية للخوفقراطية بالمغرب
- الخونة يحتفـلون بعودة الملـك محمد الخامـس بمنفاه
- المندوبية السامية لقدماء المقاومة وجيش التحرير
- البرجوازية التجارية بين التعامل مع الاستعمار ومساندة المقاوم ...
- حلقة من حلقات التاريخ المسكوت عنه قضية شيخ العرب
- أوراق متناثرة من تاريخ المغرب الحديث : محطات ذات دلالة
- أوراق متناثرة من تاريخ المغرب الحديث : محطات ذات دلالة 1 - ا ...
- الأحزاب السياسية بالمغرب
- مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير و غد أفضل
- الأحزاب السياسية بالمغرب
- واقع المحامي بالمغرب


المزيد.....




- منهم آل الشيخ والفوزان.. بيان موقّع حول حكم أداء الحج لمن لم ...
- عربيا.. من أي الدول تقدّم أكثر طالبي الهجرة إلى أمريكا بـ202 ...
- كيف قلبت الحراكات الطلابية موازين سياسات الدول عبر التاريخ؟ ...
- رفح ... لماذا ينزعج الجميع من تقارير اجتياح المدينة الحدودية ...
- تضرر ناقلة نفط إثر هجوم شنّه الحوثيون عليها في البحر الأحمر ...
- -حزب الله- اللبناني يعلن مقتل أحد عناصره
- معمر أمريكي يبوح بأسرار العمر الطويل
- مقتل مدني بقصف إسرائيلي على بلدة جنوبي لبنان (فيديو+صور)
- صحيفة ألمانية تكشف سبب فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكراني ...
- ما عجز عنه البشر فعله الذكاء الاصطناعي.. العثور على قبر أفلا ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - هل حقق المغرب القفزة المنتظرة