|
لماذأ الشيوعية؟
حزب اليسار الشيوعي العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 3753 - 2012 / 6 / 9 - 18:17
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
السلسلة الثقافية : 1 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تعرف على الماركسية لماذا الشيوعية؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ منشورات الحزب الشيوعي العراقي _ اليسار_ 3 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يعتبر هذا العمل التثقيفي عملاً لابد منه بعد أن عملت السلطات الفاشية في العقود الأربعة الماضية على تجهيل الجماهير وابعادهم عن مصادر الالهام الثورية ، لأنها تعرف أن الفكر الثوري حالما تستوعبه الجماهير ، تدركه وتعيه وتتبناه ، يتحول إلى قوة مادية حسب تعبير ماركس، هي قوة الجماهير وتحركها الثوري لصنع التغيير اللازم لحياتهم ، لأن البحث عن الحقيقة والعمل بها لابد من أن يؤدي إلى العمل الثوري التغييري الذي تحلم به الجماهير دائماً في بحثها الحثيث عن العدالة الاجتماعية . فبعد ان ظل الفكر الثوري الماركسي ، فكر استنهاض الجماهير وتحصين وعيها ضد الخرافة والتجهيل ، قلنا بعد أن ظل هذا الفكر غريباً وبعيداً عن متناول الجماهير في العراق بسبب الحرب الفاشية ضد معاني التقدم وافكاره ، فلابد من أن نأخذ في الاعتبار الضرورة الثورية اللازمة لتوعية الجماهير بالفكر الماركسي مستعينين بقراءة مصادره الأصلية ، ونحن في هذه العودة إلى انجلز مستلهمين افكاره التي جاءت في كراسة ( مبادئ الشيوعية ) واحياناً الابقاء على ما جاء في الكراسة نصاً نتيجة للأهمية التاريخية لنــص 4 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انجلز، نحاول أن نصنع اساساً صحيحاً للوعي الثوري وايضاً لكي نتثقف بالاصول الثورية للماركسية . لكننا ونحن نقرأ هذه الاصول الثورية في الفكر الماركسي علينا أن نتنبّه ونأخذ في الاعتبار الفرق في الزمن بين تأريخ صدور هذه الكراسة والزمن الحاضر ، وأن نأخذ في الاعتبار ايضاً التغييرات التي حصلت في المجتمعات وفي الفكر عموماً ، ونحذَر من ما يمكن أن يبثه من تزييف وتحريف اعداء الماركسية ونظريتها الثورية وبرامج التغيير الاجتماعي التي يطرحها الفكر الماركسي منذ زمن بعيد حتى اليوم. وعليه فاننا مطالبون أن نكون حذرين أيضاً ونحن نضع الفكر الماركسي قيد التطبيق الاجتماعي ، وأن نتجنب تماماً اللجوء إلى التعمية، ولابد من أن نكون واضحين في تقديمنا الفكر الماركسي الثوري للجماهير ، وأن نخوض هذه التجربة بصدق الثوري وحرصه المعهود. كذلك حاولنا في هذه الكراسة ، قدر المستطاع ، أن نقرأ بعض مفردات الواقع الاجتماعي الراهن ونضمِّنه الاجوبة التي اقترحها انجلز ، من منهج ضـــــــرورة 5 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البحث في الحقيقة الموضوعية ونشرها بحرص . ونتمنى أن نكون وفقنا في ذلك. كما يجب التنبيه إلى أن الفكر الماركسي فكر حيوي يؤمن بالتطور الدائم ، ولا يؤمن بالجمود العقائدي ويجب الانتباه إلى مخاطر الانسياق وراء التعميمات الجاهزة التي قد تغري البعض بالتمسك بها دونما تمحيص . وليكن منهجنا هو حيوية الماركسية ، التي تؤمن بالتغيّر والتطور . مع الحذر الشديد من التحريفية وبرامجها التي قد تبدو للبعض تجديداً بينما هي تخفي تخلّيها عن الماركسية في موضوع التغيّرات الاجتماعية وفي تأريخ المجتمعات والقوانين الموضوعية الفاعلة في هذا الشأن. 6 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من مقدمة (ماهي الشيوعية؟) لأنجلز: ( في حزيران 1847 ، بلندن، وأثناء مؤتمر العمال الثوريين الألمان، الذي اشترك فيه انجلز ولدت رابطة الشيوعيين. وكانت أول منظمة تنشأ على مفاهيم الاشتراكية العلمية. ولقد كُلِّف انجلز بوضع مشروع برنامج للرابطة. وقد استخدم الشكل التقليدي في ذلك الحين ، عن طريق الأسئلة والأجوبة، وهو شكل تعليمي. فكتب في أواخر تشرين الأول 1847 الصفحات التي غدا عنوانها فيما بعد ، ( مبادئ الشيوعية) ولم تنشر إلا في عام 1914. ذلك أن انجلز ما كاد ينهي مشروعه حتى انعقد المؤتمر الثاني لرابطة الشيوعيين في بداية كانون الأول 1847 . وكلف هذا المؤتمر ماركس وانجلز بكتابة ما صار يعرف ( البيان الشيوعي) الشهير. وكان يتفق تماماً مع آراء انجلز، ولقد اقترح ماركس التخلي عن نموذج الأسئلة والأجوبة التعليمي. فأهملت مسودة (مبادئ الشيوعية). لكن افكارهــــــا 7 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وردت من حيث الجوهر في البيان الشيوعي. وكانت مسودة (مبادئ الشيوعية ) هي نتيجة الجهد المشترك لماركس وانجلز. ) ومن هذه المبادئ سيكون انطلاقنا على نحو تعليمي في الكشف عن أهم مبادئنا الشيوعية ولذلك كانت هذه الكراسة ، مع اضافة منا لتوضيح بعض المفاهيم المهمة التي تتعلق بوعينا لقضية التحليل الماركسي لظواهرالحياة والمجتمع والفكر والتي لابد منها لتلقي المعرفة من دون عائق، ولفهم الموضوعات التي سيطرحها حزبنا على رفاقه واصدقائه على نحو مستمر. 8 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مبادئ الشيوعية 1- ماهي الشيوعية؟ الشيوعية هي علم تحرير الطبقة العاملة ( البروليتاريا) ، ( أي فهمنا للطريقة التي نفرز ونميّز بها حقوق الطبقة العاملة ، ومعرفة الكيفية التي بواسطتها نحصل على هذه الحقوق ، وتمييز واختيار الطرق المناسبة لتحرر الطبقة العاملة من نير الاستغلال الرأسمالي ومن ثم الامبريالي عن طريق حزب الطبقة العاملة)." اما المجتمع الشيوعي فهو ما سنأتي على تبيانه فيما بعد." 9 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 2- ما هي البروليتاريا ؟ البروليتاريا هي طبقة العمال وهي الطبقة الوحيدة من بين طبقات المجتمع جميعها التي تعيش من بيع قوة عملها حصراً إلى الرأسمال ، والتي تتعلق ظروف معيشتها ومعيشتها ذاتها بطلب العمل (باعتبار العمل سلعة خاضعة للعرض والطلب) أي التي تتوقف معيشتها بل وجودها كله على مدى حاجة المجتمع إلى جهودها. فهي بهذا الأمر عرضة للتقلبات والأزمات التي يتعرض لها رأس المال والعملية الصناعية والاقتصادية في المجتمع ، وباختصار أن البروليتاريا هي الطبقة الكادحة في العصر الحالي . ( وتضم طبقة العمال في عصرنا الحالي كل من يقدم جهداً عضلياً او فكرياً مقابل اجر يستلمه من صاحب العمل " الرأسمالي" أي كل من يبيع قوة عمله ، فيدخل ضمن هذا أعداد جديدة من العمال لم تكن موجودة في العصور السابقة كالعاملين على الحاسبات والأجهزة التكنولوجية الآلية الجديدة والسبرنيتية ( أي اجهزة العمل الذاتي ) وغيرهم .) • إذن ؛ ما الفرق بين العمل وقوة العمل ؟ 10 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ - إن العمل هو الصفة البشرية التي تميِّز الانسان عن غيره من باقي كائنات الطبيعة ، فلا يمكن والحال هذه بيع العمل ، لأنه لا معنى لبيع صفة من صفات الانسان إلا مجازياً . أما قوة العمل فهي الطاقة أو الجهد الذي يبذله العامل وهو ينتج السلعة أو المنتوج ، لذلك تتحدث الماركسية عن بيع( قوة عمل ) العمال. 3- هل وجدت البروليتاريا في جميع الأزمنة؟ كلا ، لقد وجدت على طول التاريخ طبقات فقيرة وكادحة، مثل العبيد والأقنان ( الآقنان : هم الفلاحون المرتبطون بالأرض مع الاقطاعي والذين يباعون مع الأرض عند بيعها أو حينما يتغيّر مالكها) ، ومن الكادحين في تلك العصور أيضاً كان الاحرار الفقراء وصغار الحرفيين . وكانت الطبقة الكادحة فقيرة غالباً، ولكن لم يكن هناك دائماً عمال يعيشون في الظروف التي شرحناها في السؤال السابق ، اي بروليتاريا ، ولم تكن المنافسة في كل العصور بدون كابح كما هي عليه في المجتمع الراسمالي . ( أي لم تكن المنافسة بين الكادحين على اساس العرض والطلب.) 11 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 4- كيف ظهرت البروليتاريا ؟ ظهرت البروليتاريا للمرة الأولى عقب الثورة الصناعية في انجلترا اثناء النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ثم اعقب ذلك ظهورها في بلدان العالم المتمدن ، ولقد استدعى الثورة الصناعية ظهور الآلة البخارية وآلات الغزل ونول النسيج الآلي ، ثم جملة من الاجهزة الآلية الأخرى. وهذه الآلات غالية الثمن حيث لا يستطيع حيازتها إلا كبارالرأسماليين قد حولت نمط الانتاج السابق تحويلاً تاماً ، وأزالت الحرفيين السابقين ، لأنها كانت تصنع السلع على نحو أرخص واحسن مما كان يستطيعه الحرفيون بأنوالهم وادواتهم البسيطة. إن دخول هذه الآلات قد وضع الصناعة بكاملها في يد كبار الرأسماليين وأزال كل قيمة للملكية الحرفية الصغيرة وأصبح الراسماليون على الفور يملكون كل شيء ، ولم يعد العمال يملكون شيئاً. في أول الأمر أدخل نظام الآلة في صناعة الملابس ، ولكن ما لبث أن امتد هذا النظام سريعاً إلى سائر فروع الصناعة مثل الطباعة وصناعة الخزف ، وصناعة التعدين. وبات العمل يوزع أكثر فأكثر بيــن 12 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مختلف العمال ، بحيث أن العامل الذي كان يقوم بالعمل كله ، أصبح الآن يقوم بقسم من هذا العمل ، وبفضل هذا التقسيم للعمل ، أمكن أن تصنع المنتجات على نحو أسرع وبالتالي أرخص. وقد جعل نشاط كل عامل مقتصراً على حركة آلية بسيطة جداً ومكررة باستمرار . ووقعت جميع فروع الانتاج الواحد تلو الآخر تحت سيطرة الآلة الصناعة الكبيرة ، شأنها في ذلك شأن النسيج والغزل. وكان من نتيجة ذلك أن وقعت الصناعة كلياً بيد كبار الرأسماليين ، وفقد العمال في ذلك ما كان لهم من الاستقلال. كذلك وقعت الصناعة الحرفية تحت سيطرة الصناعة الكبيرة شيئاً فشيئاً. ولأن الرأسماليين أقاموا مشاغل كبيرة ، فقد أزالوا المنتجين الصغار المستقلين . وهذا ما يوضح السبب في أن جميع فروع الانتاج تقريباً ، في البلدان المتمدنة ، قد ادمجت في نظام الصناعة الكبيرة، وفي أن الانتاج الحرفي والانتاج المشغلي في جميع فروع الصناعة قد ازالتهما الصناعة الكبيرة وهذا يفسر أيضاً الدمار المتزايد يوماً بعد يوم الذي يحل بالطبقة المتوسطة السابقة ، والحرفية ، وتبدل وضع العمال تبدلاً تامـــــاً ، وتكونت نتيجة ذلــــــك طبقتـــــــــــان 13 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جديدتان تستوعبان شيئاً فشيئاً الطبقات الأخرى جميعاً وهما : - طبقة الذين يملكون كل المواد الأولية ووسائل المعيشة والأدوات ( آلات ، معامل ، ... ألخ) وهي طبقة كبار الرأسماليين ، الطبقة الاحتكارية المستغِلّة، اي طبقة البرجوازيين ، البرجوازية. - طبقة الذين لا يملكون شيئاً ، والمضطرين لبيع قوة عملهم للبرجوازيين من أجل أن يحصلوا منهم على وسائل الرزق الضرورية لمعشيتهم، أي وسائل عيشهم لكي يبقوا احياء وقادرين على بيع قوة عملهم ، وهذه طبقة البروليتاريين، البروليتاريا. 5- في أية ظروف يتم بيع قوة عمل البروليتاريا للبرجوازية؟ إن قوة العمل سلعة مثل غيرها من السلع ، أي يمكن أن يُدفع مقابلها مبلغ من النقود. وبالتالي فأن سعرها يتحدد وفق القوانين ذاتها التي يتحدد بها سعر كل سلعة أخرى . وسعر السلعة مساوٍ وسطياً لكلفة انتاج هذه السلعة. وإذن فأن سعر قوة العمل مساو هو أيضاً لكلفة انتاج قوة العمل، وكلفة انتاج قوة العمل تتــألف 14 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بالضبط من كمية وسائل الرزق الضرورية لجعل العامل في حالة تمكنه من متابعة العمل ، أي ما يجعل بدنه وعقله قادرين على اداء العمل المطلوب منه . فالعامل اذن لا يحصل لقاء قوة عمله إلا على الحد الأدنى الضروري لهذه الغاية، أي لا يحصل إلا على ما يمكن أن يجعل بدنه قادراً على أداء العمل المطلوب ، وعليه فسيكون ثمن قوة العمل ، أو الأجر ، هو الحد الأدنى الضروري للإبقاء على الحياة ، أي لإبقاء العامل حياً وقادراً على بيع قوة عمله. وهذا الأجر عرضة للتغيير وفق تغيّر سعر السلعة المنتجة ، وتقلبات السوق والاوضاع التجارية التي يتم بموجبها بيع السلع في السوق ، وتتأثر الاجور أيضاً عند حدوث الازمات الاقتصادية التي منها تكدس السلع وتعرضها للكساد الذي يهدد المصانع بالتوقف عن العمل أو الاغلاق المؤقت . وبذلك سيكون العامل تحت التهديد الدائم بالتعرض للبطالة ومن ثم العوز ، ولهذا يلازمه القلق على مستقبله وعلى الرزق الذي يمكن أن يحصل عليه غداّ أو بعد غد . الأمر الذي يسبب عدم الاستقرار والخوف الدائم . وهو ما يجعل الصراع 15 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الطبقي ممكناً لكنه مستتر ، وقادر على الانفجار على شكل ثورة في أية لحظة. • ما المقصود بالصراع الطبقي؟ - هو محرك التأريخ الاجتماعي ، وهو أداة التاريخ في الكشف عن الاستغلال والنهب الذي يتعرض له الكادحين . ولا توجد لحظة في تاريخ الانسان المعاصر خالية من الصراع الطبقي ، الذي يبقى خفياً ومستتراً لفترات قد تطول ، ويعبر عن نفسه في الغالب على شكل ثورة اجتماعية أو انتفاضة . وقد لا يبدو الصراع الطبقي بحقيقته التي نعرفها فيظهر في شكل آخر من الصراع ، جوهره رفض الظلم الاجتماعي القائم في المجتمعات . وقد يبدو رفضاً لأسلوب حياة ما أوسياسة ما ، أو مطالبة بحق معين دون آخر ، لكنه في النتيجة الصراع الذي يحرك التاريخ ويعمل في الحياة عمله الذي يؤدي باالتالي إلى التغيير. 6- اية طبقات كادحة كانت قبل الثورة الصناعية؟ حسب مختلف مراحل تطور المجتمع ، عاشت الطبقات الكادحة في ظروف مختلفة ، واحتلت مواقع 16 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ متباينة ازاء الطبقات المالكة والمسيطرة. ففي الأزمنة القديمة كان الشغيلة عبيداً (رقيق) للمالكين . وفي القرون الوسطى كانوا أقناناٌ لدى الارستقراطية العقارية والاقطاع، وفي عصر الثورة الصناعية كان ما يزال هناك عدد من الاجراء يشتغلون بخدمة حرفيين برجوازيين صغار ، لكنهم بعد تطور المشاغل ، اصبحوا عمالاً لدى كبار الرأسماليين. 7- بماذا يتميز العامل عن الرقيق ؟ ان الرقيق يباع دفعة واحدة ونهائياً هو وقوة عمله ، ويتصرف مالكه بحياته تصرفاً كاملاً . أما العامل فلابد أن يبيع قوة عمله كل يوم ، بل كل ساعة احياناً . والرقيق ملك سيده ، ويعمل في خدمة مصالح سيده ويعيش عيشة مؤمنة مهما كانت بائسة ، وحياته لا تقع ضمن نطاق المنافسة والرقيق يعتبر شيئاً ولا يعتبر عضواً في المجتمع ، ويتحرر فقط عندما يُلغى نظام الرق ، وعندها فقط يتحول إلى أجير أو بروليتاري. اما البروليتاري كفرد فهو تقريباً يضع قوة عمله تحت ملكية جميع البرجوازيين ، أي يعرضها للبيــع ، 17 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مع أن قوة عمله لاتقدم البرجوازية على شرائها إلاّ إذا كانت ثمة حاجة إليها. فهو محروم من العيشة المؤمّنة ، لأن قوة عمله تقع تحت نطاق المنافسة وتأرجحات الوضع الاقتصادي ، مع أنه عضو معتبر في المجتمع ، وفي وضع اعلى من مستوى الرقيق . ويتحرر البروليتاري فقط عند إزالة الملكية الخاصة ذاتها. 8- بماذا يتميز البروليتاري عن القن ؟ إن القن تتوفر له ملكية قطعة من الأرض أو حيازتها أو التمتع بملكية أداة انتاج ، مقابل تسليم مالك الأرض (الارستقراطي أو الاقطاعي) جزءً من محصوله أو لقاء بعض الاعمال التي يؤديها للمالك. وللقن معيشة مؤمّنة أيضاً، ويتحرر باللجوء للمدن متحولاً إلى حرفي ، أو باعطاء سيده مالاً بدلاً عن العمــــــــــــل ومنتجات ارضه فيتحول آنذاك إلى مزارع حر، أو بطرد سيده الاقطاعي فيتحول إلى مالك ويدخل في الطبقة المالكة ، وفي المنافسة. أما البروليتاري فيشتغل بأدوات انتاج هي ملك لشخص آخر، ولحساب هذا الشخص مقابـــل أجـــر، 18 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ومعيشته غير مؤمّنة ، كما أنه يدخل المنافسة على بيع قوة عمله مع العمال الآخرين ، ولا يتحرر البروليتاري إلا عند ازالة الملكية الخاصة وجميع الفوارق الطبقية. 9- بماذا يتميز البروليتاري عن عامل المشاغل (الحرفي)؟ من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر كان عامل المشغل اليدوي ( الحرفي ) ما يزال في كل مكان تقريباً يملك أداة عمل : نولاً للنسيج ومغزلاً لاسرته وحقلاً صغيراً يزرعه اثناء ساعات فراغه. اما البروليتاري فلا يملك شيئاً . وعامل المشاغل يعيش على الدوام تقريباً في الريف ويقيم علاقات اجتماعية مع ملاّكه أو مع مستخدمه هي بالنتيجة علاقات سلطة ابوية . أما البروليتاري فيعيش في المدن الكبيرة ولا يقيم مع مستخدمه غير علاقة مالية بسيطة. وتنتزع الصناعة الكبيرة عامل المشاغل من علاقاته تلك فيفقد الملكية الصغيرة التي كانت ما تزال باقية له، وإذ ذاك يتحول إلى بروليتاري. 19 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 10- ما هي النتائج المباشرة للثورة الصناعية وانقسام المجتمع ألى برجوازيين وبروليتاريا؟ اولاً : ان النظام القديم للمشاغل (او للصناعة القائمة على العمل اليدوي) قد قضي عليه تماماً نتيجة لانخفاض اسعار المنتوجات الصناعية الذي تحقق في جميع البلدان على أثر ادخال الآلة ، التي رفعت مستوى الانتاج وحسنته وزادت منه. وجميع البلدان شبه البربرية التي ظلت حتى ذلك الوقت خارج التطور التاريخي إلى هذا الحد أو ذاك، والتي كانت صناعتها قائمة على اساس نظام المشاغل ، قد انتزعت انتزاعاً عنيفاً من عزلتها فقد راحت تشتري السلع الانجليزية الرخيصة وتركت عمالها الفقراء العاملين في المشاغل يموتون جوعاً . فصناعة آلة جديدة في انجلترا ( وكذلك في بلدان العالم المتقدم، بلدان اوربا وامريكا الشمالية) قد ينجم عنه الحكم بالجوع ، في بضع سنين ، على ملايين من العمال خارج انجلترا (والعالم الغربي والمتقدم أيضاً ). وعلى هذه الصورة فالصناعة الكبيرة قد ربطت جميع شعوب الأرض بعضها ببعض، وحولت جميع الاسواق المحلية إلى سوق عالمية واسعة، وبات الحال معها بحيث لابــــد 20 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لكل ما يجري في البلدان المتمدنة أن يمارس تأثيره على سائر البلدان . ثانياً : حيثما حلت الصناعات الكبيرة محل الانتاج المشغلي ، نجم عنها نمو خارق للبرجوازية وثرواتها وقدرتها ، وجعلت منها الطبقة الأولى في المجتمع ، وبالتالي ، فأن البرجوازية حيثما حدث هذا ، قد استولت على السلطة السياسية وازاحت الطبقات التي كانت لها السيطرة حتى ذلك الحين؛ الارستقراطية ورؤساء الجماعات الحرفية ، وكذلك السلطة الملكية المطلقة التي كانت تمثل هاتين الفئتين معاً . لقد قضت البرجوازية على قدرة الارستقراطية والنبلاء ، عن طريق إلغاء نظام عدم امكانية بيع الملكية العقارية ، وكذلك جميع الامتيازات الاقطاعية . وهدمت جبروت رؤساء الجماعات الحرفية، بالغائها جميع هذه الجماعات وامتيازاتها ، وأحلت محلها المنافسة الحرة، أي صنعت حالة في المجتمع يكون فيها من حق كل فرد أن يمارس ما يطيب له من فروع النشاط ولا يمكن فيها لأي شيء أن يوقفه عن هذا النشاط ، اللهم إلا انعدام الرأسمال اللازم. وبالتالي فان ادخال المنافسة الحرة هو عبارة عن المنــاداة على رؤوس 21 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الأشهاد بأن اعضاء المجتمع ليسوا متفاوتين إلا بنسبة تفاوت رساميلهم. وبأن رأس المال هو القدرة الحاسمة ، وبأن الرأسماليين ، البرجوازيين قد اصبحوا الطبقة الأولى في المجتمع. لكن المنافسة لابد منها أول الأمر لتطور الصناعة الكبيرة . وبعد القضاء على القدرة الاجتماعية للنبلاء والجماعات الحرفية ، تقضي اليرجوازية على سلطتهم السياسية أيضاً ، فبعد ان اصبحت الطبقة الأولى من الناحية الاقتصادية ، تعلن نفسها الطبقة الأولى من الناحية السياسية أيضاً . وهي تتوصل إلى ذلك عن طريق ادخال النظام التمثيلي القائم على اساس المساواة البرجوازية أمام القانون وعلى الاعتراف الشرعي بالمنافسة الحرة. ثالثاً : إن الثورة الصناعية قد أدت في كل مكان إلى نمو حجم البروليتاريا بالمقياس نفسه الذي اتاحت فيه نمو البرجوازية نفسها ، فبمقدار ما كانت البرجوازية تغتني كان تعداد البروليتاريا يزداد ، ولأنه لما كان لا يمكن للبروليتاريا أن تجد عملاً إلا بواسطة الراسمال، ولايمكن للرأسمال أن ينمو إلا بتشغيل العمال ، فالنتيجة هي ازدياد عدد العمال متماشياً مع ازديــــاد 22 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رأس المال . كما أن الثورة الصناعية ينجم عنها تجمع البرجوازيين في تجمعات كبرى تمارَس فيها الصناعة بمزيد من الفوائد، واعطاء البروليتاريا الوعي بقوتها وهي تتحشد هذا الحشد الكبير في مكان واحد هو موقع العمل. وكلما ازداد تطور الثورة الصناعية، وكلما اختُرِع المزيد من الآلات الجديدة التي تبطل العمل اليدوي ازداد الميل لدى الصناعة الكبيرة لتخفيض الاجور إلى حدها الأدنى جاعلة وضع البروليتاريا بذلك قلقاً أكثر فأكثر، وهكذا فإن الثورة الصناعية بفعل تعاظم استياء البروليتاريا من جهة‘ وجعلها المجتمع منقسم إلى جبهتين، وبفعل نمو قوة البروليتاريا ، تمهد السبيل لثورة اجتماعية ستكون الطبقة العاملة في مقدمتها. 11- ما هي النتائج الأخرى للثورة الصناعية؟ إن الثورة الصناعية قد اوجدت الوسائل لزيادة الانتاج الصناعي بسرعة وبتكاليف أقل، وبفضل سهولة الانتاج هذه سرعان ما اتخذت المنافسة الحرة طابعاً بالغاً اقصى درجات العنف. فقد تداعى على الصناعة عدد ضخم من الرأسماليين ، وبعد قليل مـن 23 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الوقت بات المنتوج أكثر مما في الوسع استهلاكه ، وكانت النتيجة أن البضائع المصنوعة لم تجد من يأخذها ، وحدث ما يسمى (الأزمة الاقتصادية) . فاضطرت المصانع لوقف العمل، وأفلس أهل الصناعة وقضي على العمال بالمجاعة ، وكان نتيجة ذلك في كل مكان بؤساً كبيراً. وعندما يباع الكاسد من المنتوج تعود عجلة الصناعة للعمل من جديد لكن هذا لا يستمر طويلاً إذ لا تلبث الأزمة أن تتكرر ، وتأرجحت حال الصناعة بين عهود ازدهار وعهود أزمة على نحو يكاد يكون منتظماً. وفي كل مرة تجلب للعمال بؤساً كبيراً لكنها تجلب ايضاً تحركاً ثورياً عاماً. (في عصرنا الراهن ولكي لا يتعرض المنتوج إلى الكساد تلجا الراسمالية فيما تلجأ إليه إلى آلية جديدة لتصريف المنتوج ، هي الدعاية الاستهلاكية الكبيرة والواسعة ، خصوصاً بعد تنوع وسائل الإتصال وانتشارها وسيطرتها على منافذ المعرفة وتنظيم الوعي الجماعي ). 12- ماهي عواقب هذه الأزمات الاقتصادية التي تحدث دورياً ؟ 24 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اولاً : مع أن الصناعة الكبيرة هي نفسها من خلقت المنافسة الحرة خلال المرحلة الأولى من نموها، فهي لم تعد الآن تتوافق والمنافسة الحرة ، وأصبح الآن ممارسة الانتاج الصناعي من قبل اشخاص منفردين قيداً يكبل الصناعة الكبيرة ولابد لها من تحطيمه وسوف تحطمه . لأنها إن بقيت على هذه الحال فأن عملها سيؤدي إلى فوضى عامة في فترات محسوبة ، وسوف تؤدي هذا الفوضى إلى تعرض المدنية للخطر كل مرة ، فلا تقتصر على القاء البروليتاريا في هاوية البؤس ، بل تدمرايضاً عدداً من البرجوازيين. فالصناعة الكبيرة أما أن تدمِّر نفسها بنفسها وهذا محال ، وأما أن تؤدي إلى تنظيم جديد للمجتمع لن تكون قيادة الانتاج فيه بأيدي نفر قليل من أرباب المصانع يتنافسون فيما بينهم. ثانياً : أن الصناعة الكبيرة ، واتاحتها امكانية توسيع الانتاج إلى ما لانهاية يفسحان المجال لمجيء نظام اجتماعي سيبلغ فيه مقدار ما ينتج من وسائـــــل العيش حداً تتوفر فيه بعد ذلك لكل عضو في المجتمع امكانية تنمية قواه ومواهبه الخاصة واستخدامها بحرية ، بحيث أن الخاصية التي تتسم بها الصنـــاعة 25 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الكبيرة في خلق البؤس وصنع الازمات التجارية ، ستزول بسبب الصناعات الكبيرة نفسها في حالة وجود تنظيم اجتماعي آخر ( هو النظام الاشتراكي )، وتقضي على البؤس والازمات. وعليه فقد تأكد بوضوح : أ : ان جميع هذه الشرور اليوم ليس لها من سبب غير وجود نظام اجتماعي لم يعد يستجيب للحاجات. ب : أن الوسائل متوفرة منذ الآن لإزالة هذه الشرور إزالة تامة بإقامة نظام اجتماعي جديد. 13 – اي نظام ينبغي أن يكون عليه هذا النظام الاجتماعي الجديد ؟ سيكون على النظام الجديد أن يستلم ممارسة الصناعة وجميع فروع الانتاج ( أو أغلبها اوأهمها لبناء الاقتصاد المحلي) لكي يسلمها للمجتمع ، الأمر الذي ستدار فيه للحساب المشترك ، وفق خطة مشتركة ، وسيقضي على المنافسة ويحل محلها المشاركة. ولما كانت ممارسة الصناعة من قبل افراد معزولين تفرض بالضرورة وجود الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ، فلا بد من أن يُستعـــــاض عن هذه 26 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الملكية بالاستخدام الجماعي لوسائل الانتاج ، وتوزيع المنتوج الاجتماعي باتفاق مشترك ، الأمر الذي يمكن أن نسميه بالشراكة في ( الثروة العامة). ويمكن القول أن الغاء الملكية الخاصة ( أو تحديدها إلى حين وضبطها ووضع القوانين المنظمة لها وفق مبدأ الشراكة في النظام الجديد) هو الخلاصة الأكثر ايجازاً والأكثر دلالة لهذا التحول لكل المجتمع الذي سيجعل تطور الصناعة امراً لابد منه ، وهو يؤلف بحق المطلب الاساس للشيوعيين. 14 – ألم يكن الغاء الملكية الخاصة ممكناً في الماضي ؟ كلا ، إن كل تحويل للنظام الاجتماعي ، وكل تغيير في علاقات الملكية هما النتيجة الضرورية لظهور قوى منتجة جديدة لم تعد تتفق وعلاقات الملكية القديمة. وبهذه الصورة ظهرت الملكية الخاصة نفسها . فهي لم تكن موجودة أصلاً ، فحين ظهر في أواخر القرون الوسطى نمط انتاج جديد ، مع ظهور المشاغل ، نمط انتاج يتناقض مع الملكية الاقطاعية وملكية الفئات الحرفية التي كانت في ذلك العهد، أدى 27 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ذلك الانتاج المشغلي ، الذي لم يعد يتلائم وعلاقات الملكية القديمة ، إلى ولادة شكل جديد للملكية هو : الملكية الخاصة ( الرأسمالية) وبالفعل لم يكن بالنسبة للمشاغل وبالنسبة للمرحلة الأولى من تطور الصناعة الكبيرة ، من شكل ممكن للملكية غير الملكية الخاصة. ولم يكن ثمة من شكل ممكن للمجتمع غير المجتمع القائم على الملكية الخاصة . فما دام من الممكن انتاج كمية من المنتجات تكفي المجتمع ، بل ويبقى منها أيضاً فائض من أجل زيادة الرأسمال الاجتماعي وتنمية القوى المنتجة ( أي الآلات والأدوات والانسان مع خبراته وقدراته العضلية والعقلية ) ، فلا بد حتماً أن تكون هناك طبقة مسيطرة تتصرف بقوى المجتمع الانتاجية وأن توجد هناك أيضاً طبقة فقيرة ومضطهدة. وتتشكل طبيعة هاتين الطبقتين وفق درجة نمو الانتاج. فأن مجتمع القرون الوسطى القائم على زراعة الأرض اعطانا السيد الاقطاعي والقن ، ومدن أواخر القرون الوسطى اعطتنا المعلم الحرفي والأجير والمياوم ، واعطانا القرن السابع عشر صاحب المشغل والعامل ، والقرن التاسع عشر اعطانا 28 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الصناعي الكبير الراسمالي والبرولتاري. وقد حدث بسبب ذلك كله : أ : أن نمو الصناعة الكبيرة كوّن رساميلَ وقوى منتجة بلغت من الاتساع درجة غير معروفة حتى الآن ، وتتوفر الوسائل دائماً لزيادة القوى المنتجة إلى ما لا نهاية له. ب : وتمركزت هذه القوى المنتجة في أيدي عدد صغير من البرجوازيين ( الراسماليين) بينما الجمهور الكبير من الشعب يُقذَف به أكثر فأكثر إلى صفوف البروليتاريا التي يغدو وضعها أشد بؤساً وأكثر بعداً عن قابلية الاحتمال بمقدار ما تزداد به ثروات الرأسماليين. ج : بلغت القوى المنتجة الجبارة في تجاوزها نطاق الملكية الخاصة والنظام البرجوازي ( الراسمالي ) حداً باتت معه تثير في كل لحظة اضخم الاضطرابات في النظام الاجتماعي . وعليه اصبح امكانية ازالة الملكية الخاصة (أوالسيطرة عليها إلى حين ازالتها) ليس فقط أمراً ممكناً بل ضرورياً ضرورة مطلقة. 15 – أيمكن أن تزال الملكية الخاصة دفعة واحدة ؟ 29 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كلا ، كما لا يمكن أن تتم دفعة واحدة تنمية القوى المنتجة تنميةً تجعل بالامكان اقامة اقتصاد جماعي بين عشية وضحاها. لذا فأن التغيير والثورة لن تستطيع غير تحويل المجتمع شيئاً فشيئاً ، ولن يكون في وسعها أن تزيل الملكية الخاصة ازالة تامة إلا حين يكون قد تم ايجاد الكمية الضرورية من وسائل الانتاج التي تستطيع أن تسد جميع الحاجات الضرورية للانسان. 16 – أي مسار ستتخذه هذه الثورة (أو هذا التغيير) ؟ انها ستقيم منذ البداية نظاماً ديمقراطياً ، حيث تتألف اكثرية الشعب لا من العمال فقط ، بل من صغار الفلاحين وصغار البرجوازيين ( والمثقفين والانتلجنسيا ) الذين تزداد تبعيتهم لمصالح البروليتاريا وتزداد روابطهم معها ، فيما يتعلق بتحقيق مصالحهم السياسية . ولعل هذا يتطلب نضالاً جديداً. كما ان الديمقراطية لن تكون ذات نفع إن لم يتخذ العمال التدابير الموسعة التي تنطوي على مساس مباشر بالملكية الخاصة . وأهم هذه التدابير هي : 30 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ا : الحد من الملكية الخاصة بفرض ضرائب تصاعدية ، وضرائب عالية على التركات ، وإلغاء حق الأرث بالخط غير المستقيم( كالاخوة ، وابناء الأخ ... ألخ) ، وفرض قروض الزامية ، وهلم جراً. ب : نزع الملكية التصاعدي للملاكين العقاريين ، والصناعيين ، (ومالكي المرافق الخدمية المهمة والكبيرة) جزئياً عن طريق المنافسة (التي تصنعها مؤسسات الدولة في هذه المجالات) ، وجزئياً نزعاً مباشراً مقابل سندات تعويض. ج : مصادرة املاك جميع المهاجرين ( الهاربين) والعصاة المتمردين على اكثرية الشعب. د : تنظيم عمل العمال في ممتلكات ومؤسسات تابعة للدولة ( قطّاع عام ) ، الأمر الذي سيرغم الصناعيين الرأسماليين على دفع الاجور العالية نفسها التي تدفعها الدولة. هـ : الزامية العمل على جميع اعضاء المجتمع (القادرين على العمل) حتى الازالة التامة للملكية الخاصة. و : مركزة نظام القروض وتجارة المال ( اسعار صرف العملات الاجنبية وسعر صرف العملة المحلية) 31 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في أيدي الدولة عن طريق مصرف وطني برأس مال الدولة ، والغاء جميع المصارف الخاصة تدريجياً. ز : مضاعفة عدد معامل ومؤسسات القطاع العام ، واستصلاح الأراضي وفق تزايد اعداد الشغيلة في البلاد. ح : العناية بتربية الأولاد ، منذ أن يصبحوا قادرين عن الاستغناء عن عناية امهاتهم ، بفتح دور حضانة ورياض اطفال ومن ثم مدارس للتعليم العام والتعليم المهني كلها تابعة للدولة. ط : بناء دور على اراض تابعة للدولة لتكون مساكن للعمال في القطاعات الصناعية والزراعية ، بحيث لا تجد فرقاً بين دور الريف ودور المدينة من حيث الخدمات والبناء. ي : هدم جميع المساكن والاحياء المؤذية للصحة وسيئة البناء والتي لا تؤكد كرامة الانسان ولا تحترمها. ك : الحق المتساوي في الأرث للاولاد الشرعيين وغير الشرعيين. إن هذه التدابير كلها لا يمكن طبعاً أن يتم تطبيقها دفعة واحدة، ولكن البعض منها يستتبع الآخر بحسب 32 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الضرورة. (إن هذه التدابير سوف تلزم النظام الجديدة بالمضي إلى أمام في السيطرة على الانتاج الاجتماعي في الصناعة والزراعة على حد سواء ووضعه في خدمة الشعب وهذا يعتمد أصلاً على نمو قوى البلاد المنتجة الذي يعتمد بدوره على الطبقة العاملة (البروليتاريا)). عند ذاك تسقط الملكية الخاصة من تلقاء نفسها ، أي تصبح لا نفع منها اجتماعياً ، عندما يكون بامكان جهات أخرى القدرة على توفير جميع مستلزمات المجتمع ، وتأمين حاجاته دونما استغلال . ( وإن لم يستطع النظام الجديد أن يقوم بذلك فأنه سوف يسقط من تلقاء نفسه بعد أن يتحول إلى مؤسسة استبدادية ويمنع الحريات ويصادر الديمقراطية). 17- اية نتائج ستكون لازالة الملكية الخاصة ؟ عندما يأخذ المجتمع بيده جميع وسائل الانتاج وكذلك التبادل وتوزيع الناتج الاجتماعي ، ويتولى ادارتها بخطة معدة حسب الموارد الاجتماعية والحاجات. فأنه سوف يزيل كل البؤس الاجتماعي ، وستختفي الأزمات الاقتصادية ،أما الانتاج الواســــع 33 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الذي كان يسبب البؤس وطرد العمال من العمل ، فلن يعود موجوداً ، وستكون السلع كافية لتأمين الحاجات وينظم انتاجها بصورة نافعة دائماً ( حيث سيتقلص وقت العمل للحد الضروري للانتاج)، وسيختفي الاضطراب والفوضى التي كان يصنعها الانتاج الواسع بيد الرأسماليين . كذلك ستنتعش الزراعة التي ستقوم على أسس علمية ، مستفيدة من آخر اكتشافات العلم وتطوره ، حيث ستضع تحت تصرف المجتمع الكمية الكافية من المنتجات الزراعية . ولا بد عند ذاك من توفر ما يكفي لتنظيم التوزيع الجديد ، فيغدو والحال هذه انقسام المجتمع إلى طبقات متناحرة أمراً لا محل له ، ومتعارضاً مع النظام الاجتماعي الجديد . اضافة على ذلك سيكون لزاما تنمية كفاءات الناس ، لذا ستأخذ الادارة الجماعية للقوى المنتجة في المجتمع الجديد على عاتقها مسؤولية العمل على صنع الانسان الجديد ، فلا يعود العمال خاضعين شديد الخضوع لفرع خاص من الانتاج ، مكبلين إليه ، غير مطورين سوى موهبة واحدة من مواهبهـــــــم على حساب الأخريات ، وغيــر عارفيـن إلاّ فرعاً واحداً أو 34 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جزءً من فرع من فروع الانتاج ، وإنما سيكون هناك اناس تطورت مواهبهم في جميع الاتجاهات وفي وسعهم السيطرة على منظومة الانتاج ، وبالتالي سيزول تقسيم العمل . كما ستتيح التربية للشبان امكانية الاستيعاب السريع في الممارسة العملية لكل منظومة الانتاج ، وستجعلهم قادرين على الانتقال بالتوالي من فرع إلى آخر من مختلف فروع الانتاج حسب حاجات المجتمع أو ميولهم الخاصة . وهكذا فأن المجتمع المنظم على الأساس الشيوعي سيوفر لأعضاءه استخدام مواهبهم بصورة مميزة ، إذ ستكون هذه المواهب نفسها قد طُوِّرت على نحو منسجم. وهكذا فأن (المجتمع الشيوعي) من جهة يتعارض مع وجود الطبقات ، ومن جهة يوفر هو نفسه وسائل إزالة هذه الفوارق الطبقية. وعلى هذا فإن الفوارق بين المدينة والريف ستزول أيضاً. فستكون ممارسة الزراعة والصناعة من الناس ذاتهم شرطاً ضرورياً لحياة الناس في المجتمع الشيوعي . وسيجد الناس متعة في ذلك. إن انقسام المجتمع إلى ريف يعمل بالزراعة ومدينة تعمـــل في 35 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجال الصناعي ظاهرة تعود إلى مرحلة سابقة من التطور ، وهي عقبة في طريق التقدم . وستكون النتائج الرئيسية لزوال الملكية الخاصة : اشتراك جميع افراد المجتمع في الاستخدام الجماعي والعقلاني للقوى المنتجة . وتوسيع الانتاج بنسب تستطيع معها أن تكون كافية لتأمين حاجات الجميع . والازالة التامة للطبقات وتناحراتها . والتنمية الكاملة لكفاءات جميع اعضاء المجتمع بفضل ازالة تقسيم العمل وبفضل التربية القائمة على أساس العمل وتبديل النشاط واشتراك الجميع في المتع المبدعة ، والاندماج بين المدينة والريف. إن ما يميّز الشيوعية ليس القضاء على الملكية بشكل عام ، بل إلغاء الملكية البرجوازية القائمة على الاستغلال والنهب ، أي استغلال الانسان للانسان ونهب الشعوب التي تجد نفسها أمام قوة مدججة السلاح لا تستطيع معها الدفاع عن نفسها . 18 – أية تأثيرات ستكون للنظام الشيوعي على الأسرة ؟ 36 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إن النظام الشيوعي يعتبر العلاقات بين الرجل والمرأة علاقات خاصة ليس من حق أحد التدخل فيها ، وانما تخص الشخصين وحدهما ، ولا مجال لتدخل المجتمع فيها. كما أنه سيمنع تبعية المرأة للرجل ويعمل لتحقيق مساواة حقيقية وعادلة، كذلك يمنع تبعية الأولاد للأهل (وأنما سيكون رأيهم محترم في هذا الشأن) . وسيرد هذا على الاخلاقيين البرجوازيين حول مشاعية النساء التي يزعمون أن الشيوعيين يريدون ادخالها للمجتمع ، فمشاعية النساء إنما هي ظاهرة تنتمي فقط إلى المجتمع البرجوازي ، وهذه الظاهرة موجودة الآن في صورة البغاء المنظم المنتشرعلى نطاق واسع في المجتمع الرأسمالي . ولأن البغاء يقوم على الملكية الخاصة فأنه سيزول بزوالها . وإذن فأن التنظيم الشيوعي للمجتمع لا يدخل مشاعية النساء بل بالعكس سيزيلها. * * * * 37 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في كراستنا ( لماذا الشيوعية ) محاولة للاجابة عن حقيقة اختيارنا ، وجديته . وهو سؤال مهم ، يأخذنا إلى سؤال آخر هو ؛ ما الذي يهتم به الانسان ، ويشغل تفكيره، الأمر الذي يجعله يجد نفسه مضطراً للإختيار من بين جملة من الحلول . وفي الحقيقة أن الجواب واضح ، فإن ما يهتم له الانسان هو تحقيق العدالة . فالمطلب بالنسبة للشيوعي هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وليس الايديولوجيا أو الدوغما ( أي العقيدة الجامدة ) . وهو يقبل الايديولوجيا بقدر ما تؤمنه له من تنظيم للوعي والسلوك الجمعي الضروري لتحقيق التغيير نحو العدالة . لقد أوجد الانسان مشاريع هائلة تتعلق بالكيفيات التي تجنبه الظلم . فمنذ فجر التاريخ اقترح الفلاسفة مجموعة هائلة من الحلول ، ولكن دونما جدوى . إن السبب هو عدم قدرة هذه الحلول ، على عظمتها ، في الوقوع على السر الذي يُنتج بسببه الظلم وتُستبعد العدالة. لكن مؤسسا الماركسية ( ماركس وانجلز ) كشفا عن هذا السر . لقد اكتشفـــا أنه حيث توجد المُلكيـــة 38 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الخاصة لوسائل الانتاج يوجد الظلم ، ففي الملكية الخاصة تعثر على التناقض بين امتين في المجتمع الواحد ، هما الذي يملك والذي لا يملك ، (المالك والكادح )، وتجد أن الاستغلال هو الرابط والعلاقة الأكيدة بين الأثنين حيث يستغل مالك وسائل الانتاج الذين لايملكون إلاّ قوة عملهم . وعرفا أنه حيثما توجد الملكية الخاصة توجد الشرور جميعها ، الاستغلال ، والتسلط والاستبداد والحروب . 39 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ توضيحات أخرى: ــــــــــــــــــــــــــ 1- ما جاء في الفقرة 5 يصح ايضاً على العمالة في قطاع الخدمات ، حين تتعرض شركات الخدمة ( مثل البنوك ، الشركات التجارية ، شركات الخدمة العامة الجماعية .. الخ ) إلى الكساد والتوقف عن العمل والافلاس أو الدخول في حيز الازمات ، الأمر الذي يستدعي تسريح العمال وأعداد كبيرة من منتسبي هذه الشركات. 2 - ما زالت الأزمات التي سماها انجلز ( الازمات التجارية ) تعصف باقتصاديات البلدان الراسمالية ، وهي أزمات السوق الرأسمالية المختلفة ، والتي آخرها أزمة البنوك الامريكية ومشكلة قروض العقارات. 3 - تتكرر الازمات الرأسمالية على شكل دورات ( ركود وتضخم ) واحياناً تندمج الآزمتان معاً فتحدثان في نفس الوقت لا على التعاقب فيتعرض الاقتصاد العالمي للشلل أوالخلل الكبير الذي تقع تبعاته بالنتيجة 40 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ على كاهل الطبقة العاملة حين تتعرض لتسريح عدداً هائلاً من العمال ، وكذلك على عاتق البلدان ضعيفة النمو وبلدان الاقتصاديات الريعية ( كالعراق مثلاً) ، فتتعرض للعدوان الامبريالي العسكري غالباً أو لاحتيال الشركات الاحتكارية العالمية الكبرى . 4- وتوضيحاً لما ورد في اضافتنا للفقرة 2 : لايعتبر التكنوقراط من الطبقة العاملة لأنهم يضعون الخطط ويعملون على تنظيم الاستغلال لصالح الرأسماليين اضافة لأمور أخرى ، مع انهم يبيعون قوة عملهم مقابل أجر. * ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#حزب_اليسار_الشيوعي_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى 78 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي
-
في الأول من أيار ، عيد أم ماذا ؟
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|