أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسمين كامل منصور - مستقبل الصوفية السياسية في مصر















المزيد.....



مستقبل الصوفية السياسية في مصر


ياسمين كامل منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 23:39
المحور: المجتمع المدني
    


مستقبل الصوفية السياسية في مصر

قامت الثورة المصرية في 25 يناير من عام 2011م ، وأطاحت بحكم الرئيس السابق "حسني مبارك وشخصيات بارزة من النخبة الحاكمة ، لتحدث نقلة نوعية وكمية في المشهد السياسي المصري بشكل عام ، حيث فتحت هذه الثورة آفاقاً جديدة أمام المصريين ، لتعيد تشكيل خريطة القوى السياسية الفاعلة في البلاد فكاً وتركيبا ً، فمن المعلوم في أدبيات العلوم السياسية - ويدعمه الواقع المعاش والتاريخ المعاصر - أن الدول تشهد في فترات التحول السياسي التي تعقب الإطاحة بنظم الحكم الفردية والديكتاتورية حالة من توالد الأحزاب والفعاليات السياسية وتغيير في الخريطة السياسية للمشهد الداخلي .
ولم تكن الطرق الصوفية في مصر بمعزل عن تطورات الحالة الثورية المصرية ، مع اندلاع شرارة الثورة ، شارك قطاع من الصوفية - كغيرهم من جموع الشعب - في فعاليات ميادين التحرير بالقاهرة والمحافظات المصرية ، وكان بعض شباب المتصوفة يعتصمون بميدان التحرير مع أقرانهم من الشباب ، لكنهم لم يظهروا بالقدر نفسه الذي ظهر به شباب الإخوان المسلمين أو السلفيين أو الجماعة الإسلامية ، لاعتبارات تنظيمية وبنيوية تتعلق بثقافة التصوف وأطره المنظمة . كما اقترب بعض المتصوفة المصريين بعد مرور أكثر من أحد عشر شهرا على ثورة 25 يناير ، من أن يكونوا فاعلين سياسيين ، لدرجة أن بعض مشايخ الصوفية بدأوا في ممارسة دور سياسي ، ليس بسبب دوافع سياسية معتادة ، لكن كرد فعل للصعود الاسلامي . وقد توجه أخيرا بعض قيادات الطرق الصوفية إلي ممارسة السياسة الداخلية ، فأسسوا أحزابا خاضوا بها الانتخابات البرلمانية ، رغم أخفاقهم في جميع مراحلها ، و تحركوا أيضا سياسيا نحو الخارج للتقارب معه ضد التيارات السلفية المتشددة والمعادية لهم .
وفي ظل الاتنتشار الواسع لهذه الطرق الصوفية وسعيها لجذب ابناء الشارع المصري لمنافسة ومواجهة تيارات الاسلام الدعوي الاخرى ، ظهرت مجموعة من التوقعات والرؤى المختلفة من قبل بعض السياسيين لطبيعة الدور الذي ستلعبه في اعقاب الثورة بعد ان اوضحت هذا التحول في التوجهات واستناداً على كونها صاحبة الانتشار الجغرافي الاوسع في الحركات الدعوية المصرية ، فهي الاكثر انتشارا في القرى والنجوع ، حيث يبلغ عدد الطرق الصوفية المنتشرة في ربوع مصر ما يقرب من 78 طريقة تضم اكثر من عشرة ملايين مريد . فلكل طريقة من هذه الطرق الصوفية فروع في القرى والمدن المختلفة ويحرص اتباعها على جذب عدد كبير من المحبين والمريدين .
الا اننا نجد ان نتائج الانتخابات البرلمانية التي كانت نتاج للثورة الشعبية قد تصادمت مع هذه الرؤى واوضحت اخفاق هذه الاحزاب المنبثقة من الطرق الصوفية ذاتها في ان تحقق اي نجاح يذكر . ومن ثم اوجب علينا البحث حول اسباب هذا الاخفاق ومحاولة الوقوف على الدور السياسي الذي يمكن ان تلعبه الصوفية .
وسوف نحاول تحقيق ذلك من خلال تناول عدة محاور بحيث يمكننا في النهاية التعرف على التاريخ السياسي الحديث – الفكري والحركي – للصوفية وعلاقتها بالنظم السياسية السابقة و بالجماهير والجماعات الاسلامية والوقوف على موقفها من الثورة المصرية وكيف شاركت فيها فضلا عن محاولة استشراف الدور الذي يمكن ان تؤديه وفق اليات محددة ومن ثم سوف نقوم بدراسة ذلك من خلال الابعاد الاتية :
أولاً : السياسة في الفكر الصوفي .
ثانياً : الذاكرة السياسية الحديثة للصوفية .
ثالثاً : موقف الصوفية من ثورة 25 يناير .
رابعاً : الصوفية والمشهد السياسي بعد الثورة .
خامساً : رؤية مستقبلية للدور السياسي الصوفي .

بحيث نستطيع في النهاية تكوين رؤية متكاملة حول الدور السياسي للطرق الصوفية ونتيجة التحول من كونها مجرد تنظيم ديني الهدف الى انشاء احزاب ذات مصالح سياسية وايضا سنستطيع الوقوف على بعض ملامح المرحلة القادمة .


السياسة في الفكر الصوفي:
ان الاصل في التصوف هو التزواج بين مفهوم الرباط الروحي التربوي ومفهوم الرباط السياسي اي الانخراط في هموم الامة والسير في مصالح الخلق والوطن .
فالتصوف هو علم السلوك الى الله والسياسة تعني الانتصاب لخدمة الغير والسعي في مصالح الخلق وتدبير الشأن العام والتماس المصالح لهم ودفع المفاسد عنهم سواء كانت المصالح قد نص عليها الشرع او انها تحتاج الى اجتهاد . ومن ثم فهذا التعريف للسياسة يختلف عن التعريفات الحديثة الوضعية و الذي يعتمد على الصراع القائم على المصالح السياسية أي فصلاً بين القيم والسياسة فهو عند الصوفية يلتف حول الاخلاق بالاساس بل ان السياسة تعد المحك لاختبار حقيقة التجربة الصوفية و التربوية التي تلقاها السالك الى الله .
لكننا نجد ان الامر قد تغير في الوقت الحديث حيث ذهب الكثير من اهل التصوف الى ضرورة الفصل بين الدين والسياسة ، بين التجربة الصوفية والممارسة السياسية و نرى ان هناك ثلاثة عوامل اساسية تساهم في تشكيل الرؤية السياسية لدى الصوفية .
العامل الأول : مفهوم السياسة عند المتصوفة
كما اشرنا في السابق الى الخلاف القائم حول معنى السياسة لدى الصوفية عنه في الواقع الذي يسوده المعنى الوضعي لها من حيث انها تتعارض مع القيم والاخلاق ، فذهب البعض الى ان الحل في ترك السياسة والانقطاع الى التصوف حفاظاً على نقائه وصفائه من السياسة او ضرورة الفصل بين الدين والسياسة على اعتبار ان الدين هو مجال المطلق والسياسة هي مجال النسبي .
وهو قول ليس صحيح على اطلاقه فلا السياسة تستقيم بمنأى عن الثوابت والمطلقات وعن الاخلاق ولا الدين كله مطلقات وثوابت اذا فيه قطعيات وظنيات ومحكمات .. ومن ثم فالدين أصول وفروع وشريعة وفقه واخلاق ونظام وتصوف وسياسة واجتهاد . فالوصل بين الدين والسياسة ضروري ايضاً على مستوى الممارسة الخلقية والسلوكية والعمل للصلاح وتدبير الشأن العام يعد درجة عظيمة من درجات التجرد والزهد .

العامل الثاني : الاركان الاربعة في الفكر الصوفي
الفكر الصوفي في لغته وقضاياه كفكر ديني يقوم على اربعة اركان هي ( الزهد – المعرفة – المحبة – الولاية ) وهو ما يؤدي الى تكوين ثقافة سياسية معينة لدى المريدين فالعلاقة بين السياسة وبين الفكر الصوفي هي علاقة سببية حيث يكون لكل ركن من هذه الاركان صدى سياسي معين .
فقد ذهب الدكتور عمار علي حسن في كتابه عن التنشئة السياسية في الطرق الصوفية الى تحليل ذلك ، و الزهد في الفكر الصوفي يعني الانسحاب في مواجهة الاتخراط السياسي حيث انه نتاج للخلافات السياسية التي نشبت بين الفرق الاسلامية من جهة والتفاوت الاجتماعي الذي حدث بعد انقضاء الخلافة الراشدة وازدادت حدته في العصر العباسي من جهة اخرى مما دفع بعض المسلمين الى الميل للتصوف و العزلة والزهد في الدنيا .
والزهد يخلق قيما سياسية متعارضة بعضها سلبي من حيث انه في الدنيا يتضمن الزهد في السياسة باعتبارها ممارسة دنيوية مما يدعو الى البعد عن السياسة من أجل العبادة والتصوف ، والبعض الاخر ايجابي من حيث الترفع عن الماديات والمناصب ومن ثم فقد يكون الزاهد اكثر قدرة من غيره على المقاومة والتمرد والوقوف امام السلطان الجائر فهو ليس في حاجة الى هبات هذا الحاكم .
وتقود المعرفة الصوفية الى تقديس الاشخاص او الشيوخ ورتبة المشيخة من اعلى الرتب في الطريقة الصوفية ، فالشيخ يسلك بالمريد طريق الاقتداء برسول الله (ص) ومن صح اقتداؤه و اتباعه احبه الله تعالى ، فمن حيث ان الانسان جاهل الا من علمه الله تعالى ، كان الشيخ المرشد العارف بالله احد الدعائم التي يقوم عليها صرح التصوف .
ومن ثم فان هذا النمط من المعرفة يكرس قيم الخضوع والاستسلام بحيث يتوازى الخضوع للسلطة السياسية مع الخضوع للذات الالهية وتصير السلطة هي عين الله الساهرة .
وتعد المحبة هي الركن الثالث في الصوفية وتعمل بدورها على اعلاء قيمة التسامح بين المريدين بينهم وبين الاخرين ولعل وجود قيمة المحبة هي من ساعدت الطرق الصوفية على الانتشار والتغلغل داخل المجتمع المصري .
والركن الرابع هو الولاية والتي تأخذ شكل رمزي يشبه فكرة الامامة عند الشيعة فالوالي الصوفي و الامام الشيعي لهما حق الوصاية على الاتباع وتنتقل هذه الوصاية الى اهليهما بالوراثة ومن ثم تدعم في النهاية قيم الطاعة والخضوع لدى المريد – كما يرى الدكتور عمار علي حسن – وهو يستند في ذلك على اساس فكرة الكرامة والاسطورة .
العامل الثالث : ادوات الاتصال الانساني
تعد الطرق الصوفية هي السبيل للمريد للتعلم وسلك الطريق الى الله من خلال الاهتداء بشيخه حيث تمثل هذه العلاقة – بين الشيخ ومريديه – جانب اساسي من التنشئة السياسية للمريدين هذا فضلا عن فكرة العهد والبيعة داخل الطريقة وسوف نتناول كل ذلك فيما يلي .
لقد اجمع اهل الطريق على وجوب اتخاذ الانسان شيخاً له يرشده ويوجهه ويصحح مسلكه وقد عبر نيكلسون عن هذه الحقيقة بقوله "القاعدة العامة ان يتخذ له هادياً " .
حيث تنبع اهمية الشيخ في الصوفية كما يقول الجيلاني انه واسطة ووسيلة بين المريد وربه وطريقاً وسبباً يتوصل به اليه .
وهناك قواعد واعراف تحكم العلاقة بين المريد وشيخه قوامها الطاعة فمن الادب مع الشيخ الاستسلام له والخضوع والامتثال لامره وان ظهر له خلافه واجتناب نهيه وان كان فيه حتفه لان خطأ الشيخ خير من صواب المريد ، ومن ثم يرى البعض ان في ذلك محو لشخصية المريد فهو مجرد متلقي لاوامر شيخه ونواهيه وتوجيهاته فضلا عن كونها نوع من الاحتكار فلا يحق للمريد ان يتردد على شيخ اخر .
ولكن اذا حاولنا النظر الى هذا الامر من زاوية اخرى تقوم على اساس من تلقي العلم الرباني وليس على اساس الاحتكار فاننا نجد ان العلاقة بين المعلم وتلميذه لا يسودها التساوي وانما تلزم نوع من الخضوع للمعلم حتى يمكن ان يتلقى هذا الطالب العلم الصحيح ، وهذا هو جوهر العلاقة بين المريد والشيخ فضلا عن كون هذا الشيخ لابد ان يكون قد تدرج في مراتب التصوف حتى بلغ درجة مرموقة و ان يكون قد حل منازل السائرين وهي مقامات اليقين بحيث يكون سلكها وعرفها ذوقاً وحالاً ومقاماً .

وتعد العهد والبيعة اول خطوة في هذا الطريق بحيث يأخذ المريد العهد من شيخه للسير معه في طريق التخلي والتحلي والتحقق والترقي .. فبمجرد ان يأخذ العهد والمبايعة تبدأ العلاقة بين الشيخ والمريد وهذه العلاقة ليست ككل العلاقات بل لها طابع خاص واسس وقواعد على النحو الذي اوضحناه .
فبتحليلنا للعهد في الطريقة الرفاعية نلاحظ ان الوثيقة لابد وان تبدأ بالمدد من شيخ الطريقة ثم تذكر شجرة النسب و تسلسل العهد الشريف بدء من المريد او السالك حتى تصل الى الشيخ الاكبر الرفاعي الذي يمتد نسبه الى حضرة رسول الله – عليه الصلاة والسلام – وهو ما يضفي على المريدين نوع خاص من الشرف بانتسابهم الى رسول الله مما يدعم قيم التميز والتفرد عن الاخرين ، ثم يكتب فيها الاذن للمريد من شيوخه المذكورين بسنده الموصولين الى الشيخ السيد احمد الرفاعي بتلقين العهود و حضور مجالس الاذكار و قراءة الاحزاب وتكون هذه الوثيقة في حالها منحاً له بالاجازة بما طلب فيه الاذن ثم تذكر الوصية والعهد القائم بين المريد وشيخه بحسن الاتصال والامتثال و التخلق باخلاق المصطفى واتباع اثار الصحابة الخلفاء وان يلزم الشرع ويحفظ الحدود فضلا عن ذلك فهي تعد وثيقة بين المريدين بعضهم بعض و قواعد للعلاقة بين الاخوان داخل الطريقة ذاتها حيث توصي بسعة الصدر و الصفح عن عثرات الاخوان ثم تستفيض الوثيقة في ذكر كرامات الشيخ الاكبر ونسبه الممتد الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .
ومن ثم نلاحظ انه لا يجوز للمريد ان يتلقى عهد بعد هذا العهد او ان يتعلم على يد شيخ اخر غير ما نصت عليه البيعة .
ولعلنا نجد في الطقوس الصوفية ما هو ذو مدلول سياسي وصدى اكبر وهو ما يتعلق بالاعتقاد في قدرة الاولياء بعد الانتقال وقد رصد ذلك الدكتور سيد عويس في دراسته الخاصة بتحليل ظاهرة ارسال الرسائل للامام الشافعي والتي تأتي من كل انحاء مصر تقريباً حيث قام بتحليل مضمونها فوجدها تنصب حول طلبات دنيوية وسياسية فبعضها يطلب منه الحكم العادل ورفع الظلم عن كاهلهم والانتقام ممن يكرهون كما تطلب منه اشفاء الامراض وتشغيل العاطلين واصلاح المتخاصمين وتزويج العوانس والعزاب بل تتجاوز الى طلب المساعدة في فناء اسرائيل .
وفي دراسة اخرى له عن خلود اولياء الله والقديسين في حياة المصريين وجد ان هناك عدد كبير من المصريين يعتقدون في الاولياء والقديسين ويقومون بأداء الطقوس الصوفية من اعطاء النذور واحياء الموالد وزيارة قبور الاولياء فقد اصبح ذلك شيئا اصيلا في الشخصية المصرية .

الذاكرة السياسية الحديثة للصوفية :
قد يكون من الأهمية توضيح دور الصوفية في النظم السياسية السابقة بحيث يمكننا التعرف على الخبرة السياسية لديها وعلاقتها بالجماهير و الجماعات الاسلامية الاخرى بل و الاحزاب السياسية أيضاً .
فعلى الرغم من أن الطرق الصوفية قد تبدو ظاهريا أنها بعيدة عن ميدان العمل السياسي إلا أنها ومنذ نشأتها منغمسة في الأحداث السياسية ومرتبطة بالحاكم السياسي والقوى السياسية ، فنشأتها ترجع إلى تطور النظام الإقطاعي الذي دعم وجودها وبني لها الأربطة والخانقاوات والزوايا وأنفق عليها اتقاءً لأي ثورة اجتماعية منذ العصر الأيوبي .
وفي تاريخ مصر الحديث لعبت الطرق الصوفية دوراً واضحاً في الحياة السياسية سلباً وإيجاباً ، فقد حاولت الدولة دائما ان تتدخل في عمل الطرق الصوفية منذ ان تم انشاء المجلس الاعلى للطرق الصوفية عام 1895 والذي كان مسئولاً عن مراقبة عمل هذه الطرق في مصر فهو يقوم بالاشراف على الممارسات والسماح بإقامة الموالد والاعتراف بالطرق الجديدة وتمثيل هذه الطرق .
فعلى سبيل المثال نجد انه في أعقاب تولي النظام السياسي العسكري السلطة 1952م سعى للسيطرة على الطرق الصوفية واحتوائها ، فبعد أحداث 1954 التي اصطدم فيها النظام بأتباع التيار الإسلامي الشمولي ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين ، أصدر النظام قراراً بتعيين الشيخ محمد محمود علوان شيخا للطرق الصوفية ، وكان ذلك أول مرة يتم فيها اختيار شيخ المشايخ بالتعيين .
وكان قبول الطرق الصوفية لتعيين رئيس المجلس الصوفي الأعلى تعبيرا عن مدي ضعفهم وبالتالي امتثالهم لتوجيهات النظام بحكم تركيبتهم الضعيفة وأمام ما رأوه من بطش النظام بأتباع الإسلام السياسي ، وأدى ذلك الاحتواء لهذه الطرق إلى إقبال الناس عليها كملاذ للناس وحماية من تهمة الانتماء للإخوان المسلمين ، وإظهار النظام على أنه لا يعادي التيار الإسلامي برمته .
وأقبل أعضاء الطرق علي الانضمام للاتحاد الاشتراكي الذي استغل الاحتفالات الدينية لهذه الطرق في توزيع المنشورات ونشر الشائعات وإطلاق الشعارات والخطب الداعمة للنظام .
وقام النظام باستخدام هذه الطرق استخداما سياسيا داخليا وخارجيا ، فلم يكن الأمر قاصراً في العلاقة بين الطرق الصوفية والنظام السياسي علي مجرد استفادة النظام بل إن الطرق الصوفية قد حققت الكثير من المصالح لمشايخها من خلال هذه العلاقة ، فقد تولي شيخ الجنيدية منصباً هاماً في تنظيم الاتحاد الاشتراكي العربي وأصبح عضوا في مجلس الأمة لثلاث دورات متتالية . وحقق الشيخ كامل القاياتي شيخ الطريقة القاياتية الخلوتية عضوية في مجلس الأمة عن دائرة العدوة ، وتولى الشيخ محمد المسلمي منصب سكرتير مساعد لجنة الاتحاد الاشتراكي عن محافظة الشرقية ، والشيخ خير الله فضل عطية منصب سكرتير عام الاتحاد الاشتراكي في مرسى مطروح .
وفي وقتنا الحالي ومع زيادة عدد الطرق الصوفية و المنتمين إليها جذب ذلك الاحزاب السياسية الساعية الى الدعم الانتخابي بحيث تستغل الاحزاب السياسية الطرق الصوفية في حشد الناخبين في صفها وفي المقابل تستفيد الطرق من هذه الصلة لمنفعة الجماعة الصوفية ففي المجتمعات ذات الموارد الشحيحة وحيث يتعاظم دور الدولة في تخصيص اوجه انفاق تلك الموارد تصبح شبكة الولاءات سلاحاً مهماً للتكتلات الاجتماعية بغرض الحصول على نصيب لها من تلك الموارد فمثلاً الشيخ محمد محمد احمد الطيب من السياسيين المرموقين وله نفوذ على المستوى المحلي بسبب صلته السياسية بالحكومة وعن طريق ذلك النفوذ فهو يتدخل بفاعلية لمصلحة دائرته – الاقصر- فضلاً عن كونه عضو في الحزب الوطني الحاكم .
والخلاصة أن الطرق الصوفية عبر تاريخها قد امتثلت للترويض والتسييس الحكومي وبخاصة خلال حكم جمال عبد الناصر وأنور السادات ، وأصيب موقفها بالتردي في عصر مبارك فقد حاد في آخر حقبته عن نهجه القديم ونهج سلفَيه "عبد الناصر" و "السادات" ، في احتواء مكونات البيت الصوفي ، حيث عمد في إطار سعيه لتمرير مشروع توريث الحكم لنجله - إلى إعادة تشكيل البنية المؤسسية والدستورية للدولة المصرية لتتواءم مع مقتضيات هذا المشروع ، وهو ما جره إلى الدخول في صدام مع قيادات التصوف في مصر، عبر قيامه بكسر الأعراف والقواعد المرعية في اختيار شـيخ مشايخ الطرق الصوفية التي تقضي أعرافها بأن يتـولى هذا المنصب الأكبر سناً من بين أعضاء المجلس الأعلى للطرق الصوفية المنتخَبين من مشايخ الطرق، وتعيينه "عبد الهادي القصبي" ، الذي كان عضواً في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم آنذاك، في هذا المنصب .
وهو ما دفع الشيخ "أبو العزايم" للتهديد بالترشح في انتخابات مجلس الشعب 2010م ضد رئيس مجلس الشعب المنحل "فتحي سرور" في دائرة السيدة زينب ظن حيث علَّق على تلك الخطوة قائلاً "أعرف أن حظوظي في الفوز ضئيلة، لكنني أريد أن أبعث رسالة احتجاج إلى السلطة اعتراضاً على تدخُّلها السافر في شؤون المتصوفة" .

موقف الصوفية من ثورة 25 يناير :
على الرغم من التزام معظم الطرق الصوفية الصمت حيال ثورة 25 يناير ابان قيامها الا ان الساحة الصوفية شهدت عقب نجاح الثورة في اسقاط راس النظام – الرئيس السابق محمد حسني مبارك – تغيراً واضحاً في منهجها وطريقة تعاملها مع الثورة ولا سيما ازاء مبدأ الطاعة للحاكم والتغيير .
وقد اعترف الشيخ محمد الشهاوي –رئيس المجلس العالمي للصوفية وشيخ الطريقة الشهاوية- بان معظم الطريق الصوفية – ان لم يكن كلها – تحول موقفها من النظام الحاكم عقب نجاح ثورة 25 يناير. وقد اشار الى سبب الصمت فيما قبل قيام الثورة ان الطرق الصوفية كانت تتعامل مع النظام السابق وفق مبدأ "اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " مع التأكيد على الا تكون طاعة عمياء في الخطأ اما بالنسبة لهذا الصمت في فترة اندلاع الثورة من قبل الطرق نفسها هو نتاج ان هذه الطرق لم تكن مهتمة بالسياسة .
ولا شك في ان مشايخ الطرق الصوفية واتباعهم تأثروا تأثرا كبيراً بالحزب الحاكم خاصة وان الشيخ عبد الهادي القصبي - شيخ المشايخ الصوفية وعضو في مجلس الشورى والحزب الوطني – اثر انتمائه السياسي على مشايخ الطرق بدليل ان هذه الطرق اصبحت متفرقة كما اثر على انتخابات اعضاء المجلس الاعلى للطرق الصوفية واصبحت السيطرة لصاحب رأس المال .
هذا فضلاً عن قلة خبرة المتصوفة في ممارسة العمل السياسي وخاصة الجانب الاحتجاجي المنظم ولذا لم يتمكنوا من ان يظهروا بشكل متفرد وخاص كشباب جماعة الاخوان والسلفيين . وهناك سبب اخر من الاهمية بأن يأخذ في الحسبان وهو تماهي المتصوفة من حيث الاداء والطقوس وتكيفهم مع الثقافة المصرية اكثر من غيرهم مما جعلهم يذوبون في المجموع هذا على نقيض غيرهم من المنتمين للجماعات والتنظيمات ذات المرجعية الاسلامية والراغبين في استعراض قواهم في مواجهة الاخرين.
وقد وضح هذا التحول بموقف الصوفية من النظام السياسي في الطريقة العزمية التي اعلنت تأييدها للثورة عقب اسقاط الرئيس بينما كانت تعلن في السابق تأييدها للرئيس مبارك قبل ذلك وهو ما اكده الشيخ ابو العزائم شيخ الطريقة العزمية حين قال بعد فوزه بمشيخة الطرق الصوفية في 2008 " لقد بايعنا الرئيس مبارك ولو عاش حتى 2100 فنحن معه" .
وكانت العزمية تؤكد مراراً على ان البيعة في الاسلام تنقسم الى قسمين ( بيعة بالشورى – بيعة بالوصية ) ، والبيعة ليس لها مدة محددة حيث انها تعني الموافقة على الرئيس ما لم يتنازل هو عن الحكم او ان يتوفاه الله .
وبعد نجاح الثورة ، عقد الشيخ ابو العزائم مؤتمرا في 15 فبراير 2011 هاجم فيه النظام وثورة يوليو التي جاءت بنظام مبارك الذي رسخ المحسوبية والرشوة ، ولم تفعل سوى القضاء على الشعب المصري واعدام اخلاقه وفي بيانه الذي عبر فيه عن تحول الموقف الصوفي سياسياً خاصة تجاه الثورات ومبدأ طاعة الحاكم قال عن ثورة الشباب "ان الروح التى سرت في هذه الثورة كانت روحاً إسلامية خالصة لله تعالى وان المسلمين والمسيحيين اتحدوا في هذه الثورة " .
ومن هنا نتلمس بوضوح التحول و التغير في موقف الصوفية من الثورة ومن النظام السياسي ولعل هذا الأمر ناتج عن الأرتباط بين القيادات العليا في الطرق الصوفية والنظام السابق وتعمد التدخل في شئونها .

الصوفية والمشهد السياسي بعد الثورة:
ومع تنحي الرئيس «مبارك» وسقوط نظامه ، بدأت في مصر حالة غير مسبوقة من الحراك الحزبي ، تجلى ذلك في إقبال لافت للناس على خوض تجربة تأسيس أحزاب سياسية‏ جديدة ،‏ واهتمام جماهيري كبير بالعمل الحزبي في أوساط فئات وشرائح اجتماعية متعددة ، خصوصاً في الطبقة الوسطي‏ .
ولم يكن الصوفيون بمنأى عن حالة التوالد الحزبي التي أعقبت ثورة 25 يناير؛ فبعد أيام قليلة من تنحي «مبارك»، أعلن 18 شيخاً من مشايخ الطرق الصوفية على رأسهم الشيخ «محمد علاء الدين أبو العزائم» شيخ الطريقة العزمية، والشيخ «محمد عبد الخالق الشبراوي» شيخ الطريقة الشبراوية، عن اعتزامهم تأسيس حزب سياسي لأول مرة تحت اسم «التسامح الاجتماعي» . فى محاولة لإثبات وجودهم في مواجهة التيارات والأفكار السلفية التى بدأت تسيطر على المشهد الاسلامى فى مصر ، وكانت الدعوة إلى تظاهرة مليونية للطرق الصوفية فى ميدان التحرير بمثابة الشاهد الأبرز علي هذا التوجه الصوفى الجديد . ووجود العديد من التحركات الأخرى التي تعمل على إحياء التصوف ، و تصحيح الصور الخاطئة عنه ، ومواجهة النفوذ المتصاعد للتيار السلفي ، لاسيما بعد إقدام هذا الأخير على تكوين أحزاب سياسية على رأسها حزبا "النور" و"الفضيلة" .
وتعددت مظاهر اهتمام الصوفية بالعمل السياسى عبر إطلاق التصريحات أو تبنى بعض المواقف ، مثل ذلك البيان الذي أصدرته الطرق العزمية والشبراوية والهاشمية على مواقعها الالكترونية موجها للأحزاب الليبرالية واليسارية والأقباط طالبت فيه بالدعوة لجمعة في حب مصر تأكيدا على مدنية الدولة وردا على الدعوة بأن تكون الدولة إسلامية ، إضافة إلى حملة الفيسبوك التى أطلقها الآلاف من شباب الصوفية الذين مثلوا طرق الرفاعية والبيومية والبرهامية والاحمدية المرزاقية والجندية الامبابية والقادرية والفيضية الخلوتية ، مخالفين مبدأ الطاعة العمياء لمشايخهم ، ومطالبين باختيار مشايخ الطرق بالانتخاب المباشر وترشيح الأفضل والأكثر علما منهم ، وإلغاء التوريث المعمول به في اختيار القيادات الصوفية بالإضافة إلى تغيير قانون تنظيم الصوفية رقم 118 لسنة 1976 وتأهيل المشايخ ، وكذلك إعلان بعض الطرق مبكرا عن خوض انتخابات مجلس الشعب ، وان لكل شيخ الحق في خوض الانتخابات كونه مواطنا مصريا يتمتع بكل الحقوق الدستورية وراح المشايخ المرشحون يرددون - ومنهم عصام زكي إبراهيم شيخ الطريقة المحمدية الشاذلية - أن الترشح لمجلس الشعب نقطة انطلاق ايجابية لمشايخ الطرق للانخراط في المجتمع ولتقديم دور حقيقى في بناء وتطوير الفكر الثقافي والديني لتحقيق خطة الدولة في التنمية المتكاملة والتركيز علي التيار الديني المعتدل الذي يتسم بالسماحة والبعد عن الانفعالات .
وفي سبتمبر من عام 2011م وافقت لجنة الأحزاب السياسية على تأسيس حزب «التحرير المصري» أول حزب صوفي في مصر برئاسة «إبراهيم زهران». وإلى جانب «زهران» يتولى عدد من الرموز الصوفية مناصب قيادية بالحزب، مثل: الأمين العام عصام محي الدين، والطاهر الهاشمي (نقيب الأشراف بمحافظة البحيرة) وأمين مشيخة الطريقة الهاشمية، بالإضافة إلى «محمد علاء الدين أبو العزايم» شيخ الطريقة العزمية وكيل مؤسسي الحزب . فضلاً عن حزب النصر الذي تم انشائه في اكتوبر 2011 ويضم اطياف عدة من الطرق الصوفية .
كما قام عدد من القيادات الشبابية الصوفية على رأسهم «مصطفى زايد» سكرتير الطريقة الرفاعية بتأسيس «ائتلاف الصوفيين المصريين» على غرار «ائتلاف شباب الثورة» ، وقد انخرط في هذا الائتلاف نحو عشرة آلاف صوفي بهدف المشاركة الصوفية الفعالة في استحقاقات ما بعد ثورة 25 يناير .
هذا إلى جانب بعض الأحزاب التي كان يعتزم تدشينها قيادات صوفية بارزة ، لكنها لم تؤسس رسمياً بعد ، مثل: حزب «صوت الحرية» الذي دعا لتأسيسه الشيخ «طارق الرفاعي» شيخ الطريقة الرفاعية ، وحزب «شباب طيبة» الذي دعا لتأسيسه الشيخ «نضال المغازي» شيخ الطريقة المغازية .
لعل التساؤل الذي قد يطرحه بعض الناس في هذا الإطارهو : لماذا حرصت بعض الفعاليات الصوفية على التمايز بأحزاب خاصة ؟ ولماذا لم تكتفِ بالانخراط في طيف الأحزاب السياسية العريض الذي تمتلئ به السـاحة المصرية لا سيما بعد ثورة 25 يناير خاصة في ظل ضعف الجانب التنظيمي على المستوى السياسي ؟ وهل تمتلك الطرق الصوفية بالفعل برنامجاً سياسياً شاملاً تتحمل بموجبه عبء الاضطلاع بإنشاء كيانات حزبية مستقلة عن خريطة الأحزاب التي تموج بها مصر الثورة؟ .
أجاب على هذا التساؤل بشكل مباشر شيخ الطريقة العزمية "علاء أبو العزايم" -وكيل مؤسسي حزب التحرير المصري- بأنهم يرون أن " مساعي جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية للانخراط في العمل السياسي الرسمي تهدد التسامح الديني الأمر الذي يلزم الصوفيين بأن ينحوا المنحى نفسه»، معبراً عن تخوف الصوفيين من إلغاء مشيخة الطرق الصوفية في حال تقلد السلفيون أو الإخوان زمام الحكم ، ومن ثم فإنه ينبغي أن يكون هناك حزب للصوفيين تحسباً لخطوة كهذه .
لذلك فقد جاء السلوك السياسي والانتخابي للتيار الرئيسي الصوفي – الاحزاب والطرق – حليفا قوياً لكل من السلطات الانتقالية و الليبراليين ومتماهي مع المؤسسة الدينية التي تسيطر عليها الدولة وما يحركه هو هذا الخوف العظيم من السلفيين والاسلاميين بشكل عام .
ففي استحقاق الاستفتاء الدستوري، الذي جرى في مارس 2011م ، تبنت القوى الصوفية التصويت بـ «لا»، على الرغم من كون الاسلاميون فضلوا اجراء الانتخابات اولاً املاً في ان يسمح لهم ذلك بتشكيل دولة جديدة ، ولهذا قرر التيار الصوفي ان يقف جنباً الى جنب مع الليبراليين والقيادات الشبابية للجبهة الوطنية للتغيير لصالح موقف "الدستور اولاً" .
وفي الانتخابات البرلمانية لمجلسَي الشعب والشورى ، انحاز الصوفيون إلى تحالف «الكتلة المصرية» وفي هذا الإطار يقول الشيخ إسماعيل توفيق أحد مشايخ الصوفية: "إن أصوات المتصوفة في الانتخابات البرلمانية لن تذهب لأي مرشح ينتمي للتيار السلفي أو الإخواني أو الجماعة الإسلامية" .
بل إن «طارق الرفاعي» شيخ الطريقة الرفاعية، قد ترشح لخوض انتخابات مجلس الشعب بالجيزة على قائمة حزب «المصريين الأحرار» ، ليس هذا فحسب ، ولكنه انسحب من السباق الانتخابي لصالح «عمرو الشوبكي» الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية ، وأحد الرموز الليبرالية المعروفة ، وقد أكد أن انسحابه جاء بعد ما رآه فى المرحلة الأولى من تفتيت الأصوات بين المرشحين لصالح الإخوان والسلفيين ، وهو ما أدى إلى صدارتهم فى عمليات الفرز ، مضيفاً أنه انسحب لصالح الشوبكي ، لأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى توحيد جهود جميع الأحزاب المدنية ضد القوى الإسلامية التي تريد استغلال الدين بالسياسة .

رؤية مستقبلية للدور السياسي الصوفي:
اذا كان الصراع والخوف من الصعود الاسلامي هو الدافع الرئيسي وراء تدشين الاحزاب الصوفية الجديدة والمتحكم الاساسي في الموقف السياسي خلال الفترة الانتقالية التي تلت مخاض الثورة . ولكن السؤال المثار في أذهاننا الآن "ما هو مستقبل الصوفية السياسية في مصر خلال الفترة القادمة، لاسيما في ظل هذا الاخفاق الواضح أمام التيار الإسلامي ؟ " .
وثمة عوامل اساسية تحكم مستقبل الصوفية في مصر بعضها خاص بالتيار الصوفي ذاته والبعض الاخر خاص بالنظام السياسي .
فمن العوامل الخاصة بالتيار الصوفي الانتشار الواسع لهذا النوع من الفكر الديني والانخراط بشكل اكثر مما ينبغي في الحياة المصرية بحيث تذوب فيها وهو ما يمنعها من أن تكون محركاً سياسياً مميزاً كما ان طبيعة العلاقة بينها وبين المؤسسة الدينية للدولة سوف يكون محدد أساسي فالسير في طريق الارتباط الواضح معها سيمنعها من الدفع باتجاه احداث أي تغيير جذري بل و الاستمرار في التبعية للنظام الحاكم .
والعامل الاخر الخاص بهذا الاتجاه هو القدرة على التنظيم والالتزام الحزبي ووجود خريطة مستقرة تمثل فكر ديني اسلامي معتدل مستغلين في ذلك حالة التداخل الفكري والارتباط في الممارسة والطقوس الخاصة والتداخل مع الشخصية المصرية بصفة عامة .
مع ضرورة الا ننسى الطبيعة الدينية الخاصة بالفكر الصوفي ذاته وهو ما اثر على اتجاهاتهم حتى بعد نجاح الثورة في اسقاط رأس النظام فعلى الرغم من تأييدهم للثورة ودعوتهم للخروج في جمعة حب مصر الا انها كانت المرة الوحيدة التي دعا فيها الطرق ذاتها ، فعلى الرغم من وجود عدد من المليونيات التي توافقت في موعدها مع موعد بعض الموالد الا انه لم يخرج المتصوفين مشاركين فيها الا كأفراد مواطنين ، وهو ما يؤكد على الطابع الخاص لهم وما له من تأثير .
كما يؤثر أيضا عدم خبرتهم السياسية وتعودهم الطاعة للنظام فحتى بعد الثورة لا يزالوا يرتبطون به وهو ما يظهر في مشاوراتهم حول تدعيم أحد مرشحي الرئاسة حيث تدور حول أحمد شفيق وعمرو موسى وهو ما يؤكد الولاء وعدم الاستقلال .
وعلى الجانب الاخر الخاص بالنظام السياسي فإن طبيعة السلطة القادمة سوف يؤثر بطبيعته على مستقبل الحياة الحزبية في مصر بشكل عام ، وايضا مكانة الاسلاميين والدور الذي سيلعبونه في هذا النظام ومدى القدرة على احكامهم للصراع مع هذه الطرق . فضلاً عن عدم إمكانيتهم للحصول على أي مكاسب تذكر في الانتخابات البرلمانية السابقة .


المصادر :
أولاً : الكتب
1- توبياس هيلمستروف ، ياسمين سينر ، وايميت نوهي : فهم الصوفية واستشراف اثرها في السياسة الامريكية . ترجمة :مازن مطبقاني ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية ، 2004 .
2- حسن حنفي : في فكرنا المعاصر ، سلسلة قضايا معاصرة ، بيروت ، دار التنوير ، ط1 ، 1981 .
3- سارة بنت عبد المحسن بن عبد الله : نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الاسلام . دار المنارة للنشر والتوزيع ،ط1 ، 1991 .
4- سيد عويس : رسائل للامام الشافعي " دراسة سوسيولوجية " ، القاهرة ، دار السابع للنشر ، ط2 ، 1978 .
5- سيد عويس : الخلود في حياة المصريين المعاصرين . القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1972 .
6- عمار علي حسن : الصوفية والسياسة في مصر . مركز المحروسة للبحوث والتدريب والنشر ، 1997 .
7- عمار علي حسن : التنشئة السياسية للطرق الصوفية في مصر : ثقافة الديمقراطية ومسار التحديث لدى تيار ديني تقليدي . القاهرة ، دار العين للنشر ، 2009 .
8- عمر عبد الله كامل : الانصاف فيما اثير حوله الخلاف . القاهرة ، الوابل الصيب للانتاج والتوزيع والنشر ، 2010 .
9- محمد السيد الجليند : من قضايا التصوف في ضوء الكتاب والسنة . القاهرة ، مكتبة الزهراء ، 1990 .

ثانياً : الرسائل العلمية
1- عمار علي حسن : دور الطرق الصوفية في التنشئة السياسية في مصر . أطروحة ماجستير ، جامعة القاهرة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، 1996 .

ثالثاً :الدوريات و المقالات
1- ابو الفضل الاسناوي : الوجه الجديد للصوفية في مصر : التحول نحو العمل السياسي . ملف الاهرام الاستيراتيجي ، سبتمبر 2011 .
2- الهامي الميرغني : مصر وطوفان الاحزاب الدينية . الحوار المتمدن ، 14-11-2011 .
3- جوناثان براون : السلفيون والصوفيون في مصر . مركز كارنيجي للشرق الاوسط . ديسمبر 2011 .
4- فوليا ات جان : الصوفية والسياسة : مقارنة بين المجتمعات التركية والعربية . مجلة شرق نامي ، العدد السابع ، يناير 2011 .
5- مصطفى شفيق علام : التصوف في مصر الثورة . جريدة البيان ، عدد 297 ، 25-4- 2012 .
6- نهال قاسم : الصوفيون قادمون في مواجهة السلفيون . شبكة الاخبار العربية ، 7-7- 2011 .
7- وحيد عبد المجيد :أحزاب الثورة‏ والخريطة السياسية الجديدة . الأهرام 18 أبريل 2011 .

رابعاً : المواقع الإلكترونية
1- زكريا سليمان بيومي : الصوفية ولعبة السياسة . 17-8-2011 .
http://www.alsoufia.com/main/articles.aspx?article_no=3386
2- صبحي مجاهد : بعد ثورة 25 يناير .. صوفيون مصر يسعون لانشاء حزب سياسي . اسلام اون لاين ، 24-2- 2011 . http://cb.rayaheen.net/showthread.php?tid=34382
3- عمار علي حسن : الصوفية والسياسة . (قناة الجزيرة ) ، 28-7- 2009 . .http://www.aljazeera.net/programs/pages/e554b7bf-04a6-45a9-8f97-f93b03a00727
4- محمد يتيم : فصل المقال فيما بين الصوفية والسياسة من اتصال
www.islamic-sufism.com



#ياسمين_كامل_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسمين كامل منصور - مستقبل الصوفية السياسية في مصر