أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد المالحي - في الذكرى ال 45 للنكسة















المزيد.....

في الذكرى ال 45 للنكسة


عماد المالحي

الحوار المتمدن-العدد: 3749 - 2012 / 6 / 5 - 13:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الذكرى الخامسة والاربعين لهزيمة حزيران 1967
تعيش المنطقة مخاضات عسيرة في اللحظة الراهنة ، فبدأت الشعوب تسعى جاهدة لأخذ زمام المبادرة رغم قسوة الظروف الداخلية والاقليمية والدولية ، ووعي هذه الاطراف لخطوة ان تتسلم جماهير الامة العربية ادارة امورها بنفسها ، والحفاظ على مقدراتها ، وتحديد اعدائها مما لا يروق لهذه القوى وحلفائها من الانظمة العربية .
وتأتي ذكرى "النكسة" او هزيمة حزيران عام 1967 في ظل توتر شديد في عموم المنطقة وانقسام فلسطيني ، ففي السنوات ما قبل الانتفاضات العربية التي قامت بها الشعوب ، لم يتوقف العرب كثيرا عند هذه الذكرى رسميا ولا حتى شعبيا ، فكانت تمر الذكرى بشكل خجول ربما لانها "نكسة" ونسيانها افضل من تذكرها .
والنكسة مصطلح اطلقه العرب ما بعد هزيمة حزيران عام 1967 للتخفيف مما جرى في ذلك العام من هزيمة للنظام الرسمي العربي ، ان استعمال مصطلحي "النكبة " و "النكسة" لا يدخل من باب جمالية اللغة وكثرة المترادفات فيها ، فالمصطلحان ليسا مترادفان لغويا لكن "هزيمة" والاستعمال لم يأت اعتباطا ، بل هو تعبير عن نمط تفكير وثقافة سياسية ورسالة يراد ايصالها مفادها تحميل المسؤولية لقوة خارجية او لسبب ما لا قدرة لنا على دفعه .
فالنكبة بنظرهم هي فعل خارجي والقدر هو المسؤول عنها ، او التآمر الخارجي ونفس الشيء بالنسبة للنكسة ، فهي مصطلح يوحي بان الجسم العربي كان سليما وانتكس ، فيما يقول الواقع ان هزيمة حزيران 67 حدثت لان الجسم العربي لم يكن اساسا سليما ، ولو كان كذلك لما حدثت الهزيمة وكما ان القول يوحي وكأن الهزيمة كانت حدثا عابرا ثم يعود الوضع العربي صحيحا وسليما كما كان ، وبالمناسبة لم يكن الوضع سليما ولا حتى صحيحا .
لقد جرحت هزيمة حزيرات النرجسية العربية في الصميم ووضعت الذات العربية وجها لوجه امام مأزقها التاريخي ، وكانت صدمة نفسية وعقلية بحيث ان النفسية العربية ابتدعت وسائل للتخفيف من آثارها النفسية والفكرية والحضارية المدمرة وعلى الرغم من مرور 45 عاما على تلك الفاجعة الا اننا لم نعترف بها كما هي ، اعترفنا بجانبها العسكري وربما السياسي وتغافلت النخب عن جوانبها الاعمق والابعد واقصد بذلك المركب الاجتماعي والثقافي والنفسي والاخلاقي والحضاري ، اذا لا بد من ان نعدها هزيمة مركبة بمعنى انها كانت هزيمة فئات حاكمة وطبقات اجتماعية سائدة ونخب سياسية وثقافية فاعلة .
وما يجعلنا نستعيد لخكة الهزيمة تلك ، انها تغدو لحظة فارقة في حياتنا ولم تكن لحظة قابلة للنسيان انها لحظة ما زالت ممتدة ونعيشها مل لحظة ولها سلطة استحواذية على تفكيرنا ، فخلال السنين الطويلة لما بعد الهزيمة جرى استهلاك الكثير من الكلام وكتبت آلاف الاطنان من الورق في محاولة للتمويه عن الاسباب الحقيقية للهزيمة ، وربما هربا منها وليس بحثا عنها ، ولم يكن لكل الشعارات الرنانة ان تعوض عن النقص في الوعي السياسي والرؤية الاستراتيجية .
وضعت القدرة والكفاءة على ادارة موارد الامة وربما تكون الفضيلة الوحيدة لهزيمة حزيران انها سلطت الضوء على اوهام كثيرة ، ولكن للاسف بدلا من مواجهة الذات بقسوة والبحث عن البدائل راحت قوى سياسية واجتماعية تبتدع لنفسها اوهاما جديدة وتصدقها ، بعضها اسوأ من تلك التي فضحتها الهزيمة وبعضها ليست سوى اقنعة لسابقاتها .
صحيح ان القوى الغربية المهيمنة على الساحة السياسية والدولية لم تكن تريد "لاسرائيل" الهزيمة ، وصحيح انها دعمت "اسرائيل" اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واعلاميا ، ووضعت تحت تصرفها امكانيات واسعة الا انه من السخف ان نعزو تلك الهزيمة الى مؤامرة الغرب وحسب محاولة تبرأة الذات وتسويغ صور قصورها ومواطن ضعفها .
الم تكن الهزيمة في جانب منها نتيجة لتسييد العسكر تياريا والدكتاتوريات والانظمة التقليدية المختلفة في البلدان العربية وانتشار الديمانموجيا السياسية التي اتاحت الفرصة لإستهراب السلطة والمغامرين الوصول الى مواقع السلطة ففي كتاب "الاستعمار" يقول هيكل "ان سبب الهزائم المتتالية هو ان المعارك قادها اما عسكر لا يملكون رؤية سياسية استراتيجية عميقة ، او سياسيون لا يفقهون الف باء الاستراتيجية العسكرية ".
ودعونا نقول صراحة ان المناخ السياسي المسموم الذي تملك الوضع العربي بعد حزيران 67 قد مهد الطريق لتسلق الانتهازيين والوصوليين والفاسدين والمغامرين وتبؤهم المواقع القيادية في العديد من الدول العربية .
ولنكن اكثر صراحة ونقول ان الهزيمة لم تعكس فشل الانظمة العربية في ادارة المعركة سياسيا واعلاميا وعسكريا فحسب، وانما عبرت عن ازمة المجتمع والدولة ، ازمة الدولة الوطنية ما بعد الكولنيالية التي لم تكتسب مقومات وشروط قيام الدولة .
ولا يمكننا البحث في اسباب الهزيمة مع اهمال اراضي الدولة القطرية ذاتها اذ انها لم تقم على اساس عقد اجتماعي يضمن حقوق المواطنة لكل فرد وفئة ومكون اجتماعي في مقابل ان المطلوب كان تحمل تحمل الدولة لمسؤليتها في ادارة الموارد وتنميتها وتحقيق الامن الاجتماعي والرقي الثقافي والحضاري والرفاه الاقتصادي والاصلاح والديمقراطية وفي بناء القدرات العسكرية ، وقد عوض النظام العربي الرسمي عن عجزه وضعفه في مواجهة العدو بقهر جماهيره واضطهادهم وقمعهم بذريعة ان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة حتى باتت الدولة العربية في مواجهة الامة بدلا من ان تكون ممثله لها ومجسدة لارادتها وطموحها .
اننا ونحن نقرأ اللحظة السياسية التي تمر بها البلدان العربية لا يمكن ان نتجاهل ان صعود وتفاقم هذا القمع ما هو الا مظهرا من مظاهر الازمة الشاملة التي تعبر عن ان الدولة القطرية لا تعبر عن المجتمع ولكنها تشكل اليوم مجتمعا نقيضا قائمة بذاته في وجه المجمع له منطق عمل واهداف ومصالح اعني مجتمع النخب نفسه او ما يسمى بعلم السياسة " الدولة العميقة " .
اذ ان الازمة السياسية التي نعيشها من وراء تدهور الطابع السياسي للسلطات العربية وتعاظم القمع هو الشرخ الاجتماعي والمواجهة داخل المجتمع الواحد .
ولقد فضحت الهزيمة هشاشة الدولة القطرية وقصور مشروعها التنموي والنهضوي "ان كان مثل هذا المشروع قائما في الاصل " فكشفت عن دولة فاقدة للمشروعية وعاجزة عن اداء دور بناء .
وتغدو يوما بعد آخر استبداية اكثر وهي في النهاية لا تملك مقومات ومواصفات الدولة بالمعنى العصري للكلمة .
لقد غاب البرنامج السياسي والتنموي والاصلاحي في اجندة الفئات الحاكمة وجعلت كل فئة منها في البلدان العربية شعارها "جئنا لنبقى" بغض النظر عن الثمن الانساني والسياسي والاخلاقي والحضاري لهذا البقاء وانتقلنا من عهد الانقلابات المتلاحقة وتبدل الوجوه الى عهد الدولة المخابراتية المتسلقة ووراثة السلطة ، وبالتالي بدأنا نرى التدخل الاجنبي والاحتلال العسكري .
ومضت الحكومات العربية تحت رعاية القومية العربية والوحدة بيد ان السنوات التالية شهدت تشظيا للقوى العربية بشكل اكبر وخلافات اعمق ، وانكفاء الى التشكيلات ما قبل الدولة .
حتى بات القطر الواحد مهدد بالتمزق والتشرذم في ظل التسلط والاستبداد والفساد وتراجع دور الدولة وبروز الهويات الفرعية او القاتلة على حساب الهوية الوطنية الجامعة ، ففي ظل هذه الانظمة المفرقة في التبعية والمخروقة من داخلها تراجع النمو الاقتصادي وزادت نسبة الامية وتدهورت البيئة الطبيعية في اغلب البلدان العربية واستشرى الفساد المالي والاداري وهاجرت العقول او هجرت ، وحصل نزيف غير مسبوق بهذا الصدد فقدنا فيه افضل مبدعينا وعلمائنا ، ارتباطا بأن زعماءنا هم العلماء والقادة ... الخ
منطقيا لا بد ان تفرض هزيمة بحجم ما حدث في حزيران 1967 تحديات عظيمة على الامة المهزومة غير ان قوة الصدمة اصابت عصب الامة بالشلل المؤقت الذي بدأت تبرأ منه من خلال انتفاضات الشعوب العربية ، وسواء تقدم الامر ام تأخر ادركته النخب ام لم تدركه التقطناه نحن ام لم نلتقطه ، فإن الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بالاخص " فاعل ومنفعل" جزء من هذا الحدث التاريخي الشعبي العربي ، فالقضية الفلسطينية كانت وما زالت وستبقى نواة مضمرة دائما في التحرك الشعبي العربي ايجابا كان ام سلبا .
فخصوصية فلسطين انها قاعدة وليست استثناء وذلك ان احدى الوظائف الاساسية لتبعية الحالة العربية وكبح تحررها الوطني الديمقراطي ، هي ضمان تفوق العدو الصهيوني وتكريسه كقوة احتلال استيطاني اقتلاعي ، يحترف الحروب ويرفض التسويات السياسية ، ومشروع النضال الوطني الفلسطيني مدا وجزرا برغم خصوصيته "او بسببها " كان ولا زال وسيبقى مكونا صميميا فيمكونات مشروع حركة التحرر للشعوب العربية .
ومعلوم لدينا ان الربط الجدلي بين الوطني والقومي احد الركائز الاساسية لفكرنا السياسي وتأكيدا على صوابيته حصيلة نضال الشعب الفلسطيني على مدار اكثر من قرن من الزمان .
وان خفوت جذوة ما قبل النكبة من الثورة الفلسطينية بقيادة م.ت.ف جاءت انعكاسا جدليا لنهضة الحاضن القومي بقيادة مصر الناصرية بينما شكل ارتداد عهد السادات وبعد مبارك عليها عاملا اساسيا في عدم تمخض محطات نوعية ، بل بالعكس تكريس لواقع الهزيمة واغراقه في التبعية الوحديث عن ان 99% من اوراق اللعبة بيد امريكا .
في الخلاصة ما اريد قوله ان الهزيمة ليست هزيمة الا لمن يخضع لشروط عدوه السياسية ولمن يتخلى عن مشروعه بسببها ، وهذا هو الفرق بين عبد الناصر ومن يحاولون اسقاطه من التعاونيين مع الطرف الصهيوني ، وقد رأينا مؤخرا مصداقية ذلك من خلال الانتخابات المصرية كيف ان الفكر العروبي الناصري كان حاضرا وبقوة ، وذلك تأكيدا ان الجماهير العربية تعي جيدا اين تكمن مصالحها وهي حددت سابقا معسكر اعداءها وان المطلوب منا جميعا بتقديري قراءة نقدية لتاريخنا وحاضرنا لتأخذ امتنا دورها بين الامم ، وهي ليست ببعيدة عن ذلك فسقوط جدار الخوف ومحاولة الشعوب تلمس خياراتها ورفضها للاستبداد هو المدخل الصحيح لاعادة دورنا .
عماد ياسين المالحي
عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية



#عماد_المالحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد المالحي - في الذكرى ال 45 للنكسة