أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مكاوي جواد - الخطوط الحمراء لأحلامنا















المزيد.....

الخطوط الحمراء لأحلامنا


مكاوي جواد

الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 06:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحلم فيما اعتقد ملكية خاصة ، حق فردي و لا يحق لاي أحد ان يفرض علينا كيف نحلم و بأي طريقة نريد أن نحلم ، الحق في الحلم كالحق في حرية التعبير و حرية النوم و الاستيقاظ و حرية العيش، فحتى الاشخاص الذين يتواجدون في أحلامنا نتحكم فيهم ، نضعهم اينما نريد و كيفما نريد ، فلي الحق ان أحلم أن صديقي ضرير و هو في الاصل بصير ... والزمان في حلمنا من أختيارنا ايضا فيمكني أن أحلم في الماضي كما يحق لي الحلم في المستقبل ، و يمكن لي أن أختار المكان الذي أود الحلم فيه ايضا و الموضوع الذي اريد أن أحلم فيه، يمكنني أن أحلم متى أريد و كيف اريد و أين اريد..؟الحلم أذن أنا من يصنعه هو ملكي الخاص و يمكنني التصرف فيه بحرية ...هو حق طبيعي و فطري ...يحق لنا -أّن حسب هذا القول- ان نحلم كما نريد و كيف نريد دون أن يعني هذا أن الحلم يبقى حلم ، بل يعني أن كل حلم قابل لأن يتحقق ، كل حلم هو مشروع . يمكنني أن أحلم مثلا بان أصير مهندسا ..معلما .. قاطع طريق...أحلامي قابلة للتحقق و لا تبقى في قفص الخيال .بأمكاني أن أحلم و بإمكاني ايضا أن أحقق تلك الاحلام.
هذا ما يقره به البعد النظري للحلم و لكن الواقع يطرح اسئلة ملحة و ذات اتجاه اخر مناقض لما قيل فيما سبق: هل يمكنني بالفعل أن أحلم كما أريد ؟ هل يحق لي لي ما دامت لي الحرية في الحلم أن أحلم بما اريد و أن أتمنى ما أريد دون قيد أو شرط؟ الاجابة طبعا بلا؟؟؟؟
كنت أتمنى فيما مضى أن أتفق مع جبران خلبل جبران أذ قال بأن الحياة عادلة ما دام للفقراء أحلام قد تكون أفضل من احلام الاغنياء، يريد أن يقول بان السماء منصفة فإن كانت (السماء) قد منحت للاغنياء المال و الجاه بالاضافة إلى الكوابيس فقد منحت الفقراء اجمل الاحلام و واقع مرير . صحيح بل صحيح جدا أن الذي ينام مفترشا الارض مغطى بالرياح و مدركا للمعنى الصحيح و اليقيني للحارو البرد مدركا لكل انواع الامراض متعايشا مع الالم بأبلغ صوره . ان يحلم بالبلاط و النوم على الحرير .صحيح أن المريض يحلم بصحة عافية .و طبيعي ايضا أن يحلم الجائع بالولائم .طبيعي ايضا أن صاجب الشركات و الفيلات تكون أحلامه كوابيس و أن نومه لن يكون هنيئا. لقد أكد فرويد هذه المسالة في كتابه تفسير الاحلام أّذ قال بان كل حلم هو تحقيق لهدف مكبوت في الواقع بطريقة ملتوية ..فالحالم بأنه يشرب الماء و لا يرتوي فهو عطشان في الحقيقة... هذا صحيح يا جبران و لكن الحياة تقاس بالواقع لا بالاحلام . بل أكثر من ذلك حتى أحلامنا ليست حرة حريتنا نفسها لم تنعتق بعد ..
كنا مجرد أطفال و كل ام بدافع الحب تتمنى لابنها أن لا يكون له قرين تريده متميزا و كانت تحلم له بأوسع ما يصل اليه خيالها ( خيالها المحدود جدا طبعا)و بحكم الحاجة كانت جل الاماني تتركز حول إشباع هذه الحاجة فتقول لي أمي مثلا سيكبر ابني و سيصير معلما مثل ابن جارتنا، أو استاذا كبيرا كفلان، او مديرا في أحسن الاحوال .و اردف أنا و اقول: بخيال اوسع قليلا منها ،لا يا أمي عندما سأكبر ساصير طبيبا أو مهندسا و سأسكنك قصرا كبيرا ابوابه من ذهب، أوانيه من فضة و فراشه حرير و سنرحل أنا و أنت بعيد و نترك أبي وحيدا هنا ( عقدة أوديب) .... و يسرح خيالنا و نحض محض أطفال ما شاء ( ليس ما شاء بالفعل لان الحلم عندنا متحكٌما فيه موجٌها مسيطر عليه ، لاشعورنا لم يعد ملكية فردية يتحكم فيه التاريخ و الجغرافيا و الجينات و الطبقة الاجتماعية و الثقافة ...
لا يمكن لأمي أن تتمنى لي-و هي تعني أحلامها – أن أصير ملكا للمغرب ، لان الملك هو أبن الملك ، السابق و اللاحق من الملوك محسوم في أمره ،الشخص الذي سيصبح ملكا معروف و هو واحد أوحد، والذي سيأتي بعده معروف ايضا و بعده و بعد ...هناك علاقة غير مفهومة بين المَلِك و المُللْك. و أمي تعي ذلك فلا يمكن لابنها أن يصير ملكا للمغرب أبدا لان الملك القادم محدد بشكل قبلي موجود فبل أن أوجد و بعد أن أوجد و موجود بعد موتي .أمي تدرك ايضا بشكل من الاشكال أن الملك في بلادنا يتجاوز الزمان و المكان.
كبرنا حلمنا و نحلم بعد أن حصلنا على الباكلوريا أن أحقق أمنية أمي لكن لا يمكن لان النظام التربوي الجديد أجٌل مهنة التعليم إلى ما بعد السنتين في الجامعة .أذن سأسعى وراء التعليم و سأـابع دراستي العليا عسى أن أصير استاذا.... كنت أحلم أن أصير استاذا و سعيت جاهدا و سأسعى لاصير استاذ ..لكن لماذا لا يمكنني أن أًصير ملكا على الاقل لماذا لا املك القدرة على الحلم بأن أصير ملكا ..؟ لا ..لا يحق لي ذلك فالملك موجود و هو واحد أحد و ابنه ملك ايضا حتى لو كان طفلا لذلك لا يحق لي ان أحلم بالملك . فالملك شخص حددته الطبيعة حدده القدر و السماء .الحق في أن أصير ملكا مستحيل أّذن ... هل يحق لي ان احلم بأن أصير شخص قريبا للملك كالوزير أو المستشار الخاص للملك ....؟
الاجابة معروفة ...طبعا لا هناك علاقة وطيدة و غريبة بين الوزراء و الوزارة هناك تاريخ و جغرافيا و جينات و ثقافة و دين بينهما .. هناك اسرة تنتج الوزراء .. اسرة هرموناتها الجنسية كأنها وحدها التي تنتج الوزراء..أن تكون وزيرا و أنت غريب عن هذه الاسرة ينبغي أن يكون مؤشر الحظ عندك يفوق الاف درجة و ينبغي أن تتسلح بالملائكة و الشياطين و الجن و العفاريت .. أو أن تقدم لهذه الاسرة هدايا غريبة أو ان تصاهرها كما يقول عبد الرحيم العطري .. غير أن هذه الامكانية ايضا نسبة الحظ فيها معدوم... لان المصاهرة في هذا الاطار ايضا خاضعة لمنطق التاريخ و الجغرافيا و علم الوراثة كما أكد جون واتربوري( في امير المؤمنين) ...الحلم بأن تصير وزيرا صار مستبعد ايضا بل مستحيل .
‘ذا حلمت أن تصير ملكا أو وزيرا في المغرب لإانت مجنون لا اي حلم معقول ينبغي أن يكون متماشيا مع إمكانية التحقق فالعاقل لا يمكن أن يحلم بالطيران ....
لو كنت طفلا في بلاد العم سام و كانت امي أيضا نبتة في الثقافة الغربية المتشبعة بحقوق الانسان لكان الحلم و التمني بأن أصير رئيسا للولايات المتحدة امرا عاديا و بسيطا شأنه شأن الحلم بأن أصير دكتورا أو معلما أو صانع احذية في شوارع واشنطن...و لي الحق أن أصير كذلك إذا كنت كفئا و أهلا للمنصب ....و في بلادنا ان تحلم بهذه الصيغة حــــــــــــــــــــــرام...ذات يوم في طفولتي و أنا بحضن أمي لم تترسب في لاشعوري لغة الحرام بعد و ثقافة الممنوع .قلت لها أنني عندما أكبر اريد أن أصير ملكا ...قفزت من مكانها كأن الارض زلزلت ثم صفعتني بما أوتيت من قوة كأنني أنكرت وجود الله أو شتتمت نبي الاسلام.في هذا الوطن ما زال ايماننا قويا بأن الملك و اسرته شريفة لانه ليس أنسانا عاديا مثلنا لا يتألم لا يشعر بالجوع و لا يشعر بالبرد و لا يجرح بنفس الاسلحة التي نجرح بها كما قال سكسبير في تاجر البندقية لأن معدن الملك حسب تصور ثقافتنا ذهب أما الوزراء فمعدنهم فضة أما نحن ( ابناء الشعب)من صلصاال كما قال افلاطون ( 6 قرون قبل الميلاد).و الذهب لا يستخرج منه غير الذهب و الصلصال فهوفخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار.
الإيمان بقليل من الواقعية في هذه الارض يعني شيء واحد وهو " وداعا للأحلام الحقيقية" حتى الحلم لسنا متساوين فيه ، الحلم الواقعي و الطفولي البرئ له حدود له خطوط حمراء .لا يحق لنا أن نحلم أكثر و أكبر ...حدودنا أن نحلم بأن نتمكن من تحصيل خبزا محروق الجنبات و بعض حبات الزيتون الاسود ثم مصدر للاشهار و المسلسلات المملة و الفارغة من أي معنى حقيقي للحياة و دورها هو تأسيس الجهل بلغة اركون ، تلك المسلسات التي اسالت لعب الفقراء و يظلون مشدودي الانظار إليها و فجأة يستفيقوا متأفيفين لان الاشهار يوقف المسلسل لحظات طويلة تنتهي الحلقة بمشهد مثير يربط الفقراء بالحلقة المقبلة و التي تليها ...بل أكثر من ذلك و في إطار الجهل المؤسس ينبغي الاعتراف للدولة بنجاحها في هذا الامر ربما قوتها ... عن طريق هذا الاعلام صارت لغة الناشئة هي لغة الدبلجة ( بلد ..حقير ...الخ)... هذا بالاضافة إلى الحلم بغرفة مشتركة بين اربع إخوان و ثلاث أخوات ووجبات غذائية مجردة من طعم الكرامة ، ممزوجة بالركوع و السجود لمن حرمونا حق الحلم.



#مكاوي_جواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم ...
- آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
- قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة ...
- بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال ...
- الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا ...
- زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
- برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء ...
- الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح ...
- فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه ...
- راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مكاوي جواد - الخطوط الحمراء لأحلامنا