أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نازك ضمرة - فلسطين في حديقة منزلي














المزيد.....

فلسطين في حديقة منزلي


نازك ضمرة

الحوار المتمدن-العدد: 3738 - 2012 / 5 / 25 - 00:36
المحور: الادب والفن
    


أقبل أن أكون حارساً ما دام معي كتاب، واليوم وفي أواخر شهر مايو أيار أجلس على كرسي ذي عجلات، نصف مني تحت السماء ونصفي الآخر مع ثلثي الكرسي داخل الغرفة الملحقة بمنزلنا، لكنها ليست متصلة بمبنى البيت، بل بينهما عشرة أمتار، على يساري حظيرة دجاجاتي الثلاثة عشر، بمعدل ما كانت تقتني امي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين في قريتنا في فلسطين، ودجاجاتي لم يبلغن الرشد بعد، لأنني اقتنيتهن بعد اسبوع من الفقس، لا أشرب القهوة عصراً عادة، لكن جو هذا اليوم حرضني فتنشطت وجهزت فنجان قهوة أمريكية، حملت كتابي وخرجت لأقتعد الكرسي المريح، مقلدا الحراس المخلصين، سأواصل القراءة في كتاب عادل سامل القصصي والمعنون (لعيون الكرت الأخضر)، ويعني من اجل الحصول على حق العمل والإقامة في أمريكا يهون كل شيء، وكل قصص المجموعة ترتبط بهذا المفهوم، أحرك الكرسي الدوار يميناً ويساراً، شرقاً وغرباً، ووجهي صوب القطب الشمالي، أتمنى لو امتدت الأرض ومجال العيش على هذه الدنيا الصغيرة لما وراء القطبين، العالم صغير بالنسبة لهذا العجوز، مع انني كنت أشكو من طول المسافات والساعات اثناء أسفاري إلى شرق آسيا، أو إلى جميع انحاء اوربا، او شمال أفريقيا، أو أمريكا طبعاً حيث استقر مقامي بها، سفرات جرت قبل أكثر من عشرين عاماً.
قطرات قليلة من ماء مطر خفيف حطت على ورقتي، وكان من الممكن حمل جهازي الكمبيوتر معي لأكتب هذه السطور حال ولادتها، ومن ثم حفظها، لكنها أساء لنفسه ولي، حين أصابه عطب عصر أمس، وأدرك أن عليّ أن أعيد طباعة هذه السطور التي كتبتها على ورق، لحفظها إن لم افتقد ورقتي الصغيرة، وكثيراً ما تضيع كتابتي، وكل من هم حولي ضد هذه الهواية المتعبة، يجلبون الشقاء لي أحياناً حين تخطر لي فكرة، او إذا أردت التعبير عن موقف ما، فينشأ خلاف او معارضة او نكد في البيت، وكثيراً ما يكون ذلك مفتعلاً، فتنتحر الفكرة ويتلاشى وجودها، وتضعف العزيمة والعزم والنية، ويتبخر ما أردت التعبير عنه إلى أجواء خارج الكرة الأرضية.
أدفع الكرسي ذي العجلات تحتي قليلاً للوراء، يئن شاكياً من خشونة الأرض، وربما من خشونتي في تعاملي مع من يحتضنني ويريح جسمي المتعب، أتنفس بعمق وينزل المزيد من زخات المطر الخفيف، أنتعش وأزداد عشقاء لكرم السماء، تعدل مزاجي كمدخن لمادة مخدرة، فتصفو نفسي وأدفع ظهر الكرسي بظهري، فيتحرك الكرسي بمرونة وتبعية، لممت ورقتي للوراء قليلا ، والتم شمل دجاجاتي ودخلن متكدسات لإحدى البيوت الخشبية الكبيرة والتي صنعنها لها. أنظر لليمين والساعة السادسة مساء، وغروب الشمس بعد ساعتين او أكثر قليلاً، وجهي وفتحة باب الغرفة الإضافية صوب الجنوب، وحين أردت البحث عن الشمس المفقودة بين الغيوم، شاهدت منطقة أقل إظلاماً وتعتيماً، انفضح مخبأ الشمس، بل حددت مكانها عيناي، مع ان اهلنا في فلسطين تحت الاحتلال يكررون الشكوى باستمرار قائلين: متى تشرق شمس الحرية على أرض فلسطين؟، شروق الشمس بداية لحياة يوم، يوم على أمة فيه ملايين الحركات والتحركات والأقوال والأفعال والموت والحياة والزرع والخلع والعمل والنوم والحركة والسكون، فماذا عن يوم يسجل فيه حياة العالم؟؟..وشروق الشمس على الحرّ على ارضه ووطنه الأصيل لها معان عميقة قد لا يحسّ بها ابن البلد نفسه، لأنه يحياها بشكل متكرر، لكن المحروم والمظلوم والغريب يعرف معنى شمس الحرية، في جو غائم مع إنذارات في المذياع والتلفاز بقدوم عاصفة، يتساقط مطر ناعم فيغسل أجساد شجيراتي وخضراواتي التي زرعتها يداي، تفاجئني تلك النباتات بكبرياء رؤوسها الشامخة، تود لو تنفلت من رباطها في الأرض، لتراقص حبات المطر المتحررة في الفراغ الفسيح، لكنها تقف عنيدة صامدة تزداد قوة جذورها وتمتد، ولا تقوى أي عاصفة على اقتلاعها وحرمانها من ارضها، ومهما سكبت السماء فوقها من غضبها ورياحها، فلا تبالي ولا تغادر أماكنها، وليس هذا فحسب، بل أعتقد ان لسان حالها يقول: هل من مزيد؟.؟.... ما أروع هذا الشموخ والإصرار على الحياة والنماء، ما إن غامت السماء حتى علت برؤوسها تناجي وتتحدى غضب السماء، كأنهن عرائس يرتدين حللا ملونة لاستقبال الأحبة، وإنهن ينتظرن موعد قدومهم الذي طال فطاب ذاك البهاء، وباعتزاز بما زرعت يداي ينشرح صدري، وأحس بعضلات وجنتي ترتخي بسبب ولادة ابتسامة افتقدت آثارها على وجهي ليومين متتالين.

نازك ضمرة – كاتب فلسطيني مقيم في الولايات المتحدة
[email protected]



#نازك_ضمرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية (ظلام النهار) لجميل السلحوت
- جميل السلحوت في رواية (جنة الجحيم)
- الأكراد ذراع الدولة العربية إلى قلب آسيا
- لولا المطر-قصة قصيرة


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نازك ضمرة - فلسطين في حديقة منزلي