أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ابراهيم برياز - ذكرى الشهيد















المزيد.....

ذكرى الشهيد


ابراهيم برياز

الحوار المتمدن-العدد: 3734 - 2012 / 5 / 21 - 10:34
المحور: حقوق الانسان
    


حتى لا ننسى : في ذكرى الشهيد

ومضات من درب شهيد الحركة الطلابية الصحراوية

صورة نادرة للشهيد
" لحسن التامك "
21 ماي 1977


جرت العادة خاصة في وضعية شعوب هي في بحث دائم ومضن عن الحرية المسلوبة والكرامة المهانة، شعوب تتلمس طريقها لعلها تجد بصيص ضوء وسط ظلام دامس تتحمل مسؤولية هكذا وضع قوى إقليمية ودولية آخذة في التكالب على مصالح الشعب الصحراوي.
بأن نحتفي بأبنائه البررة صاروا رموزا عصية على النسيان وسنابل شامخة تأبى الانحناء والانكسار, تنفذ بشكل يومي وتخترق كياننا حتى تغدو مستحوذة على كل ركن منه وتوحي لنا بالكتابة عنها باعتبارها معابر نحو صيانة التاريخ الوطني المشرق بدماء وآهات هؤلاء الذين نذروا أنفسهم وقدموها قرابين على مذبح الحرية والكرامة الإنسانية ورفض الظلم والاستعباد .
و من بين هؤلاء الطالب الصحراوي الشهيد لحسن التامك الذي رأى النور بمنطقة آسا / جنوب المغرب سنة 1956 والده المامي ولد التامك ووالدته توفة بنت البشير "بشيا" ، نمى وترعرع في وسط عائلي متأصل ومتشبع بقيم وعادات الشعب الصحراوي، وله اثنان وعشرون أخا منهم من يتقلد مناصب قيادية في الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، أمثال محمد التامك وزير الإعلام في الدولة الصحراوية ويوسف التامك الأمين العام للبرلمان الصحراوي الحالي.
كما أن سجله الشخصي حافل قبل أن تغصب حياته وهو في ريعان شبابه، إذ على المستوى العلمي التحق الشهيد بالدراسة سنة 1963 بمدينتي بركان ووجدة شمال شرق المغرب، وانتقل بعد ذلك لمدينتي كليميم وافران الأطلس الصغير جنوب المغرب سنة 1967.
وفي سنة 1968 تابع تعليمه الإعدادي والثانوي بمدينة ورزازات المغربية حيث حصل على شهادة الباكالوريا شعبة الآداب في الموسم الدراسي 1973-1974 لينتقل للعاصمة المغربية الرباط حيث أكمل دراسته الجامعية بجامعة محمد الخامس تخصص الحقوق.
أما على المستوى النضالي فقد انخرط شهيد الحركة الطلابية الصحراوية لحسن التامك في الفعل الوطني بداية السبعينيات من القرن الماضي في سياق داخلي عام متأثر بما شهده العالم من تحولات ناجمة عن الصراع الدائر بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي من جهة و صلابة النضال الشعبي ضد القوى الاستعمارية من جهة ثانية بشكل انعكس مباشرة على الساحة الجامعية المغربية التي شكلت مسرحا لتبلور إرهاصاته الفكرية الأولى، حيث كانت أبرز التعبيرات المتقدمة لذلك في تلك الفترة: الإعلان عن تأسيس التنظيم السياسي الوطني بقيادة الزعيم التاريخي الشهيد الولي مصطفى السيد الذي انضم إليه الشهيد لحسن التامك من خلال إحدى الخلايا المنضوية تحت لواء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بمعية رفاق له كالمختطفين الصحراويين السابقين الشيخ أمحند الحسين سفر وسلامة بهان والشهيد محمد فاضل إسماعيل السويح والطالب حيدار الملحق العسكري بالسفارة الصحراوية بالجزائر….
هؤلاء اتحدوا في بوثقة فكرية واحدة لبناء وعي قاعدي عبر الاتصال بأنوية التنظيم الوطني الحديث النشأة آنذاك، كما أن إلمامه بالفكر اليساري أهله لنسج علاقات وطيدة ومتميزة مع مناضلي المنظمة النقابية للطلبة المغاربة "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب" ومنظمة إلى الأمام المكون الأساسي للحركة الماركسية اللينينية المغربية.
وفي سنة 1974 ارتبط بالتنظيم الطلابي الصحراوي وتحمل مسؤوليات قيادية بارزة حسب شهادة رفاقه التي تؤكد أيضا تحليه بالأخلاق الحميدة وبالجرأة في إبداء الرأي، فضلا عن روح وطنية عالية متجسدة في إخلاصه للخط الكفاحي للشعب الصحراوي وبحيويته المعهودة المؤطرة بالمبادئ الثورية.
ونتيجة لتفوقه الدراسي وتمكنه المعرفي السياسي علاوة على امتلاكه وعيا ثوريا عميقا وشموليا، نال حظه من الاختطاف القسري الذي لايمكن فصله عن حملة الاختطافات الواسعة والممنهجة التي باشرها الاحتلال المغربي سنتي 1976-1977 ضد مناضلي اليسار الجذري المغربي وضد مجموعة 26 التي تضم مناضلين من مكونات مختلفة من الشعب الصحراوي (طلبة، تلاميذ، موظفين ومواطنين عاديين ).
إلا أن الروايات بخصوص حقيقة مصير لحسن التامك تباينت بشكل كبير لتبقى أكثرها تداولا تلك التي تقر بتعرضه لجريمة الاغتيال السياسي بتاريخ 21 ماي 1977 بالعاصمة المغربية الرباط وهو ماتضمنه التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة تحت عنوان "تقرير حول متابعة توصيات الهيأة" الملحق رقم 1 حالات الاختفاء القسري 2010 ص 42، ومما جاء فيها :
"... لحسن التامك من مواليد 1956 باسا اعتقل رفقة صديق له من الشارع بالرباط شهر ماي 1977 بعد مطاردتها من قبل الشرطة بزي مدني، أصيب صديقه أثناء المطاردة ونقل إلى المستشفى وتمكن من الفرار منه في حين نقل السيد لحسن التامك إلى معتقل سري بالرباط وتم قرائن قوية على وفاته أثناء احتجازه...".
هذه الرواية تبقى موضع شكوك قوية، حيث أن مطلب الكشف عن الحقيقة الكاملة ومعرفة حيثيات قضية اغتياله وملابساتها، لايزال قائما ومشروعا الأمر الذي يجعله بالنتيجة في عداد المختطفين الصحراويين مجهولي المصير حسب ما تفيد به عائلته.
لذا فشهيد الحركة الطلابية الصحراوية وبحكم عدم امتلاك الجلاد الشجاعة الكافية للاعتراف بعملية اغتياله والكشف عن تفاصيلها الدقيقة جعلت منه قدوة للطالب الصحراوي العضوي المدجج بقناعاته, التي ساهمت فعليا في صياغة وبلورة الوعي الوطني بالصحراء عبر ادارته لمجموعة العلاقات النضالية التي شكلت اللبنة الأولى لمسار العمل الثوري الصحراوي، حيث عبدت الطريق أمام نمو نضال معقلن ومؤسس له عن طريق بسط وتذليل المسالة التنظيمية لخلايا العمل السياسي و العسكري كآليات لاثباث الوجود وذلك من خلال الاستنارة بأفكاره وأخذ العبرة من تجاربه النضالية.
وختاما فالشهيد من الذين أنكروا ذواتهم حتى يبقى الوطن معلوما، حرا يسكننا ولانسكنه، وهو مطمح كل الصحراويين الذين جعلوا من أجسادهم جسور عبور لأجيال تحلم ببزوغ اللحظة التي ينتصب فيها المشروع الوطني منتصرا، لأجيال تلتقط بشكل ايجابي رسائل الثورة الوطنية والنضال الشعبي، لأجيال توفي بعهد الشهداء وتنعش الذاكرة الجمعية باستحضار تضحيات الشهداء لكي لايطويها النسيان وتذهب سدى مهما طالت السنون، أجيال تصون مكاسب الوطن باعتباره المجسد المادي للكبرياء الجماعي للصحراويين في بعديه المعنوي والتاريخي.
وما تسمية مزرعة باسم الشهيد في مخيمات اللاجئين الصحراويين سنة 1983 " مزرعة الشهيد الحسن التامك " إلا دليل على حجم تأثير هذه الشخصية الوطنية التي تستلهم منها كل مقومات العزة والإباء وبرهان ساطع على أن الشهيد الذي يتقدم للموت ليهب لنا الحياة يظل أيقونة في ذروة احتدام الصراع بين الحدود القصوى لمكوناتها في الأماكن الضيقة التي تخلق للجلاد أوهام السيطرة على الشهيد والمعتقل، وتطويق أفكاره ونسف مبادئه، في حين أن صمود الشهيد وتحديه يمنح لنا كل صور الارتقاء السامي للإنسان تصل درجة الخلود في أذهان من سيحمل مشعل الكفاح من بعده, وهو ماتزكيه قولة المناضل الليبي عمر المختار الذي قال " سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي ".
حياة تنبجس منها أشكال عدة للتطلع والطموح المختزلة للجوهر النقي والمعنى الحقيقي لقيمة تضحية الفرد في سبيل انتزاع حرية الجماعة وبسط سيادتها على التراب الوطني.

الطالب الصحراوي، سجين الرأي السابق
إبراهيم برياز








ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- من يخاف الكلب يجد أسدا أمامه في باكستان والنتيجة: إصابة 3 أش ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق يعيد كل المحتجزين
- عراقجي: العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران انتهاك صارخ لم ...
- في أية ظروف تعمل المنظمات المدافعة عن المهاجرين في تونس؟
- سوريا: فرار المئات بسبب حرائق الغابات وانتشار فرق الأمم المت ...
- مخاوف المهاجرين بسبب الضغوط الممارسة ضدهم
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق يعيد كل المحتجزين
- برنامج الأغذية العالمي: أسر غزة بالكاد تتناول وجبة واحدة يوم ...
- نتنياهو وترامب على طاولة النار: غزة والهدنة وتبادل الأسرى
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب بصفقة شاملة -تعيد جميع المخ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ابراهيم برياز - ذكرى الشهيد