أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف العوضي - فصل من رواية الهيش















المزيد.....

فصل من رواية الهيش


أشرف العوضي

الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 13:55
المحور: الادب والفن
    


فصل من رواية الهيش

على الرغم من أن إسمه ذو جرس جميل ولا ينطقه الأهالي إلا مرة واحدة وبسرعة مميزه " برهان عجب جابر " وكأنهم إذا قالوا برهان لن يعرفه أحد مع ذلك كان يكرهه ويحس به قيدا يطوق عنقه وحملا ثقيلا ينوء به منذ سنوات .

كان يتساءل دائما أليست الأسماء هي دليل أن فلان هو إبن فلان وينتمي إلى العائلة الفلانية؟

إذن لماذا أحمل إسما لا معنى له ولا وجود لصاحبه إلا في خيال أمي ، إسما ليس له جذور ولا يوجد من خلفه أسره ممتدة وقبور مملوءة برفات شيوخها الذين رحلوا ، أسرة تشاركه أفراحه وتشاطره أحزانه ، أسرة يحتمي بها من غدر الزمن ومن قسوة الأيام التي لا ترحم .

كان ينتحب كل عيد عندما يجلس هو وأمه انتظارا لأحد يطرق كوخهم الملفق من بقايا الأشياء ولم يكن يفعلها في كثير من الأحيان سوى الخالة " أمونة " التي كانت تخفف عنهما كثيرا مما كانا يكابدانه أو " الشيخ أبو السعود" الذي كان يأتي حاملا معه سلة مملوءة باللحم والفاكهة .

ففي تلك القرية الرابضة على شاطئ النهر من لا عزوة له يدهسه الناس ولا يحسبون له حسابا ولا يقيمون له وزنا وكأنه نبت شيطاني لا جذور راسخة له في الأرض فتعصف به أي هبة ريح .

لم ينس برهان أبدا عم " شوشه " بائع القصب عندما كان الصغار يضايقونه كان الرجل الذي لا يكاد يرى يسأل الطفل الذي يفلح في الإمساك به سؤاله التقليدي " إنته ابن مين يا وله ؟ " فإذا أجابه الطفل عن أبيه ساعتها يصمت شوشه للحظات ثم يتخذ قراره فإذا كان الطفل إبنا لأحد رجالات البلد الكبار أصحاب الطين والعزوة ساعتها يخفض جناح اللين مع الطفل بعد أن يقول " سلم على أبوك يا حبيبي " أما إذا وقع في يده واحد من صنف برهان عجب جابر فالويل كل الويل . ساعتها ينطلق شوشة الذي إقترب من السبعين بوابل من السباب والإهانات ثم يضيف على كل ذلك بعض الضربات الموجعة على مؤخرة الصبي الذي يشيعه بقية الأولاد وهو عائد إلى منزله وكأنه أحد لصوص السوق الكبير الذين حكم العمدة بتجريسهم حتى لا يتسللوا إلى القرية مرة أخرى .

كان برهان متيقنا تماما أنه ليس ثمة شخص يدعى عجب جابر من الممكن أن يكون أباه وأن أمه هي من إختلقت هذا الإسم لتداري كنه من فعلها ، وخصوصا وأنه في هذه اللحظة بالذات تذكر يوم سمع أمه وهى تجتر ذكرياتها مع الخالة أمونة وأنها ربما أفضت إليها باسم والده الحقيقي ، ولكنه وفى شدة انتباهه وتركيزه لما تقوله إصطدمت يده بباب الكوخ فتوقفت أمه وغيرت دفة الحديث مع الخالة أمونة ، تلك العجوز التي شاهدت وعاصرت وعرفت من الأسرار والحكايات ما تنوء بحملها الجبال .

تصارعت الأفكار محدثة جلبة داخل رأسه عمن يكون أبوه : هل هو حقا شيخ البلد ؟ ولكن لماذا فكر في شيخ البلد بالذات ؟ هل لأن أمه عملت في بيته لفترة جاوزت العشر سنوات ؟ ولكن بماذا يفسر غلظة الرجل ورفضه دفن جثمان أمه !! .

أيكون العمدة سلامة ؟ صحيح إنهم يهمسون همسا أن الرجل الذي لا تفارق المسبحة يده ويخلى له دائما الصف الأول في الصلاة مهووس بالفتيات الصغيرات دون الخامسة عشرة وأنه يكون في قمة سعادته عندما يختلي بإحداهن ممن يعملن في حقوله الشاسعة المترامية الأطراف والجميع ما زال يذكر حكاية البنت بهية إبنة إبراهيم خليفة الموظف في مصنع الغزل عندما تحرش بها وخصوصا أنه يهوى مؤخراتهن الطرية عندما تمكن من الصغيرة في غفلة منها وأحست به من خلفها غليظا ثقيلا دفعته بكل ما أوتيت من قوة فسقط في المصرف وسط ذهول وإندهاش كل من كان في حقل الذرة في تلك الساعة .

صحيح أن إبراهيم خليفة ترك القرية رغما عنه وصحيح أن الغفر لقنوا بهية درسا قاسيا وصل إلى حد أن حلقوا لها شعرها بالموسى وسط صراخها وبكاء كل النساء الأجيرات اللائى طالما تعرضن لما تعرضت له بهية وبالتأكيد أن أمه ذاقت من العمدة سلامة الكثير والكثير .

كان الناس يهمسون عن أمه في أمسياتهم على شاطئ البحر و في غرزة " شوقي البكرور" كان الهمس مثل الطنين رتيبا خافتا ، ولكن نظراتهم اليه كانت كأشواك تنغرس في لحمه ، كان ما استطاع يتحاشى تجمعاتهم .

كاد رأسه ينفجر ، نظر جيدا في تلك المرآة الصدئة المشروخة من وسطها تماما ، كانت صورته غير واضحة المعالم مسحها بكم جلبابه الداكن . رأى نفسه اليوم كما لم يرها من قبل . كان غائر العينين ذا وجه شاحب .

إبتسم نصف ابتسامه وتحدث بصوت مسموع إلى نفسه قائلا :

- رغم هذا الشحوب والهزال فأنا مرغوب من نسائهم ، بل يفضلنني على غيري من رجالهم .ويستسلمن لشذوذي معهن في أحيان كثيرة .

ظل هذا الخاطر هاجسه لشهور طويلة حتى وهو في ذروته ذات يوم ، سأل زبيدة الشبكشى زوجة صابر عبدالدايم كاتب محكمة المنصورة الابتدائية الذي لا يأتي إلي القرية إلا يومي الخميس والجمعة . كان برهان يعلم أن زبيدة لا تمارس إلا عارية تماما ، وكان يعلم أنها تميل إلى العنف قليلا حيث لا تجد متعتها إلا هكذا ، كان سؤاله غريبا ومفاجئا للمرأة التي تحلق في فضاءات النشوة واللذة .

كان العرق يكسو جبينها المائل إلى الإحمرار حين داهمها بسؤاله بينما إعتصرت يداه الخشنتان ثدييها الناعمي الملمس والشديدي التكور .

- لماذا تأتون جميعكم إلى كوخي ولماذا في كل مرة تردن فعلها معي لا يكون لي الخيار في التوقيت أو حتى مع من أفعلها منكن ؟ . ثم قام منتفضا بينما المرأة ما تزال متقدة الرغبة لم تخمد شهوتها بعد .

- لماذا تتبادلننى فيما بينكم كما يتبادل الرجال غابة الجوزة في غرزة شوقي البكرور ؟

كانت زبيدة في نهايات العقد الثالث جميلة خمرية اللون طويلة القوام معتدلة النهدين ، ولما يئست من عودتهما إلى ما كانا عليه بعد أن أفاقت من نشوتها قالت له وهى تمسح بيديها على صدرها العاري :

- إعلم جيدا أنك لست شيئا يذكر بين الرجال ولكن لأنك لا تستطيع أن ترفض ما يحدث داخل كوخك الحقير فضلناك على غيرك ممن يتمنون التراب الذي نسير عليه ولأنك قادر على إعطائنا ما عجز عنه رجالنا دون أن تستغل ذلك الضعف فينا ، وحتى لو طلبت لن تأخذ إلا ما نريد أن نعطيه لك وإعلم أيضا أن أمك يرحمها الغفور الرحيم هي أول من دلتنا على هذا الطريق العفن . وبإختصار شديد لست إلا إبن حرام وإبن زانية وكلنا في الهوا سوا .

لم يشعر بنفسه إلا وهو يصفعها صفعة قوية أدمت شفتيها التوتيتين ، ثم سرعان ما التحما عاريين وأخذا في تكملة ما كانا قد بدآه .



#أشرف_العوضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دحل الحمام
- السيد - صبري موسي - من حقل النقاء
- الشرخ


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف العوضي - فصل من رواية الهيش