أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - نعيمة رجب - أمّنا الأرض














المزيد.....

أمّنا الأرض


نعيمة رجب

الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22 - 09:10
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


أمّنا الأرض
لنُبقيها ضامنة وآمنة

لم تعد كما كانت، تبدو منهكة وحزينة وبائسة، وغاضبة أكثر من أي وقتٍ مضى. هذه الأرض الأمّ رغم حنانها تعّلن أنها قاسية وقوية وجبّارة، فعندما تغضب تهتزّ لتفني من فوقها، وعندما تبكي تدمع حممًا تحرق ما هو موجود، فمن ذا الذي يستفزّ هذه العاشقة الجبّارة "الأرض"، وأيُّ مغامرٍ مغرور هذا الذي يتحرّش بها؟. إنه الشعور الغادر بالتمكّن والتصوّر الخاطئ بالقدرة الواهمة أن يظن هذا الإنسان أنه مع حروبه ومعاركه واقتتاله، وأنانيته واحتكاره واستنزافه لثرَواتها وخيرَاتها، والسطو على مخزونها المستقبلي وحقوق الأجيال القادمة فيها، يعتقد أنّه سيبقى رغم هذا كله في رغَدٍ وسلامة في نفسه وفيما شيده فوقها؟!.

إن الأرض ببحرها ويابسها وكل تضاريسها، وبتنوعها وثرائها وكل أحوالها، هي لكل موجود على سطحها، فهي لإنسانها وحيوانها وكل كائناتها الأخرى، وهي متاحةً لمن يسكنون في غربها كما هي لمن في شرقها، ولا تفرّق بين من همّ في وسطها وبين من همّ في أطرافها وعند حدودها، مباحةً خيراتها - دون طغيان- لدولها كبيرةً وصغيرة، سواءً تلك التي صنعت وأنتجت أو التي اكتفت بأن تزرع وتأكل، أو لتلك التي مارست الحِرَف وبقت دون أن تُطَوِّر أو تتطور. لذا كل موجود على سطحها له الحق في هواء صحيح وبيئة صحيحة وفضاء محمي، ومقدّرات تُستهلك بميزان وموارد تُستخدم باستدامة، ومحيط حيوي يُحترم ولا يتعرض للتخريب والإفساد. وكذلك الجميع مادام يسكن هذا الكوكب له الحق في الغابات والبحار وبأن يتمتع بخيرَات وثرَوات هذه الأرض، لحاضره ومستقبله، ولنفسه ولأجياله القادمة.

ومع جلاء هذه الحقيقة في كون كوكب الأرض لجميع من هم فوقه دون استثناء، نرى أن أغلب سكانه لا يملكون قرارًا أو صوتًا مسموعًا فيما يحدث من دمار للبيئة وخراب للأرض واستنزاف طاغٍ لكل الموارد والثرَوات فيها، حيث أن ثلّة قليلة فقط مكونة من أصحاب رؤوس الأموال العابرة للقارات وعمالقة الصناعة الدولية وعرّابي السياسة في الدول التي تسمى بالمتقدمة، هم من يتحكّمون في مصائرنا نحن الشعوب في نهاية السلّم. وهنا ندعو الأمم المتحدة أن تتحمل مسئولية لا بد لها منها حيث المزيد من المساهمة في حماية البيئة والأرض في كل مكان ووقف النزف لمصادرها – مع علمنا بحجم ما تقع تحته هذه المنظمة من تجاذبات سياسية وضغوط وصعوبات كبيرة في التمويل إلاّ أن هذا كله لا يعفيها من إلتزامها في هذا الشأن-.

من جانب آخر، فإنّا نرى أن الأملّ اليوم منوط بالأفراد أكثر منه تجاه الدول، فما اصطلح عليه بالبلدان المتقدمة تلكّأت في التخلّي عن بعض مطامعها لصالح البيئة والحياة وفضّلت أن تمضي مصانعها في التسبب بتدمير البيئة فضلاً عن استهلاك مصادرها والعبث بمخزونها المستقبلي، عوضًا عن أن تكون سببًا للتخفيف من حجم هذا النزف المستمر للموارد والثرَوات، وبقيّة الدول رضتّ واكتفت بأن تكون صامتة ومستهلكة فقط. ومع هذه الحقيقة البائسة فإنّا نعلّق اليوم أمنياتنا على كاهل الأفراد، في أن يقوموا همّ متحدين ومجتمعين - تحت كيان معتبر سواءً كان قديمًا أو قاموا باستحداثه- بدفع دولهم نحو تعامل مسئول وصحيح مع البيئة وكذلك استفادة مستدامة من المصادر والموارد دون استنزاف أو عبث أو إهدار.

إن للشعوب قوة وهيّبة وقدرات عظيمة واستثنائية في تحقيق أي مطلب والوصول إلى أي هدف، شريطةَ أن تؤمن به وتجتمع عليه، لذا فإن قضايا البيئة وهمومها لا بد وأن تتسع دائرة حامليها ومتبنّيها من إطار النخبة المثقفة والواعية فقط، إلى دائرة وإطار كل فرد مهما تفاوتت ثقافته أو مكانته أو تخصّصه أو دوره، وهذا لا يتأتّى إلاّ بإماطة اللثام عن أصولها في أديان السماء وعقائدها، وجذورها في وعيّ وثقافة كل الشعوب والأمم التي سكنت هذه الأرض، ليتبناها ويحملها كل فرد انطلاقًا من هذا التأصيل، وانبثاقًا من هذه الحقيقة التي تقرّ بأن قضايا البيئة ووجوب احترام مكوناتها وضرورة التعامل الأمثل مع مقدّراتها هو أمر ليس بجديد ولا مستحدث ولا هو مرهون بعصرنا وبإنساننا فقط، فلطالما دعت أديان السماء إلى ذات المبادئ التي ينادي بها اليوم أنصار البيئة، إذ أن ثقافة الحدّ من الاستهلاك وعدم الإسراف ونبذ الأثرة والإحتكار وأهمية أن لا يكون هناك ضرر ولا ضرار... إلخ، كلها تعتبر من صميم تعاليم السماء ومن أخلاقيات الشعوب منذ قديم الأزمان – وبعد هذا التأصيل والوعيّ لهذه الحقيقة، من الأهمية بمكان أن يتداعى الأفراد ويبادروا لتشكيل كيان جامع لتوحيد هذه الجهود ليكون فاعلاً ومحترمًا في قراراته وتحركاته كمؤسسة السلام الأخضر على سبيل المثال_ .

أمّنا الأرض.. تلك الحنونة والجبّارة في ذات الوقت، قد احتوت كل البشرية ورفدت بسخاء حضارتها وتطورها، لها اليوم علينا حقّ في أن نبرّها ونستنقذها، فمهما قستّ أو غضبت فليس للإنسانية إلاّ حضنها، وحياة كل الموجودات مرهونة بما تجود به وتعطيه، فلنوقف امتهانها والعبث بمكنوناتها، لتبقى لنا كما كانت.. مستقرّنا الضامن وموئلنا الآمن.


نعيمة رجب

جمعية البحرين النسائية - للتنمية الإنسانية

[email protected]



#نعيمة_رجب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - نعيمة رجب - أمّنا الأرض