أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله العلوي أبو إياد - الرياضة والصحة النفسية















المزيد.....


الرياضة والصحة النفسية


عبد الله العلوي أبو إياد

الحوار المتمدن-العدد: 3704 - 2012 / 4 / 21 - 18:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ا

جميعنا يشعر بالحزن والأسى بعد كل منافسة رياضية تنتهي بشكل درامي لا أخلاقي ولا رياضي،لا يعكس روح الحب والتنافس الشريف الذي تتحلى به الرياضة ومن يمارسها أو يديرها.فقد تلقى المباريات الرياضية بضلالها السلبية على الرياضة عموما.وقد تظهر للباحث أو المتتبع أو المعني بتدبير الشأن الرياضي مدى التهميش الذي يعانيه التفكير بالرياضة مما جعل العديد من الممارسات الرياضية في المنطقة العربية عامة وفي المغرب بالخصوص أشبه ما تكون بساحات لحروب شرسة يجب أن تشتد فيها السيوف والسكاكين والحجارة،بدلا أن تكون مباراة حب ومودة ومدرسة لتعلم قيم التسامح وقبول الإختلاف والصدق في الأقوال والأفعال من خلال الصدق في الألعاب.
فالمباريات الأخيرة وماحدث بها من سلبيات دليل على أننا في حاجة إلى علاجات لصحتنا النفسية بكل أبعادها العضوية والنفسية والإجتماعية والروحية والمادية ثم الأخلاقية والسياسية.بالإضافة إلى إشباع حاجياتنا الإساسية وخاصة الحاجات الفزيولوجية والحاجة إلى الإمان الاخلي والحاجة إلى الإنتماء والحاجة إلى التقدير والحاجة إلى تحقيق الذات التي لا تعتبر سلوكيات العنف والتدمير داخل الملاعب وسلوكيات الإنسحاب والعزوف عن الإنتخابات والتحايل على كل الأمور التي تتعلق بتدبير الشأن العام سوى مظهرا من مظاهر الحرمان من إشباعها.
فالرياضة هي عنصر رئيسي في تكوين شخصية الفرد وأحد المقومات الأساسية للعملية التربوية لكن الأندية الرياضية في بلادنا كثيرا ما تتسم بالجوانب المادية وبالصراعات المتعلقة بتولي مسؤولية رئاسة ها الفريق أو ذاك دون أن تراعي المسؤولية التربوية والسوسيوتنموية المنوطة بالجمعية الرياضية والتي تحتاج إلى عضوية العاملين الرياضين المتخصصين في التربية بصفة عامة والتربية المدنية والرياضية، والذين يتوفرون على الوسائل السيكولوجية والتربوية والتنشيطية الكفيلة بتوظيف الرياضة والمنافسات الرياضية في التربية والتنشئة والتأهيل المجتمعي،بالتركيز على إستكشاف شخصية الفرد ومواهبه ومميزاته،والعمل على تنميتها وتقويتها.
فالرياضة وسيلة للنمو البدني والذهني وفرصة للمربي الناجح في إكتشاف ورصد صعوبة المستهدف من عمله التربوي فيعمل على علاجها وتقويتها.وتحتوى الرياضة على عدة أبعاد منها ماهو تطبيقي.وهو من أحسن الطرق وأيسرها لتدريب الفرد على المهارات الإجتماعية والعملية عن طريق اللعب.ومنها البعد الذهني الذي يتمثل في تنشيط الدورة الذهنية وتوسيع خرائطها وتنشيط التفكير وتقوية الذاكرة وتحسين سرعة البديهة وقوة الملاحظة.
أما البعد الحسي المتمثل في تدريبات إقتفاء الأثر وتقوية الحواس الخمس لدى المرء والتي تعتبر منافد العقل ومادخله وعن طريقها يتميز الشخص بحسن التصرف وسلامة الإستنتاج وصحة الحكم على الأشياء والموازنة بينهما.
ثم البعد الترويحي،الذي يساعد على تفريغ الانفعالات وتخفيف الهموم والأشجان لدى الفرد فيصفو ذهنه ويصبح أكثر قدرة على مجابهة ما يعترضه من عقبات وصعاب.بالإضافة إلى البعد البدني الذي يؤمن الدورة الدموية وتنمية العضلات وتقوية أجهزة الجسم وتمكينه من التوافق العضلي والعصبي.
ولا تنحصر الفوائد التربوية والسوسيوتنموية للرياضة في هذه الأبعاد فقط.بل تسهم في تأمين فوائد كثيرة منها القيم الأخلاقية المتمثلة في التسامح وتقبل الإختلاف والصدق والتنافس الشريف،والقيم الإجتماعية التي تسهم في التخليص من الإنطواء والإنغلاق على الذات والإغراق في الفردانية والأنانية.وتحفز على الإلتزام بروح الجماعة وإذكاء قيم التعاون والتضامن والتواصل وإنماء النزعة التطوعية.
يستفاد مما تقدم بأن ممارسة الرياضة يعني الرغبة في النمو والتطور والتواصل الفعال، وإستثمار الوقت بشكل جيد.وهذا لا يمت بصلة لكل الأوضاع والمعارك السلبية وغير الأخلاقية،خاصة وأن من أهم البنود الواجبة في الممارسة الرياضية هي التمرس على ضبط النفس وصيانة الحياء وتقوية أواصر المودة والتعاطف والتحمل.فالخروج عن هذا النطاق غالبا ما يسهم في حدوث االأزمات والكوارث لدى الفرد والجماعة والمجتمع.
وعليه،فإن معالجة هذه الإعتلالات التي تعانيها العديد من الملاعب الرياضية تتطلب بالأساس التساؤل عن وظيفة الملاعب وكل الفضاءات الرياضية وأدوارها وتأطيرها؟
إن الباحث والإعلامي والمهني المتخصص لا يمكن أن يرضى لهذه الفضاءات وظيفة سوى الوظيفة التربوية والسوسيوتنموية.فالملعي مؤسسة للتنشئة على القيم النبيلة ورعلية النمو الجسمي والفزيولوجي والحركي والإجتماعي والإنفعالي.
وإذا كان الملعب الرياضي وما يعانيه من صعوبات هو مجرد مظهر من مظاهر أزمة الحكامة الرياضية الجيدة، فإن الواجب يدعوا إلى ضرورة البحث ليس في موضوع الرياضة وأهميتها التربوية والتنشئوية،بل الرياضة كقاطرة للتنمية الإنسانية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية.وهذا لا يمكن الوصول إليه بالتنظيمات والقوانين والذهنيات المهيمنة على هذا المجال والتي حولته إلى خلية للتسويق الخاص وتكريس التدجين وقيم السوق إغراق الأطفال والناشئين والشباب في الخصومات النفسية مع ذواتهم ومع مجتمعه وعدم الإكتراث بقوانينه وسياساته وحاضره ومستقبله.وهي سلوكات لم تنفع معها قوانين مكافحة الشغب في الملاعب،ولا حتى القوانين الجنائية لأن الأمر يتطلب الإجابة عن حاجيات للفرد غير مشبعة فيتغالى في التعبير عنها من خلال كافة الفرص المتاحة له بالإمتعاض والرفض والعنف والتدمير أو الإنسحاب والهروب.فالقراءة المتأنية للسلوكيات المضطربة داخل الملاعب الرياضية من أحل رصد دوافعها تفيد بعدة معطيات منها ما يعود إلى الخصوصيات الشخصية لكل فرد من أصحاب هذه السلوكيات ومنها ما يتعلق بالهدف منها.فحسب الدراسة الميدانية لهذه المسألة يتجلى بوضوح بأن عددا كبيرا من أصحاب السلوكيات المضطربة داخل الملاعب الرياضية-كرة القدن نموذجا- يقفون على مسافة إجتماعية ونفسية من المجتمع.وكذلك من المجموعات الصغيرة والأسرة،مجموعة الإنتاج،المدرسة،الأصدقاء،أو أنهم أضعفوا العلاقة معهم بشكل كبير.وهذا قد يسهم في تحديد دوافع السلوك المضطرب وخصوصية التعامل مع الأحوال المعيشة وخصوصية التأثير التنشئوي للمجتمع في شخصية مثل هؤلاء الأفراد.
فغالبية الذين تم التعامل معهم من أصحاب السلوكيات المصطربة داخل الملاعب الرياضية يعانون من صعوبات الإستيعاب السليم للقواعد الإجتماعية التي تنظم العلاقات الشخصية والسلوك.فيعتقدون بأن هذه القواعد ليست قواعدهم وأنها غير ملزمة لهم.بل هي غريبة وغير مفهومة دائما.وكثيرا ما يعتبرونها ظالمة لهم لأنها لصالح البعض دون البعض الأخر.وإذا كان ليس صدفة أن لا يفهم الذين تمت معاقبتهم بسبب السلوكيات المضطربة التي تشكل خرقا للقانون الجنائي داخل الملاعب الرياضية الأسباب التي تمت متابعتهم بموجبها رغم أنهم على معرفة جيدة بالقوانين التي أخلوا بقواعدها.ولكن هذه القوانين مكروهة من قبلهم لذلك تفضح الناظم الذي ينظم سلوكياتهم ويؤطر إتجاهاتها.فالعديد من هؤلاء يستغرب العقوبات الجزائية رغم إعترافه بالسلوك المضطرب والخارق للقانون الجنائي.هنا يصطدم الباحث بالتناقض الداخلي العميق والمتمثل في كلام الكثير من هؤلاء (نعم إنني إقترفت أفعالا مخافة للقانون الجنائي معاقب عليها بمقتضاه، ولكنني لست مذنبا).
ومن هنا تكون نظرته للرياضة والملعب مجرد فضاء للتعبير عن إتجاهاته الرافضة للأسرة والمجتمع والدولة والمحكمة والأمن والناس والمؤسسات المنفذة للعقوبة، كأشياء وشخوص ضعيفة الإرتباط (بالأنا )التي تخصه. وهذا يجعل التأثير الردعي أو التربوي أو الإصلاحي للقوانين والجزاءات في شخصية صاحب هذا السلوك قليل جدا،ولذلك يكون السلوك المتصارع مع القانون مظهرا من مظاهر عزيمتهم داخل المجتمع.والغربة التي يعانيها الكثير من أصحاب السلوكيات ما يعود أصلها إلى المراحل العمرية الأولى من حياتهم والتي يتفشى الإحساس بها جراء إهمال الأسرة لواجباتها الرئيسية ومنها إدخال الطفل عبر كيانها في تزكية المجتمع. وهذا يبدو بشكل عميق لدى الكثير من المضطربين سلوكيا الذين طالتهم العزلة الإجتماعية والنفسية داخل أسرهم وفي الصف الدراسي وداخل المجالات الإنتاجية وغيرها من المجموعات الصغيرة.وخاصة في ظل إنعدام التعويض التربوي.وهو ما ينتج بشكل سيئ،حالات ضعف أو إنعدام التكيف وتكوين الإتجاهات السلبية نحو القانون والتماهي مع حياة الهامش عبر إستعمال العنف والتدمير،أو من خلال الإنسحاب والإدمان على التشرد والسكر والمخدرات والعلاقات الشادة وتكوين علاقات سلبية ضد الوسط تؤطرها أحاسيس العداء التي يعانيها هؤلاء من قبا الأخرين فيسهم في توليد العدوانية لديهم بهدف حماية الذات من الإعتداء أو التهديد به.وهم ما يبدو في أساس وواقع العديد من السلوكيات الصعبة والقاسية ضد الشخصية.فالإعتقاد بكون الوسط سيئ معاد أو لا مبال كثيرا ما يعيق أو يعسر بشكل كبير الوقاية ضد العلاج والتأ والإدماج الإيجابي وتطوير الرؤى وتحسين العلاقات.وهذا ما يؤكد الفرضية القائلة بأن الفرد المعزول عن العلاقات الطبيعية في الوسط المصغر كثيرا ما يؤدي به إلى البحث عن الإعتراف وسط من هم من أمثاله.فينخرط في مجموعات معادية للقانون وإلى التواجد الطويل في أحضانها وهنا قد تبرز أحد البواعث الأساسية لوجود السلوك الإجرامي الجماعي.فالنظرة إلى جماعة ليس فقط كإتحاد أناس يساعدون بعضهم بعضا في القيام ببعض الأفعال المخالفة للقانون تحت يافطة تشجيع فريق رياضي والإسهام في عرقلة الفريق المنافس،بل وكمجموعة يحصل الفرد فيها على إمكانية إظهار الذات والحصول على الدعم والإعتراف.وهنا لا يظهر الإغتراب داخل الملعب في شخص محدد بل وفي مجموعة كاملة ينتمي لها.والتي تتعمق في بنياتها النفسية ملامح الإغتراب التي تميز أعضائها بشكل منفرد.وفي ذات الوقت يمكن أن تكون المقاومة الجماعية للوسط الإيجابي أكثر إصرارا من مقاومة أشخاص منفردين لأن تعاضد وتكامل أعضاء المجموعة في إطار هذا الإتحاد تزيد من ثباته. وبذلك يمكن القول بأن الإرتباط السيكولوجي للفرد مع المجموعة (وبالعكس) يمكن تقصيه وتتبعه على مسار إغترابهم الجماعي،كذلك يمكن أن يصبح رفض الفرد في مجموعة أو طرده منها سببا لبداية الإغتراب أو لتعميقه مما يؤدي أيضا إى خلق الإستعداد المتصارع مع القانون.أما الفرد الذي يتوفر على الإستعداد للخروج من الوسط يمكن ألا يدخل في أي مجموعة أو يبقى فيها لفترة محدودة ،وفي هذه الحالة تضعف أكثر المراقبة الإجتماعية عليه.
وتدل الدراسة الميدانية في هذا الصدد على أن معاناة أصحاب السلوكيات المضطربة داخل الملاعب الرياضية من إختلالات كبيرة في علاقاتهم كأفراد مع أوساطهم.مما يسهم في خرق السلوكيات المتبعة داخل البيئة الإجتماعية. وإذا إنفصل الفرد عن بيئته فإنه لا يخرج فقط عن مراقبتها ولكنه يتوقف أيضا عن الإيمان بقواعدها وقيمها.ويبقى له إرتباطه الشديد بالمجموعة الفرعية وتفضيله الشديد لها مع الجميع ويمكن أن يكون لكل ذلك عواقبه الإجتماعية وخصوصا إذا أدى خطر فقدان العلاقة مع المجموعة والتي تعنبر العامل المكيف الوحيد إلى صدمات نفسية عميقة،فقد تؤدي هذه الظروف إلى التحفيز على سلوكيات إجرامية لتلبية متطلبات مادية.
كما أن للميزات الشخصية لدى الفرد والتي منها يغوص المرء في ذاته ويبتعد عن الأخرين، والتي غالبا ما تعود إلى غياب وإنعدام القدرة على الإحساس بالحالة الإنفعالية لشخص أخر ومشاركته هذا الإنفعال.وكذلك إختلال التطابق مع الناس،إي إنعدام المقدرة على وضع الذات في مكان الأخرين ومثل هذه الملامح تساعد على إقتراف السلوكيات الإجرامية القسرية.

بصفة عامة تبين المعطيات الميدانية بأن للغربة الشخصية تأثيرات كبيرة في السلوكيات المضطربة والمتصارعة مع القانون داخل الملاعب الرياضية.وخاصة تلك المسماة بأعمال الشغب والإعتداء وغيرها التي تتميز بها سلوكيات القاصرين بالخصوص،وكذلك أصحاب السلوكيات الإجرامية المخضرمين.
إلا أن هذا العمل الميداني لم تقتصر عطاءاته في إكتشاف خطورة الغربة المؤسسة على النبذ النفسي للفرد والذي غالبا ما يؤدي إلى تشكيل خواص شخصية ادى الأشخاص غير المتكيفين.والتي لا تخلق لديهم حوافز داخلية تحصنهم ضد الضياع والوقوع في السلوكيات المضطربة أو المتصارعة مع القانون...بل تساعدنا على الوقوف على صعوبات أخرى ومنها القلق الذي يعتبر لدي الكثير من الباحثين في السلوك الإجرامي كمظهر من مظاهر الإضطرابات التي تطال الظاهرة الإنسانية.كل بمثابة القاعدة الأساسية لكل سلوك إجرامي.فهم يعتبرون القلق حالة نفسية تؤثر تأثيرا حاسما في سلوك الإنسان وفي العلاقات الإنسانية.ويعتبرونه الأمر الذي لم يلق الإهتمام المناسب واللازم من قبل الباحثين في الظاهرة الإنسانية عامة والسلوك الإجرامي بالخصوص.
وبالعودة إلى التراث السيكولوجي،نجد أن المتخصصين في هذا القلم قد كانت لهم دراية مهمة في توضيح الإدوار الخطيرة للقلق والإضطراب.فيعتبرونها بأنها أكثر أشكال المشاعر المؤلمة والكريمة،والتي يمكن النظر إليها كتوحيد لشعور عدم الإرتياح مع التوثر الداخلي.ولا يوجد إي إحساس يمكن أن ينعكس على الفزيولوجية والروحية مثل هذا الشيئ.ويظهر التوتر الداخلي في وضع الجسم وفي الحركات المعبرة وتقلص العضلات المتوترة،وكذلك يبرز كما نلمس ذلك داخل الملاعب في الصراخ والصياح وفي المحاولات العنيفة في العملية التشجيعية،وفي الدفاع أو في الهروب وفي الإعتداء على الأخرين.كما يظهر الأمر أيضا في الحياة الذاتية بالإضافة إلى كل مظاهر العصبية التي ترافق القلق الذي هو عبارة عن خوف بدون موضوع وهو غالبا ما يكون مشروطا بعدم إدراك مصدر الخطر.
فالقلق لا ينه الشخص عن إمكانية الخطر فحسب،ولكن يحفزه أيضا للبحث وتحديد هذا الخطر ويدفعه إلى الإختبار الفعال للواقع المحيط باحثا عن موضوع الخطر.وهذا يبدو لدى أصحاب السلوكيات المضطربة داخل الملاعب في تشكل أحاسيس بعدم القدرة في النفس،وفي العجز أمام العوامل الخارجية،وتظخيم قوتها وطابعها التهديدي وهذا الإحساس الذي غالبا ما يسهم في إختلال تنطيم السلوك وتغير الإتجاهات.كما يبدو القلق لدى غالبية المتعامل معهم على المستوى الميداني من أصحاب السلوكيات المضطربة نتاجا للمتطلبات الإنسانية البسيطة لدى هؤلاء والتي لا يستطيعون إشباعها بشكل مشروع .
فحسب النتائج الميدانية يتبين بأن أصحاب السلوكيات المضطربة داخل الملاعب يعانون من تهديدات غير مفهومة لديهم وغير محددة لذلك فهم يعبرون بشكل وهمي عن إمكانية الخلاص.فهم مستعدون لأن يكونوا متاعا يوميا بسيطا أو وقود عنف حارق شؤيطة توفر منفد أو حركة فزيائية عادية وغير معقدة يعتبرونها مغامرة من أجل الحفاظ على التوازن وتأكيد الحضور الذي لا توجد فرقا لتأكيده إلا داخل الملعب الرياضي الغاص بالمتفرجين.فالعنف لدى أصحاب سلوكيات الشغب داخل الملاعب الرياضية ،ظاهر بشكل واضح منه عند الناس الأخرين وبالدرجة الأولى لأن الفئة الأول تعاني من صعوبات التكيف وأن معاناة الغربة التي تطاردهم منذ الإنتقال من الرحم البيولوجي إلى الرحم الإجتماعي ولذلك فالسلوك المشاغب لديهم هو عبارة على وسيلة للتعويض ولإجتياز القلق وتأمين حماية بيولوجية وإجتماعية ولو بشكل مؤقت.
وعليه،يتميز أصحاب السلوكيات المشاغبة داخل الملاعب الرياضية بالمغرب بعدة خصائص نذكر منها:
الإندفاع الشديد والتهور،وكذلك الميل إلى العدوانية.وإنعدام التوازن الإنفعالي وهيمنة الشك والحساسية المفرطة وعدم إستقرار العلاقات الشخصية،والإنعزال والميل نحو البقاء على مسافة بعيدة على المستوى النفسي بين الدات والأخرين والهرب من الذات وحياة الغربة بشكل عام.

وهي خصائص تتواجد لدى غالبية أصحاب السلوكيات المشاغبة داخل الملاعب لكن بمستويات وبتأثيرات مختلفة. لكنها تدل بشكل عام على إضطراب التوافق النفسي وإنخفاض قدرة التكيف الإجتماعي لديهم.فالسلوك المشاغب داخل الملاعب حسب هذه المعطيات هو تعبير عن تخرب عميق وطويل بشكل من الأشكال للعلاقة مع البيئة الأسرية والإجتماعية والتي ينظر إليها كعدو ظالم وكقوة غير مدركة مهددة للفرد صاحب هذا السلوك.وهو ما يؤدي إلى الريبة والحساسية المفرطة نحو المؤثرات الخارجية وعدم تفهم الوسط المحيط.كما يظهر هذا التخرب لدى بعض أصحاب السلوكيات المشاغبة في شكل رفض مبني على عناد إستفزازي.حيث يبدو لدى الفرد بأنه متفهم لكل ما تريده البيئة الأسرية والإجتماعية.ولكنه يمتنع عن تنفيذ ذلك فلا يكترث بطلب أي تعاون أو تعاضد منه مع ما ترده تلك البيئة لأنها تنحدر من أناس وتنظيمات وقيم معادية له وتحاصره داخل الإضطرابات والقلق والمخاوف بشكل مستمر.
فحسب ما تم التوصل إليه من نتائج في شأن الحقيقة الشخصية لأصحاب السلوكيات المشاغبة داخل الملاعب يتبين بأن غالبية هؤلاء يرزحون تحت وقع حاد من التوتر الداخلي وعدم الثقة والقلق والمزاج المنخفض بشكل مخيف.بالإضافة إلى إنخفاض مستوى تقدير الذات والتشاؤم في النظر إلى المستقبل والقلق والإكتئاب كما أن العديد من الأفراد داخل هذه العينة يبدون وكأنهم منغلقون ويتهربون من أي إحتكاك.ولكن الأمر ليس ذلك دوما لأن فقدان الروابط اللازمة (بشكل حقيقي أو مفتعل) لهم هو صعب ومؤلم،وينظر إليه من لدنهم كأنه كارثة حقيقية ، ويسهم بشكل كبير في إنتعاش العدوانية عندهم، بناءا على إعتقاد مفاده بأن الهروب إلى داخل الذات والإنغلاق في أحضانها بسبب الخوف من العالم الخارجي يجعل الفرد محاصرا بالتوتر الشديد.
وحسب نتائج القلق لدى أصحاب السلوكيات المشاغبة داخل الملاعب الرياضية يتبين بأن القلق القاصرين منهم يملك طابعا متساويا ومتشابها وهو ما يجعل العديد منهم يشعر بالخطر بشكل دائم وهو ما يجعلهم على إستعداد دائم لملاقاته وللهرب في الوقت المناسب أما الأشخاص غير القاصرين فإن القلق لديهم فيعرف التزايد وله طابع الوميض في السلوك وعدم الإهتمام بالظروف الخارجية وليس من باب الصدفة أن العديد من سلوكيات الشغب داخل الملاعب تتم في حضور الأمن والشهود وكاميرات الإعلامز وهو تعبير على هيمنة القلق على شخصية أصحابها الذين يعانون العديد من الإحباطات المتمثلة في عدم التوفق في إشباع العديد من الحاجيات الفزيولوجية والمعنوية الواجبة لتمكين المرء من الثقة...والتحرر من الإضطراب.ويسهم في إزالة مشاعر الحقد زالكراهية والحسد.فالقلق الذي يعانيه هؤلاء يغدي لديهم باستمرار الدوافع النفسية والميل إلى الحفاظ على تغيير الوضع الإجتماعي والحصول على شيئ أكثر من الموجود.
فقد يكون الشعور لدى عماة الناس بالحاجة إلى الحصول على مكاسب مادية ولكنهم يستطيعون بلوغها بطرق مقبولة ومشروعة لأنهم لا يتميزون بالقلق الزائد والإحساس بالغربة.أما الفرد ذو القلق الدائم على موضعه في الوجود فهو كثيرا ما يذهب عكس المجتمع والناس وضد مصالحهم وقيمهم،وكذلك ناذرا ما يعرض عليهم المساعدة.
وحسب ما تم التوصل إليه في هذا العمل يتبين بأن أصحاب السلوكيات المشاغبة داخل الملاعب الرياضية كثيرا ما يتميزون بالقلق والمحدودية في السلوك.ومما تقدم يبدو واضحا بأن هؤلاء لا يتوفرون على المؤهلات التي تسمح لهم بتقديم الحلول المناسبة في الظروف الطارئة.
وفي محاولة لتجميع ما ذكر يمكن القول بأن القلق والذي سببه الغربة عند المرء،هو عبارة عن خاصية تظهر في شكل إنزعاج وخوف من عدم الوجود.فهي خاصية تخلق الإرتياب والحذر الزائد والرغبة في حماية الذات.فكلما زاد الإحساس بالخطر كلما تقلص الإنتباه نحو الموانع الإخلاقية والقانونية وإتسع المجال نحو إقتراف الإعمال المتصارعة مع القوانين .
والقلق عند هؤلاء ليس فقط خاصية متأصلة لدى الشخص بل قد تكون حالة عابرة ووقتية وإذا كانت سلوكيات الشغب في الملاعب والتظاهرات الرياضية من الأفعال الضارة بالأفراد والجماعات والمجتمعات بسسب ما تخلفه من إختلالات في العلاقات بين الناس بالإضافة إلى ما تكرسه من عدم الثقة في الذات وفي الواقع الإجتماعي وفي المستقبل وعدم الرضى عن الواقع الحالي،وتكريس الغربة داخل الوسط.لكن هذا السلوك الخطر لا يجوز القول بأنه وليد الصدفة بل هو نتاج تهميش القيم الروحية للناس وبأقسى الأشكال وتحت تأثير المشاكل الإقتصادية والعجز المادي والفقدان المستمر للمؤسسات الإجتماعية والتعليمية والثقافية والإعلامية والدينية والسياسية لوظائفها التربوية والتأهيلية والسوسيوتنموية.فالقراءة السيكولوجية لسلوك الشغب في الملاعب الرياضية تمكننا من مشاهدة صاحبه وكأنه عار تحت تيار العديد من المأسي النفسية والإجتماعية التي من الصعب عليه،بل ومن المستحيل لديه الوقوف ضدها ومواجهتها،فهو غارق في براثين الخوف وعدم الثقة في إمكانيات التغيير،فاقد لكل الأمال في حياة أحسن ومحاصر بالتشاؤم.وهي أمور لا يستطيع القانون المجرم والمعاقب للشغب في الملاعب معالجتها.خاصة وأن غالبية أصحاب هذه السلوكيات من القاصرين والشباب.وأن المجال الذي يمارس الشغب في رحابه هو الملعب الرياضي الذي يحتضن أهم وأرقى الوسائل التربوية والتعليمية وهي الرياضة كشأن تنشئوي وتنموي أساسي في بناء الشخصية والكشف عن المواهب وقيادة المجتمع نحو التنمية المتحضرة.
فالملعب الرياضي مؤسسة تربوية شأنها شأن المدرسة والمخيم التربوي ودار الشباب والتنظيمات الكشفية، تمكن الأفراد من التأهيل الفكري والتربوي بالإضافة إلى التأهيل الجسدي والمهارات التواصلية والإجتماعية السليمة التي تقدم للمتفرج من خلال سلوكيات اللاعبين والحكام والمدربين والإعلاميين والمؤطرين التربويين الذين يمثلون إدارة الملعب والجمعيات الرياضية وجمعيات المساندة الفاعلة فيه وكذا محيطه الإجتماعي والإداري والإقتصادي. فقد تستطيع من خلال الممارسة الرياضية تخريج جماهير متحضرة تؤطرها الروح الرياضية.ولها من مهارات االتواصل والتفاعل والمشاركة ما يمكنها من الإسهام في قيادة الحياة العامة بكل أبعادها السياسية والإجتماعية والإقتصادية والإدارية والبيئية بحكامة ذاتية وجماعية سليمة في قيمها ومتجددة في مناهجها وبرامجها.
فكيف تستطيع المجتمعات توظيف الرياضة في صيانة وإنماء الصحة النفسية للأفراد والجماعات والمجتمعات في غياب دساتير أولية وطنية تفسح مشاركة الفرد منذ سن الخامسة عثر في تدبير الشأن الرياضي على الأصعدة المحلية والجهوية والوطنية.مشاركة تسهم في تحصين الرياضة كتربية وكتنمية وكإقتصاد وأمن وحضارة ضد تسلط أصحاب الأموال وتوظيفها بشكل سيئ. يعتبر المسؤول الأساسي عن سلوكيات الشغب في الملاعب،ويعمق مشاعر القلق والتوثر والغربة في العلاقات الشخصية بين الأفراد والمجموعات ويوسع من مأسات الناس وعدم ثقتهم في وضعهم الإجتماعي بالإضافة إبعادهم عن التركيز على القضايا الأساسية في بناء وتقدم الحياة.
فهل تستطيع فتح حوارات علمية تستثمر الرياضة في التأثير على البنيات النفسية التي تعطي للإنسان إمكانية إثبات وجوده الإجتماعي بشكل مشروع متحرر من كل أليات التحايل على العيش ضد الفقر وضد القهر؟ وكافة أساليب التطفل على الحياة والجود بشكل إيجابي؟.
تدلنا نتائج هذا العمل على أن الرياضة من أهم الرياضة مجالات الإستثمار في التنمية عامة والتنمية البشرية بالخصوص...فكيف نتعامل معها كدولة وكجماعات محلية وكمجتمع مدني وكقطاع خاص وكإعلام؟؟؟.
هذه مجرد تساؤلات لأجل المزيد من الدراسة والبحث في سبل صحة نفسية متوازنة.



#عبد_الله_العلوي_أبو_إياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقترح دستور جديد للملكة المغربية
- منظومة جديدة لمغرب جديد


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله العلوي أبو إياد - الرياضة والصحة النفسية