أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جودي خليل حسين - في سوريا ( تذبذب قسم من موالين الأسد)















المزيد.....

في سوريا ( تذبذب قسم من موالين الأسد)


جودي خليل حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3703 - 2012 / 4 / 20 - 04:54
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في سوريا ( تذبذب قسم من موالين الأسد)
قَبِل كاتبٌ شابٌ من العاصمة دمشق أن يشاركنا بعضاَ من ملاحظاته عن الثورة، و ما تبعها من إجراءات صارمة اتخذت عبر البلاد، و قد قمنا بحجب اسمه لأسباب أمنية.
في الأشهر الماضية كنت ألتقي جارتي أم سوسن مرتين أسبوعياً على الأقل، فالعلاقة القائمة بيننا ليست مجرد علاقة مودة فقط بل علاقة حميمية. فمن وقت لآخر تعرض عليّ إيصالي بسيارتها إلى السوق. أو تناديني من شباك منزلها. أعرف أسماء وأعمار أبنائها، وأعرف بمرضهم، و بنتائجهم الدراسية. وأعرف أنها مسيحية. تساعد زوجها في مشروع صغير، وتدعم نظام الأسد بإخلاص رواقيّ متعصب.
خلال السنة الماضية من الثورة في سوريا أبدت أم سوسن تأييداً صارماً للمدافعين عن نظام الأسد ( وهي السنة التي اتسمت بتصاعد الاحتجاجات، وتزايد العنف العشوائيّ على نحوٍ مروع، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفوضى، والحرمان الاقتصادي) . فطوال أشهرٍ عدة كانت تسرد نفس الروايات المشابهة على نحو مدهش لتلك المعروضة على شاشة التلفزيون الحكومي والقائلة": توجد مشكلة بسيطة مع الإرهابيين في حمص، المدفوعين من الخارج، لكن الحكومة مع ذلك ما تزال قادرة على ضبط الأمور".
مع ذلك، منذ أسبوعين، حين كنا كالعادة نتبادل التحيّات الصباحية ، سألتني عن حالي، أجبت " بخير" ، وبدون اهتمام كبير سألتها بدوري: وأنتِ ، أجابت " عايشة". فهي ليست بخير، أو بحالٍ حسنة أو على مايرام. هي فقط "عايشة".
تراجعت مؤخراً قيمة الليرة السورية إلى أقل من نصف ما كانت عليه قبل عام، وتم تسريب العشرات من إيميلات الأسد إلى العامة ( تظهر الأسد بصورة اللا مبالي بمعاناة الناس والبعيد عن الواقع)، وانفجرت سيارتان مفخختان في دمشق، وأعلنت روسيا دعمها لخطة كوفي عنان للسلام معتبرة إياها الأمل الأخير لسوريا لتجنب حرب أهلية مروعة وطويلة الأمد.
يمثل هذا التحول في موقف جارتي الموجة الجديدة من الشك التي هزّت تلك الجماعات التي كانت تقليدياً شديدة الولاء للأسد، وهي تشمل الأقليات الدينية، والطبقة الوسطى، و مدينة دمشق، وحتى النخب المدينية. صحيح أن هؤلاء لا يندفعون بأعداد كبيرة إلى الانضمام للجيش السوري الحر، ولكنهم يطرحون أسئلة جديدة، ويبدون شكوكاً، ويعلنون سخطهم، الأمر الذي يعكس نقداً وحتى جرأةً على تصوّر بدائل للوضع القائم بطريقة لم تكن متوقعة قبل ستة أشهر.
ثمة مجموعة من العوامل تولّد هذه الثورة، أو على الأقل هي المؤشرات الأولى التي تنبؤنا بقرب اندلاعها لدى شريحة جديدة من السكان، كانت سابقاً لا مبالية أو محايدة تجاه مطالب الثورة والمظالم التي كانت وراءها، وأهدافها. فالاقتصاد ينهار بسرعة، على الرغم من أن الشرائح الأفقر في المجتمع السوري عانت من عدم الكفاءة والمزاجية في الاقتصاد الذي كان يؤول إلى الانهيار حتى قبل خروج أولى المظاهرات. لقد بدأت الطبقات الوسطى أخيراً تدرك أن موقعها المتميز مهدّد. فمدخراتهم تفقد قيمتها بسرعة، وحتى صِلاتهم وعلاقاتهم لا تفيدهم في التغلب على النقص في الغذاء ووقود التدفئة. إنهم يعيشون الآن في خوف دائم وشديد من أعمال السرقة التي يمكن أن تقوم بها الجموع الجائعة الساخطة ، أو ما هو أسوأ من ذلك.
لم يعد بإمكان نظام الأسد ضمان الاستقرار والأمن ، والذي كان أحد أهم مصادر شعبيته. فلقد استمرت الثورة لأكثر من عام رغم الاعتقالات الواسعة والمعاملة الوحشية للسجناء وتهديدهم، ورغم الدبابات المتمركزة على طول الطرقات العامة الرئيسية وساحات المدن والتي تنشر الخوف والهلع، ورغم الميلشيات المتوحشة المتنقلة من مكان لآخر، والحضور الأمني الكثيف، ونقاط التفتيش التي غصّت بها تقريباً كل الطرقات استمرت الثورة. وحين ظهرت روايات عن العثور على شخصيات من النظام (جنرالات الجيش، ورؤساء الأجهزة الأمنية سيئة الصيت، والأطباء المتهمين بالتعذيب ) مقتولين في منازلهم، استحوذ خوف جديد على الطبقة المتوسطة. فعندما تخلف القنابل حفراً في نفس الطرقات التي يقودون سياراتهم عبرها في طريقهم إلى العمل صباحاً، يبدأ المهندسون والمحامون ولأطباء من الطبقة الوسطى السورية بالتساؤل: أين يمكنهم الذهاب ليحموا أنفسهم؟ يتنفسون الصعداء متعبين، عير مصدقين، وبصبر نافذٍ حين يدخل الجيش حمص مرة أخرى ليقمع الثورة، ويدخل درعا مرة أخرى، ودير الزور مرة أخرى، وبغض النظر عن العنف المستخدم أو وعود الإصلاح فإن الثورة تتصاعد، ساخرةَ من حكومة يتبدّى ضعفها أكثر فأكثر.
ومثلما تحولت شعارات الثورة من الدعوة إلى إجراء انتخابات إلى المطالبة بإعدام الأسد، تغير الثوار أيضاً، فأصبحوا أكثر تفانياً، وأشد إصراراً على تحقيق أهدافهم، حتى لو تطلب ذلك منهم التضحية بأرواحهم، والقتال لعدّة سنوات أو عقود إذا كانت هي ضريبة الديمقراطية وتحصيل الحقوق. وهكذا فإن وسط سوريا الذي كان طبيعياً ، اعتيادياً، مَرضيَّاً عنه يبدو أنه يتغير أيضاً. فقبل عام من بداية الثورة، كانت الدعوة إلى نظام حكم يقوم على التعددية الحزبية تعتبر بشكل كامل دعوة تخريبية . أما الآن فإن مفردات الحوار، تغيّرت في مداها ومضمونها.
قبل بضعة فيما كان سائق الميكرو يعبر حاجز التفتيش، تذمّر علناً من غباء الجنود. قام بذلك رغم وجود جنود جالسين خلفه ببضعة صفوف فقط. ومنذ وقت غير بعيد كان التلفاز في محل بيع الخضروات دوماً موضوعاً على أفلام الآكشن الأمريكية . أما الآن فهو موضوع على قناة ب ب س العربية علانيّة وصراحة وبتحدٍّ، وهي القناة التي يدينها النظام بوصفها قناة تتلاعب بالناس وتنطق باسم الإرهابيين .
حتى مؤيدي الأسد المتبقّين لم يعودوا يُبدون الإيمان العميق ذاته في نجاحه، أو حتى الرغبة في استمرار حكمه. وفاء من دمشق ( وهي امرأة عازبة من الطبقة العاملة وأم لطفلين)، تصرّ بأن مسؤولية الرئيس تجاه الأزمة ضعيفة، فهو شخص جيّد و مستقيم، ولكن الناس المحيطين به يتصرفون على هواهم. وتقول في معرض حديثها "إنه ضعيف ، ضعيف جداً". ويؤكد يوسف الذي يعمل سائق تكسي في ضواحي دمشق حبه المطلق للأسد قبل أن يختم قائلاً " نأمل بأن ينجو".
أبو سوسن، زوج أم سوسن، في نفس الوقت الذي يقسم فيه بأن المعارضة في حمص هي من السلفيّين، والإرهابيّين، والحيوانات، يقرّ بأنه من الأفضل ألا تستمر سيطرة حزب البعث على البلاد فترةً أطول. حتى خالد - وهو الشاب المنحدر من عائلة محلية بارزة الذي يدعي بأنه جندي، على الرغم من أن جيرانه أكدوا بأنه عضو في ميليشيا الشبّيحة الموالية للأسد- يعتقد بأن الثورة لن تنتهي إلا عندما توافق حكومة الأسد على تقاسم السلطة مع المعارضة.، ثم يقول: "سوف نرى....."...
هاهم الموالون المؤمنون، المخلصون، المتصلبون الذين دعموا النظام خلال الأشهر الماضية التي كانت منهكة وحافلة بالعنف وقد تزعزع إيمانهم. فالأرض التي بنيت عليها قلعة الأسد بدأت تميدُ منذرةً بالشؤم. هم لا يدعون إلى إسقاطه، ولا يعلنون ولاءهم للمعارضة، ولم يحسموا أمورهم حتى الآن، لكنهم بدؤوا يطرحون أسئلة جديدة جريئة ومدمرة. وبدأت الشكوك تساورهم، وبدؤوا يستشعرون الإخفاق والفشل، وبدؤوا يتطلعون إلى ما وراء شبح الأسد الذي يلوح دوماً في الأفق إلى رؤى أخرى للمستقبل.
ترجمة : جودي خليل حسين- كاتب كردي سوري
http://kristof.blogs.nytimes.com/2012/04/02/in-syria-some-assad-loyalists-waver/
نشر في النيويورك التايمز بتاريخ 2- 4-2012



#جودي_خليل_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام على الثورة السوريّة أسئلة لم تطرح


المزيد.....




- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جودي خليل حسين - في سوريا ( تذبذب قسم من موالين الأسد)