أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم ناصر - الهدم ليس التفكيك والإنتقاص من اللغة ليس الحداثة














المزيد.....

الهدم ليس التفكيك والإنتقاص من اللغة ليس الحداثة


كريم ناصر
(Karim Nasser)


الحوار المتمدن-العدد: 1088 - 2005 / 1 / 24 - 09:45
المحور: الادب والفن
    


في الحقيقة أنّ قصيدة النثر بكل تجلياتها والأسئلة الدائرة حولها، إذ لا يمكن أن تتحمّل كل هذا التأويل القائم على الرفض والإلغاء، والتأسيس المبني على مفهومات الهدم والانتفاض على اللغة..
لقد تبيّن مما سبق أنَّ التأويل القائم على الهدم يهدف إلى تقويض المعنى على نقيض التخطّي بوصفه مدخلاً للحداثة، وقد كبّلت هذه النظرة النص الشعري وعزلته عن عملية التحوّل الكامنة في النموذج البنائي، ولإبطال هذا الزعم لا بد من إعادة النظر في (الملامح النوعية للفن) الشعري، وتبنّي وجهة النظر النموذجية مقابل ـ التأسيس ـ الهدم ـ الانتفاض بوصفها أحكاماً مسبقة، ويجب ألاّ نغفل في الآن ذاته أنّ الهدم ليس التفكيك والانتفاض على اللغة ليس الحداثة.
إنَّ قصيدة النثر أساساً، لم تقُم كذلك للخوض في صراع لا يعنيها، لكي تتخذ لها (صفة التفضيل) ولا من مصلحتها أن تخلق بدورها هذه الضجّة لتقوم بثورة تقنية على أغلال الوزن والقافية في الشعر العمودي أو في قصيدة التفعيلة، إذ إنّ وهم التأسيس ـ المبني على مفهومات الهدم ـ الذي نسمع به، ونقرأ عنه في الصحف والكتب والمجلات، ليس إلاّ بدعة اختلقتها عقليات نكوصية، لإبراز دورها الذي بدأ ينحسر تدريجياً في الخطاب الشعري، في سياق رهاناتها عن قصيدة النثر.. الجدير التنبيه إليه أنَّ هذا الشكل الشعري المحسّن تقنياً، إنما تطوّر نتيجة لظروف طبيعية وحضارية ولغوية، وترسّخ كجسد شعري واغتنى تلقائياً بمفهومات العصرنة وبالإنجازات في السياق الذي يحصل في البنية العامة بصورة دائمة.
وبما أنّ الفضاء الشعري ـ شعرية النص ـ يعتمد بالأساس على الجملة اللغوية الموحية، فما هو المسعى إذاً من هدم اللغة والولوج إلى التنظير سواء أكان منه الفلسفي أم المعرفي، داخل فضاء العصرنة أم خارجه؟ وطبيعي أنَّ فعلاً متعالياً كهذا يقود بقصدية إلى مصادرة جهد الآخرين وتغييبه، لأنه يأخذ بعين الاعتبار اتجاهاً معيناً يمنحه امتيازاً خاصاً من جانب واحد فقط، وقد يصبح الأمر ضرباً من العبث حين تؤول عملية البناء لمصلحة مجموعة ما مؤلفة من شخصين أو أكثر، وكأنَّ الشعر الحداثوي برمته انبنى على يد هؤلاء وحدهم! ما المقصود من ذلك كله....؟
وقد يرى الملاحظ أنَّ الحداثة بشكلها العام هي وثيقة الصلة بمراحل التطور البشري، وبتجدّد علوم اللغة ـ تحديداً ـ تبعاً لسياق التطور بمراحله المتنوعة في الفسلجة وفي علوم اللسانيات.
هذا التطور كما أسلفنا، فقد انبرى تلقائياً دونما الحاجة للميل والاندفاع والتسابق والقفز على الأحداث، فإنّ كل ما نراه بالعين إنما تبلور بصورة متوالية، وبمشاركة من الجميع ـ دون استثناء ـ بحيث حصلت عملية التطور بطريقة تكنيكية وبطيئة مفرغة من التهور والاستطرادات..أوَ لم يساهم الجميع في صوغ الوحدات المفهومية للشعر تأسيساً وتنظيراً، سعياً منهم للتطور والارتقاء ببنياته؟

مهما تنوّعت التأويلات واختلفت المصادر، إنّ قصيدة النثر بشكلها الحالي هي شعر خالص، ومثلما يتطلب الالتزام بقواعد النحو والصرف في الشعر عموماً، فإنه يتطلب أيضاً الحفاظ على روح اللغة وتجلياتها. "إنّ اللغة هي مادة الأدب" وعملها الإعلاء من شأن الخطابات، وصولاً إلى الغرض المكتوب من أجله.. وانطلاقاً من فهم المحددات والظروف التي تمر بها ثقافتنا، باعتقادي فإنّ من الخطأ التسرع بإصدار الأحكام المسبقة، وإنّ مثل هذه الأحكام من شأنها أن تكرّس نموذجاً جديداً للسلطة الثقافية، وقد تجرّنا هذه الإشكالية بشكل أو بآخر إلى إشكالية أخرى، ورؤية انفعالية لا يختلف منظورها عن فهم ساذج لنظرية الخطاب الشعري (المتعدّد القيم). نحن لا نحتاج إلى آباء وأساتذة ومعلمين موتورين يفرضون علينا نمطاً شعرياً معيناً، ظناً منهم أننا سنقلّد نموذجهم الشعري، ومن حقنا أيضاً رفض أية نزعة استعلائية تقوم على أساس كولونيالي لتمثيل دور الأستاذية علينا وتقزيم دورنا وحصره في قالب مُعَد. الشاعر حر في إنتاج نصه الإبداعي، والتعاطي مع آفاقه الرحبة، واختيار أسلوبه ورؤيته وأدواته، "ولا سلطة في الكون تمتلك حق سلبه حرية اختياره" لنمط كتابته، واللغة التي وجد فيها نفسه، في وقت تسعى قصيدة النثر العربية اليوم إلى الاندماج بالواقع المعصرن والتماهي به بالاكتشاف والتجريب، لتدلي بصوتها حالها حال كل الأجناس الأدبية، فإن لم تكن بالكلمة فالبفضاء الشعري، والتعددية، كما يتبدى ذلك في الخطاب الشعري الذي لا يُصنع بالوصايا ولا بالتأسيس المسبوق لصنع الشعرية، ولا بواسطة سلطة الهدم أو الانتقاص من اللغة، وإنما بتأويل الدلالة والتكثيف والاختزال في الوحدات اللغوية وصولاً إلى الجوهري الذي يصنعه النص المتعدد البنى تأويلياً.



#كريم_ناصر (هاشتاغ)       Karim_Nasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على أجنحة النحل ـ ظاهرة المغتربين
- ثمّة أشياء أخرى لـ (حميد العقابي) ـ التغريب وموضوع التأويل ف ...
- على أجنحة النحل ـ بعر الغنم
- محنة الحمام
- سالم قمرك
- ضيف المرآة
- العنقاء لم ترَ سوى بصيص
- ما بقي من الإبريز
- ورد البنفسج
- الحدأة تقطع أصابع الضيف
- إبل هيرودتس لـ - عبد الله طاهر


المزيد.....




- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم ناصر - الهدم ليس التفكيك والإنتقاص من اللغة ليس الحداثة