أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي سفر - فيلم - باب الشمس- ليسري نصر الله فلسطين مرة أخرى لكن من لحم و دم ..















المزيد.....

فيلم - باب الشمس- ليسري نصر الله فلسطين مرة أخرى لكن من لحم و دم ..


علي سفر

الحوار المتمدن-العدد: 1086 - 2005 / 1 / 22 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


يلتقي يونس زوجته و حبيبته نهيلة كالعادة في مغارة باب الشمس .. وهناك يتبادلان الحب و الحلم و فلسطين...و لكنه و في أخر مرة ألتقاها هناك في مشهد دراماتيكي سيحمل الأثر الكبير على مجمل الحياة الواقعية والمتخيلة .. لم يدرك و بالأحرى لم يستوثق من فحوى التغير الذي حصل في حياتهما فقد حدثته عن حقيقة حياتهم في قرية دير الأسد و كذلك عن متطلبات الحياة التي يعيشون و قد زادت عليه بان سألته المساعدة في تأمين المال لابنهما الذي سيفتح كاراجاً لتصليح السيارات و قد رفضت أن تشرب العرق هذه المرة لأنها قررت أن تتوقف عن مسايرته في كل شيء لأنه حبيبها... و لكن يونس و" بدل أن يحكي، امتصّ قطرات العرق من كأسه، شرب ولم يرتو، وترك الشراب يأخذه، وبدل صورة العاشق التي كانت ترتسم في كلماته، جاءت صورة البطل، وقاده الكلام إلى الكلام. وروى عن السجون ومعسكرات التدريب. روى لها عن العمليات في إصبع الجليل، وعن الشبان الذين تمتلئ بهم القواعد وكيف يندفعون إلى الموت."
و من خلال هذه الفسحة المروية بين عالمين يفصح عنهما فيلم باب الشمس ليسري نصر الله يتولد سؤالٌ حقيقي يعود بنا إلى العوالم الإنسانية التي يجب على السينما أن تقدمها لنا حين تتعامل مع الروائي بوصفه وثيقة عن الواقع و الأحلام و المآلات التي يفضي إليها الزمن حين يفتت كل العوالم التي تبنى على الخطاب المتخيل, لنسمع نهيلة تطلب من يونس أن يكون واقعياً و راهناً " اسمع يا رجل وحاول أن تفهم. أنت لا تعرف شيئاً، حاول أن تسمع الأشياء كما أقولها لا كما تتخيلها في رأسك." و من هنا لا يبدو الفيلم فيلماً فلسطينياً بالمعنى المتعارف عليه في سياق فهمنا لما كرس طيلة خمسين عاماً عن فلسطين في التاريخ السينمائي الذي نعرفه .. فقد مرت علينا ساعات طوال و نحن نرقب الصورة و هي تحكي عن الفلسطيني كواقعة واقعية و كواقعة خطابية, غير أن باب الشمس يسمح لنا و بكثير من الفهم لطبيعة و مهمة الخطاب السينمائي الراهنة و المعاصرة أن نقترب من الإنسان الفلسطيني الذي سنكتشف و رغم ادعائنا بالعكس حقيقة أننا لا نعرفه ...
وهنا سيجد سؤال مفزع من البحث في البديهيات مكاناً له : كيف يمكن لفيلم سينمائي أن يعرفك من جديد بمن تلتقي معهم يومياً و تعايشهم في التفاصيل الدقيقة لقضيتهم..؟ خاصةً و أنك كعربي أو سوري على وجهة الدقة تعتبر نفسك مشبع بهم و بالقضية التي دخلت في صلب مفردات حياتك ..؟
يتكفل الفيلم نفسه بمحاولة الإجابة حين نتحول مع تفاصيل شخوصه من كونه سيرة سردية لواحدة أو اثنين من أفراد هذا الشعب إلى كونه لوحة فسيفسائية تتضمن في تضاعيفها سيرة الجميع معاً من خلال الواحد المفرد..!
و لكي لا يبقى الكلام مرمياً في سياق القول الذي يمتدح الجملة الخطابية في أبهى صورها نتذكر و في سياق السرد المحكي على ألسنة الشخصيات أن بطل الفيلم يسجن في سورية و كذلك أصحابه من أفراد "حامية قرية شعب" و أن الآخرين الذين ذهبوا إلى الأردن أعادوا سيرة تفاصيلهم ذاتها في لبنان و كذلك ذهب الجميع في ذواتهم و نوازعهم إلى تمثل المعنى من كون الفلسطيني هو محور الحياة العربية طيلة نصف قرن..!!
و ربما سيرد الفيلم بذاته و عبر كونه وثيقة أنثروبولوجية توثق سيرة الإنسان الفلسطيني خلال خمسين عاماً و لكن عبر أدوات و مفردات مشابهة تحيط بالمركز الغائب الذي بدا أشبه بالحلم اليوطوبي التقليدي الذي بنيت الحبكة الروائية على المنازعة بين اختراقه و بين العودة إليه و تمثله بوصفه حلم واقعي يتضمن الحبيبة الزوجة نهيلة أو صورة البلاد التي يعود إليها ذئب الجليل يونس الذي تروى حكايته من قبل الدكتور خليل...
إعادة بناء الصورة عن الفلسطيني ك " بني أدم " كما يقول يسري نصر الله في أحد حواراته كانت هاجسه شبه الوحيد سيما و أنه فكر كثيراً بما هو وارد في وثائق السينما العربيةعن صورةٍ للفلسطيني تؤيقنه (من الأيقونة) حول متلازمة البطل و الضحية ..!!
و تبعاً لهذه الرغبة المفترضة يمكن لنا تفسير هذا الجنوح القاسي صوب الإيقاعات الشخصية لأفراد الحكاية و العمل على استخلاص أيقونات بصرية تخصهم بوصفهم بشراً غائبين عن ديارهم لا بوصفهم فلسطينيين منزلين من مرتبة الضحية و البطولة و من هنا تتكرس العناصر البصرية ابتداءاً من غصن البرتقال الذي يحمل برتقالتين و الكوفية و السلاح و الدخان الخ , في محور أساسي قوامه تفكيك الصورة الأولى و إعادة بناء صورة أخرى للذات التي يتناولها السرد و هكذا تصبح شمس عشيقة خليل عاهرة و تتحول نهيلة من " أسطورة عشق " إلى شخصية واقعية تتبدل في مراتبها كالقمر كما يقول يونس في أخر حواراته معها , و لا يلبث أن يصل التحول إلى دلالات الأمكنة و التسميات لنجد أنفسنا نتحول في تعاملنا مع الفلسطيني من موقع التعاطف الأبله إلى منزلة الاندماج و التماهي بوصفه صورة عن ذات المشاهد الذي يتعاطف مع شخصياته المحببة في الأفلام السينمائية أياً كان مصدرها عربيةً أو أمريكيةً أو هندية..!!
و لعل المشاهد الذي سيخرج بأسئلته من مشاهدة الفيلم سيجد نفسه في محاولة تسعى و بشكل حثيث للمطابقة بين الراوي و المروي عنه أي بين الدكتور خليل و بين يونس المسجى في غيبوبة ستودي به إلى الممات و هنا يكمن جزء من اللعبة الذكية التي صاغها يسري نصر الله تبعاً للمبنى الروائي ذاته الموجود في رواية إلياس خوري..فخليل هو ذاته يونس و لكن مصاغاً بلغة الحاضر الذي يودي به إلى أن يلغي كل التفاصيل التي تمنعه من الوصول إلى الوطن .. و أياً كان اسم هذالوطن. ..و لهذا ينتهي الفيلم ببداية أخرى يعبر عنها توجه خليل متسللاً إلى الجليل وإلى" باب الشمس" البقعة الوحيدة المحررة في فلسطين ...
ينتقل بناء الفيلم في صيغته التركيبية بين عالمين يتنازعان السرد: أولهما روائي يسعى و عبر زخم التفاصيل التاريخية المصاغة بصرياً إلى تشكيل صورة ملحمية لحيوات أبطاله الأفراد..و ثانيهما وثائقي يدمج مابين الحدث و بين ردود الأفعال عليه ليقود المشاهد إلى ضفة أنسنة الحيوات ذاتها و هكذا تختلج الصورة في الفيلم عن ارتباكات هؤلاء الأفراد و لنراهم في أقسى ما يمكن أن يتعرضوا له في حياتهم و حياتنا..
و بينما ينقسم الفيلم وعبر جزئيه بين هذين العالمين نعثر و في عمق المشاهدة على الكثير من الجهد الإجرائي المبذول في إيجاد توافقية في الأداء بين عدد كبير من الممثلين الذين ينتمون إلى مشارب و مناهل متعددة ,فإذا كانت اللهجة أو شكل التلفظ باللهجة الفلسطينية معياراً للبحث في اقتراب نسق الأداء من الواقعية الفنية ..فإن ما نعثر عليه ههنا لا يجعل من الفيلم وثيقة لغوية بل إنه يبتعد و في كثير من الأحيان صوب المفارقة اللغوية ولا سيما في أداء ريم تركي التي أدت دور نهيلة.. !!غير أن التوافقية بين عمل الممثلين على إظهار ذوات مفتوحة للتبدل الإنساني المرهق أنقذهم من الوقوع في مطب مفارقة الواقعية ..خاصةً و أن هذا الأمر يحال إلى أثر اللهجات و التبعثر المكاني على الأفراد أنفسهم..
لقد نجح باب الشمس في التغلب على مسألةٍ شائكة عانت السينما العربية منها طويلاً ألا و هي كيفية التعامل مع الإنتاج الضخم دون التوقف عند المتطلبات التجارية التي يقام من خلالها التفكير بالربح من خلال الفيلم و لهذا فإن الدعم الذي قدم للفيلم عبر المؤسسات التي دعمته يستحق أن يتوقف عنده سيما و أنه يتجه بنا صوب تقديم القضية التي حكمت المشهد السياسي العربي طيلة خمسين عاماً بشكل إنساني و عقلاني يعود على القضية نفسها بعائد يعزز من حضورها الإنساني في العالم وهذا ما حصل فعلاً حين تم عرض الفيلم تلفزيونياً عبر قناة arte الأوروبية و بقي حائزاً على حضور جماهيري كبير حين عرض في الصالات السينمائية الفرنسية مما جعله حاضراً في المشهد الفرنسي و عبر وسائل الإعلام التي أعادت التذكير بأن فلسطين ليست مجرد عمليات" تفجير و قتل و إرهاب " بل هي تاريخ بشر و أحلام..!
و بغض النظر عن تلك الآراء التي رأت في الفيلم شيئاً من المهادنة التي عبر عنها موقف خليل في حديثه مع الفرنسية كاترين التي قاربت بينه و بين الأخر نظرياً..و التي جاءت متوافقة مع زمن توقيع اتفاقيات أوسلو .., فإننا نستطيع القول أن هذا الفيلم و عبر مجمل طروحاته هو أكثر الأفلام العربية انحيازاً للإنساني في القضية الفلسطينية و بهذا فإن حضوره في العالم الغربي و أثر هذا الحضور على تقبل الأوروبي وحتى الإسرائيلي لفكرة الأخر يجب أن يدعم عربياً ..خاصة و أننا نتذكر أن رواية باب الشمس ذاتها و حين ترجمت إلى اللغة العبرية حصدت نسبة عالية من المبيعات وبما جعلها حدثاً في المشهد الإسرائيلي..
بطاقة الفيلم
- إخراج يسري نصر الله
- إنتاج مشترك مصري فرنسي 2004
- النسخة الأصلية باللهجة الفلسطينية مع ترجمة للفرنسية
- الفيلم جزءان, مدة كل واحد منهما 140 دقيقة
- تمثيل: إسماعيل مداح , محمد حداقي , أحمد الأحمد , قاسم ملحو , حسين أبو سعدة , رجاء قوطرش , ريم تركي , عروة نيربية , هيام عباس , باسل خياط , حلا عمران , محتسب عارف , حنان الحاج علي , دارينا الجندي , بياتريس دال .



#علي_سفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضاء العربي بين الابحاث الغربية والواقع المتحول..حين نرى أ ...
- القارئ و النص لسيزا قاسم
- تأسيس المجتمع تخيلياً - لكورنيليوس كاستورياديس - البحث في صو ...
- تلفزيون الواقع في صيغته العربية


المزيد.....




- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي سفر - فيلم - باب الشمس- ليسري نصر الله فلسطين مرة أخرى لكن من لحم و دم ..