أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الستار الكعبي - الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / 9: سلبيات التوافقية















المزيد.....

الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / 9: سلبيات التوافقية


عبد الستار الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 22:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / 9: سلبيات التوافقية
فئوية الولاء
لقد أدت الصراعات المستمرة والعميقة بين الأحزاب السياسية والتنظيمات الدينية التي تُمثل مكونات الشعب العراقي المتعددة إلى انحياز هذه المكونات الى مواقف أحزابها وتنظيماتها والى دعمها بل الاستجابة الفاعلة وشبه الكاملة لما تريده وكان نتيجة ذلك تصدّع الوحدة الوطنية وانحسار المواطنة شعوراً وفعلاً لصالح بروز قوة المكونات وتقديم الولاء لها على الولاء للعراق فصار الولاء للقومية والدين والمذهب مقدماً على الولاء للدولة والشعب بشكل واضح والسعي لكسب المنافع في الجوانب الاقتصادية والسياسية والدستورية والأمنية والديموغرافية للمكون هو الهدف الحقيقي والمتحقق الفعلي لغالبية الكتل البرلمانية والاحزاب والتيارات السياسية والدينية ويتضّح ذلك من خلال الفقرات الدستورية التي تعطي للأقاليم والمحافظات صلاحيات واسعة على حساب قوة المركز أو من خلال الغايات التي شاركت من أجلها التنظيمات المختلفة في الانتخابات البرلمانية فالشيعة والكرد اشبعوا خطاباتهم بفكرة التعويض عن مظلومية عشرات السنين ووجوب الوصول الى قمة الهرم الحكومي والتمسّك به لكي لا تعاد الفترة المظلمة التي كانوا فيها مظلومين ومظهدين ومبعدين عن الحكومة وبين السياسيون ورجال الدين السنة بأن مشاركتهم في الانتخابات ثم في الحكومة هي محاولة لعدم ترك الساحة للشيعة والكرد للسيطرة بشكل كامل على مؤسسات الدولة ومن اجل ان توفّر لاهل السنة فرصة جلب المصالح ودرء المفاسد. وقد تعمقت الفئوية في العراق إلى الحد الذي أهملت غالبية الكتل البرلمانية والحكومية مصالح المكونات التي تمثلّها وركزت على منافعها الخاصة عن طريق المناصب والمحاصصة الحكومية التي توفر لها فرص تعيين أعضائها واتباعها في دوائر الدولة والاستفادة من المقاولات التي تحصل عليها والعقود التي تحال إليها.
ومن أوضح الصور على فئوية الانتماء والمصالح ما صرّحت به نسرين برواري وزيرة الأشغال العامة في حكومة مجلس الحكم وهي من المكون الكردي حيث قالت (إذا طالبتنا القيادة بالانسحاب من الحكومة فسننسحب) وكذلك تصريح عدنان الباججي عضو مجلس الحكم في حينها أثناء تنافسه مع عجيل الياور للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية في الحكومة المؤقتّة عام 2004 وذلك بعد أن تم الاتفاق على أن يكون هذا المنصب من حصّة العرب السنة حيث قال ( لم يكن يحق للأكراد والشيعة التدخّل.... لم نتدخل نحن في إختيار الشيعة لرئيس الوزراء ولا اختيار الكرد لوزرائهم )2 ردا على تعبير بعض السياسيين الشيعة والكرد برايهم لترشيح الباججي او الياور لمنصب رئيس الجمهورية
وكان هذان التصريحان مبكران جداً في عمر الحكومات العراقية ما بعد سقوط النظام في 9/4/ 2003 وهما يمثلان قاعدة شبه عامة سار عليها المسؤولون في الدولة العراقية قولاً وفعلاً لتاكيد الفئوية فكانوا يقدمون ولاءهم للمكون الذي يمثلونه على الولاء للوطن والشعب وينفذون سياسة قادتهم الحزبيين حتى وإن كانت الأهداف هي الضغط السياسي والمساومات المصلحية لأجل إضعاف الحكومة وإجبارها على تحقيق مصالح الكتل بعيداً عن الهم الوطني الأكبر. وطبق هذه الستراتيجية عدد من الوزراء فانسحبوا من حكومة نوري المالكي بقرارات من كتلهم التي انسحبت من الحكومة كجبهة التوافق والقائمة العراقية والكتلة الصدرية مع اختلاف اسباب الانسحاب بين هذه الكتل. ولم يشذ عن ذلك خلال المسيرة السياسية الديمقراطية إلا حاجم الحسني الذي رفض أن ينسحب بأمر الحزب الاسلامي من منصب وزير الصناعة في الحكومة المؤقتة وكذلك وزير التخطيط علي بابان الذي رفض قرار كتلته جبهة التوافق بالانسحاب من حكومة نوري المالكي وبقي في منصبه وكذلك وزير العلوم والتكنلوجيا رائد فهمي الذي رفض تطبيق قرار القائمة العراقية بسحب وزرائها من حكومة المالكي، وقد كلفتهم هذه المواقف الإبعاد عن كتلهم او احزابهم. وإذا كانت المصالح الفئوية تمتلك بعض الشرعية ويقبلها السياسيون وعامة الناس فإن عدم اقترانها بمصلحة الوطن والشعب أو جعلها مقدّمه على مصالحهما هو أمر مرفوض تماماً من الشعب وقواه الواعية حتى وإن قبلها السياسيون.

الفوضى السياسية
امتازت العملية السياسية التوافقية في العراق خلال عمرها القصير بعجزها عن احلال الاستقرار السياسي على الصعيدين الحكومي والبرلماني فالحكومات يصعب تشكيلها بسبب اشتراط الحصول على موافقات الكثير من الكتل البرلمانية وهذا الأمر لا يتحقّق إلا بتوزيع المناصب فيما بينها على طريقة المحاصصة وهو صعب التحقيق بسبب اختلاف الوزارات في الأهمية المادّية والمعنوية في نظر السياسيين العراقيين فهنالك وزارات سيادية وأخرى اقتصادية وثالثة خدمية ورابعة (كمالية) ولذلك كان ارضاء الكتل المختلفة بتوزيع الوزارات عليها أمرا عسيرا مما جعل المفاوضات التوافقية بينها ماراثونية كل ذلك أدّى الى تأخير اعلان اسماء رؤساء مجلس النواب والجمهورية والوزراء وتشكيل الحكومة الى عدّة أشهر كما حصل في انتخابات مجلس النواب التي جرت في 30/1/2005 حيث عقدت أولى جلسات المجلس في 16/3/2005، وفي 4/4/2005 اختير حاجم الحسني رئيسا للمجلس مع نائبين له، حسين الشهرستاني و عارف طيفور. وقام المجلس باختيار جلال طالباني رئيسا للعراق في 6/4/2005 وتمت الموافقة على اختيار إبراهيم الجعفري رئيسا للوزراء في 28/4/2005 اي بعد ثلاثة اشهر من اجراء الانتخابات. ومثل ذلك حصل بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت بتاريخ 15/12/2005 حيث عقدت الجلسة الاولى للمجلس بتاريخ 16/3/2006 وأبقى المجلس جلسته الأولى مفتوحة لمدة (41) واحد واربعين يوما ولم يتم منح الثقة للحكومة الا بعد خمسة اشهر وذلك بتاريخ 20/5/2006. وكذلك الامر مع الحكومة المفترض ان تشكل بعد انتخابات مجلس النواب التي جرت في 7/3/2010 حيث لم يتم الاتفاق على تحديد الكتلة التي تستحق ان تشكل الحكومة وبالتالي تاخر تسمية رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية والمكلف بتشكيل الحكومة.
يضاف الى ذلك صعوبة تسمية الكتلة البرلمانية الحاصلة على أكثرية المقاعد لمرشّحها لمنصب رئيس الوزراء بسبب الخلافات الداخلية بين مكوناتها مما يدفعها مضطرة الى التوافقات الداخلية أو الى عملية تصويت أعضائها على مرشح الكتلة لهذا المنصب كما حصل لكتلة الائتلاف العراقي الموحد في عامي 2005 و2006 ولكتلة التحالف الوطني المكونة من ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي والائتلاف الوطني العراقي الذي ضم بشكل رئيسي التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي وشخصيات واحزاب اخرى اضعف تاثيرا واقل نفوذا المتكون بعد اعلان نتائج انتخابات مجلس النواب لعام 2010 حيث لم تتفق القوى المكونة لهذه الكتل على مرشحها لرئاسة مجلس الوزراء مما اخر تشكيل الحكومات.
ونتيجة لهذه المحاصصة فقد ظهرت حالة غير منطقية في عالم السياسة والحكم إذ تمسكّت كل كتلة ممثلة لمكوّن معين بما حصلت عليه من الوزارات وطبعت عليها الطابع الفئوي المكوناتي الذي تنتمي اليه حتى صارت لدينا وزارات ذات طابع او غالبية كردية من الوزير الى موظفي الاستعلامات الى الحراسات الخارجية كما في وزارة الخارجية ووزارات سنية تابعة الى هذا المكون مهما تبدّلت الحكومات ويبقى منصب الوزير فيها شاغراً لها في حالة انسحاب الكتلة صاحبة الوزارة كما في حالة وزارتي الدفاع والتعليم العالي اللذين هما وزارتين سنيتين وكذلك الأمر مع الشيعة في الوزارات التابعة لهم.
وعلى صعيد البرلمان فقد اضطرب العمل السياسي فيه إذ لم تستطع الكتل البرلمانية خلال عدة سنوات أن تتفق على موقف موحد في ما يخص قضية اجتثاث حزب البعث فقد تم تحويل هيئة اجتثاث البعث الى هيئة المساءلة والعدالة ولكن الكتل لم تستطع اختيار قيادة لهذه الهيئة فبقي عملها خارج إطار الدستورية حسب رأي عدد من الكتل واستمرّت اشكالية التعامل مع البعث ملازمة لعمل الحكومة ومجلس النواب ومن دون اتفاق لغاية الشهر الاخير من مدتّهما الدستورية. وكذلك اخفق مجلس النواب بتشريع قانون يُنظم عمل الاحزاب ابتداءاً من الموافقة عل تأسيسها وتسجيلها الى السماح لها بخوض الانتخابات وإذا كان إخفاق المجلس حول قضية اجتثاث البعث ناتج من صراع الكتل فإن إخفاقه في موضوع الأحزاب أساسه حرص الاحزاب الحاكمة على استمرار عملها من دون رقابة قانونية أو شعبية لأن هذه الرقابة تفضحها وقد تضعها تحت المساءلة القضائية في عدة موارد وخاصة مسألة مصادر تمويلها المالي واستعمال المال العام لأغراض انتخابية وهكذا مرّت السنوات البرلمانية الديمقراطية من دون تشريع قانون الاحزاب ومن دون ان يعلم الشعب فسادها أو نزاهتها وشرفها المتعلقان باستخدامها للمال العام أو الحصول على المال من دول وأجهزة ومؤسسات خارجية من عدمه.
واستمّر الصراع بين الكتل والاحزاب في المجالس البلدية للمحافظات فلم تتفق على العمل المشترك ولم تؤمن بديمقراطية الأكثرية التي تمنح الفائزين حق تشكيل الحكومة المحلية مما أضعف الحكومات المحلية وأشعل بين أطرافها فتيل النزاعات كما في محافظة نينوى. وفي محافظات أخرى اتفقت الكتل الفائزة على توزيع المناصب وخاصة منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة وكذلك اتفقت على تشكيل الحكومة ولكنها بعد مدة اختلفت وتصارعت كما في محافظتي صلاح الدين والديوانية.
ونتيجة للصراعات على المناصب والمصالح ولعدم وجود المبدئية في تشكيل الائتلافات السياسية فانها سرعان ما تمزّقت وتشتّت مكوناتها بعد فترة من دخولها البرلمان ويشمل ذلك جميع الائتلافات الكبيرة فالائتلاف العراقي الموحد وهو الأكبر في مجلس النواب العراقي بعد انتخابات التي جرت بتاريخ 15/12/2005 حيث حصل على (130) مائة وثلاثين مقعدا لم يحافظ على تماسكه فقد انسحبت منه كتلتا التيار الصدري (30 مقعد) وحزب الفضيلة (15 مقعد) ودبت الخلافات بين مكوناته الاخرى فبقي ائتلافاً بالشكل الظاهري فقط. وكذلك جبهة التوافق العراقية (45 مقعد) انسحب منها عدد من الاعضاء والمكونات ولم تكمل مشوار الدورة البرلمانية إلا وقد تشتّت ومثلها القائمة العراقية التي تشققت طولا وعرضا تماماً. وسيحصل مثل هذا الامر للكتل البرلمانية بعد انتخابات عام 2010

اقدم هذه المقالة للقراء الكرام ضمن سلسلة مقالات تتناول العناوين المهمة من كتابي (الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا) الذي صدر قبل مدة في بغداد.



#عبد_الستار_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / سلبيات التوافقية : ضع ...
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا/7. نماذج من السلوك الحك ...
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / 6. رأي بعض كبار المسؤ ...
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / الفرق بين الديمقراطية ...
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا/ 4. اسباب التوافقية
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا/ شروط التوافقية
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا /2. التوافقية في لبنان ...
- الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا /1. مفهوم ونشوء الديمقر ...
- من أجل إسلام معتدل...الإصلاح الإسلامي ضرورة شرعية وتاريخية


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الستار الكعبي - الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / 9: سلبيات التوافقية