أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمدالصغير - حلمي سالم وشعرية اللحظة الراهنة قراءة في ديوان ارفع رأسك عالية















المزيد.....

حلمي سالم وشعرية اللحظة الراهنة قراءة في ديوان ارفع رأسك عالية


أحمدالصغير

الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 21:16
المحور: الادب والفن
    


حلمي سالم شاعر قطب من أقطاب جيل السبعينيات في مصر ، أسهم في تطور قصيدة الحداثة العربية منذ السبعينيات وحتي اللحظة الراهنة ، إن سالم يدفع بقصيدته إلي الجنوح واختراق حواجز القيم الفنية داخل النص الشعري ، فهو شاعر غزير الإنتاج ، لأنَّ الحالة الشعرية لديه تتميز بالتدفق اللانهائي ممتلكا قريحة منتجة غنية بالتفاصيل الحياتية الكثيرة المتغيرة ممتزجة بالخيالات والمجازات اللانهائية التي صاغ من خلالها العديد من النصوص اللافتة والمهمة في الشعرية العربية التي تجعلنا أمام شاعر ومصور درامي سينمائي في الوقت نفسه ،ومن ثمّ فقد أنتج سالم أكثر من ثمانية عشر ديوانا شعريا بدءا من أوئل السبعينيات وحتي الآن فقد نشر سالم الديوان الأول "الغربة والانتظار" مع ابن جيله رفعت سلام في عام 1971، وبعدها انفرد كل واحد منهما بذاته ، مقدما إنتاجه الأدبي الذي يعبر عن قضاياه ومشكلاته الخاصة التي تومئ إليها أعماله الشعرية المختلفة عبر مراحلها المتغيرة عبر الزمان والمكان .
حلمي سالم الذي أثار حوله الكثير من الجدال بسبب غزارة إنتاجه ، وعدم قدرة النقد علي ملاحقة تطوره الإبداعي ، وتجريبه السرمدي داخل الحياة الشعرية المصرية وعمله الخالص للشعر داخل هذه الحياة المملؤة بالجراح والتمرد والخروج علي السائد والمألوف . في معرض القاهرة الدولي للكتاب يناير 2012 ، منحته الهيئة المصرية العامة للكتاب جائزة الشعر ، وكان ديوانه الفائز بعنوان "ارفع رأسك عالية" جاء هذا الديوان في ثماني قصائد اتكأ سالم بشكل كبير في كتابة هذه القصائد علي استدعاء الثورة المصرية المقدسة "ثورة25 يناير 2011 ، مستدعيا شعب مصر بكل صفاته وأنماطه وحركاته وتقلباته وغضبه وإصراره علي الحياة رغم كل المآسي والفساد والضياع الذي خلّفَته الأنظمة السابقة حتي وقتنا الراهن
ومازال الفسادُ ينخر في جسد الشارع ، ومازال المصريون يركضون خلف متاهات المدعين والمتحنجلين علي أجساد شهداء الثورة لتقسيم الغنائم والجواري.
جسّد حلمي سالم صورة الوطن في ميدان التحرير ، هذا الميدان الذي شَهِدَ الكثير من الآلام العظيمة ، والأفراح والأحزان والدموع والصراخ والموت والسكون ، كل شئ إذن كان في الميدان، وكانت الحياة هي الميدان ، وكان المصريون يرددون جملة بالعامية المصرية ( ارفع راسك فوق أنت مصري ) فالتقطها سالم لتكون عنوانا لديوانه الرائع ( ارفع رأسك عالية ) ، إن فتنة الدلالة في هذا العنوان لا تحتاج إلي تأويل مبالغ فيه ، إنه دال مختلط بالرجاء والأمر والمحبة والقوة ، وكأن الذات تعلن قيامتها من جديد بعد موت واحتراق دام أكثر من خمسين سنة أو تزيد ، والرأس هي أشرف مكان في الإنسان تدل علي القوة والعظمة والعزة والحرية ففي ارتفاعها نصر ، وفي تنكيسها ذل وعار وقهر ، وكأن المصريون جميعا انطلقوا كالرياح البعيدة لإسقاط المخلوع ، كل هذه الأحداث التي بلغت ثمانية عشر يوما حتي تم إسقاطه وبقيت أذنابه وأتباعه في كل مؤسسات الدولة المصرية، وقد تجلي ذلك في القصيدة الأولي التي جاءت بعنوان أغنية الميدان فيقول حلمي سالم :
ارفع رأسك عالية أنت المصري
الضاربُ في جذر الماضي والعصري
خالق أديان المعمورة ، مكتشف الهندسة ، ومبتكر الري
صاحب درس التحنيط ، ومبتدئ الرقص
وخلاط القدسية بالبشري
يستدعي حلمي سالم في المقطع الفائت صورة المصري عبر التاريخ القديم منذ الفراعنة إلي العصر الراهن ، المصري الذي صنع التاريخ وخلق الحضارات وأنشأ الأديان في كل مكان ، إن استدعاء صورة الفلاح المصري الفصيح في نص سالم يشي بالكثير من الصور الدلالية المتنوعة ، منها السياسي والثقافي والاجتماعي والتاريخي ، ويقول في مقطع آخر :
ارفع رأسك عالية أنت المصري
الصامت صبرا لا إذعانا
بل تطويل للحبل الشانق كل بغي
لاجُرْتَ علي جار لا لوثت
مياه النيل ولا أنكرت نبي
أنتَ موحد شطرين
وواصل شطين
وجامع أشلاء فتاك
علي دلتا النهرين
ونساج الظلمة بالضي
يتكئ حلمي سالم في المقطع الفائت علي استدعاء تفاصيل تاريخية مهمة غيّرت مجري الأحداث في التاريخ القديم والحديث ، فيستدعي من خلال مفردات إشارية بعينها تلك الأحداث المهمة مثل المصري الصامت صبرا ، موحد القطرين بين الشمال والجنوب علي الملك مينا نارمر قبل الميلاد ، المصري نفسه الذي نسج الموت بالحياة والظلمة بالضي ، تومئ كل هذه الإشارات الدلالية السابقة علي مدي فتنة حلمي سالم بابتكار المجازات التوليدية أو فيما عرف بالمجاز التوليدي ، أعني أن كل المجازات تصب في مصب بعينه وتهدف إلي أهداف متنوعة داخل العالم الشعري الذي نسجه سالم من خلال الاتكاء علي ذلك المجاز التوليدي لأنّ الإبداع الشعري المتميز يقوم علي المجاز التوليدي الذي يشمل أبعادا متكاملة، يترأسها بعدان هنا : البعد الأسطوري والبعد الترميزي، وهذا المجاز يجعل اللسان الشعري، يقول أكثر مما كان يقوله عادة، ويمنح الشاعر طاقات عن الجوانب المستترة والجوانب الأكثر خفاء في التجربة الإنسانية.وتجلي ذلك في قول حلمي سالم في قصيدة بعنوان سالي زهران :
لو أني كنتُ رأيتك قبل يناير
كانت آسرتني عيناك الصاحيتان
وخطفتني خصلات الشعر
المتروكة ببدائية
رسّام بوهيمي حول الوجه الصابح
أبيض كحليب مأطور بالضربات التلقائية
من أسود فحمي
فأنا تخلعني من جذري
فطريات الحس .
لاشك أن سالي زهران هذه البنت المصرية الشهيدة صاحبة المكياج البسيط والروح القوية التي راحت فداء لوطن أكثر روعة ، فصارت سالي زهران رمزا للفتاة العربية المثقفة التي خرجت من أجل أسمي هدف في التاريخ ، وهو تحرير وطنها المصري من جبروت الفساد والظلم ، يُخاطب سالم في نصه الشعري مجموعة من الأرواح الخالة عبر الزمن ، وتجلت هذه الأرواح من خلال استدعاء صورة المصري في ميدان التحرير علي مر التاريخ ، وصورة شهداء الثورة من شباب مصر الذي لايملك أيديولوجية بعينها سوي حب مصر ذلك الحب الخالص من أجل الخلود ، وتضمن النص أيضا تخليدا لروح الذات الشاعرة التي أسهمت في تغيير كبير طالما حلم به المصريون جميعا
يتكئ الشاعر حلمي سالم في النص الفائت علي استدعاء صورة سالي زهران بصورة مغايرة من خلال اعتماده علي الوصف الروحي لتلك الفتاة الرائعة الشهيدة التي حرَّك استشهادها ضمائر العالم في كل مكان .
ويقول في مقطع آخر :
لو أني كنت رأيتك قبل يناير
كنتُ وقعتُ كصبٍ في حبك مغروماً
مثل كُثيِّر عزة
أو قيس الممروض بليلي
أو وضَّاح اليمن المقتول بليل
فأنا أهوي تقليد أساطير الحب العربية
حيث الخبل وكسر الأنماط
وحيث عجائب مشي دماء لدماء ..
كانت ستكون هنالك مشكلة تتجسَّدُ في الهوة بين العمرين .
تبدو الذات الشاعرة في اللقطة الفائتة أكثر بوحا مما قبل ، لأنها تستدعي من تراثنا العربي قصة كثير عزة ، ووضاح اليمني وقيس وليلي ، إن اعتماد حلمي سالم علي عملية السرد المكتنز ، تومئ إلي فتوحات كثيرة في عملية التأويل ، واللجوء إلي حكايات القدامي العرب ، لإسقاطها علي واقعنا الراهن ، أو بالأحري علاقة العشق الطاهر بين سالي زهران وحلمي سالم ، ذلك العشق الذي لم يتحقق ولن يتحقق ، لأن سالي ذهبت إلي العاشق الأكبر والمشوق في آن واحد ، وبقي حلمي سالم يجابه المرض اللعين بقلب موجوع بالعشق الأبدي ,,, إنه حلمي سالم ذلك القطب الشاعر أو الشاعر القطب الذي استدعي شعرية اللحظة لينسج منها ولها أغلفة للبقاء وحيوات للسالكين في مدارج الموت المقدس ، إنه المصري الذي ينادي علي ذاته العليا ، ارفع رأسك عالية ياحلمي .....



#أحمدالصغير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمدالصغير - حلمي سالم وشعرية اللحظة الراهنة قراءة في ديوان ارفع رأسك عالية